الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وَإِذَا وَجَبَ الْقَطْعُ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى مِنْ مَفْصِلِ الْكَفِّ، وَحُسِمَتْ. وَهُوَ أَنْ تُغْمَسَ فِي زَيْتٍ مَغْلِيٍّ، فَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[قَطْعُ الْيَدِ الْيُمْنَى]
فصل
(وَإِذَا وَجَبَ الْقَطْعُ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى مِنْ مَفْصِلِ الْكَفِّ) بِلَا خِلَافٍ، وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا، رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا: إِذَا سَرَقَ السَّارِقُ فَاقْطَعُوا يَمِينَهُ مِنَ الْكُوعِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّ الْبَطْشَ بِهَا أَقْوَى، فَكَانَتِ الْبُدَاءَةُ بِهَا أَرْدَعَ، وَلِأَنَّهَا آلَةُ السَّرِقَةِ غَالِبًا فَنَاسَبَ عُقُوبَتُهُ بِإِعْدَامِ آلَتِهَا مِنْ مَفْصِلِ الْكَفِّ، لِأَنَّ الْيَدَ تُطْلَقُ عَلَيْهَا إِلَى الْكُوعِ، وَإِلَى الْمِرْفَقِ، وَإِلَى الْمَنْكِبِ، وَإِرَادَةُ الْأَوَّلِ مُتَيَقَّنَةٌ، وَمَا سِوَاهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَلَا يَجِبُ الْقَطْعُ مَعَ الشَّكِّ (وَحُسِمَتْ) وُجُوبًا، وَقَالَ: الْمُؤَلِّفُ يُسْتَحَبُّ (وَهُوَ أَنْ تُغْمَسَ فِي زَيْتٍ مَغْلِيٍّ)«لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي سَارِقٍ: اقْطَعُوهُ وَاحْسِمُوهُ» . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ، وَالْحِكْمَةُ فِي الْحَسْمِ أَنَّ الْعُضْوَ إِذَا قُطِعَ فَغُمِسَ فِي ذَلِكَ الزَّيْتِ الْمَغْلِيِّ اسْتَدَّتْ أَفْوَاهُ الْعُرُوقِ، فَيَنْقَطِعُ الدَّمُ، إِذْ لَوْ تُرِكَ بِلَا حَسْمٍ لَنَزَفَ الدَّمُ، فَأَدَّى إِلَى مَوْتِهِ، وَيُسَنُّ تَعْلِيقُ يَدِهِ فِي عُنُقِهِ، زَادَ فِي " الْبُلْغَةِ "، وَ " الرِّعَايَةِ ": ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، إِنْ رَآهُ الْإِمَامُ (فَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي السَّارِقِ: إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ» وَلِأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ، فَيَكُونُ كَالْإِجْمَاعِ،
وَحُسِمَتْ. فَإِنْ عَادَ حُبِسَ، وَلَمْ يُقْطَعْ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى فِي الثَّالِثَةِ، وَالرِّجْلُ الْيُمْنَى فِي الرَّابِعَةِ. وَمَنْ سَرَقَ وَلَيْسَ لَهُ يَدٌ يُمْنَى، قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَإِنَّمَا قُطِعَتِ الرِّجْلُ الْيُسْرَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ} [المائدة: 33] وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْمُحَارَبَةِ ثَبَتَ فِي هَذَا قِيَاسًا عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ قَطْعَ الْيُسْرَى أَرْفَقُ بِهِ، لِأَنَّ مَشْيَ الرِّجْلِ الْيُمْنَى أَسْهَلُ وَأَمْكَنُ لَهُ مِنَ الْيُسْرَى، وَيَبْعُدُ فِي الْعَادَةِ مِنْ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنَ الْمَشْيِ عَلَيْهَا، فَوَجَبَ ذَلِكَ، لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ بِهِ مَنْفَعَتُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ (مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبِ) لِأَنَّهُ أَحَدُ الْعُضْوَيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ فِي السَّرِقَةِ، فَيُقْطَعُ مِنَ الْمَفْصِلِ كَالْيَدِ، رَوَى سَعِيدٌ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَقْطَعُ السَّارِقَ مِنَ الْمَفْصِلِ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ مِنْ شَطْرِ الْقَدَمِ وَيَتْرُكُ لَهُ عَقِبًا يَمْشِي عَلَيْهَا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْفُرُوعِ "، فَقَالَ: مِنْ مَفْصِلِ كَعْبِهِ، يُتْرَكُ عَقِبُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، (وَحُسِمَتْ) قَالَ أَحْمَدُ:«قَطَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَ بِهِ فَحُسِمَ» .
تَذْنِيبٌ: يُقْطَعُ السَّارِقُ بِأَسْهَلِ مَا يُمْكِنُهُ، فَيُجْلَسُ، وَيُضْبَطُ، لِئَلَّا يَتَحَرَّكَ فَيَجْنِيَ عَلَى نَفْسِهِ، وَتُشَدُّ يَدُهُ بِحَبْلٍ، وَتُجَرُّ حَتَّى يُتَيَقَّنَ الْمَفْصِلُ، ثُمَّ تُوضَعُ السِّكِّينُ وَتُجَرُّ بِقُوَّةٍ لِتَقْطَعَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ.
(فَإِنْ عَادَ حُبِسَ) حَتَّى يَتُوبَ كَالْمَرَّةِ الْخَامِسَةِ، وَفِي " الْإِيضَاحِ ": وَيُعَذِّبُهُ، وَفِي " التَّبْصِرَةِ ": أَوْ يُغَرَّبُ، وَفِي " الْبُلْغَةِ ": يُعَزَّرُ، وَيُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ (وَلَمْ يُقْطَعْ) أَيْ: يَحْرُمُ قَطْعُهُ، قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، وَنَصَرَهُ فِي " الْخِلَافِ " وَصَحَّحَهُ، وَإِنَّهَا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ، رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَلِأَنَّ قَطْعَ الْكُلِّ يُفَوِّتُ مَنْفَعَةَ الْجِنْسِ، فَلَمْ يُشْرَعْ كَالْقَتْلِ، فَعَلَى هَذَا يُمْنَعُ مِنْ تَعْطِيلِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ (وَعَنْهُ: أَنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى فِي الثَّالِثَةِ، وَالرِّجْلُ الْيُمْنَى فِي الرَّابِعَةِ) ، وَاخْتَارَهَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ فِي السَّارِقِ: إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ» . رَوَاهُ الدَّرَاقُطْنِيُّ، وَرَوَاهُ سَعِيدٌ، عَنْ
سَرَقَ وَلَهُ يُمْنَى فَذَهَبَتْ، سَقَطَ الْقَطْعُ. وَإِنْ ذَهَبَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى، لَمْ تُقْطَعِ الْيُمْنَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ هُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ عَلِيٍّ، وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ عَلِيٍّ، رَوَاهُ سَعِيدٌ.
تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى الْقَتْلِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ يُقْتَلُ فِي الْخَامِسَةِ، لِحَدِيثٍ رَوَاهُ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:«جِيءَ بِسَارِقٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَامِسَةِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقَتَلُوهُ» ، قَالَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ: مُصْعَبٌ ضَعِيفٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقِيلَ: هُوَ حَسَنٌ، وَقِيلَ: لِمَصْلَحَةٍ اقْتَضَتْهُ، وَقَالَ أَبُو الْمُصْعَبِ الْمَالِكِيُّ: يُقْتَلُ فِي الْخَامِسَةِ، وَقِيَاسُ قَوْلِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: أَنَّهُ كَالشَّارِبِ فِي الرَّابِعَةِ يُقْتَلُ عِنْدَهُ إِذَا لَمْ يَنْتَهِ بِدُونِهِ، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهُ يُحْمَلُ فِي حَقِّ رَجُلٍ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ، أَوْ عَلَى وَجْهِ التَّغْلِيظِ، وَالْمُثْلَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْأُصُولَ تَشْهَدُ بِنَفْيِ الْقَتْلِ، لِأَنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ لَا تُوجِبُ الْقَتْلَ فِي الِابْتِدَاءِ لَا تُوجِبُ بَعْدَ ذَلِكَ، كَسَائِرِ الْمَعَاصِي (وَمَنْ سَرَقَ وَلَيْسَ لَهُ يَدٌ يُمْنَى قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى) لِأَنَّ الْيُمْنَى لَمَّا خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا مَحَلًّا لِلْقَطْعِ انْتَقَلَ الْقَطْعُ إِلَى مَا يَلِي ذَلِكَ، وَهُوَ الرِّجْلُ الْيُسْرَى، لَكِنْ إِنْ كَانَتْ يُمْنَاهُ شَلَّاءَ، فَعَنْهُ: تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَعَنْهُ: يُسْأَلُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ، فَإِنْ قَالُوا: إِنَّهَا إِذَا قُطِعَتْ، وَرَقِيَ دَمُهَا، وَانْحَسَمَتْ عُرُوقُهَا، قُطِعَتْ، وَإِنْ قَالُوا: لَا يَرْقَى دَمُهَا فَلَا، وَذَكَرَ السَّامِرِيُّ رِوَايَتَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا، فَإِنْ كَانَتْ أَصَابِعُ الْيُمْنَى ذَاهِبَةً، فَقِيلَ: لَا تُقْطَعُ، وَتُقْطَعُ الرِّجْلُ، وَقِيلَ: بَلَى، وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُ الْأَصَابِعِ كَخِنْصَرٍ، وَبِنْصَرٍ، أَوْ وَاحِدَ سِوَاهُمَا، قُطِعَتْ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إِلَّا وَاحِدَةٌ، فَهِيَ كَالَّتِي ذَهَبَ جَمِيعُ أَصَابِعُهَا، وَإِنْ بَقِيَ اثْنَانِ فَالْأَوْلَى قَطْعُهَا، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَكَذَا حُكْمُ مَا لَوْ ذَهَبَ مُعْظَمُ نَفْعِهَا، كَقَطْعِ إِبْهَامٍ، أَوْ إِصْبُعَيْنِ فصاعدا، ذَكَرَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "(وَإِنْ سَرَقَ وَلَهُ يُمْنَى فَذَهَبَتْ) هِيَ، أَوْ يُسْرَى يَدَيْهِ، أَوْ مَعَ رِجْلَيْهِ، أَوْ إِحْدَاهُمَا (سَقَطَ الْقَطْعُ) لِتَعَلُّقِ
عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى، وَتُقْطَعُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى. وَإِنْ وَجَبَ قَطْعُ يُمْنَاهُ، فَقَطَعَ الْقَاطِعُ يُسْرَاهُ عَمْدًا، فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ قَطَعَهَا خَطَأً فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا، وَفِي قَطْعِ يُمْنَى السَّارِقِ وَجْهَانِ. وَيَجْتَمِعُ الْقَطْعُ وَالضَّمَانُ، فَتُرَدُّ الْعَيْنُ الْمَسْرُوقَةُ إِلَى مَالِكِهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً غُرِّمَ قِيمَتَهَا، وَقُطِعَ. وَهَلْ يَجِبُ الزَّيْتُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْقَطْعِ بِهَا لِوُجُودِهَا، كَجِنَايَةٍ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ، فَمَاتَ (وَإِنْ ذَهَبَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى) أَوْ كَانَتْ مَقْطُوعَةً، أَوْ شَلَّاءَ (لَمْ تُقْطَعِ الْيُمْنَى عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى) وَهِيَ: أَنَّ السَّارِقَ يُحْبَسُ فِي الثَّالِثَةِ، وَلَا يُقْطَعُ، لِأَنَّ قَطْعَهَا يَتَضَمَّنُ تَفْوِيتَ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ، وَبَقَاؤُهُ بِلَا يَدٍ يَبْطِشُ بِهَا وهو غير جَائِزٌ (وَتُقْطَعُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى) لِأَنَّ غَايَتَهُ تَعْطِيلُ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ، وَبَقَاؤُهُ بِلَا يَدٍ يَبْطِشُ بِهَا وَاقِعٌ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ، بَلْ أَوْلَى، لِأَنَّ الْيُمْنَى تَعَلَّقَ بِهَا الْقَطْعُ وِفَاقًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي سُقُوطِهِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا ذَهَبَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى لَمْ يُقْطَعْ، لِتَعْطِيلِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ، وَذَهَابِ عُضْوَيْنِ مِنْ شِقٍّ، وَإِنْ ذَهَبَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى قَبْلَ سَرِقَتِهِ، أَوْ يَدُهُ لَمْ تُقْطَعْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَإِنْ كَانَ الذَّاهِبُ رِجْلَيْهِ أَوْ يُمْنَاهُمَا، قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى فِي الْأَصَحِّ (وَإِنْ وَجَبَ قَطْعُ يُمْنَاهُ فَقَطَعَ الْقَاطِعُ يُسْرَاهُ) بِلَا إِذْنِهِ (عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ) لِأَنَّهُ قَطَعَ طَرَفًا مَعْصُومًا (وَإِنْ قَطَعَهَا خَطَأً فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا) لِأَنَّ مَا أَوْجَبَ عَمْدُهُ الْقَوَدَ أَوْجَبَ خَطَؤُهُ الدِّيَةَ، بِدَلِيلِ الْقَتْلِ، وَاخْتَارَ الْمُؤَلِّفُ: يُجْزِئُ وَلَا ضَمَانَ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي " الِانْتِصَارِ "، وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ تَضْمِينُهُ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: إِنْ قُطِعَ دَهْشَةً، أَوْ ظَنَّهَا تُجْزِئُ كَفَتْ، وَلَا ضَمَانَ (وَفِي قَطْعِ يُمْنَى السَّارِقِ وَجْهَانِ) .
أَحَدُهُمَا: لَا قَطْعَ، لِأَنَّ قَطْعَهَا يُفْضِي إِلَى قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَتَفْوِيتِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ مِنْهُ، فَلَمْ يُشْرَعْ كَقَتْلِهِ.
وَالثَّانِي: بَلَى، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " بِنَاءً عَلَى قَطْعِهَا فِي الثَّالِثَةِ، فَعَلَى الْأُولَى: فِي قَطْعِ رِجْلِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: لَا، (وَيَجْتَمِعُ الْقَطْعُ وَالضَّمَانُ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ يَجِبَانِ لِمُسْتَحِقَّيْنِ، فَجَازَ اجْتِمَاعُهُمَا كَالْجَزَاءِ، وَالْقِيمَةِ فِي الصَّيْدِ الْحَرَمِيِّ الْمَمْلُوكِ، (فَتُرَدُّ الْعَيْنُ الْمَسْرُوقَةُ إِلَى مَالِكِهَا) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، إِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً (وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً غُرِّمَ قِيمَتَهَا) أَوْ مِثْلَهَا، إِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، (وَقُطِعَ) مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، وَفِي " الِانْتِصَارِ " يُحْتَمَلُ لَا يُغَرَّمُ شَيْئًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ لِمَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ