الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبَيْنَ الْعَظْمِ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ، فَهَذِهِ الْخَمْسُ فِيهَا حُكُومَةٌ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: فِي الْبَازِلَةِ بَعِيرٌ، وَفِي الْبَاضِعَةِ بَعِيرَانِ، وَفِي الْمُتَلَاحِمَةِ ثَلَاثَةٌ، وَفِي السِّمْحَاقِ أَرْبَعَةٌ.
فَصْلٌ وَخَمْسٌ فِيهَا مُقَدَّرٌ، أَوَّلُهَا
الْمُوَضِّحَةُ
الَّتِي تُوَضِّحُ الْعَظْمَ، أَيْ: تُبْرِزُهُ، وَفِيهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْبَازِلَةِ، وَهِيَ (الَّتِي تَبْضَعُ اللَّحْمَ) أَيْ: تَشُقُّ اللَّحْمَ بَعْدَ الْجِلْدِ، وَقِيلَ: وَلَمْ يَسِلْ دَمُهَا (ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ) وَهِيَ (الَّتِي أَخَذَتْ فِي اللَّحْمِ) أَيْ: دَخَلَتْ فِيهِ دُخُولًا كَثِيرًا، تَزِيدُ عَلَى الْبَاضِعَةِ (ثُمَّ السِّمْحَاقُ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ) فَوْقَ الْعَظْمِ تُسَمَّى الْقِشْرَةُ سِمْحَاقًا، فَسُمِّيَتِ الْجِرَاحُ الْوَاصِلَةُ إِلَيْهَا بِهَا، وَيُسَمِّيهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْمِلْطَا وَالْمِلْطَاةَ (فَهَذِهِ الْخَمْسُ فِيهَا حُكُومَةٌ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) وَهِيَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: أَنَّهَا الْمَنْصُورَةُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ ; لِأَنَّهَا جِرَاحَاتٌ لَمْ يَرِدْ فِيهَا تَوْقِيتٌ مِنَ الشَّرْعِ، أَشْبَهَ جِرَاحَاتِ الْبَدَنِ، وَكَالْحَارِصَةِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ اعْتِبَارُ هَذِهِ الْجِرَاحَاتِ مِنَ الْمُوَضِّحَةِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي رَأْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُوَضِّحَةٌ إِلَى جَانِبِهَا قُدِّرَتْ هَذِهِ الْجِرَاحَاتُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَتْ تُقَدَّرُ النِّصْفَ وَجَبَ نِصْفُ أَرْشِ الْمُوَضِّحَةِ إِلَّا أَنْ تَزِيدَ الْحُكُومَةُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ ; لِأَنَّ هَذَا اللَّحْمَ فِيهِ مُقَدَّرٌ، فَكَانَ فِي بَعْضِهِ بِقَدْرِهِ مِنْ دِيَتِهِ كَالْمَارِنِ وَالْحَشَفَةِ، وَرَدَّهُ الْمُؤَلِّفُ، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُهُ مَذْهَبًا لِأَحْمَدَ، وَلَا يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُهُ، وَلَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ هَذِهِ جِرَاحَةٌ تَجِبُ فِيهَا الْحُكُومَةُ لِجِرَاحَةِ الْبَدَنِ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ هَذَا عَلَى مَا ذَكَرُوهُ، فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ فِيهِ الْحُكُومَةُ، وَلَا نَعْلَمُ لِمَا ذَكَرُوهُ نَظِيرًا (وَعَنْهُ: فِي الْبَازِلَةِ بَعِيرٌ، وَفِي الْبَاضِعَةِ بَعِيرَانِ، وَفِي الْمُتَلَاحِمَةِ ثَلَاثَةٌ، وَفِي السِّمْحَاقِ أَرْبَعَةٌ) رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ زَيْدٍ، وَهَذِهِ نَقَلَهَا أَبُو طَالِبٍ عَنْهُ، وَقَالَ أَنَا أَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ زَيْدٍ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ، وَقَدِ اعْتَمَدَ أَصْحَابُنَا عَلَى قَوْلِ زَيْدٍ فِي تَقْدِيرِ أَرْشِ الْهَاشِمَةِ بِعَشْرٍ مِنَ الْإِبِلِ، وَلَمْ يَعْتَمِدُوا عَلَيْهِ هُنَا.
[الشِّجَاجُ الَّتِي فِيهَا مُقَدَّرٌ]
[الْمُوَضِّحَةُ]
فَصْلٌ
(وَخَمْسٌ فِيهَا مُقَدَّرٌ) مِنَ الشَّرْعِ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ (أَوَّلُهَا الْمُوَضِّحَةُ) وَالْجَمْعُ الْمَوَاضِحُ (الَّتِي تُوَضِّحُ الْعَظْمَ، أَيْ: تُبْرِزُهُ) وَلَوْ بِقَدْرِ إِبْرَةٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَاضِي، وَالْوَضِحُ: الْبَيَاضُ، يَعْنِي: أَنَّهَا أَبْدَتْ وَضَحَ الْعَظْمِ، أَيْ: بَيَاضَهُ (وَفِيهَا خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ)
خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ. وَعَنْهُ: فِي مُوَضِّحَةِ الْوَجْهِ عَشْرَةٌ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ. فَإِنْ عَمَّتِ الرَّأْسَ وَنَزَلَتْ إِلَى الْوَجْهِ، فَهَلْ هِيَ مُوَضِّحَةٌ أَوْ مُوَضِّحَتَانِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ أَوْضَحَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَيْ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أَرْشَهَا مُقَدَّرٌ، قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَفِي كِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ:«وَفِي الْمُوَضِّحَةِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، مَرْفُوعًا، قَالَ:«وَفِي الْمَوَاضِحِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ مُوَضِّحَةُ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُوَضِّحَةَ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ سَوَاءٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِلْعُمُومِ، وَيَشْمَلُ: الصَّغِيرَةَ وَالْكَبِيرَةَ، وَالْبَارِزَةَ وَالْمُسْتَتِرَةَ بِالشَّعْرِ ; لِأَنَّ اسْمَ الْمُوَضِّحَةِ يَشْمَلُ الْجَمِيعَ (وَعَنْهُ: فِي مُوَضِّحَةِ الْوَجْهِ عَشَرَةٌ) مِنَ الْإِبِلِ، وَهِيَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ; لِأَنَّها شَيْنَهَا أَكْثَرُ، وَمُوَضِّحَةُ الرَّأْسِ يَسْتُرُهَا الشَّعْرُ وَالْعِمَامَةُ (وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ) لِأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَلِأَنَّ مُوَضِّحَةَ الْوَجْهِ مُوَضِّحَةٌ فَكَانَ أَرْشُهَا خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ كَغَيْرِهَا، وَكَثْرَةُ السِّتْرِ لَا عِبْرَةَ بِهِ بِدَلِيلِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ، وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ مُقَدَّرٌ فِي موضحة غير الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ ; لِأَنَّ اسْمَ الْمُوَضِّحَةِ إِنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى الْجِرَاحَةِ الْمَخْصُوصَةِ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ، وَقَوْلُ الْخَلِيفَتَيْنِ: الْمُوَضِّحَةُ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ سَوَاءٌ ; لِأَنَّ الشَّيْنَ فِيهِمَا أَكْثَرُ وَأَخْطَرُ، فَلَا يُلْحَقُ بِهِمَا غَيْرُهُمَا (فَإِنْ عَمَّتِ الرَّأْسَ وَنَزَلَتْ إِلَى الْوَجْهِ، فَهَلْ هِيَ مُوَضِّحَةٌ أَوْ مُوَضِّحَتَانِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا أَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، أَحَدُهُمَا: وَاحِدَةٌ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ لِأَنَّهُ أَوْضَحَهُ فِي عُضْوَيْنِ، فَكَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمُ
مُوَضِّحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ، فَعَلَيْهِ عَشَرَةٌ، فَإِنْ خَرَقَ مَا بَيْنَهُمَا، أَوْ ذَهَبَ بِالسِّرَايَةِ، صَارَا مُوَضِّحَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ خَرَقَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ، فَهِيَ ثَلَاثُ مَوَاضِحَ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِيمَنْ خَرَقَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ لَوْ قَطَعَ ثَلَاثَ أَصَابِعِ امْرَأَةٍ، فَعَلَيْهِ ثَلَاثُونَ مِنَ الْإِبِلِ، فَإِنْ قَطَعَ الرَّابِعَةَ عَادَ إِلَى عِشْرِينَ، فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي قَاطِعِهَا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نَفْسِهِ، كَمَا لَوْ أَوْضَحَهُ فِي الرَّأْسِ وَنَزَلَ إِلَى الْقَفَا، وَأَطْلَقَ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي: إِذَا كَانَ بَعْضُهَا فِي الرَّأْسِ وَبَعْضُهَا فِي الْوَجْهِ وَإِنْ لَمْ تَعُمَّ الرَّأْسَ فِيهَا الْوَجْهَانِ، وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الدَّلِيلُ (وَإِنْ أَوْضَحَهُ مُوَضِّحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ فَعَلَيْهِ عَشَرَةٌ مِنْ الإِبِلٍ) لِأَنَّهُمَا مُوَضِّحَتَانِ (فَإِنْ خَرَقَ مَا بَيْنَهُمَا) صَارَا مُوَضِّحَةً وَاحِدَةً كَمَا لَوْ أَوْضَحَ الْكُلَّ مِنْ غَيْرِ حَاجِزٍ يَبْقَى بَيْنَهُمَا (أَوْ ذَهَبَ بِالسِّرَايَةِ) قَبْلَ الِانْدِمَالِ (صَارَا مُوَضِّحَةً وَاحِدَةً) لِأَنَّ سِرَايَةَ الْجِنَايَةِ لَهَا حُكْمُ أَصْلِ الْجِنَايَةِ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ أَتْلَفَ مَا بَيْنَهُمَا بِنَفْسِهِ (وَإِنْ خَرَقَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) أَيِ: الْمَجْرُوحُ (أَوْ أَجْنَبِيٌّ، فَهِيَ ثَلَاثُ مَوَاضِحَ) لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ أَرْشُ الْأَوَّلَتَيْنِ بِالِانْدِمَالِ، ثُمَّ لَزِمَتْهُ الثَّالِثَةُ بِالْخَرْقِ، فَإِنِ انْدَمَلَتْ إِحْدَاهُمَا وَزَالَ الْحَاجِزُ بِفِعْلِهِ أَوْ سِرَايَةِ الْأُخْرَى فَعَلَيْهِ أَرْشُ مُوَضِّحَتَيْنِ ; لِأَنَّ سِرَايَةَ فِعْلِهِ كَالْفِعْلِ وَأَمَّا إِذَا خَرَقَهُ أَجْنَبِيٌّ فَعَلَى الْأَوَّلِ أَرْشُ مُوَضِّحَتَيْنِ وَعَلَى الثَّانِي أَرْشُ مُوَضِّحَةٍ، لِأَنَّ فِعْلَ أَحَدِهِمَا لَا يَنْبَنِي عَلَى فِعْلِ الْآخَرِ فَانْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجِنَايَتِهِ (وَإِنِ اخْتَلَفَا فِيمَنْ خَرَقَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) لِأَنَّ سَبَبَ أَرْشِ مُوَضِّحَتَيْنِ قَدْ وُجِدَ وَالْجَانِي يَدَّعِي زَوَالَهُ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ يُنْكِرُهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، وَفِي التَّرْغِيبِ: يُصَدَّقُ مَنْ يُصَدِّقُهُ الظَّاهِرُ بِقُرْبِ زَمَنٍ وَبُعْدِهِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا فَالْمَجْرُوحُ، قَالَ: وَلَهُ أَرْشَانِ، وَفِي ثَالِثٍ وَجْهَانِ (وَمِثْلُهُ) أَيْ: مِثْلُ مَا إِذَا أَوْضَحَهُ مُوَضِّحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ، ثُمَّ خَرَقَ مَا بَيْنَهُمَا (لَوْ قَطَعَ ثَلَاثَ أَصَابِعِ امْرَأَةٍ فَعَلَيْهِ ثَلَاثُونَ مِنَ الْإِبِلِ، فَإِنْ قَطَعَ الرَّابِعَةَ عَادَ إِلَى عِشْرِينَ) لِأَنَّ جِرَاحَ الْمَرْأَةِ تُسَاوِي جِرَاحَ الرَّجُلِ إِلَى الثُّلْثِ، فَإِذَا زَادَتْ صَارَتْ عَلَى النِّصْفِ (فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي قَاطِعِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ