الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَرَّتَيْنِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ حِرْزًا لِمَالٍ فَهُوَ حِرْزٌ لِمَالٍ آخَرَ.
فَصْلٌ الْخَامِسُ: انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ، فَلَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ ابْنِهِ، وَإِنْ سَفَلَ، وَلَا الْوَلَدُ مِنْ مَالِ أَبِيهِ، وَإِنْ عَلَا، وَالْأَبُ وَالْأُمُّ فِي هَذَا سَوَاءٌ، وَلَا يُقْطَعُ الْعَبْدُ بِالسَّرِقَةِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ حِرْزًا لِمَالٍ فَهُوَ حِرْزٌ لِمَالٍ آخَرَ) لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَحَمَلَهُ أَبُو الْخَطَّابِ عَلَى قُوَّةِ السُّلْطَانِ، وَعَدْلِهِ، وَبَسْطِ الْأَمْنِ، وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَجَعْنَا فِي الْحِرْزِ إِلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، فَالْجَوَاهِرُ لَا تُحْرَزُ فِي الصِّيَرِ، فَإِنْ أَحْرَزَهَا فِيهَا عُدَّ مُفَرِّطًا، فَكَانَ الْعَمَلُ بِالْعُرْفِ أَوْلَى.
فَرْعٌ: قَالَ أَصْحَابُنَا: فِي الْمَاشِيَةِ تُسْرَقُ مِنَ الْمَرْعَى - مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ مُحْرَزَةً - مَثَلًا قِيمَتُهَا لِلْخَبَرِ، وَمَا عَدَا هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ لَا يُضْمَنُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، خُولِفَ فِي هَذَيْنِ لِلْأَثَرِ، وَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى غَرَامَةِ مَنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ بِمِثْلَيْهِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ، وَقَدَّمَ فِي " الْمُحَرَّرِ " أَنَّهَا تُضَاعَفُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ.
[الشَّرْطُ الْخَامِسُ انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ مِنَ الْمَسْرُوقِ]
فَصْلٌ
(الْخَامِسُ: انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ) لِأَنَّ الْقَطْعَ حَدٌّ فَيُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ (فَلَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ) لِأَنَّ لَهُ فِيهِ شُبْهَةً، لِقَوْلِهِ عليه السلام:«أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» ، وَلِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَهُ، أَخَذَهُ لِقَوْلِهِ:«إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ» ، وَلِأَنَّهُ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ (وَلَا الْوَلَدُ مِنْ مَالِ أَبِيهِ، وَإِنْ عَلَا) لِأَنَّ بَيْنَهُمَا قَرَابَةً تَمْنَعُ شَهَادَةَ أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِهِ، فَلَمْ يُقْطَعْ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ كَالْأَبِ، لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ لِلِابْنِ فِي مَالِ أَبِيهِ حِفْظًا لَهُ، فَلَا يَجُوزُ إِتْلَافُهُ حِفْظًا لِلْمَالِ، وَعَنْهُ: يُقْطَعُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ يُقَادُ بِهِ وَيُحَدُّ بِالزِّنَا بِجَارِيَتِهِ، فَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَجَوَابُهُ: مَا سَبَقَ، وَالزِّنَا بِجَارِيَتِهِ
مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ، وَلَا مُسْلِمٌ بِالسَّرِقَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا مِنْ مَالٍ لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَفِيهِ مَنْعٌ، وَإِنْ سَلِمَ، فَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهَا (وَالْأَبُ وَالْأُمُّ فِي هَذَا سَوَاءٌ) لِأَنَّهَا أَوْلَى بِالْبِرِّ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ فَالْمُسَاوَاةُ، وَالْجَدَّةُ مِنْ قِبَلِهِمَا سَوَاءٌ (وَلَا يُقْطَعُ الْعَبْدُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى سَعِيدٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ جَاءَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيِّ بِغُلَامٍ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّ غُلَامِي قَدْ سَرَقَ، فَأَقْطَعُ يَدَهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: خَادِمُكُمْ أَخَذَ مَالَكُمْ، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَا قَطْعَ، مَالُكَ سَرَقَ مَالَكَ، وَالْمُكَاتَبُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمُدَبَّرُ كَالْقِنِّ، وَلَا يُقْطَعُ سَيِّدٌ بِسَرِقَةِ مَالِ مُكَاتَبِهِ فَإِنْ مَلَكَ وَفَاءً فَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ وَفِي " الِانْتِصَارِ " فِيمَنْ وَارِثُهُ حُرٌّ يُقْطَعُ، وَلَا يُقْتَلُ بِهِ، وَكُلُّ مَنْ لَا يُقْطَعُ الْإِنْسَانُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ لَا يُقْطَعُ عَبْدُهُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ.
(وَلَا مُسْلِمٌ بِالسَّرِقَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ، «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الْخُمُسِ سَرَقَ مِنَ الْخُمُسِ، فَرُفِعَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَقْطَعْهُ، وَقَالَ:» «مَالُ اللَّهِ سَرَقَ بَعْضُهُ بَعْضًا» وَقَالَ عُمَرُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا قَطْعَ، مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَهُ فِي هَذَا الْمَالِ حَقٌّ. وَقَالَ سَعِيدٌ: ثَنَا هُشَيْمٌ، أَنَا مُغِيرَةُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ: لَيْسَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَطْعٌ، وَكَذَا لَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ غَنِيمَةٍ لَمْ تُخَمَّسْ، أَوْ فَقِيرٌ مِنْ غَلَّةِ وَقْفٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَلَوْ سَرَقَ ذِمِّيٌّ، أَوْ عَبْدٌ مُسْلِمٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قُطِعَ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ (وَلَا مِنْ مَالٍ لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ) كَالْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ، لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُقْطَعِ الْأَبُ بِسَرِقَةِ مَالِ ابْنِهِ، لِكَوْنِ أَنَّ
لِأَحَدٍ مِمَّنْ لَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنَ الْغَنِيمَةِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ أَوْ لِوَلَدِهِ أَوْ سَيِّدِهِ، لَمْ يُقْطَعْ. وَهَلْ يُقْطَعُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ الْآخَرِ الْمُحْرَزِ عَنْهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَيُقْطَعُ سَائِرُ الْأَقَارِبِ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ أَقَارِبِهِمْ، وَيُقْطَعُ الْمُسْلِمُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَهُ فِيهِ شُبْهَةً، فَلَأَنْ لَا يُقْطَعَ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ شَرِيكِهِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى (أَوْ لِأَحَدٍ مِمَّنْ لَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ) كَمَالٍ مُشْتَرَكٍ لِأَبِيهِ وَابْنِهِ، لِأَنَّ لَهُ فِيهِ شُبْهَةً لَكُوْنِ أَبِيهِ وَابْنِهِ وَنَحْوِهِمَا لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ (وَمَنْ سَرَقَ مِنَ الْغَنِيمَةِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ) أَيْ: لَمْ تُخَمَّسْ (أَوْ لِوَلَدِهِ، أَوْ سَيِّدِهِ، لَمْ يُقْطَعْ) لِأَنَّ لَهُ فِي الْمَالِ الْمَسْرُوقِ حَقًّا، أَوْ شُبْهَةَ حَقٍّ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَمْنَعُ الْحَدَّ، وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ يُحْرَقُ رَحْلُهُ كَالْغَالِّ، وَإِنْ أُخْرِجَ الْخُمْسُ فَسَرَقَ مِنَ الْأَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ، قُطِعَ.
(وَهَلْ يُقْطَعُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ الْآخَرِ الْمُحْرَزِ عَنْهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) وَكَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، إِحْدَاهُمَا: لَا قَطْعَ، اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهَا فِي الْفُرُوعِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِ، وَهِيَ قَوْلُ عُمَرَ. رَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرِثُ صَاحِبَهُ بِغَيْرِ حَجْبٍ، وَيَنْبَسِطُ بِمَالِهِ، أَشْبَهَ الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ، وَكَمَا لَوْ مَنَعَهَا نَفَقَتَهَا، قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ ".
وَالثَّانِيَةُ: يُقْطَعُ كَحِرْزٍ مُفْرَدٍ، قَالَهُ فِي " التَّبْصِرَةِ "، كَضَيْفِهِ، وَصَدِيقِهِ، وَعَبْدِهِ مِنِ امْرَأَتِهِ، مِنْ مَالٍ مُحْرَزٍ عَنْهُ، وَلَمْ يَمْنَعِ الضَّيْفَ قِرَاهُ، قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَهِيَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَكَالْأَجْنَبِيِّ، وَفَرَّقَ قَوْمٌ، فَقَالُوا: يُقْطَعُ الزَّوْجُ بِسَرِقَةِ مَالِهَا، لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِهَا، لِأَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ فِيهِ، فَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ مَالُ أَحَدِهِمَا مُحْرَزًا عَنِ الْآخَرِ فَلَا قَطْعَ، رِوَايَةً وَاحِدَةً.
فَرْعٌ: لَا تُقْطَعُ الزَّوْجَةُ بِسَرِقَةِ نَفَقَتِهَا، أَوْ نَفَقَةِ وَلَدِهَا الْوَاجِبَةِ مَعَ مَنْعِهَا مِنْهُمَا، سَوَاءٌ أَخَذَتْ قَدْرَ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ، لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ قَدْرَ ذَلِكَ، فَالزَّائِدُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا، فَاسْتُحِقَّ أَخْذُهُ (وَيُقْطَعُ سَائِرُ الْأَقَارِبِ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ أَقَارِبِهِمْ) نَصَرَهُ الْقَاضِي، وَالْمُؤَلِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، لِأَنَّ الْقَرَابَةَ هُنَا لَا تَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ، فَلَا تَمْنَعُ الْقَطْعَ، وَلِأَنَّ الْآيَةَ وَالْأَخْبَارَ تَعُمُّ كُلَّ سَارِقٍ خَرَجَ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ، فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ، وَقِيلَ: إِلَّا ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَفِي " الْوَاضِحِ ": قُطِعَ غَيْرُ أَبٍ (وَيُقْطَعُ الْمُسْلِمُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ الذِّمِّيِّ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِأَنَّ مَالَهُ صَارَ مَعْصُومًا بِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ، فَوَجَبَ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهِ كَمَالِ الْمُسْلِمِ (وَالْمُسْتَأْمَنِ) لِأَنَّ مَالَهُ مَالُ الذِّمِّيِّ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ بِإِتْلَافِهِ (وَيُقْطَعَانِ
بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ الذِّمِّيِّ، وَالْمُسْتَأْمَنِ، وَيُقْطَعَانِ بِسَرِقَةِ مَالِهِ. وَمَنْ سَرَقَ عَيْنًا وَادَّعَى أَنَّهَا مِلْكُهُ لَمْ يُقْطَعْ، وَعَنْهُ: يُقْطَعُ، وَعَنْهُ: لَا يُقْطَعُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالسَّرِقَةِ، وَإِذَا سَرَقَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مَالَ السَّارِقِ، أَوِ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَالَ الْغَاصِبِ مِنَ الْحِرْزِ الَّذِي فِيهِ الْعَيْنُ الْمَسْرُوقَةُ أَوِ الْمَغْصُوبَةُ، لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْحِرْزِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِسَرِقَةِ مَالِهِ) لِأَنَّهُ إِذَا قُطِعَ الْمُسْلِمُ بِسَرِقَةِ مَالِهِمْ فَلَأَنْ يُقْطَعُوا بِسَرِقَةِ مَالِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَكَقَوَدٍ، وَحَدِّ قَذْفٍ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَضَمَانِ مُتْلَفٍ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا يُقْطَعُ مُسْتَأْمَنٌ كَحَدِّ خَمْرٍ وَزِنًا، نَصَّ عَلَيْهِ، بِغَيْرِ مُسْلِمَةٍ، وَسَوَّى فِي " الْمُنْتَخَبِ " بَيْنَهُمَا فِي عَدَمِ الْقَطْعِ (وَمَنْ سَرَقَ عَيْنًا) ، أَوْ بَعْضَهَا (وَادَّعَى أَنَّهَا مِلْكُهُ لَمْ يُقْطَعْ) نَصَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ أَصَحُّ، وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَنَّهَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَسَمَّاهُ الشَّافِعِيُّ السَّارِقَ الظَّرِيفَ، لِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ مُحْتَمَلٌ، فَيَكُونُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْحَدِّ (وَعَنْهُ: يُقْطَعُ) قَدَّمَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الرِّعَايَةِ "، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَأَدَّى إِلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْقَطْعِ، فَتَفُوتُ الْمَصْلَحَةُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (وَعَنْهُ: لَا يُقْطَعُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالسَّرِقَةِ) اخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ، لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِ، وَكَذَا إِذَا ادَّعَى أَنَّهُ أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِ الدَّارِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَمَرَنِي رَبُّ الدَّارِ أَنْ أُخْرِجَهُ، لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ حَدُّ زِنًا، وَذَكَرَ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ: لَا يُحَدُّ (وَإِذَا سَرَقَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مَالَ السَّارِقِ، أَوِ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَالَ الْغَاصِبِ مِنَ الْحِرْزِ الَّذِي فِيهِ الْعَيْنُ الْمَسْرُوقَةُ أَوِ الْمَغْصُوبَةُ، لَمْ يُقْطَعْ) لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شُبْهَةً فِي هَتْكِ الْحِرْزِ مِنْ أَجْلِ أَخْذِ مَالِهِ، فَإِذَا هُتِكَ الْحِرْزُ صَارَ كَأَنَّ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ أُخِذَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، وَقِيلَ: بَلَى، إِنْ تَمَيَّزَ، لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَخْذُ قَدْرِ مَالِهِ إِذَا عَجَزَ عَنْ أَخْذِهِ (وَإِنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْحِرْزِ، أَوْ سَرَقَ مِنْ مَالِ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ قُطِعَ) لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ (إِلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْ أَخْذِهِ مِنْهُ فَيَسْرِقَ قَدْرَ حَقِّهِ، فَلَا يُقْطَعُ) نَصَرَهُ
أَوْ سَرَقَ مِنْ مَالِ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ قُطِعَ، إِلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْ أَخْذِهِ مِنْهُ، فَيَسْرِقُ قَدْرَ حَقِّهِ، فَلَا يُقْطَعُ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْطَعُ. وَمَنْ قُطِعَ بِسَرِقَةِ عَيْنٍ، ثُمَّ عَادَ فَسَرَقَهَا، قُطِعَ. وَمَنْ أَجَّرَ دَارَهُ، أَوْ أَعَارَهَا، ثُمَّ سَرَقَ مِنْهَا مَالَ الْمُسْتَعِيرِ، أَوِ الْمُسْتَأْجِرِ، قُطِعَ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ، لِأَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ أَبَاحَ لَهُ الْأَخْذَ، فَيَكُونُ الِاخْتِلَافُ فِي إِبَاحَةِ الْأَخْذِ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْحَدِّ، كَالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِي صِحَّتِهِ، فَإِنْ سَرَقَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ فَهَلْ يُقْطَعُ؟ هُنَا فِيهِ وَجْهَانِ (وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْطَعُ) قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَهَذَا لَا يَلْغِي الشبهة النَّاشِئَةَ عَنْ الِاخْتِلَافِ، ثُمَّ قَالَ فِي " الرِّعَايَةِ ": وَقِيلَ، إِنْ أَخَذَهُ وَلَا بَيِّنَةَ، أَوْ عَجَزَ عَنْهُ فَلَا. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَأْخُذُ بِدُونِ إِذْنِهِ، أَوْ إِذْنِ حَاكِمٍ، نَصَّ عَلَيْهِ (وَمَنْ قُطِعَ بِسَرِقَةِ عَيْنٍ ثُمَّ عَادَ فَسَرَقَهَا) مِنْ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ أَوْ غَيْرِهِ (قُطِعَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَنْزَجِرْ، أَشْبَهَ مَا لَوْ سَرَقَ غَيْرَهَا، بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ لَا يُعَادُ مَرَّةً أُخْرَى، لَأَنَّ الْغَرَضَ إِظْهَارُ كَذِبِهِ، وَقَدْ ظَهَرَ، وَهُنَا الْمَقْصُودُ: رَدْعُهُ، وَزَجْرُهُ عَنِ السَّرِقَةِ، وَلَمْ يُوجَدْ، فَيُرْدَعُ بِالثَّانِي، كَمَا لَوْ سَرَقَ عَيْنًا أُخْرَى (وَمَنْ آجَّرَ دَارَهُ أَوْ أَعَارَهَا، ثُمَّ سَرَقَ مِنْهَا مَالَ الْمُسْتَعِيرِ، أَوِ الْمُسْتَأْجِرِ قُطِعَ) لِأَنَّهُ هَتَكَ حِرْزًا، وَسَرَقَ منه نِصَابًا لَا شُبْهَةَ فِيهِ، فَقُطِعَ، كَمَا لَوْ سَرَقَ مَنْ مَلَكَهُمَا، وَاخْتَارَ ابْنُ حَمْدَانَ لَا قَطْعَ عَلَى الْمُعِيرِ، لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّ هَذَا قَدْ صَارَ حِرْزًا لِمِلْكِ غَيْرِهِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَارِيَةِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " احْتِمَالٌ: إِنْ قَصَدَ بِدُخُولِهِ الرُّجُوعَ، قَالَ فِي " الْفُنُونِ ": لَهُ الرُّجُوعُ بِقَوْلِ لَا سَرِقَةَ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ السَّرِقَةُ قَبْلَ الْقَطْعِ قُطِعَ مَرَّةً، قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، وَصَحَّحَهُ فِي " الشَّرْحِ "، لِأَنَّ الْقَطْعَ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَتَدَاخَلَ كَحَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ، وَعَنْهُ: إِنْ سَرَقَ مِنْ جَمَاعَةٍ وَجَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ لَمْ تَتَدَاخَلْ، كَحَدِّ الْقَذْفِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ.