الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْهُ: الْأُمُّ أَحَقُّ، فَإِنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ، فَالْمُقِيمُ مِنْهُمَا أَحَقُّ.
فَصْلٌ وَإِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ سَبْعَ سِنِينَ خُيِّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ فَكَانَ مَعَ مَنِ اخْتَارَ مِنْهُمَا. فَإِنِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِإِقَامَتِهَا ; لِأَنَّهَا أَتَمُّ شَفَقَةً، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يُسَافِرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَقِيلَ: لِلْمُقِيمِ مِنْهُمَا، وَقَالَ فِي " الْهَدْيِ ": إِنْ أَرَادَ الْمُنْتَقِلُ مَضَارَّةَ الْآخَرِ، وَانْتِزَاعَ الْوَلَدِ لَمْ يُجَبْ إِلَيْهِ، بَلْ يُعْمَلُ مَا فِيهِ مَصْلَحَةُ الْوَلَدِ، وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْحَابِ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّحِيحُ ; لِأَنَّ الْأَبَ هُوَ الَّذِي يَقُومُ بِتَأْدِيبِ وَلَدِهِ وَتَخْرِيجِهِ وَحِفْظِ نَسَبِهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِهِ ضَاعَ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ، وَالْبَعِيدُ هُوَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ، جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ ; لِأَنَّ مَا دَوَّنَهُ فِي حُكْمِ الْقَرِيبِ، وَنَصُّهُ: مَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْعَوْدُ فِي يَوْمِهِ. اخْتَارَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَنَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " ; لِأَنَّ مُرَاعَاةَ الْأَبِ لَهُ مُمْكِنَةٌ فِي ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا زَادَ (فَإِنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ، فَالْمُقِيمُ مِنْهُمَا أَحَقُّ) لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى فِي انْتِزَاعِهِ، وَهُوَ صُوَرٌ، مِنْهَا إِذَا كَانَ السَّفَرُ لِحَاجَةٍ، ثُمَّ يَعُودُ، فَالْمُقِيمُ أَوْلَى ; لِأَنَّ فِي الْمُسَافَرَةِ بِالطِّفْلِ إِضْرَارًا بِهِ، وَقِيلَ: لِلْأُمِّ، وَقِيلَ: مَعَ قُرْبِهِ، وَمِنْهَا إِذَا كَانَ الطَّرِيقُ، أَوِ الْبَلَدُ الَّذِي يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ مَخُوفًا، فَالْمُقِيمُ أَحَقُّ ; لِأَنَّ فِي السَّفَرِ خَطَرًا، أَوْ تَغْرِيرًا بِالْوَلَدِ، وَمِنْهَا إِذَا كَانَ لِلسُّكْنَى مَعَ قُرْبِهِ، فَكَذَا، وَقِيلَ: لِلْأُمِّ، فَلَوْ انْتَقَلَا جَمِيعًا إِلَى بَلَدٍ وَاحِدٍ، فَالْأُمُّ عَلَى حَضَانَتِهَا وَكَمَا لَوْ أَخَذَهُ الْأَبُ، ثُمَّ اجْتَمَعَا، فَإِنَّهُ يَعُودُ حَقُّهَا.
1 -
فَرْعٌ: غَيْرُ الْأَبِ مِنَ الْعَصَبَاتِ وَغَيْرُ الْأُمِّ مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ يَقُومُ مَقَامَهَمَا فِي ذَلِكَ.
[فَصْلٌ: تَخْيِيرُ الْغُلَامِ بَيْنَ أَبَوَيْهِ إِذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ]
فَصْلٌ (وَإِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ سَبْعَ سِنِينَ) وَهُوَ عَاقِلٌ (خُيِّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ) عَلَى الْمَذْهَبِ (فَكَانَ مَعَ مَنِ اخْتَارَ مِنْهُمَا) قَضَى بِهِ عُمَرُ، رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَعَلِيٌّ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَعَنْهُ: أَبُوهُ أَحَقُّ، وَعَنْهُ: أُمُّهُ، وَقِيلَ: حَتَّى يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيَتَوَضَّأَ وَيَلْبَسَ
اخْتَارَ أَبَاهُ كَانَ عِنْدَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ زِيَارَةِ أُمِّهِ وَلَا تُمْنَعُ هِيَ تَمْرِيضَهُ، وَإِنِ اخْتَارَ أُمَّهُ كَانَ عِنْدَهَا لَيْلًا وَعِنْدَ أَبِيهِ نَهَارًا لِيُعَلِّمَهُ الصِّنَاعَةَ، وَالْكِتَابَةَ وَيُؤَدِّبَهُ، فَإِنْ عَادَ فَاخْتَارَ الْآخَرَ، نُقِلَ إِلَيْهِ، ثُمَّ إِنِ اخْتَارَ الْأَوَّلَ رُدَّ إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَحْدَهُ، فَيَكُونُ أَبُوهُ أَحَقَّ بِهِ بِلَا تَخْيِيرٍ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْصُورُ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ:«جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي، وَقَدْ سَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ وَنَفَعَنِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هَذَا أَبُوكَ وَهَذِهِ أُمُّكَ فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ» . رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَلِأَنَّهُ إِذَا مَالَ إِلَى أَحَدِ أَبَوَيْهِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ وَأَشْفَقُ عَلَيْهِ، وَقُيِّدَ بِالسَّبْعِ ; لِأَنَّهَا أَوَّلُ حَالٍ أَمَرَ الشَّرْعُ فِيهَا بِمُخَاطَبَتِهِ بِالصَّلَاةِ، بِخِلَافِ الْأُمِّ، فَإِنَّهَا قُدِّمَتْ فِي حَالِ الصِّغَرِ لِحَاجَتِهِ إِلَى حَمْلِهِ وَمُبَاشَرَةِ خِدْمَتِهِ ; لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِذَلِكَ، وَهَذَا إِذَا كَانَا مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ، فَإِنْ كَانَا مَعْدُومَيْنِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا فَإِلَى امْرَأَةٍ كَأُخْتِهِ، أَوْ عَمَّتِهِ، فَإِنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الْأُمِّ، فَلَوْ بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ مَعْتُوهًا فَأُمُّهُ، فَلَوْ اخْتَارَ الصَّبِيُّ أَبَاهُ، ثُمَّ زَالَ عَقْلُهُ، رُدَّ إِلَى الْأُمِّ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ عَلَى الْبَالِغِ الرَّشِيدِ، وَيُقِيمُ أَيْنَ شَاءَ وَأَحَبَّ، وَيُسْتَحَبُّ أَلَّا يَنْفَرِدَ عَنْهُمَا، فَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ وَلِأَبِيهَا مَنْعُهَا مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ قَامَ الْوَلِيُّ مَقَامَهُ (فَإِنِ اخْتَارَ أَبَاهُ كَانَ عِنْدَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ زِيَارَةِ أُمِّهِ) لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِغْرَاءِ بِالْعُقُوقِ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ (وَلَا تُمْنَعُ هِيَ تَمْرِيضَهُ) لِأَنَّهُ صَارَ بِالْمَرَضِ كَالصَّغِيرِ فِي الْحَاجَّةِ (وَإِنِ اخْتَارَ أُمَّهُ كَانَ عِنْدَهَا لَيْلًا) لِأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الْحَضَانَةِ (وَعِنْدَ أَبِيهِ نَهَارًا لِيُعَلِّمَهُ الصِّنَاعَةَ، وَالْكِتَابَةَ وَيُؤَدِّبَهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْقَصْدُ مِنْ حِفْظِ الْوَلَدِ (فَإِنْ عَادَ فَاخْتَارَ الْآخَرَ، نُقِلَ إِلَيْهِ، ثُمَّ إِنِ اخْتَارَ الْأَوَّلَ رُدَّ إِلَيْهِ) هَكَذَا أَبَدًا ; لِأَنَّ هَذَا اخْتِيَارُ تَشَهٍّ، وَقَدْ يَشْتَهِي أَحَدَهُمَا فِي وَقْتٍ دُونَ آخَرَ، فَأُتْبِعَ بِمَا يَشْتَهِيهِ، وَقِيلَ: إِنْ أَسْرَفَ تَبَيُّنَ قِلَّةِ تَمْيِيزِهِ أَخَذَتْهُ أُمُّهُ، وَقِيلَ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَقَرُّ بِيَدِ مَنْ لَا يَصُونُهُ وَيُصْلِحُهُ
أَحَدَهُمَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَإِنِ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي الْحَضَانَةِ كَالْأُخْتَيْنِ قُدِّمُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ. وَإِذَا بَلَغَتِ الْجَارِيَةُ سَبْعًا كَانَتْ عِنْدَ أَبِيهَا وَلَا تُمْنَعُ الْأُمُّ مِنْ زِيَارَتِهَا وَتَمْرِيضِهَا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ أَحَدَهُمَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " احْتِمَالُ أُمِّهِ أَحَقُّ كَبُلُوغِهِ غَيْرِ رَشِيدٍ، وَإِذَا قُدِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْقَرْعَةِ، ثُمَّ اخْتَارَ الْآخَرَ، نُقِلَ إِلَيْهِ (وَإِنِ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي الْحَضَانَةِ كَالْأُخْتَيْنِ قُدِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْقَرْعَةِ) أَيْ: قَبْلَ السَّبْعِ، وَيَكُونُ لِمَنِ اخْتَارَهُ الطِّفْلُ بَعْدَهَا إِنْ خُيِّرَ.
1 -
فَرْعٌ: سَائِرُ الْعَصَبَةِ كَالْأَبِ فِي التَّخْيِيرِ، وَالْإِقَامَةِ، وَالنُّقْلَةِ بِالطِّفْلِ إِنْ كَانَ مَحْرَمًا، وَذُو الْحَضَانَةِ مِنْ عَصَبَةٍ وَذَوِي رَحِمٍ فِي التَّخْيِيرِ مَعَ الْأُمِّ كَالْأَبِ، وَحَضَانَةِ رَقِيقٍ لِسَيِّدِهِ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا تَهَايَأَ فِيهِ سَيِّدُهُ، وَقَرِيبُهُ
1 -
(وَإِذَا بَلَغَتِ الْجَارِيَةُ سَبْعًا كَانَتْ عِنْدَ أَبِيهَا) لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنَ الْحَضَانَةِ الْحَضْنُ، وَهُوَ لَهَا بَعْدَ السَّبْعِ ; لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَى الْحِفْظِ، وَإِنَّمَا تُخْطَبُ مِنْ أَبِيهَا، فَكَانَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، وَعَنْهُ: الْأُمُّ أَحَقُّ، قَالَ فِي " الْهَدْيِ ": وَهِيَ الْأَشْهَرُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَصَحُّ دَلِيلًا، وَعَنْهُ: تُخَيَّرُ، وَجَوَابُهُ: أَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِهَا فِيهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ تَبَرَّعَتْ بِحَضَانَتِهِ أَمْ لَا، وَعَنْهُ: بَعْدَ تِسْعٍ، فَإِنْ بَلَغَتْ فَهِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يَتَسَلَّمَهَا زَوْجٌ، وَعَنْهُ: عِنْدَهَا، وَقِيلَ: إِنْ حُكِمَ بِرُشْدِهَا فَحَيْثُ أَحَبَّتْ كَغُلَامٍ، وَقَالَهُ فِي " الْوَاضِحِ " وَخَرَّجَهُ عَلَى عَدَمِ إِجْبَارِهَا، وَالْمُرَادُ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مَأْمُونَةً (وَلَا تُمْنَعُ الْأُمُّ مِنْ زِيَارَتِهَا وَتَمْرِيضِهَا) لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى ذَلِكَ، وَهِيَ أَحَقُّ بِالسَّهَرِ وَالصِّيَانَةِ ; لِأَنَّهَا مُخَدِّرَةٌ، بِخِلَافِ أُمِّهَا، فَإِنْ تَخَرَّجَتْ وَعَرَفَتْ وَعَقَلَتْ، فَلَا يُخَافُ عَلَيْهَا.
فَرْعٌ: لَمْ أَقِفْ فِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَى نَقْلٍ، وَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْبِنْتِ الْبِكْرِ حَتَّى يَجِيءَ فِي جَوَازِ اسْتِقْلَالِهِ، وَانْفِرَادِهِ عَنْ أَبَوَيْهِ الْخِلَافُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.