الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دُخُولِهِ بِهَا، فَهَلْ تَبْنِي، أَوْ تَسْتَأْنِفُ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا، ثُمَّ نَكَحَهَا فِي عِدَّتِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا فِيهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ: أُولَاهُمَا: أَنَّهَا تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْعِدَّةِ الْأُولَى لِأَنَّ هَذَا طَلَاقٌ مِنْ نِكَاحٍ لَا دُخُولَ فِيهِ فَلَا يُوجِبُ عِدَّةً.
فَصْلٌ وَيَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنَ الْوَفَاةِ. وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْبَائِنِ؛ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الرَّجْعَةُ فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَنِ ارْتَجَعَهَا بِلَفْظَةٍ، ثُمَّ وَطِئَهَا، وَإِلَّا لَزِمَهَا اسْتِئْنَافُ الْعِدَّةِ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَتَدْخُلُ عِدَّةُ الطَّلَاقِ فِيهَا، وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ هَذَا الْوَطْءِ دَخَلَتْ فِيهَا بَقِيَّةُ الْأُولَى فِي وَجْهٍ ; لِأَنَّهُمَا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَفِي آخَرَ لَا ; لِأَنَّهُمَا مِنْ جِنْسَيْنِ، فَإِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا أَتَمَّتْ عِدَّةَ الطَّلَاقِ، وَإِنْ وَطِئَهَا، وَهِيَ حَامِلٌ فَفِي تَدَاخُلِ الْعِدَّتَيْنِ وَجْهَانِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّدَاخُلِ، فَانْقِضَاؤُهُمَا مَعًا بِوَضْعِ الْحَمْلِ، وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِهِ، فَانْقِضَاءُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ، وَيَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الْوَطْءِ بِالْقُرُوءِ (وَإِنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا، ثُمَّ نَكَحَهَا فِي عِدَّتِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا فِيهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ أُولَاهُمَا أَنَّهَا تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْعِدَّةِ الْأُولَى) اخْتَارَهَا الْمُؤَلِّفُ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهَا فِي " الْفُرُوعِ " ; لِأَنَّهَا تَنْقَطِعُ بِعَقْدِ التَّزْوِيجِ لِكَوْنِهَا تَصِيرُ بِهِ فِرَاشًا، فَلَا تَبْقَى مُعْتَدَّةً مِنْهُ مَعَ كَوْنِهَا فِرَاشًا لَهُ (لِأَنَّ هَذَا طَلَاقٌ مِنْ نِكَاحٍ لَا دُخُولَ فِيهِ) وَلَا مَسِيسَ (فَلَا يُوجِبُ عِدَّةً) كَمَا لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ نِكَاحٌ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا اسْتِئْنَافُ الْعِدَّةِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، لَكِنْ يَلْزَمُهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الْأُولَى ; لِأَنَّ إِسْقَاطَهَا يُفْضِي إِلَى اخْتِلَالِ الْمِيَاهِ ; لِأَنَّهُ يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً وَيَطَؤُهَا وَيَخْلَعُهَا، ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا وَيُطَلِّقُهَا فِي الْحَالِ وَيَتَزَوَّجُهَا الثَّانِي فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَالثَّانِيَةُ: تَسْتَأْنِفُ ; لِأَنَّهُ طَلَاقٌ لَا يَخْلُو مِنْ عِدَّةٍ كَالْأَوَّلِ، وَلَوْ أَبَانَهَا حَامِلًا، ثُمَّ نَكَحَهَا حَامِلًا، ثُمَّ طَلَّقَهَا حَامِلًا، فَرَغَتْ بِوَضْعِهِ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ أَتَتْ بِهِ قَبْلَ طَلَاقِهِ، فَلَا عِدَّةَ عَلَى الْأُولَى.
[فَصْلٌ: وُجُوبُ الْإِحْدَادِ]
فَصْلٌ
(وَيَجِبُ الْإِحْدَادُ) وَهُوَ الْمَنْعُ إِذِ الْمَرْأَةُ تَمْنَعُ نَفْسَهَا مِمَّا كَانَتْ تَتَهَيَّأُ بِهِ لِزَوْجِهَا
رِوَايَتَيْنِ. وَلَا يَجِبُ عَلَى الرَّجْعِيَّةِ وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، أَوْ زِنًا، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ بِمِلْكِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مِنْ تَطَيُّبٍ وَتُزَيُّنٍ، يُقَالُ: أَحَدَّتِ الْمَرْأَةُ إِحْدَادًا فَهِيَ مُحِدَّةٌ وَحَدَّتْ تُحِدُّ بِالضَّمِّ، وَالْكَسْرِ فَهِيَ حَادَّةٌ، سُمِّي الْحَدِيدُ حَدِيدًا لِلِامْتِنَاعِ بِهِ، أَوْ لِامْتِنَاعِهِ عَلَى مَنْ يُحَاوِلُهُ، (عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنَ الْوَفَاةِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ إِلَّا عَنِ الْحَسَنِ، فَإِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ، فَلَا يُعْرَجُ عَلَيْهِ، احْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 234] فَإِنَّ ظَاهِرَهُ مَا تَنْفَرِدُ بِهِ الْمَرْأَةُ، وَالنِّكَاحُ لَا يَتِمُّ إِلَّا في الْغَيْرِ، فَحَمَلَ عَلَى مَا يَتِمُّ بِهِ وَحْدَهَا مِنَ الزِّينَةِ، وَالطِّيبِ، وَقَدْ رَوَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَحِدُّ امْرَأَةٌ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تَحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فَائِدَةٌ: الْعَصْبُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْبُرُودِ يُصْبَغُ غَزْلُهُ، ثُمَّ يُنْسَجُ (وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْبَائِنِ) كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا، وَالْمُخْتَلِعَةِ (عَلَى رِوَايَتَيْنِ) كَذَا أَطْلَقَهُمَا فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "، وَ " الرِّعَايَةِ " إِحْدَاهُمَا: لَا يَجِبْ لِمَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَ، وَلَا الْحُلِيَّ، وَلَا تَخْتَضِبُ، وَلَا تَكْتَحِلُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَلِأَنَّ الْإِحْدَادَ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ لِإِظْهَارِ الْأَسَفِ عَلَى فِرَاقِ زَوْجِهَا وَمَوْتِهِ. فَأَمَّا الْبَائِنُ، فَإِنَّهُ فَارَقَهَا بِاخْتِيَارِهِ، وَقَطَعَ نِكَاحَهَا، فَلَا مَعْنَى لِتَكَلُّفِهَا الْحُزْنَ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَ الزَّوْجُ بِهِ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَنْفِيهِ فَاحْتِيطَ عَلَيْهَا بِالْإِحْدَادِ لِئَلَّا يَلْحَقَ بِالْمَيِّتِ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنِ، وَالثَّانِيَةُ: يَجِبُ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَالرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ، وَالْحَدِيثُ مَدْلُولُهُ تَحْرِيمُ الْإِحْدَادِ عَلَى مَيِّتٍ غَيْرِ الزَّوْجِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ، وَلِهَذَا جَازَ الْإِحْدَادُ هَاهُنَا بِالْإِجْمَاعِ، لَكِنْ لَا يُسَنُّ، قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ فَوْقَ ثَلَاثٍ عَلَى مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجٍ، فَعَلَى هَذَا حُكْمُهَا حُكْمُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فِي تَوَقِّيِ الزِّينَةِ، وَالطِّيبِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُخْتَلِعَةِ ; لِأَنَّهَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الَّذِي خَالَعَهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا، بِخِلَافِ الْبَائِنِ
يَمِينٍ، وَسَوَاءٌ فِي الْإِحْدَادِ الْمُسْلِمَةُ، وَالذِّمِّيَّةُ، وَالْمُكَلَّفَةُ وَغَيْرُهَا. وَالْإِحْدَادُ اجْتِنَابُ الزِّينَةِ، وَالطِّيبِ وَالتَّحْسِينِ كَلُبْسِ الْحُلِيِّ وَالْمُلَوَّنِ مِنَ الثِّيَابِ لِلتَّحْسِينِ كَالْأَحْمَرِ، وَالْأَصْفَرِ، وَالْأَخْضَرِ الصَّافِي، وَالْأَزْرَقِ الصَّافِي، وَاجْتِنَابِ الْحِنَّاءِ، وَالْخِضَابِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِالثَّلَاثِ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " لَا يَلْزَمُ بَائِنًا قَبْلَ دُخُولٍ (وَلَا يَجِبُ عَلَى الرَّجْعِيَّةِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ; لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ (وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ نِكَاحٍ، فَلَمْ تُكْمِلِ الْحُرْمَةَ (أَوْ زِنًا، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) لِأَنَّ مَنْ ذُكِرَ لَيْسَ بِزَوْجٍ، وَفِي " الْجَامِعِ " أَنَّ الْمَنْصُوصَ يَلْزَمُ الْإِحْدَادُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ (أَوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ) كَالسِّرِّيَّةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ، وَهِيَ كَالْحُرَّةِ وَلِلسَّيِّدِ إِمْسَاكُهَا نَهَارًا وَإِرْسَالُهَا لَيْلًا، فَإِنْ أَرْسَلَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا اعْتَدَّتْ زَمَانَهَا كُلَّهُ فِي الْمَنْزِلِ، وَعَلَى الْوَرَثَةِ إِسْكَانُهَا فِيهِ كَالْحُرَّةِ سَوَاءٌ (وَسَوَاءٌ فِي الْإِحْدَادِ) أَيْ: وُجُوبُهُ (الْمُسْلِمَةُ، وَالذِّمِّيَّةُ، وَالْمُكَلَّفَةُ وَغَيْرُهَا) لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ، وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفَةِ تُسَاوِي الْمُكَلَّفَةَ فِي اجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي الْإِثْمِ، فَكَذَا فِي الْإِحْدَادِ (وَالْإِحْدَادُ اجْتِنَابُ الزِّينَةِ، وَالطِّيبِ) يَجِبُ عَلَى الْحَادَّةِ اجْتِنَابُ مَا يَدْعُو إِلَى جِمَاعِهَا وَيُرَغِّبُ فِي النَّظَرِ إِلَيْهَا، وَيُحَسِّنُهَا، وَذَلِكَ أُمُورٌ: أَحَدُهَا: الطِّيبُ، وَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِهِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، وَلِأَنَّهُ يُحَرِّكُ الشَّهْوَةَ وَيَدْعُو إِلَى الْمُبَاشَرَةِ، وَذَلِكَ كَزَعْفَرَانٍ، وَنَحْوِهِ، وَإِنْ كَانَ بِهَا سَقَمٌ نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَيَلْحَقُ بِهِ فِي التَّحْرِيمِ الْأَدْهَانُ الْمُطَيِّبَةُ كَدِهْنِ وَرْدٍ وَبَانٍ ; لِأَنَّهُ طِيبٌ، وَالثَّانِي: اجْتِنَابُ الزِّينَةِ فِي قَوْلِ عَامَّتِهِمْ، «وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، وَقَدْ جَعَلْتُ عَلَى عَيْنِي صَبْرًا، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أُمِّ سَلَمَةَ؛ فَقُلْتُ: إِنَّمَا هُوَ صَبْرٌ لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ، قَالَ: إِنَّهُ يُشِبُّ الْوَجْهَ، فَلَا تَجْعَلِيهِ إِلَّا فِي اللَّيْلِ وَتَنْزِعِينَهُ بِالنَّهَارِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ جَمَاعَةٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِمْ. (وَالتَّحْسِينُ كَلُبْسِ الْحُلِيِّ) كَالسِّوَارِ، وَالدُّمْلُجِ، وَالْخَاتَمِ، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ فِضَّةٍ، أَوْ ذَهَبٍ، وَقَالَ عَطَاءٌ: تُبَاحُ حُلِيُّ الْفِضَّةِ فَقَطْ، وَجَوَابُهُ: عُمُومُ النَّهْيِ (وَالْمُلَوَّنُ مِنَ الثِّيَابِ لِلتَّحْسِينِ كَالْأَحْمَرِ، وَالْأَصْفَرِ، وَالْأَخْضَرِ الصَّافِي، وَالْأَزْرَقِ الصَّافِي) لِقَوْلِهِ عليه السلام: «وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ
وَالْكُحْلِ الْأَسْوَدِ وَالْحُفَافِ وَإِسْفِيدَاجِ الْعَرَائِسِ وَتَحْمِيرِ الْوَجْهِ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَحْرُمُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَصْبٍ» وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ «وَلَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَ» وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْأَخْضَرَ غَيْرَ الصَّافِي، وَالْأَزْرَقَ غَيْرَ الصَّافِي، لَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا لُبْسُهُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُلْبَسُ لِلتَّحْسِينِ عَادَةً، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ زِينَةً، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ، ثُمَّ نُسِجَ كَالْمَصْبُوغِ بَعْدَ نَسْجِهِ، وَقِيلَ: لَا ; لِقَوْلِهِ عليه السلام «إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ» وَفِيهِ نَظَرٌ. (وَاجْتِنَابُ الْحِنَّاءِ، وَالْخِضَابِ) لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ «وَلَا تَخْتَضِبُ» وَلِأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجِمَاعِ، أَشْبَهَ الْحُلِيَّ، بَلْ أَوْلَى، وَلَا تُمْنَعُ مِنْ جَعْلِ الصَّبْرِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا ; لِأَنَّهَا إِنَّمَا مُنِعَتْ مِنْهُ عَلَى الْوَجْهِ ; لِأَنَّهُ يُصَفِّرُهُ فَيُشْبِهُ الْخِضَابَ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَيَتَوَجَّهُ، وَالْيَدَيْنِ (وَالْكُحْلِ الْأَسْوَدِ) لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ «وَلَا تَكْتَحِلُ» وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الزِّينَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِثْمِدُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْضَاءِ، وَالسَّوْدَاءِ، فَإِنِ اضْطُرَّتْ إِلَى الْكُحْلِ بِالْإِثْمِدِ لِلتَّدَاوِي فَلَهَا ذَلِكَ لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا، وَفِي " الرِّعَايَةِ ": فَإِنِ احْتَاجَتْ كُحْلًا اكْتَحَلَتْ، وَقِيلَ: لَيْلًا وَغَسَلَهُ نَهَارًا إِنْ لَمْ تَكُنْ سَوْدَاءَ، أَوْ عَيْنُهَا. (وَالْحُفَافِ) الْمُحَرَّمِ عَلَيْهَا إِنَّمَا نَتْفُ شَعَرِ وَجْهِهَا فَأَمَّا حَلْقُهُ وَحَفَّهُ فَمُبَاحٌ، عند أَصْحَابُنَا، قَالَهُ فِي "الْمَطْلَعِ" وَفِيهِ قَوْلٌ، وَهُوَ سَهْوٌ. (وَإِسْفِيدَاجِ الْعَرَائِسِ) وَهُوَ شَيْءٌ مَعْرُوفٌ يُعْمَلُ مِنَ الرَّصَاصِ ذَكَرَهُ الْأَطِبَّاءُ إِذَا دُهِنَ بِهِ الْوَجْهُ يَرْبُو وَيَبْرُقُ (وَتَحْمِيرِ الْوَجْهِ) بِالْحُمْرَةِ (وَنَحْوِهِ) أَيْ: وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ زِينَةٌ وَتَحْسِينٌ.
فَائِدَةٌ: لَهَا التَّنْظِيفُ بِغَسْلٍ وَأَخْذِ شَعَرٍ وَظُفْرٍ وَتَدْهِنُ بِدِهْنٍ غَيْرِ مُطَيِّبٍ، وَلَا تَدْهِنُ رَأْسَهَا وَلَهَا غَسْلُهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَخَطْمَيٍّ، لَا بِحِنَّاءَ (وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا الْأَبْيَضُ مِنَ الثِّيَابِ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ قُطْنٍ، أَوْ كَتَّانٍ، أَوْ صُوفٍ، أَوْ إِبْرِيسَمٍ (وَإِنْ كَانَ حَسَنًا) لِأَنَّ حُسْنَهُ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِ، فَلَا يَلْزَمُ تَغْيِيرُهُ. وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ مُعَدًّا لِلزِّينَةِ وَفِيهِ وَجْهٌ (وَلَا