الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزَّوْجُ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لِمَنِ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ امْرَأَتِي هَذِهِ مِنَ الزِّنَا، وَيُشِيرُ إِلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً سَمَّاهَا وَنَسَبَهَا حَتَّى يُكْمِلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ: وَأَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ) الْعَاقِلُ (امْرَأَتَهُ بِالزِّنَا) وَلَوْ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ فِي قُبُلٍ، أَوْ دُبُرٍ فَكَذَّبَتْهُ لَزِمَهُ مَا يَلْزَمُ بِقَذْفِ أَجْنَبِيَّةٍ مِنْ إِيجَابِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، وَحُكِمَ بِفِسْقِهِ وَرَدِّ شَهَادَتِهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ يُلَاعِنَ، وَلِهَذَا أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَهُ إِسْقَاطُ الْحَدِّ بِاللِّعَانِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 23] الْآيَةَ. وَهُوَ عَامٌّ فِي الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الزَّوْجَ بِأَنْ أَقَامَ لِعَانَهُ مَقَامَ الشَّهَادَةِ فِي نَفْيِ الْحَدِّ، وَالْفِسْقِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عليه السلام لِهِلَالٍ:«الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ» . وَلِأَنَّهُ قَاذِفٌ فَلَزِمَهُ الْحَدُّ كَمَا لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ، وَكَالْأَجْنَبِيِّ وَلَهُ إِسْقَاطُهُ بِلِعَانِهِ، وَلَوْ بَقِيَ سَوْطٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ زَنَتْ قَبْلَ الْحَدِّ، وَيَسْقُطُ بِلِعَانِهِ وَحْدَهُ. ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " التَّرْغِيبِ "
[صِفَةُ اللِّعَانِ]
(وَصِفَتُهُ أَنْ يَبْدَأَ الزَّوْجُ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لِمَنِ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ امْرَأَتِي هَذِهِ مِنَ الزِّنَا، وَيُشِيرُ إِلَيْهَا) . وَلَا يَحْتَاجُ مَعَ الْحُضُورِ وَالْإِشَارَةِ إِلَى تَسْمِيَةٍ وَنَسَبٍ كَمَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً سَمَّاهَا وَنَسَبَهَا) حَتَّى تَنْتَفِيَ الْمُشَارَكَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا.
قُلْتُ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَقُومَ وَصْفُهَا بِمَا هِيَ مَشْهُورَةٌ بِهِ مَقَامَ الرَّفْعِ فِي نَسَبِهَا (حَتَّى يُكْمِلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ: وَأَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنَ الزِّنَا) . وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُذْكَرَ الرَّمْيُ بِالزِّنَا، قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ ". (ثُمَّ تَقُولُ هِيَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنِ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ) ، وَتُشِيرُ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ حَاضِرًا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَسْمَتْهُ وَنَسَبَتْهُ (ثُمَّ تَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ: وَأَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا) لِلْآيَةِ، وَالْأَخْبَارِ، وَإِنَّمَا خُصَّتْ هِيَ فِي الْخَامِسَةِ بِالْغَضَبِ ; لِأَنَّ النِّسَاءَ يُكْثِرْنَ اللَّعْنَ كَمَا وَرَدَ.
[شُرُوطُ أَلْفَاظِ اللِّعَانِ]
(فَإِنَّ) هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ شُرُوطِهِ وَهِيَ سِتَّةٌ:
الزِّنَا، ثُمَّ تَقُولُ هِيَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنِ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ تَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ: وَأَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا.
فَإِنْ نَقَصَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الْخَمْسَةِ شَيْئًا، أَوْ بَدَأَتْ بِاللِّعَانِ قَبْلَهُ، أَوْ تَلَاعَنَا بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْحَاكِمِ، أَوْ نَائِبِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، وَإِنْ أَبْدَلَ لَفْظَةَ أَشْهَدُ بِأُقْسِمُ، أَوْ أَحْلِفُ، أَوْ لَفْظَةَ اللَّعْنَةِ بِالْإِبْعَادِ، أَوِ الْغَضَبِ بِالسُّخْطِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَحَدُهَا: اسْتِعْمَالُهُ الْأَلْفَاظَ الْخَمْسَةَ، فَإِنْ (نَقَصَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الْخَمْسَةِ شَيْئًا) وَلَوْ قَلَّ لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ الْحُكْمَ عَلَيْهَا، وَلِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ، فَلَمْ يَجُزِ النَّقْصُ مَنْ عَدَدِهَا كَالشَّهَادَةِ، (أَوْ بَدَأَتْ بِاللِّعَانِ قَبْلَهُ) لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ ; لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْرُوعِ، وَكَذَا إِنْ قَدَّمَ الرَّجُلُ اللَّعْنَةَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْأَرْبَعَةِ، أَوْ قَدَّمَتْ هِيَ الْغَضَبَ عَلَيْهَا ; لِأَنَّ لِعَانَ الرَّجُلِ بَيِّنَةٌ لِإِثْبَاتٍ، وَلِعَانُهَا بَيِّنَةٌ لِإِنْكَارٍ، فَلَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُ الْإِنْكَارِ عَلَى الْإِثْبَاتِ (أَوْ تَلَاعَنَا بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْحَاكِمِ، أَوْ نَائِبِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) ، لِأَنَّهُ يَمِينٌ فِي دَعْوَى فَاعْتُبِرَ فِيهِ أَمْرُ الْحَاكِمِ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى.
الرَّابِعُ: أَنْ يَأْتِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِاللِّعَانِ بَعْدَ إِلْقَائِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ بَادَرَ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ حَلَفَ قَبْلَ أَنْ يُحَلِّفَهُ الْحَاكِمُ.
الْخَامِسُ: الْإِشَارَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ إِنْ كَانَ حَاضِرًا، أَوْ يُسَمِّيَهُ وَيَنْسُبَهُ إِنْ كَانَ غَائِبًا. وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُمَا مَعًا بَلْ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا عَنْ صَاحِبِهِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْمَرْأَةُ عَلَى بَابِهِ لِعُذْرٍ جَازَ.
(وَإِنْ أَبْدَلَ لَفْظَةَ أَشْهَدُ بِأُقْسِمُ، أَوْ أَحْلِفُ، أَوْ لَفْظَةَ اللَّعْنَةِ بِالْإِبْعَادِ، أَوِ الْغَضَبِ بِالسُّخْطِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) هَذَا هُوَ الشَّرْطُ السَّادِسُ لِصِحَّةِ اللِّعَانِ، وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْأَلْفَاظِ عَلَى صُورَةِ مَا وَرَدَ الشَّرْعُ ; لِأَنَّ اتِّبَاعَ لَفْظِ النَّصِّ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ مَوْضِعٌ وَرَدَ الشَّرْعُ فِيهِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ، أَشْبَهَ الشَّهَادَةَ فِي الْحُقُوقِ، وَهَذَا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ. قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَصَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ، وَالْآخَرُ يُعْتَدُّ بِهِ ; لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَعْنَى، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَبْدَلَ: إِنِّي لِمَنِ الصَّادِقِينَ بِقَوْلِهِ لَقَدْ زَنَتْ. قَالَ الْخِرَقِيُّ: يَقُولُ الرَّجُلُ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ زَنَتْ، وَلَيْسَ هَذَا لَفْظَ النَّصِّ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ ذِكْرَ اللَّفْظِ، وَلَكِنْ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: عَلَى مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.