الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَكِسْوَتُهَا وَمَسْكَنُهَا كَالزَّوْجَةِ سَوَاءٌ وَأَمَّا الْبَائِنُ بِفَسْخٍ، أَوْ طَلَاقٍ، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَالسُّكْنَى. وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا، وَعَنْهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّ الْكِفَايَةَ تَحْصُلُ بِهِ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: لَهُ ذَلِكَ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ مِثْلُهُ لِمَنْ يَكْفِيهَا خَادِمٌ وَاحِدٌ، وَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَنْ يُوَضِّئُ مَرِيضَةً، بِخِلَافِ رَقِيقَةٍ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي.
[فَصْلٌ: نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ وَالْبَائِنِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا]
[نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَالْبَائِنِ بِفَسْخٍ أَوْ طَلَاقٍ]
فَصْلٌ (وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَكِسْوَتُهَا وَمَسْكَنُهَا كَالزَّوْجَةِ سَوَاءٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228] وَلِأَنَّهَا زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ وَظِهَارُهُ، أَشْبَهَ مَا قَبْلَ الطَّلَاقِ (وَأَمَّا الْبَائِنُ بِفَسْخٍ، أَوْ طَلَاقٍ، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَالسُّكْنَى) إِجْمَاعًا وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: 6] الْآيَةَ، وقَوْله تَعَالَى:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6] وَفِي بَعْضِ أَخْبَارِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: «لَا نَفَقَةَ لَكِ إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا» وَلِأَنَّ الْحَمْلَ وَلَدُهُ، وَالِإنفَاقُ عَلَيْهِ دُونَهَا مُتَعَذِّرٌ فَوَجَبَ كَمَا وَجَبَتْ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ، وَفِي حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ نَظَرٌ، فَإِنَّ أَحْمَدَ نَصَّ فِي رِوَايَةٍ، ذَكَرَهَا الْخَلَّالُ أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ دُونَ السُّكْنَى، وَفِي " الْمُوجَزِ " وَ " التَّبْصِرَةِ " رِوَايَةٌ: لَا يَلْزَمُهُ، وَهِيَ سَهْوٌ، وَفِي " الرَّوْضَةِ ": تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ، وَفِي السُّكْنَى رِوَايَتَانِ (وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا) إِذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " وَنَصَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هِيَ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ، وَقَالَهُ جَمْعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٌ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ «لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَزَادَ: وَلَا سُكْنَى وَفِي لَفْظٍ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «انْظُرِي يَا ابْنَةَ قَيْسٍ، إِنَّمَا النَّفَقَةُ لِلْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا مَا كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ، فَلَا نَفَقَةَ، وَلَا سُكْنَى» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْحُمَيْدِيُّ (وَعَنْهُ: لَهَا السُّكْنَى) وَهِيَ قَوْلُ عُمَرَ، وَابْنِهِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ،
لَهَا السُّكْنَى. فَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا يَظُنُّهَا حَائِلًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حَامِلٌ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ مَا مَضَى، وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا يَظُنُّهَا حَامِلًا فَبَانَتْ حَائِلًا، فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالنَّفَقَةِ؛ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَعَائِشَةَ، وَالْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، وَاخْتَارَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَسْكِنُوهُنَّ} [الطلاق: 6] الْآيَةَ فَأَوْجَبَتْ لَهَا السُّكْنَى مُطْلَقًا، ثُمَّ خَصَّ الْحَامِلَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: 6] الْآيَةَ، وَفِي " الِانْتِصَارِ ": لَا يَسْقُطُ بِتَرَاضِيهِمَا كَعِدَّةٍ، وَعَنْهُ: وَلَهَا النَّفَقَةُ أَيْضًا، قَالَهُ أَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْعِرَاقَ، وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ; لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فَوَجَبَتْ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى كَالرَّجْعِيَّةِ.
وَرَدُّوا خَبَرَ فَاطِمَةَ بِقَوْلِ عُمَرَ: لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَنْكَرَهُ أَحْمَدُ، قَالَ عُرْوَةُ: لَقَدْ عَابَتْ عَائِشَةُ ذَلِكَ أَشَدَّ الْعَيْبِ، وَقَالَتْ: إِنَّهَا كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَحْشٍ فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَوْلُ أَحْمَدَ وَمَنْ تَابَعَهُ أَصَحُّ وَأَرْجَحُ ; لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَصًّا صَرِيحًا فَأَيُّ شَيْءٍ يُعَارِضُ هَذَا، وَقَوْلُ عُمَرَ وَمَنْ وَافَقَهُ فَقَدْ خَالَفَهُ عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٌ، وَقَوْلُ عُمَرَ: لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا إِلَّا لِمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:{وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: 6] الْآيَةَ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا، وَقَضَى أَنْ لَا بَيْتَ لَهَا، وَلَا قُوتَ» ، وَلِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا، لَا تُزِيلُهُ الرَّجْعَةُ، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا سُكْنَى، وَلَا نَفَقَةٌ كَالْمُلَاعَنَةِ وَتُفَارِقُ الرَّجْعِيَّةَ، فَإِنَّهَا زَوْجَةٌ. (فَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا يَظُنُّهَا حَائِلًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حَامِلٌ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ مَا مَضَى) عَلَى الْأَصَحِّ ; لِأَنَّهُ تَبَيَّنَا اسْتِحْقَاقُهَا لَهُ فَرَجَعَتْ بِهِ عَلَيْهِ كَالدَّيْنِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ قُلْنَا: النَّفَقَةُ لَهَا، رَجَعَتْ، وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا يَظُنُّهَا حَامِلًا فَبَانَتْ حَائِلًا فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالنَّفَقَةِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . أَصَحُّهُمَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَضَاهَا دَيْنًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ بَرَاءَتُهُ مِنْهَا، وَالثَّانِيَةُ: لَا رُجُوعَ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِحُكْمِ آثَارِ