الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَذَفَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ، أَوِ الْمَجْنُونَةَ عُزِّرَ وَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا.
فَصْلُ
الشَّرْطِ الثَّانِي: أَنْ يَقْذِفَهَا بِالزِّنَا
فَيَقُولُ: زَنَيْتِ، أَوْ يَا زَانِيَةُ، أَوْ رَأَيْتُكِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوِ الْمَجْنُونَةَ عُزِّرَ) ، لِأَنَّ الْقَذْفَ لَا يَسْقُطُ عَنْ دَرَجَةِ السَّبِّ، وَهُوَ يُوجِبُهُ فَكَذَا هُنَا. وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا حَدَّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِ ; لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا بِفِعْلِ الزِّنَا. (وَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا) ، لِأَنَّهُ قَوْلٌ تَحْصُلُ بِهِ الْفُرْقَةُ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَالطَّلَاقِ، أَوْ يَمِينٍ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ. فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ زَائِلَ الْعَقْلِ حِينَ قَذَفَهُ فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ، وَلِأَحَدِهِمَا بَيْنَةٌ - عُمِلَ بِهَا، وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ، وَالظَّاهِرَ السَّلَامَةُ وَالصِّحَّةُ. وَإِنْ عُرِفَتْ لَهُ حَالُ جُنُونٍ، وَحَالَةُ إِفَاقَةٍ قَبْلَ قَوْلِهَا فِي الْأَصَحِّ.
وَإِنْ قَذَفَهَا، وَهِيَ طِفْلَةٌ، لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا، فَلَا حَدَّ لِتَيَقُّنِنَا كَذِبَهُ لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِلسَّبِّ، وَلَا يَحْتَاجُ فِي التَّعْزِيرِ إِلَى مُطَالَبَةٍ. فَإِنْ كَانَتْ يُجَامَعُ مِثْلُهَا كَابْنَةِ تِسْعٍ حُدَّ. وَلَيْسَ لَهَا، وَلَا لِوَلِيِّهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ حَتَّى تَبْلُغَ، فَإِذَا بَلَغَتْ وَطَالَبَتْ حُدَّ وَلَهُ إِسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ وَلَيْسَ لَهُ لِعَانُهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ ; لِأَنَّهُ يُرَادُ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ، أَوْ نَفْيِ الْوَلَدِ.
فَرْعٌ: إِذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ الْمَجْنُونَةَ بِزِنًا أَضَافَهُ إِلَى حَالِ إِفَاقَتِهَا، أَوْ قَذْفِهَا، وَهِيَ عَاقِلَةٌ، ثُمَّ جُنَّتْ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ، وَلَا لِوَلِيِّهَا قَبْلَ إِفَاقَتِهَا ; لِأَنَّ هَذَا طَرِيقَةُ التَّشَفِّي، فَإِذَا أَفَاقَتْ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ وَلَهُ اللِّعَانُ، فَإِنْ أَرَادَ لِعَانَهَا فِي حَالِ جُنُونِهَا، وَلَا وَلَدَ يَنْفِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ يُرِيدُ نَفْيَهُ فَالَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُلَاعِنُ وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِنَفْيِهِ ; لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى ذَلِكَ.
[الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَقْذِفَهَا بِالزِّنَا]
فَصْلٌ (الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَقْذِفَهَا بِالزِّنَا) لِأَنَّ كُلَّ قَذْفٍ يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ
تَزْنِينَ سَوَاءٌ قَذَفَهَا بِزِنًا فِي الْقُبُلِ، أَوِ الدُّبُرِ. وَإِنْ قَالَ: وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، أَوْ مُكْرَهَةً فَلَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْأَعْمَى، وَالْبَصِيرُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: لَا يَكُونُ اللِّعَانُ إِلَّا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا رُؤْيَةٌ وَإِمَّا إِنْكَارُ الْحَمْلِ ; لِأَنَّ آيَةَ اللِّعَانِ نَزَلَتْ فِي هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَكَانَ قَالَ: رَأَيْتُ بِعَيْنِي وَسَمِعْتُ بِأُذُنِي. وَجَوَابُهُ: عُمُومُ الْآيَةِ. وَالْأَخْذُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ أَوْلَى مِنْ خُصُوصِ السَّبَبِ. (فَيَقُولُ: زَنَيْتِ، أَوْ يَا زَانِيَةُ، أَوْ رَأَيْتُكِ تَزِنِينَ) هَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَى الْقَذْفِ، فَإِنْ قَالَ: يَا زَانِيَةُ، فَقَالَتْ: بَلْ أَنْتَ زَانٍ، فَلَهُ اللِّعَانُ وَتُحَدُّ هِيَ لِقَذْفِهِ. فَإِنْ قَالَ: زَنَى بِكِ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَلَا، (سَوَاءٌ قَذَفَهَا بِزِنًا فِي الْقُبُلِ) وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوِ الدُّبُرِ) لِأَنَّهُ قَذَفَهَا بِزِنًا فِي الْفَرْجِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ كَالْقُبُلِ. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا قَذَفَهَا بِالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ، أَوْ بِشَيْءٍ مِنَ الْفَوَاحِشِ غَيْرِ الزِّنَا فَلَا حَدَّ، وَلَا لِعَانَ كَمَا لَوْ قَذَفَهَا بِضَرْبِ النَّاسِ، أَوْ أَذَاهُمْ. (وَإِنْ قَالَ: وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، أَوْ مُكْرَهَةً) أَوْ مَعَ نَوْمٍ، أَوْ إِغْمَاءٍ، أَوْ جُنُونٍ لَزِمَهُ الْوَلَدُ. (فَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا) . اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَالْمُؤَلِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقْذِفْهَا بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ. (وَعَنْهُ: إِنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ) اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ فَيَنْتَفِي بِلِعَانِهِ وَحْدَهُ ; لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ. وَفِي " الْمُحَرَّرِ " رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ، ثُمَّ قَالَ عَنِ الثَّانِيَةِ: وَهِيَ أَصَحُّ عِنْدِي، (وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ قَالَ: لَمْ تَزْنِ، وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي، فَهُوَ وَلَدُهُ فِي الْحُكْمِ) ، لِقَوْلِهِ عليه السلام «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» . (وَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا) ، لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِقَذْفٍ بِظَاهِرِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ مِنْ زَوْجِ آخَرَ، أَوْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَإِنْ قَالَ: مَا وَلَدَتْهُ، وَإِنَّمَا الْتَقَطَتْهُ أَوِ اسْتَعَارَتْهُ فَقَالَتْ: بَلْ هُوَ وَلَدِي مِنْكَ - لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ إِلَّا أَنْ تُقِيمَ بَيِّنَةً، وَهِيَ امْرَأَةٌ مَرْضِيَّةٌ تَشْهَدُ بِوِلَادَتِهَا لَهُ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُهَا فَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ. وَهَلْ لَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ؛ فِيهِ وَجْهَانِ