الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَهْمُوزًا فَهُوَ صَرِيحٌ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ كَانَ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا. وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: فِي الْجَبَلِ، فَهَلْ هُوَ صَرِيحٌ، أَوْ كَالَّتِي قَبْلَهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَالْكِنَايَةُ نَحْوُ قَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ: قَدْ فَضَحْتِهِ، وَغَطَّيْتِ أَوْ نَكَّسْتِ رَأْسَهُ، وَجَعَلْتِ لَهُ قُرُونًا، وَعَلَّقْتِ عَلَيْهِ أَوْلَادًا مِنْ غَيْرِهِ، وَأَفْسَدْتِ فِرَاشَهُ أَوْ يَقُولُ لِمَنْ يُخَاصِمُهُ:
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
«الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ» ، قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُرْجَعَ إِلَى تَفْسِيرِهِ. انْتَهَى. وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ أَفْرَدَ، فَلَوْ قَالَ: زَنَتْ يَدُكَ فَقَذْفٌ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَكَذَا الْعَيْنُ فِي التَّرْغِيبِ، وَفِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ: لَا.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَالَ يَا زَانِي ابْنَ الزَّانِيَةِ، لَزِمَهُ حَدَّانِ، فَإِنْ تَشَاحَّا قُدِّمَ حَدُّ الِابْنِ، وَعَنْهُ: حَدٌّ وَاحِدٌ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَتْ أُمُّهُ حَيَّةً فَقَدْ قَذَفَهَا مَعَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مَيِّتَةً فَقَدْ قَذَفَهُ وَحْدَهُ (وَإِنْ قَالَ زَنَأْتَ فِي الْجَبَلِ مَهْمُوزًا فَهُوَ صَرِيحٌ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ) وَأَبِي الْخَطَّابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّ عَامَّةَ النَّاسِ لَا يَفْهَمُونَ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا الْقَذْفَ (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ كَانَ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا) لِأَنَّ مَعْنَاهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ طَلَعْتَ، وَعَلَيْهِمَا إِنْ قَالَ: أَرَدْتُ الصُّعُودَ فِي الْجَبَلِ قُبِلَ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: فِي الْجَبَلِ) أَيْ: زَنَأْتَ (فَهَلْ هُوَ صَرِيحٌ، أَوْ كَالَّتِي قَبْلَهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) .
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ صَرِيحٌ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّ مَعَ عَدَمِ الْقَوْلِ فِي الْجَبَلِ يَتَمَحَّضُ الْقَذْفُ، وَقِيلَ: هُوَ كَالَّتِي قَبْلَهَا، أَحَدُهُمَا: يَكُونُ صَرِيحًا فِي حَقِّ الْعَامِّيِّ وَالْعَالِمِ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَالثَّانِي: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: لَا قَذْفَ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهَا لَفْظَةُ عِلْقٍ، وَذَكَرَهَا شَيْخُنَا صَرِيحَةً، وَمَعْنَاهُ قَوْلُ ابْنِ رَزِينٍ: كُلُّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عُرْفًا.
[أَلْفَاظُ الْقَذْفِ الْكِنَايَةُ]
(وَالْكِنَايَةُ نَحْوُ قَوْلَهِ لِامْرَأَتِهِ: قَدْ فَضَحْتِهِ) أَيْ: بِشَكْوَاكِ (وَغَطَّيْتِ أَوْ نَكَّسْتِ رَأْسَهُ) أَيْ: حَيَاءً مِنَ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ (وَجَعَلْتِ لَهُ قُرُونًا) أَيْ: أَنَّهُ: مُسَخَّرٌ لَكَ مُطِيعٌ مُنْقَادٌ كَالثَّوْرِ (وَعَلَّقْتِ عَلَيْهِ أَوْلَادًا مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ: مِنْ زَوْجٍ آخَرَ، أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ (وَأَفْسَدْتِ فِرَاشَهُ) أَيْ: بِالنُّشُوزِ، أَيْ: بِالشِّقَاقِ
يَا حَلَالُ يَا ابْنَ الْحَلَالِ مَا يَعْرِفُكَ النَّاسُ بِالزِّنَا، يَا عَفِيفُ، أَوْ يَا فَاجِرَةُ، يَا قَحْبَةُ، يَا خَبِيثَةُ، أَوْ يَقُولُ لِعَرَبِيٍّ: يَا نَبَطِيُّ، يَا فَارِسِيُّ، يَا رُومِيُّ، أَوْ يَسْمَعُ رَجُلًا يَقْذِفُ رَجُلًا، فَيَقُولُ: صَدَقْتَ، أَوْ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ أَنَّكَ زَنَيْتَ، وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ، فَهَذَا كُلُّهُ كِنَايَةٌ، إِنْ فَسَّرَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ غَيْرَ الْقَذْفِ، قُبِلَ قَوْلُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ: جَمِيعُهُ صَرِيحٌ، وَإِنْ قَذَفَ أَهْلَ بَلْدَةٍ أَوْ جَمَاعَةً لَا يُتَصَوَّرُ الزِّنَا مِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَبِمَنْعِ الْوَطْءِ (أَوْ يَقُولُ لِمَنْ يُخَاصِمُهُ: يَا حَلَالُ يَا ابْنَ الْحَلَالِ) لِأَنَّهُ كَذَلِكَ حَقِيقَةً، (مَا يَعْرِفُكَ النَّاسُ بِالزِّنَا) حَقِيقَةُ النَّفْيِ، أَيْ: مَا أَنْتَ بِزَانٍ وَلَا أُمُّكَ زَانِيَةٌ (يَا عَفِيفُ) كَوْنُهُ كَذَلِكَ حَقِيقَةً، وَكَذَا يَا نَظِيفُ، يَا خَنِيثُ بِالنُّونِ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ بِالْبَاءِ (أَوْ يَا فَاجِرَةُ) أَيْ: كَوْنُهَا مُخَالِفَةً لِزَوْجِهَا فِيمَا يَجِبُ طَاعَتُهَا فِيهِ (يَا قَحْبَةُ) قَالَ السَّعْدِيُّ: قَحَبَ الْبَعِيرُ وَالْكَلْبُ: سَعَلَ، وَهِيَ فِي زَمَانِنَا الْمُعَدَّةُ لِلزِّنَا (يَا خَبِيثَةُ) وَهِيَ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ خَبُثَ الشَّيْءُ فَهُوَ خَبِيثٌ (أَوْ يَقُولُ لِعَرَبِيٍّ: يَا نَبَطِيُّ) مَنْسُوبٌ إِلَى النَّبَطِ، وَهُمْ: قَوْمٌ يَنْزِلُونَ بِالْبَطَائِحِ بَيْنَ الْعِرَاقَيْنِ (يَا فَارِسِيُّ) مَنْسُوبٌ إِلَى فَارِسَ، وَهِيَ بِلَادٌ مَعْرُوفَةٌ، وَأَهْلُهَا الْفُرْسُ، وَفَارِسٌ أَبُوهُمْ (يَا رُومِيُّ) نِسْبَةٌ إِلَى الرُّومِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الرُّومُ بْنُ عِيصُو بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (أَوْ يَسْمَعُ رَجُلًا يَقْذِفُ رَجُلًا، فَيَقُولُ: صَدَقْتَ) أَيْ: فِي غَيْرِ الْإِخْبَارِ الْمَذْكُورِ (أَوْ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ أَنَّكَ زَنَيْتَ، وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ) أَيْ: مُوَافِقٌ لِلْكَذِبِ، أَوْ مَا أَنَا بِزَانٍ، أَوْ مَا أُمِّي بِزَانِيَةٍ (فَهَذَا كُلُّهُ كِنَايَةٌ إِنْ فَسَّرَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ غَيْرَ الْقَذْفِ) وَعَنْهُ بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ (قُبِلَ قَوْلُهَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ غَيْرَ الزِّنَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَهُوَ إِذَنْ فَسَّرَ الْكَلَامَ بِمَا يَحْتَمِلُهُ، وَعَلَيْهِ يُعَزَّرُ (وَفِي الْآخَرِ: جَمِيعُهُ صَرِيحٌ) فَيُحَدُّ بِهِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ، وَذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ عَنِ الْخِرَقِيِّ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا، فَوَجَبَ حَمْلُهَا عَلَيْهِ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَالِاسْتِعْمَالِ، فَعَلَى هَذَا: إِذَا قَالَ: أَرَدْتُ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ، لَمْ يُقْبَلْ كَالزَّانِي، وَعَنْهُ: لَا يُحَدُّ إِلَّا بِنِيَّةٍ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، وَالْقَرِينَةُ كَكِنَايَةِ طَلَاقٍ، وَفِي التَّرْغِيبِ: هُوَ قَذْفٌ بِنِيَّةٍ، وَلَا يَحْلِفُ مُنْكِرُهَا، وَيَلْزَمُهُ الْحَدُّ بَاطِنًا، وَفِي لُزُومِ إِظْهَارِهَا وَجْهَانِ.
جَمِيعِهِمْ، عُزِّرَ، وَلَمْ يُحَدَّ. وَإِنْ قَالَ لِرَجُلٍ: اقْذِفْنِي فَقَذَفَهُ، فَهَلْ يُحَدُّ؟ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَنْبِيهٌ: لَا حَدَّ بِالتَّعْرِيضِ، كَقَوْلِهِ: يَا حَلَالُ ابْنَ الْحَلَالِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، لِأَنَّ «رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ، يُعَرِّضُ بِنَفْيِهِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ بِذَلِكَ حَدٌّ» ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ التَّعْرِيضَ بِالْخِطْبَةِ دُونَ التَّصْرِيحِ بِهَا، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: عَلَيْهِ الْحَدُّ، رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَهِيَ أَظْهَرُهُمَا، قَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ، فَأَمَّا فِي غَيْرِ حَالَةِ خُصُومَةٍ، وَلَا وُجِدَتْ قرينة فَلَا يَكُونُ قَذْفًا (وَإِنْ قَذَفَ أَهْلَ بَلْدَةٍ أَوْ جَمَاعَةً لَا يُتَصَوَّرُ الزِّنَا مِنْ جَمِيعِهِمْ) عَادَةً وَعُرْفًا (عُزِّرَ وَلَمْ يُحَدَّ) لِأَنَّهُ لَا عَارَ عَلَى الْمَقْذُوفِ بِذَلِكَ لِلْقَطْعِ بِكَذِبِ الْقَاذِفِ، وَيُعَزَّرُ عَلَى مَا أَتَى بِهِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَالزُّورِ، كَمَا لَوْ سَبَّهُمْ بِغَيْرِ الْقَذْفِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يُعَزَّرُ، وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ أَحَدٌ، وَفِي الْمُغْنِي: لَا يَحْتَاجُ التَّعْزِيرُ إِلَى مُطَالَبَةٍ، وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يُعَزَّرُ حَيْثُ لَا حَدَّ.
مَسَائِلُ: يُعَزَّرُ فِي: يَا كَافِرُ، يَا فَاجِرُ، يَا حِمَارُ، يَا تَيْسُ، يَا رَافِضِيُّ، يَا خَبِيثَ الْبَطْنِ، أَوِ الْفَرْجِ، يَا عَدُوَّ اللَّهِ، يَا ظَالِمُ، يَا كَذَّابُ، يَا خَائِنُ، يَا شَارِبَ الْخَمْرِ، يَا مُخَنَّثُ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَقِيلَ: فَاسِقٌ كِنَايَةٌ، وَمُخَنَّثٌ تَعْرِيضٌ، وَيُعَزَّرُ فِي: قَرْنَانَ، وَقَوَّادٍ، وَسَأَلَهُ حَرْبٌ: عَنْ دَيُّوثٍ، فَقَالَ: يُعَزَّرُ، وَفِي الْمُبْهِجِ: دَيُّوثٌ قَذْفٌ لِامْرَأَتِهِ، وَمِثْلُهُ: كَشْخَانُ، وَقَرْطَبَانُ، وَيَتَوَجَّهُ فِي مَأْبُونٍ كَمُخَنَّثٍ، وَفِي الرِّعَايَةِ: لَمْ أَجِدْكِ عَذْرَاءَ كِنَايَةٌ، وَإِنَّ مَنْ قَالَ لِظَالِمٍ ابْنِ ظَالِمٍ: جَبَرَكَ اللَّهُ وَرَحِمَ سَلَفَكَ، يُعَزَّرُ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ
1 -
(وَإِنْ قَالَ لِرَجُلٍ: اقْذِفْنِي فَقَذَفَهُ، فَهَلْ يُحَدُّ) أَوْ يُعَزَّرُ؟ (عَلَى وَجْهَيْنِ) .
أَحَدُهُمَا: يُعَزَّرُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّ الْمَقْذُوفَ رَضِيَ بِقَذْفِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَذَفَ نَفْسَهُ.
وَالثَّانِي: يُحَدُّ، لِأَنَّ الْمُوجِبَ لَهُ الْقَذْفُ، وَقَدْ وُجِدَ، وَقَوْلُهُ لَا أَثَرَ لَهُ، لِأَنَّ الْقَذْفَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ، وَفِي النِّهَايَةِ وَالشَّرْحِ: هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ، وَهَلْ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ فَلَا
وَجْهَيْنِ. وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا زَانِيَةُ، فَقَالَتْ: بِكَ زَنَيْتُ، لَمْ تَكُنْ قَاذِفَةً، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ بِتَصْدِيقِهَا. وَإِذَا قُذِفَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهَا الْمُطَالَبَةُ إِذَا كَانَتِ الْأُمُّ فِي الْحَيَاةِ، وَإِنْ قُذِفَتْ، وَهِيَ مَيِّتَةٌ: مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كَافِرَةً، حُرَّةً أَوْ أَمَةً، حُدَّ الْقَاذِفُ إِذَا طَالَبَ الِابْنُ، وَكَانَ حُرًّا مُسْلِمًا، ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجِبُ الْحَدُّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَسْقُطُ بِالْإِذْنِ فِيهِ كَالزِّنَا، أَوْ لِآدَمِيٍّ فَيَسْقُطُ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي إِتْلَافِ مَالِهِ، وَيُعَزَّرُ لِأَنَّهُ فَعَلَ مُحَرَّمًا لَا حَدَّ فِيهِ (وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا زَانِيَةُ، فَقَالَتْ: بِكَ زَنَيْتُ، لَمْ تَكُنْ قَاذِفَةً) لِأَنَّهَا صَدَّقَتْهُ فِيمَا قَالَ، فَلَمْ يَجِبْ حَدٌّ، كَمَا لَوْ قَالَتْ: صَدَقْتَ (وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ بِتَصْدِيقِهَا) لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الزِّنَا مِنْهَا بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ زَانِيًا، بِأَنْ يَكُونَ قَدْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا حَدٌّ، لِأَنَّهَا لَمْ تُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَإِنْ قَالَ: زَنَى بِكِ فُلَانٌ، فَقَدْ قَذَفَهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ فِيهَا رِوَايَتَانِ: فَعَلَى أَنَّهَا لَمْ تَقْذِفْهُ، يَتَخَرَّجُ: لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ لَمْ يَقْذِفْهَا، لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مُكْرَهَةٌ أَوْ نَائِمَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ فِي الزَّوْجَةِ، وَلَوْ كَانَ قَوْلُهَا: أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي، أَوْ زَنَيْتُ وَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي، فَقَدْ قَذَفَتْهُ، وَفِي الرِّعَايَةِ وَجْهٌ، وَإِنْ قَالَ: يَا زَانِيَةُ، قَالَتْ: بَلْ أَنْتَ زَانٍ، حُدَّا، وَعَنْهُ: لَا لِعَانَ، وَتُحَدُّ هِيَ فَقَطْ، وَهِيَ سَهْوٌ عِنْدَ الْقَاضِي (وَإِذَا قُذِفَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهَا الْمُطَالَبَةُ إِذَا كَانَتِ الْأُمُّ فِي الْحَيَاةِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِلتَّشَفِّي، فَلَا يَقُومُ فيه غير الْمُسْتَحِقُّ مَقَامَهُ كَالْقِصَاصِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إِذَا مَاتَتْ وَوَرَّثَتْ حَدَّ الْقَذْفِ فَلِوَارِثِهِ الْمُطَالَبَةُ إِذَنْ (وَإِنْ قُذِفَتْ وَهِيَ مَيِّتَةٌ: مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كَافِرَةً، حُرَّةً أَوْ أَمَةً حُدَّ الْقَاذِفُ إِذَا طَالَبَ الِابْنُ، وَكَانَ حُرًّا مُسْلِمًا، ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ) لِأَنَّهُ قَدْحٌ فِي نَسَبِ الْحَيِّ، لِأَنَّهُ بِقَذْفِ أُمِّهِ يَنْسُبُهُ إِلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا، وَلَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ، فَكَذَلِكَ يُعْتَبَرُ الْإِحْصَانُ فِيهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي أُمِّهِ، لِأَنَّ الْقَذْفَ لَهُ، وَشُرِطَ فِيهِ الطَّلَبُ، لِأَنَّهُ حَقٌّ مِنَ الْحُقُوقِ فَلَا يُسْتَوْفَى بِغَيْرِ طَلَبِ مُسْتَحِقِّهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَإِسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ، لِأَنَّ الْحَدَّ وَجَبَ لِلْقَدْحِ فِي نَسَبِهِ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِقَذْفِ مَيِّتَةٍ) وَذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ فِي غَيْرِ أُمَّهَاتِهِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ، لِأَنَّهُ قَذْفٌ لِمَنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْمُطَالَبَةُ، أَشْبَهَ قَذْفَ الْمَجْنُونِ، أَوْ يُقَالُ: الْمَيِّتَةُ لَا تُعَيَّرُ، وَالْحَيُّ لَمْ يُقْدَحْ فِيهِ، وَذَلِكَ شُبْهَةٌ يُدْرَأُ بِهَا الْحَدُّ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهُ إِذَا قَذَفَ مَيِّتَ مُحْصَنٍ أَوْ لَا حُدَّ الْقَاذِفُ إِذَا طَالَبَ وَارِثٌ مُحْصَنٌ خَاصَّةً.
فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْوَارِثُ عَبْدًا أَوْ مُشْرِكًا فَلَا