الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَبْدَأُ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ، فَمَتَى اتَّسَعَتْ أَمْوَالُ الْأَقْرَبِينَ لَهَا، لَمْ يَتَجَاوَزْهُمْ، وَإِلَّا انْتَقَلَ إِلَى مَنْ يَلِيهِمْ، وَإِنْ تَسَاوَى جَمَاعَةٌ فِي الْقُرْبِ وُزِّعَ الْقَدْرُ الَّذِي يَلْزَمُهُمْ بَيْنَهُمْ.
فَصْلٌ وَ
مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ يَجِبُ مُؤَجَّلًا
فِي ثَلَاثِ سِنِينَ إِنْ كَانَ دِيَةً كَامِلَةً، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَا تُقْطَعُ الْيَدُ فِيهِ (وَهَلْ يَتَكَرَّرُ ذَلِكَ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ أَوْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ، أَحَدُهُمَا: يَتَكَرَّرُ، لِأَنَّهُ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْحَوْلِ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ، فَيَتَكَرَّرُ بِتَكْرَارِ الْحَوْلِ كَالزَّكَاةِ، وَالثَّانِي: لَا، لأنه يفضي إِلَى إِيجَابِ أَكْثَرِ مِنْ أَقَلِّ الزَّكَاةِ، فَيَكُونُ مُضِرًّا، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ دِينَارٌ وَنِصْفٌ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ لِتَكَرُّرِهِ، وَعَلَى الثَّانِي نِصْفٌ عَلَى الْمُوسِرِ وَرُبْعٌ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ، لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ (وَيَبْدَأُ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ) كَالْمِيرَاثِ سَوَاءٌ (فَمَتَى اتَّسَعَتْ أَمْوَالُ الْأَقْرَبِينَ لَهَا، لَمْ يَتَجَاوَزْهُمْ) لِأَنَّهُ حَقٌّ يُسْتَحَقُّ بِالتَّعْصِيبِ، فَقُدِّمَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، وَيُقَدَّمُ مَنْ يُدْلِي بِأَبَوَيْنِ عَلَى مَنْ يُدْلِي بِأَبٍ فِي الْأَشْهَرِ كَالْمِيرَاثِ، وَفِي الْآخَرِ سَوَاءٌ، لِأَنَّهُ لَا يُسْتَفَادُ بِالتَّعْصِيبِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُسَاوَاةِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ رِوَايَتَيْنِ، وَخَرَجَ مِنْهَا مُسَاوَاةُ بِعِيدٍ لِقَرِيبٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ بَعِيدٍ لِغَيْبَةِ قَرِيبٍ، وَقِيلَ: يَكْتُبُ الْإِمَامُ إِلَى قَاضِي بَلَدِ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ لِيُطَالِبَهُ بِهَا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَتَّسِعْ أَمْوَالُ الْأَقْرَبِينَ لَهَا (انْتَقَلَ إِلَى مَنْ يَلِيهِمْ) لِأَنَّ الْأَقْرَبِينَ لَمْ يَكُونُوا مَوْجُودِينَ فَعُلِّقَتِ الدِّيَةُ بِمَنْ يَلِيهِمْ، وَكَذَا إِذَا تَحَمَّلَ الْأَقْرَبُونَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ وَبَقِيَتْ بَقِيَّةٌ (وَإِنْ تَسَاوَى جَمَاعَةٌ في القرب وُزِّعَ الْقَدْرُ الَّذِي يَلْزَمُهُمْ بَيْنَهُمْ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُمُ اسْتَوَوْا فِي الْقَرَابَةِ، فَكَانُوا سَوَاءً كَمَا لَوْ قَتَلُوا، وَكَالْمِيرَاثِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَأْخُذَ الْإِمَامُ مِمَّنْ شَاءَ.
[مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ يَجِبُ مُؤَجِّلًا]
فَصْلٌ
(وَمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ يَجِبُ مُؤَجَّلًا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ دِيَةِ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، لِقَوْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ (إِنْ كَانَ دِيَةً كَامِلَةً) لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِبَعْضِ السِّنِينَ عَلَى بَعْضٍ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ يَجِبُ عَلَى سَبِيلِ
كَانَ الْوَاجِبُ ثُلُثَ الدِّيَةِ، كَأَرْشِ الْجَائِفَةِ، وَجَبَ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ، وَإِنْ كَانَ نِصْفَهَا كَدِيَةِ الْيَدِ وَجَبَ فِي رَأْسِ الْحَوَلِ الْأَوَّلِ الثُّلْثُ، وَبَاقِيهِ فِي رَأْسِ الْحَوَلِ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ دِيَةَ امْرَأَةٍ أَوْ كِتَابِيٍّ فَكَذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُقَسَّمَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ دِيَةٍ، كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ فَأَذْهَبَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، لَمْ يَزِدْ فِي كُلِّ حَوْلٍ عَلَى الثُّلْثِ وَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ فِي الْجُرْحِ مِنَ الِانْدِمَالِ، وَقَالَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُوَاسَاةِ، فَلَمْ يَجِبْ حَالًّا كَالزَّكَاةِ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ فِي آخِرِ كُلِّ حَوْلٍ ثُلُثُهَا، وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ السَّنَةِ مِنْ حِينِ وُجُوبِ الدِّيَةِ (وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ ثُلُثَ الدِّيَةِ، كَأَرْشِ الْجَائِفَةِ، وَجَبَ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ) أَيْ: فِي آخِرِ السَّنَةِ الْأُولَى، وَلَمْ يَجِبْ مِنْهُ شَيْءٌ حَالًّا، لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ حَالًّا (وَإِنْ كَانَ نِصْفَهَا كَدِيَةِ الْيَدِ وَجَبَ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ الثُّلْثُ) لِأَنَّهُ قَدْرُ مَا يُؤَدَّى مِنَ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ، فَوَجَبَ لِتَسَاوِيهِمَا فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ (وَبَاقِيهِ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ الثَّانِي) لِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّ الْقِسْطِ الثَّانِي مِنَ الْكَامِلَةِ (وَإِنْ كَانَ دِيَةَ امْرَأَةٍ أَوْ كِتَابِيٍّ) لَمْ يَقْتُلْ عَمْدًا، قَالَهُ فِي الْوَجِيزِ وَفِيهِ شَيْءٌ (فَكَذَلِكَ) لِأَنَّ هَذَا يَنْقُصُ عَنْ دِيَةٍ كَامِلَةٍ أَشْبَهَتْ أَرْشَ الطَّرَفِ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُقَسَّمَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) لِأَنَّ ذَلِكَ دِيَةُ نَفْسٍ كَامِلَةٍ، أَشْبَهَ دِيَةَ الْمُسْلِمِ (وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ دِيَةٍ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ، فَأَذْهَبَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، لَمْ يَزِدْ فِي كُلِّ حَوْلٍ عَلَى الثُّلْثِ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَوْ كَانَ دُونَ الدِّيَةِ لَمْ يَنْقُصْ فِي السَّنَةِ عَنِ الثُّلْثِ، فَكَذَا لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ إِذَا زَادَ عَلَى الثُّلْثِ، وَكَذَا إِذَا قُتِلَتِ الْمَرْأَةُ وَجَنِينُهَا بِضَرْبَةٍ بَعْدَ مَا اسْتَهَلَّ، لَمْ تَزِدْ فِي كُلِّ حَوْلٍ عَلَى قَدْرِ الثُّلْثِ، وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: دِيَةُ نَفْسٍ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَقِيلَ: الْكُلُّ، فَلَوْ قَتَلَ اثْنَيْنِ فَدِيَتُهُمَا فِي ثَلَاثٍ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ دِيَةٌ فَيَسْتَحِقُّ ثُلُثَهَا كَمَا لَوِ انْفَرَدَ حَقُّهُ، وَقِيلَ: فِي سِتِّ سِنِينَ فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْوَاجِبُ دُونَ الثُّلْثِ كَدِيَةِ الْأُصْبُعِ لَمْ تَحْمِلْهَا الْعَاقِلَةُ، وَيَجِبْ حَالًّا لِأَنَّهَا بَدَلُ مُتْلَفٍ (وَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ فِي الْجُرْحِ مِنَ الِانْدِمَالِ) لِأَنَّ الْأَرْشَ لَا يَسْتَقِرُّ إِلَّا بِالْبُرْءِ (وَفِي الْقَتْلِ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ)