الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المَطلب الأوَّل
سَوق دعاوي المعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِ
لأحاديثِ الآياتِ الحسِّيَّة للنَّبي صلى الله عليه وسلم
مَوقف مُخالفي أهلِ السُّنَّة حيالَ أحاديث الآيات الحسيَّة للمصطفى صلى الله عليه وسلم يمكن إِجماله في مَوقفين:
الأوَّل: تأويلُها تأويلًا طَبَعِيًّا:
وهؤلاء يعمِّمون هذا التَّأويل على جميع آياتِ الأنبياء، مُتأثِّرين بطائفةٍ من الفَلاسِفة كابن سِينَا (ت 428 هـ)، الَّذي وإن جَوَّز صدورَ الآياتِ عن الأنبياء، لكنَّه يفسرِّها تفسيرًا يسلبها خاصيَّةَ الخروجِ عن مُقتضى السُّنَن وخَرْقِ العادة، ذلك لأنَّه يُرجِعها إلى القانونِ الطَّبيعي وأسبابِه
(1)
.
ومُحصَّل مذهب هؤلاءِ: أنَّهم لا يَقبلون التَّسليم بخرقِ تلك الآيات لنواميسِ الكونِ، وخروجها عن مَقدور الثَّقَلين، بل يحملون ما يَرونه قابلًا منها للتَّعليل حملًا لا يُخرجها عن حَدِّ القانون الطَّبيعي، بناءً على أَصلِهم الفاسد: مِن أنَّه لا يُتصَّوَر أن تَفعل القِوى والطَّبائع والمؤثِّرات إلَّا في المَواد والأَعيان القابلة لذلك.
(1)
انظر «الإشارات والتنبيهات» لابن سينا (4/ 150).
فـ «الهواء» -مثلًا- لمَّا كان قابلًا لأن يَستحيلَ ماءً، أمكنَ أن يؤثِّر فيه مؤثِّرٌ، فيصبح ماءً وينزل المَطر؛ وأمَّا ما لم يكُن قابلًا لذلك فلا
(1)
.
فمِمَّن انتحلَ هذا القول مِن أَتباع المدرسة الباطنيَّة المُعاصرة (محمَّد شحرور)! فلقد عدَّ ما يقع للأنبياء مِن خوارق العاداتِ لا يخرج عن كونِها ظاهرةً طبيعيَّةً قُدِّم زمنُها، وليست خروجًا عن مُقتضَى السُّنَن الكونيَّة، فهي «تَقَدُّمٌ في عالَم المَحسوس (ظاهرة طبيعيَّة)، عن عالَم المعقول السَّائد وقتَ المُعجِزة، كشَقِّ البحرِ، ولكنَّها بحالٍ من الأحوال ليست خروجًا عن قوانين الطبيعة أَو خَرْقًا لها»
(2)
.
والحقُّ أنَّ تفسيرَ آياتِ الأنبياءِ تفسيرًا طَبيعيًّا مُخالفٌ للحقيقةِ المَوضوعيَّة لهذه الآيات، فأيُّ عَلاقةٍ لإحياء الموتى، وانشقاقِ القَمر، وانفلاقِ البحر، وخروج النَّاقةِ من الجبل، بِقوى النَّفْسِ الَّتي ادَّعاها ابن سينا
(3)
! أو القَفْزات الزَّمانيَّة الَّتي ابتدَعها شحرور؟! كلُّ هذه الآيات الرِّساليَّة وغيرها خارجة عن سُنَن الطَّبيعة وقوانينها، ولا يمكن وقوعها إلَاّ لنبيٍّ، ولن تقع لغيرِ الأنبياءِ مهما تقدَّم الزَّمَن.
ومثل هذه الدَّعاوي مَعلومة الفساد، حيث تنطوي على تعجيزِ الرَّب تبارك وتعالى، وهذا لازمٌ لِمن نفاها، وهي خَوضٌ في آياتِ الله بالباطل، لأنَّها تَقيِيد لإرادةِ الله تعالى بمخلوقاته، والله تعالى لا مانعَ لما أراد، ولا دافع لما قضى، وليس مِن شأنِنا تفصيل الكلام عن أربابِ هذا الموقفِ والإسهابِ في نقضِ سفسطَتِهم، لجلاءِ قُبحِها في عَيْنِ كلِّ مسلم.
(1)
انظر «دفع دعوى المعارض العقليِّ» (ص/313).
(2)
«الكتاب والقرآن» لشحرور (ص/185).
(3)
انظر «الإشارات والتنبيهات» لابن سينا (4/ 158 - 159).
الموقف الثَّاني: استنكارُ هذه الآيات الحسيَّة:
حيث ذَهَبت طائفةٌ مِن المُستغرِبين إلى رَدِّ ما وَرَد من أخبارِ مُعجزاتِ النَّبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء، أمَّا الآيات القرآنيَّة فارتكَبوا كلَّ عَسِرٍ لنفْيِها، ولَيِّ أعناقِ النُّصوص الَّتي تُثْبِتها
(1)
.
وكان الباعث لكثيرٍ منهم على ذلك: تأثُّرُهم البيِّن بالمَنهج الوَضْعيِّ، الَّذي ينطلِقُ أَساسًا مِن نَفي الغيبيَّات، واستبعادِ كلِّ ما لا يَقع عليه الحِسُّ؛ فأرباب هذا المذهب حين تَوهَّموا أنَّ قيام الحضارةِ الغَربيَّة الكافرة لم يَتحقَّق إلَاّ برَفْضِ كلِّ ما يَتعدَّى الواقع الحِسِّي، افترضوا بالقِياسِ أنَّ المسلمين لا يمكنهم اللَّحاقُ برَكْبِ الحضارةِ الغربيَّة إلَّا باقتفاءِ سَنَن مَن استحدثَها حذو القذَّة بالقذَّة!
والأَساسُ الَّذي يرتكزُ عليه المنهج الوَضعيُّ الَّذي تَأثَّر به طوائفُ مِن المسلمين في رَدِّ الآياتِ الحِسيَّة النَّبويَّة ثلاثُ معارضات:
المعارضة الأولى: أنَّ العِلم التَّجريبيَّ لا يستطيع إثباتَها، وإِذا كان الأمر عندهم كذلك، فليست هذه الآيات والبَراهين حَقائقَ علميَّة تَستدعي الإيمان بها، ولا بِمَن جاءتْ على يَدَيه.
فالشُّبهة -إذن- مَبناها على منع الاعتدادِ بما لا يَمرُّ عبرَ قناةِ الحِسِّ والتَّجربة؛ فلا سَبيل إلى المعرفةِ إلَّا مِن بوابة الواقع الحِسِّي؛ قد ألغوا أَيَّ حقيقةٍ تُجاوز عندهم الواقع، فإنَّ للطَّبيعة قوانينها الثَّابتة التي تُفسِّرُها، والَّتي لا يُمكن في تَصوُّرِهم أَن تَتَغيَّر أَو تُخرَق، مع تجويزِهم ما دون ذلك ممَّا يُعَدُّ انحرافًا عارِضًا عن جَوهر الطَّبيعة، من غيرِ أن يصلُ إلى حَدِّ خَرْقِ السُّنَن، كـ «العادات غير العقلانيَّة والجَرائم»
(2)
.
(1)
انظر بعضًا من تأويلاتهم المستكرهة: فيما نقله عنهم رشيد رضا في «تفسير المنار» (1/ 261) عند تفسيره لقوله تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ} .
(2)
انظر «العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة» لـ د. عبد الوهاب المسيري (1/ 291).
ومِمَّن أبان عن عُمقِ هذا التَّأثُّر بهذا المذهب الفكريِّ (محمَّد فريد وجدي)
(1)
، فهو مِمَّن دَرَجوا على تطويعِ الدَّلائلِ الشَّرعيَةِ لتوافق ما رَسَمه الغَرب في صورةِ قوالب وقوانين عِلميَّة، مع إعادةِ صياغة أفكارهم، والتَّنقير في كُتُبِ التُّراث عمَّا يُسْعفها.
فانظر قولَه -مثلً-: «تمتاز العصور النَّبوية بالخوارق والنَّواميس الطبيعيَّة؛ فأساطير الأديان مَلْأى بذكرِ حوادثَ من هذا القبيل، كان لها أقوى تأثيرٍ في حمل الشُّعوب الَّتي شهِدتْها على الإذعان للمرسَلين الَّذين حدثتْ على أيديهم.
وقد حَدثتْ أمورٌ مِن هذا القَبيل في هذا العصر المُحمَّديِّ؛ صاحبت الدَّعوةَ في جميع أطوارها .. ولستُ أقصد بها ما تناقَله النَّاسُ عن شَقِّ الصَّدر
(2)
، وتظليل الغمامة
(3)
، وانشقاقِ القَمر، وما إليها ممَّا لا يُمكن إثباتُه بدليلٍ مَحسوسٍ، أو يتأتَّى توجيهه إلى غير ما فُهِم منه؛ ولكنِّي أقصد تلك الانقلابات الأدَبيَّة والاجتماعيَّة التي تمَّت على يدِ محمَّد صلى الله عليه وسلم في أقلِّ من رُبع قرنٍ، وقد أعوزَ أمثالُها في الأُمم القرونَ العديدةَ، والآمادَ الطويلةَ»
(4)
.
فعلى أساسِ هذه المُغالَطاتِ للحقائق، ترى (بسَّام الجَمل) يَسِمُ الآياتِ النَّبويَّةِ بأنَّها «تَوليدُ المِخْيالِ الجَمعيِّ» ، لا أنَّها حقائق تَواترت عنهم تَواترًا قطعيًّا؛ ويَصِف ما أنزَل القرآنُ الكريم في شأنِها بقوله: «عَثرنا في بعضِ أَخبار النُّزولِ
(1)
محمد فريد وجدي (ت 1373 هـ): باحث مصري، عمل محررا لعدد من الجرائد والمجلات المصرية، كـ «جريدة الدستور» ، و «الوجديات» ، من مؤلفاته:«دائرة معارف القرن الرابع عشر، العشرين» ، و «ما وراء المادة» ، انظر «الأعلام» للزركلي (6/ 329).
(2)
سيأتي تخريجه.
(3)
أخرجه الترمذي في «الجامع» (ك: المناقب، باب: بدء نبوَّة النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: 3620)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وتعقَّبه الذَّهبي بقوله في قسم السِّيرة النبوية من «تاريخ الإسلام» (1/ 503):«تفرَّد به قُرَاد، واسمه عبد الرحمن بن غزوان، ثِقةٌ، احتجَّ به البخاري والنَّسائي؛ ورواه النَّاس عن قُراد، وحسَّنه الترمذي، وهو حديثٌ مُنكرٌ جِدًّا» ، ثُمَّ ساق علل هذا الخبر.
(4)
سلسلة «السيرة المحمدية تحت ضوء العلم والفلسفة» من «مجلَّة الأزهر» ، مقال:«الأمور الخارقة للنواميس الطبيعية في وقعة بدر» (ج 1، المجلد 11، ص/385).
على ضَرْبٍ مِن ضروب المُتخَيَّل، لا تكونُ فيه الأَحداث مَبنيَّةً على قانونٍ في السَّببيَّةِ، .. إِنَّنا نُصادف داخلَ هذا المُتخيَّل نماذج مِن وقائع حَصَلَت على عهدِ الرَّسولِ، أَلغت النِّظامَ المنطقيَّ الَّذي تَتأسَّسُ عليه قوانين الطَّبيعة والعالَم الفِيزيائيُّ عُمومًا، ممَّا يُقيم البُرهان على أَنَّ للمُتخيَّل مَعقوليَّته الخاصَّة، المُباينة للمَعقوليَّة العلميَّة القائمة على الاستدلالِ والتَّعليلِ وغيرهما»
(1)
.
وإذا كانَ إثباتُ الآياتِ المَادِّيَّة الحاصلةِ للنَّبي صلى الله عليه وسلم عند المتأثِّرين بهذا المَنهج غيرُ مُتأتٍّ حيث كان الدَّليل الحِسِّي بزعمهم لا يقوم بإثباتِها؛ فلقد خَطَوا خطواتٍ بعيدة في مسايرةِ مَن لا يؤمنون بالنُّبوَّة ولا بآياتِ الأنبياء؛ مُعانين صرْفَ كلِّ آيةٍ عن مُقتضى الإعجازِ، وتفسيرَها على ضوء المنهج المادِّي الكافرِ بخَرقٍ للسُّنَنَ الكونيَّة بالمَرَّةِ.
ثمَّ برز فريقٌ آخر معترضٌ على أخبار الآيات النَّبويَة مِن غير أن يصرِّحوا باعتمادِ ذاك المَنهجِ الوضعيِّ في إثبات الحقائق، ولكنْ بدعوى أخرى تَتَمثَّل في:
المعارضةِ الثَّانية: حصْرُ ما اختَصَّ به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مِن المعجزات في القرآنِ وحده، وأنَّه ليس مِن اختصاصِه الإتيانُ بآياتٍ خارقةٍ للعادةِ:
وفي تقرير هذا الاعتراض، يقول (محمَّد عابد الجابري):
«نحنُ نؤكِّد -فعلًا- أنَّ الشَّيء الوحيد الَّذي يُفْهَم مِن القُرآن بأكملِه أنَّه معجزةٌ خاصَّةٌ بالنَّبي محمَّد صلى الله عليه وسلم: هو القرآن لا غير، فالقُرآن يَكفي ذاته بذاته في هذا الشَّأن.
والدَّليل على ذلك: أنَّ كُفَّار قُريش قد أكثروا مِن مُطالبةِ الرَّسول صلى الله عليه وسلم بالإتيان بآيةٍ (مُعجزةٍ) تخرقُ نظامَ الكون واستقرار سُنَنِه؛ كدليلٍ على صدقِ نُبوَّته؛ فكان جواب القرآن أنَّ مهمَّة محمَّد بن عبد الله هو أنْ يُبلِّغ لأهل مكَّة (أمِّ القُرى) ومَن حولها رسالةَ الله إليهم (القرآن)، وليس من اختصاصِه الإتيان بآيات مُعجزاتٍ خارقة للعادة».
(1)
«أسباب النُّزول» لبسام الجمل (ص/402 - 403).
ثمَّ نزع إلى الاستدلالِ على ما تَوهَّمه دعامةً لدعواه، بقوله تعالى:{وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: 50 - 51]، مُعلِّقًا عليها بقوله:«واضحٌ أنَّنا أمامَ إغلاقٍ نهائيٍّ لمسألة إمكانيةِ تخصيصِ خاتم النَّبيين والمرسلين بمعجزةٍ من جنس ما طالبت به قريش؛ لقد قرَّرت الآية أنَّ القرآن كافٍ وحده كمعجزة للنَّبي صلى الله عليه وسلم»
(1)
.
أمَّا (جمال البنَّا)، فجارَ في القضيَّة بأن زعم كونَ «هذه الأحاديث عن المُعجزات لا تُكسِب الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم فخرًا، لأنَّها تجعله رَسولًا كبقيَّة الرُّسل، أمَّا القرآن الكريم -معجزته الحقيقيَّة والوحيدة- فهو ما يجعله رسولَ الفكرِ والعقلِ»
(2)
.
ومِن الفَوَاقر الَّتي وَقَع فيها هؤلاءِ في غمزِهم بهذا النَّوع من الأخبار، قولهم:
بالمعارضة الثَّالثة: في أنَّ إثباتَ تلك المُعجزاتِ الحِسيَّةِ -ومنها البَرَكة في جَسَدِه الشَّريف- إخراجٌ له عن طَوْرِه البَشَريِّ:
فلمَّا كان مِن طرائق إثباتِ النُّبوة ما يُجريه الله تعالى على يَدَي النَّبي صلى الله عليه وسلم من الآيات والبراهين الخارجةِ عن مَقدور الثَّقَلين، وكان هذا يوجب له الامتيازَ عن غيره مِن الخَلق، مع ما تضمَّنه ذلك من خَرقِ للسُّنَن الكونيَّة: سارعت هذه الطَّائفة إلى نَفْيها عنه صلى الله عليه وسلم.
فانظر -مثلًا- إلى (ابن قِرناسٍ)، كيف نفي امتيازَ النَّبي صلى الله عليه وسلم بمثل تلك الخصائصِ الَّتي خَصَّه الله بها دون النَّاسِ، بقوله: «ما كَتَبه بعض الإخباريِّين عن محمَّد صلى الله عليه وسلم، يُصورِّه على أنَّه شخص فوق البَشر، لدرجةِ أنَّ المعجزاتِ الحسيَّة قد جَرت بين يَديه! .. أمَّا القرآن فقد أورد صورةً للرَّسولِ ليس فيها ممَّا نقله عنه
الإخباريُّون شيئًا، فهو إنسان عاديٌّ جدًّا بالنِّسبة لمُواصفات البَشر، ولم يَكُن طبيبًا، ولا صاحب مُعجزات»
(1)
.
ويؤكِّد (نيازي) هذا التُّهمة لأهل الحديثِ في اختلاقهم لهذه الأخبارِ بقوله: «استطاعَ جنودُ السُّلطان أن يحلِّقوا بنا وبخيالنا وتصوُّراتنا، بإبعادِ الرَّسول محمِّد صلى الله عليه وسلم عن الأرض، وعن بَشريَّته، ورفعه إلى مستوى الله تعالى، بجعله .. له القدرة على فعلِ المعجزات ذاتيًا، وله قدرات خارقة»
(2)
.
وأمَّا (صالح أبو بكر)، فقد ارتأى فوق ذلك الطَّعنَ في الأحاديث المُثبتةِ لبركةِ جسدِه الشَّريف صلى الله عليه وسلم، بدعوى أنَّها وَثنيَّة مَقيتة، ورَفعٌ له صلى الله عليه وسلم إلى مَقام الرُّبوبية؛ فبعد إعرابِه عن اشمِئزازِه مِن خَبرِ تَبرُّك الصَّحابةِ رضي الله عنهم بفضلِ وَضوءِه صلى الله عليه وسلم، قال:«إنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم بُعِث محاربًا لعقائدِ التَّقديس لغير الله، وجاء إلى النَّاس ليُخرِجَهم مِن وَثنيَّة التَّعلُّق بغير ربِّه، ومِن الشِّرك في طلب البَركة إلَّا مِن الله وحده، فكيف يَنهى النَّاس عن ذلك، ويُحاربهم في التَّعلقِ بغير الله، ثمَّ يتركهم يقدِّسون فضلاته هو على هذا الحدِّ المَشين؟!»
(3)
.
وبعدُ؛
فهذه نُبَذٌ ممَّا جَرتْ به أقلامُ هؤلاء الطَّاعنين في هذا النَّوعِ مِن الأخبارِ النَّبويَّة، وفيما يلي نقضٌ لتلك المعارضاتِ، فنقول بتوفيق الله:
(1)
«سُنة الأوَّلين» لابن قرناس (ص/52).
(2)
«دين السلطان» (ص/592).
(3)
«الأضواء القرآنية» (2/ 144).