المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالثدفع المعارضات الفكرية المعاصرةلأحاديث نزول المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام - المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين - جـ ٢

[محمد بن فريد زريوح]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الرَّابع: الاحتجاج بسبقِ نقدِ العلماء لأحاديث الصَّحيحين في القديم والحديث

- ‌المَبحث الأوَّل: استناد الطَّاعنين في أحاديث «الصَّحيحين» على سابق عمل المُحدِّثين في نقدهما

- ‌المَبحث الثَّانينبذةٌ عن أشهرِ مَن نقد «الصَّحيحين» مِن المُتقدِّمين

- ‌المَبحث الثَّالثطبيعة تعليلِ النُّقاد المُتقدِّمين لأخبار «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الأوَّلأقسام الأحاديث المُعلَّة في «الصَّحيحين» من قِبَل المُتقدِّمين

- ‌المَطلب الثَّانيتصدير الأمَّة للصَّحيحين فرعٌ عن نقد مُحقِّقيها لهما

- ‌المَطلب الثَّالثكلام المتقدِّمين في «الصَّحِيحَين»أغلبُه في رسوم الأسانيدِ دون رَدٍّ للمتون

- ‌المَبحث الرابعالتَّفاوت الفسيح بين منهجِ المُتقدِّمين وطُرق المُعاصرينمن غير ذوي الأهليَّة في تعليلِ «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث الخامسنقد احتجاجِ المُعاصرين على طعنِهم في أحاديث «الصَّحيحين» بالأئمَّة الأربعة

- ‌المَطلب الأوَّلدراسة ما أعلَّه أبو حنيفة النُّعمان (ت 150 هـ)وهو في «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الثَّانيدراسة ما أعلَّه مالك بن أنس (ت 179 هـ) وهو في «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الثَّالثدراسة ما أعلَّه الشَّافعي (ت 204 هـ) وهو في أحد «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الرابعدراسة ما أعلَّه أحمد بن حنبل (ت 241 هـ) وهو في أحد «الصَّحيحين»

- ‌المَبحث السَّادسالاحتجاج بتَضعيفِ المُحدِّثين المعاصرين لبعضِ أحاديثِ «الصَّحِيحَين»

- ‌المَطلب الأوَّلالمعايير المُصحِّحة لأيِّ نقدٍ مُعاصرٍ لأحاديث «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الثَّانيموقف محمَّد زاهد الكَوْثَريُّ(1)(ت 1371 هـ) من «الصَّحيحين» ونقد عمله في إعلال بعض أخبارهما

- ‌المَطلب الرَّابعموقف أحمد بن الصِّدِّيق الغُماري(1)(ت 1380 هـ) من «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب الخامسموقف عبد الله بن الصِّديق الغُماري(1)(ت 1413 هـ) من «الصَّحيحين» ودراسة بعضِ ما أعلَّه فيهما

- ‌‌‌المَطلب السَّادسموقف الألبانيِّ(1)(ت 1420 هـ) مِن «الصَّحيحين»

- ‌المَطلب السَّادس

- ‌الباب [الثالث] [*]نقدُ دَعاوى المُعارضاتِ الفكريةِ المُعاصرةِ لأحاديث «الصحيحين»

- ‌الفصل الأولنقدُ دَعاوى المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِ للأحاديث المُتعلِّقة بالإلهيَّات

- ‌المبحث الأوَّلنقد دعاوي المعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث الجارية

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديث الجارية

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّة المُعاصرةِ لحديث الجارية

- ‌المَطلب الثَّالثدفعُ دعوى المُعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِعن حديثِ الجاريةِ

- ‌المَبحث الثَّانينقدُ دَعاوى المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِ لحديث «احتَّج آدمُ وموسَى»

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْق حديث «احتجَّ آدمُ وموسى»

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق دَعوى المُعارَضاتِ الفِكريَّةِ المُعاصرةِ لحديثِ «احتَّج آدمُ وموسَى»

- ‌المَطلب الثَّالثدَفع دعوى المعارضِات الفكريَّةِ المعاصرةِعن حديثِ «احتجَّ آدمُ وموسَى»

- ‌المَبحث الثَّالثنقد دعاوى المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث رؤية الله في الجنَّة

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْقُ أحاديثِ رُؤيةِ الله تعالى في الَجنَّة

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلأحاديثِ رؤيةِ الله تعالى في الجنَّة

- ‌المَطلب الثَّالثدَفعُ دعوى المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِعن أحاديثِ رؤيةِ الله تعالى في الجنَّة

- ‌الفصل الثاني نقدُ دَعاوى المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِ للأحاديث المُتعلِّقة بالتَّفسير

- ‌المَبحث الأوَّل نقد المعارضات الفكريَّة المعاصرة لأحاديث الموافقات القرآنيَّة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌المَطلب الأوَّل سَوق أحاديث الموافقات القرآنيَّة لعمر بن الخطاب

- ‌المطلب الثاني سَوق دعوى المعارضات الفكريَّة المعاصرة لأحاديث الموافقات القرآنية لعمر بن الخطاب

- ‌المَطلب الثَّالث دفع دعوى المعارضات الفكريَّة المعاصرة عن أحاديث الموافقات القرآنية لعمر بن الخطَّاب

- ‌المَبحث الثَّاني نقد دعاوي المُعارضات المُعاصرة للتَّفسير النَّبوي لقوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ}

- ‌المَطلب الأوَّل: سَوق التَّفسير النَّبوي لآية: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ}

- ‌المَبحث الثَّاني:سَوق المعارضات المعاصرة للتَّفسير النَّبوي لقوله تعالى:{فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ}

- ‌المَطلب الثَّالث:دفعُ المعارضاتِ المعاصرةِ للتَّفسيرِ النَّبويِّ لقوله تعالى:{فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ}

- ‌المَبحث الثَّالث نقد دعاوي المعارضات الفكرية المعاصرة للتَّفسيرِ الأثَريِّ لآية: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ} بقتال الملائكة في بدر

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق التَّفسيرِ الأثَريِّ لقولِه تعالى:{إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ} بقتال الملائكة في بدر

- ‌المَطلب الثانيسَوق المعارضاتِ الفكريَّة المعاصرة للتَّفسير الأثريِّ لآية:{إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ} بقتال الملائكة

- ‌المطلب الثالثدفع المعارضات الفكريَّة المعاصرةعن أحاديث تفسيرِ آية: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ} بقتالِ الملائكة

- ‌المَبحث الرَّابع نقد دعاوي المعارضات المُعاصرة للتَّفسير النَّبوي لآية: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ}

- ‌المطلب الأوَّلسوق التَّفسير النَّبوي لآية:{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ}

- ‌المَطلب الثَّانيسَوق المعارضات الفكريَّة المعاصرةلتفسيرِ آيةِ: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ}

- ‌المَطلب الثَّالثدفع المعارضات الفكريَّة المعاصرةللتَّفسير النَّبوي لآية: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ}

- ‌المَبحث الخامس نقد المعارضات الفكريَّة المُعاصرة للتَّفسير النَّبوي لآية: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَاّ هُوَ}

- ‌المَطلب الأوَّل سَوق التَّفسير النَّبوي لآية: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَاّ هُوَ}

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِللتَّفسير النَّبوي لآية: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَاّ هُوَ}

- ‌المَطلب الثَّالث دَفع المعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِ عن حديث: «مفاتح الغيب خَمسٌ»

- ‌المَبحث السَّادس نقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة للتَّفسير النَّبوي لقوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ}

- ‌المَطلب الأوَّل سَوق التَّفسير النَّبوي لقولِه تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ}

- ‌المَطلب الثَّاني سَوْق المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِ للتَّفسير النَّبوي لآيةِ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ}

- ‌المَطلب الثالث دفعُ المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِ عن التَّفسير النَّبويِّ لآيةِ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ}

- ‌الفصل الثالث نقدُ دَعاوى المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِ للأحاديث المُتعلِّقة بالغَيبيَّات

- ‌المَبحث الأوَّل نقد دعاوى المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث «مفاتيحُ الغيبِ خمسة»

- ‌المَطلب الأوَّل سَوْق حديث «مفاتيحُ الغيبِ خمسة»

- ‌المَطلب الثَّاني سَوق المُعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِ لحديث «مفاتح الغيب خمسة»

- ‌المَطلب الثَّالث دفع المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِ عن حديثِ «مفاتح الغيب خمس»

- ‌المَبحث الثاني نقد دعاوى المعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث نخسِ الشَّيطان للمَولود

- ‌المَطلب الأوَّل سَوق حديث نخسِ الشَّيطان للمَولود

- ‌المَطلب الثاني سَوق المعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِ على حديث نخسِ الشَّيطان للمَولود

- ‌المَطلب الثَّالث دفعُ دَعوى المعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِ عن حديث نخسِ الشَّيطان للمَولودِ

- ‌المَبحث الثَّالث نقد دعاوي المعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث حديث «إذا سمعتم صياحَ الدِّيَكة .. وإذا سمعتم نهيق الحمار»

- ‌المَطلب الأوَّل سَوْق حديث «إذا سمعتم صياحَ الدِّيَكة .. وإذا سمعتم نهيق الحمار»

- ‌المَطلب الثَّاني سَوق المعارضات الفكريَّة المعاصرة لحديث «إذا سمعتم صياحَ الدِّيَكة»

- ‌المَطلب الثَّالث دفعُ دعاوي المعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِ عن حديث «إذا سمعتم صياحَ الدِّيَكة .. وإذا سمعتم نهيق الحمار»

- ‌المَبحث الرَّابع نقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المعاصرة لحديث «إذا هَلك كِسرى فلا كِسرى بعده»

- ‌المَطلب الأول سَوْق حديثِ: «إذا هَلك كِسرى فلا كِسرى بعده»

- ‌المَطلب الثَّاني سَوق المُعارضات الفكريَّةِ المعاصرةِ لحديثِ «إذا هَلك كِسرى فلا كِسرى بعده»

- ‌المَطلب الثَّالث دفع المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِ عن حديث «إذا هَلك كِسْرى فلا كِسْرى بعده»

- ‌المَبحث الخامس نقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لأحاديث انقضاءِ قرن الصَّحابةِ بعد المائة

- ‌المَطلب الأوَّل سَوْق أحاديثِ انقضاءِ قرن الصَّحابةِ بعد المائة

- ‌المَطلب الثَّاني سَوق المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِ لأحاديث انقضاءِ قرن الصَّحابة بعد مائة سنة

- ‌المَطلب الثَّالث دَفعُ دعاوي المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِ عن أحاديثِ انقضاءِ قرن الصَّحابة بعد المائة

- ‌المَبحث السَّادس نقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث «خلق التُّربة يوم السَّبت»

- ‌المَطلب الأوَّل سَوق حديث خلق التُّربة يوم السَّبت

- ‌المَطلب الثاني سَوْق خِلافِ العلماءِ في صحَّةِ حديثِ خَلْقِ التُّربة يومَ السَّبت

- ‌المَطلب الثَّالث بيان رُجحان قول المُنكرين لحديثِ خلقِ التُّربةِ يومَ السَّبتِ

- ‌المَبحث السَّابع نقد المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث الجسَّاسة

- ‌المَطلب الأوَّل سَوْق حديثِ الجسَّاسة

- ‌المَطلب الثاني سَوْق المعارضاتِ الفكريَّة المعاصرة لحديث الجسَّاسةِ

- ‌المَطلب الثَّالث دفع المُعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِ عن حديثِ الجسَّاسة

- ‌المَبحث الثَّامن نقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لأحاديثِ المسيح الدَّجال

- ‌المَطلب الأوَّل سَوق الأحاديث المُتعلِّقة بالمسيح الدَّجال

- ‌المَطلب الثَّاني سَوْق المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِ للأحاديث المتعلِّقة بالدَّجال

- ‌المَطلب الثالث دَفعُ دعوى المعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِ للأحاديثِ المتعلِّقة بالدَّجالِ

- ‌المَبحث التَّاسع نقد المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لأحاديثِ نزولِ المسيحِ عيسى ابنِ مريم عليه السلام

- ‌المَطلب الأوَّل سَوق أحاديثِ نزولِ المسيحِ عيسى ابنِ مريم عليه السلام

- ‌المَطلب الثَّاني سَوْق الُمعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِ لأحاديثِ نزولِ المسيحِ عيسى ابنِ مريم عليه السلام

- ‌المَطلب الثالثدفعُ المُعارَضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلأحاديثِ نزولِ المسيحِ عيسى ابنِ مريم عليه السلام

- ‌المَبحث العاشرنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديثِ سُجودِ الشَّمس تحت العَرشِ

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديث سُجودِ الشَّمس تحت العَرشِ

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المعارضاتِ الفكريَّة المُعاصرةلحديث سجودِ الشَّمسِ تحت العرشِ

- ‌المَطلب الثَّالثدفعُ دعاوي المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِعن حديثِ سجودِ الشَّمسِ تحت العرشِ

- ‌المَبحث الحادي عشرنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة للأحاديث الدَّالةِ على أنَّ شِدَّة الحرِّ والبردِ مِن جهنَّم

- ‌المَطلب الأوَّلسوق الأحاديث الدَّالةِ على أنَّ شِدَّة الحرِّ والبردِ مِن جهنَّم

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المعارضاتِ الفكريَّة المُعاصرةِعلى الأَحاديثِ الدَّالة على أنَّ شدَّة الحرِّ والبرد مِن جهنَّم

- ‌المَطلب الثَّالثدفع دعوى المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِعن الأَحاديث الدَّالة على أنَّ شدَّة الحرِّ والبرد مِن جهنَّم

- ‌المَبحث الثَّاني عشرنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لأحاديث عذاب القبرِ ونَعيمِه

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْق أحاديث عذابِ القبرِ ونعيمِه

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِلأحاديث عذابِ القبرِ ونعيمه

- ‌المَطلب الثَّالثدَفعُ دعاوى المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِعن أحاديث عذاب القبرِ ونعيمه

- ‌المَبحث الثَّالث عشرنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لأحاديثِ عذابِ الميِّت ببكاءِ أهلِه عليه

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق أحاديثِ عذابِ الميِّت ببكاءِ أهلِه عليه

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِلأحاديث عذابِ الميِّت ببكاءِ أهلِه عليه

- ‌المَطلب الثَّالثدَفعُ دعوى المعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن أحاديثِ عذابِ الميِّت ببكاءِ أهلِه عليه

- ‌المَبحث الرَّابع عشرنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث الشفاعةِ الكبرى

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْق حديثِ الشَّفاعةِ الكبرى

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق دعاوي المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديث شفاعة النَبي صلى الله عليه وسلم الكبرى

- ‌المَطلب الثَّالثدفع دعاوي المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن حديث شفاعة النَبي صلى الله عليه وسلم الكبرى

- ‌المبحث الخامس عشرنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لأحاديث شفاعة النَّبي صلى الله عليه وسلم لعمِّه أبي طالب يوم القيامة

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْق أحاديث شفاعة النَّبي صلى الله عليه وسلملعمِّه أبي طالب يوم القيامة

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّة المُعاصرةِلأحاديث شفاعة النَّبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالبٍ يوم القيامة

- ‌المَطلب الثَّالثدَفعُ المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن أحاديثِ شفاعةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب

- ‌المَبحث السادس عشرنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديثِ ذَبِح الموتِ بين الجنَّةِ والنَّارِ

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق حديثِ ذَبِح الموتِ بين الجنَّةِ والنَّارِ

- ‌المطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلحديث ذبِح المَوت بين الجنَّة والنَّار

- ‌المَطلب الثَّالثدَفعُ المعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن حديث ذبح الموت بين الجنَّة والنَّار

- ‌الفصل الرابعنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة للأحاديث المُتعلِّقة بالنَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَبحث الأوَّلنقد المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة للحديثِ الدَّالِ على سِحْرِ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق الحديث الدَّال على سِحر النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارضات الفكريَّةِ المعاصرةِلحديثِ سحرِ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الثَّالثدفع المعارَضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن الحديث الدَّالِ على سحرِ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَبحث الثَّانينقد دعاوي المعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِ لأحاديثِ الآياتِ الحسِّيَّة للنَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الأوَّلسَوق دعاوي المعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِلأحاديثِ الآياتِ الحسِّيَّة للنَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطلب الثَّانيدَفعُ دعاوي المُعارضات الفكريَّةِ المُعاصرةِعن أحاديث الآياتِ الحسِّيَّة للنَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المَبحث الثَّالثنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لأحاديثِ انشقاقِ القَمرِ

- ‌المَطلب الأولسَوق أحاديث انشقاقِ القمر

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْقُ دعاوي المُعارِضات الفكريَّةِ المُعاصرةِعلى أحاديثِ انشقاقِ القَمر

- ‌المَطلب الثَّالثدفع المُعارِضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن أحاديثِ انشقاقِ القَمَر

- ‌المَبحث الرَّابعنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لأحاديثِ الإسراءِ والمِعراجِ

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْق أحاديثِ الإسراءِ والمِعراجِ

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق الُمعارضات الفكريَّةِ المُعاصرةِلأحاديثِ الإسراءِ والمعراجِ

- ‌المَطلب الثَّالثدَفعُ دعاوى المعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِعن أحاديثِ الإسراءِ والمعراج

- ‌المَبحث الخامسنقد دعاوي المُعارضات الفكريَّة المُعاصرة لحديث شَقِّ صدر النَّبي صلى الله عليه وسلم، وحفظِه مِن وسواس الشَّيطان

- ‌المَطلب الأوَّلسَوْق حديث شَقِّ صدر النَّبي صلى الله عليه وسلموحفظِه مِن وسواس الشَّيطان

- ‌المَطلب الثَّانيسَوْق المُعارضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِلأحاديث شَقِّ صدرِ النَّبي صلى الله عليه وسلم وحفظِه مِن وسواس الشَّيطان

- ‌المَطلب الثَّالثدفع المُعارضات الفكريَّةِ المُعاصرةِعن أحاديثِ شقِّ صدر النَّبي صلى الله عليه وسلم، وحفظه مِن وسواس الشَّيطان

الفصل: ‌المطلب الثالثدفع المعارضات الفكرية المعاصرةلأحاديث نزول المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام

‌المَطلب الثالث

دفعُ المُعارَضاتِ الفكريَّةِ المُعاصرةِ

لأحاديثِ نزولِ المسيحِ عيسى ابنِ مريم عليه السلام

أمَّا دعوى المُعترضِ على أحاديثِ نزول المسيح أنَّها آحاد لا يُؤخَذ بها في الاعتقاد:

فإنَّ على فرضِ كونِ تلك الأحاديث آحاد، فإنَّ خبرَ الآحاد متى صَحَّ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم وتَلقَّته الأمَّة بالقَبول، فحُجَّةٌ هو في العقائد والأَحكام، وجب المصير إليه، وعلى هذا انعقد إجماع أهل السُّنة.

على أنَّ القائل بهذه الدَّعوى قد أبانَ عن جهلِه بالحديث، وأقرَّ على نفسِه بأنْ لا صلة له بهذا العلمِ؛ إذ مُسَلِّم به عند كلِّ حَديثيٍّ أنَّ الأخبارَ في نزول عيسى عليه السلام قد بلَغَت في ذلك مَبلغ التَّواتر، وهي وإن كانت أفرادُها لا تدخل في حَدِّ التَّواتر اللَّفظيِّ، إلَّا أنَّها بيَقينٍ قد استفاضت وتَواترت تواترًا مَعنويًّا بمجموعِها، وبهذا صَدَعَ أَهل العلم في بيانه

(1)

؛ فمِن أولئكم:

ابن جرير الطَّبري؛ حيث صَرَّحَ بتواترِ أحاديث نزول عيسى عليه السلام

(2)

.

(1)

انظر «التصريح بما تواتر في نزول المسيح» للكشميري، ومقدمة محققه عبد الفتاح أبو غدة له نافعة.

(2)

«جامع البيان» (5/ 450).

ص: 1095

ثمَّ محمَّد بن الحسين الآبُرِيّ

(1)

؛ فقد قال في كتابه «مَناقب الشَّافعي» : «قد تواترت الأَخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم .. أنَّه يخرج عيسى ابن مريم، فيساعده -يعني محمد المهديَّ- على قتل الدَّجال بباب لُدّ بأرض فلسطين، وأنه يؤمُّ هذه الأمَّة، وعيسى عليه السلام يُصلِّي خَلْفَه»

(2)

.

وكذا أبو الوليد ابن رشد القرطبيُّ (ت 595 هـ)، حيث قال عنه:«لا بُدَّ من نزوله لتواتر الأَحاديث»

(3)

.

ثمَّ أبو الفداء ابن كثير (ت 774 هـ)؛ حيث ساقَ الأَحاديث المُثْبِتَةَ لنزوله عليه السلام، وقال:«فهذه أحاديثُ متواترةٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم»

(4)

.

وعلى ثبوتِ أحاديث النُّزول وبلوغِها مقامَ القطع في دلالتِها، جَرَت أَقاويل الأئمَّةِ على نَظمِ مَضمونِ تلك الأحاديث في أحرُفِ الاعتقادِ:

تجده -مثلً- عند أحمد بن حنبل في قوله: «والدَّجالُ خارجٌ في هذه الأمَّة لا محالة، وينزل عيسى ابن مريم عليه السلام، ويقتله ببابِ لُدٍّ»

(5)

.

وقول أبي القاسم الأَصبهاني -الملقَّب بقوَّام السُّنة-: «وأَهل السُّنة يؤمنون بنزول عيسى عليه السلام»

(6)

.

وقولِ القاضي عياض: «نزول عيسى المسيح وقتله الدَّجَّالَ حقٌّ صحيح عند أهل السُّنة؛ لصحيح الآثار الواردة في ذلك؛ ولأنَّه لم يَرِدْ ما يُبطِلُه ويضعِّفُه»

(7)

.

(1)

محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم أبو الحسنين، وقيل: أبو الحسين السجستاني الآبري، الشافعي، أحد الأئمة الحُفّاظ، من كتبه «مناقب الشافعي» ، توفي سنة (363 هـ)، انظر «سير أعلام النبلاء» (16/ 299)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (3/ 149).

(2)

نقل هذا النَّص عنه غير واحد من أهل العلم، منهم المزِّي في «تهذيب الكمال» للمزي (25/ 149)، وابن حجر في «فتح الباري» (6/ 493).

(3)

نقله عنه الأُبِّي، كما في «إِكمال إكمال المُعلم» (1/ 445).

(4)

«تفسير القرآن العظيم» (2/ 464).

(5)

«طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى (2/ 169).

(6)

«الحجة في بيان المحجة» (2/ 463).

(7)

«إكمال المعلم» (8/ 492).

ص: 1096

ونظمُهم لهذه المقولة في أحرُفِ الاعتقاد، وتضافرُهم على ذلك، هو مُحصَّل الأدِّلة الشَّرعية ممَّا سبق ذكر بعضِه مِن دلائل السُّنة، وما سيأتي ذكره مِن دلائل الكِتاب، وما تَركَّب منهما مِن الإجماع الثَّابتِ على نزوله عليه السلام، وقد نَصَّ على ذلك غيرُ واحدٍ من الأئمَّة.

فمِمَّن قَرَّر هذا الإجماع:

أبو محمَّد ابن عطيَّة (ت 542 هـ) في قوله: «أجْمَعَت الأمَّة على ما تضمَّنه الحديث المتواتر؛ مِن أَنَّ عيسى عليه السلام في السَّماء حَيٌّ، وأنَّه ينزل في آخر الزَّمان، فيقتل الخنزير، ويكسر الصَّليبَ، ويقتل الدَّجال، ويُظْهِر هذه الملَّة ملَّة محمَّد صلى الله عليه وسلم، ويحجُّ البيتَ ويعتمر، ويبقى في الأرض أربعًا وعشرين سنة، وقيل: أربعين سنة، ثمَّ يُميته الله تعالى»

(1)

.

وأقرَّه على الإجماع أبو إسحاق الثَّعلبي

(2)

، وابن تيميَّة

(3)

، والسَّفاريني

(4)

، وغيرهم كثيرٌ مِمَّن نقلَ الإجماع على نزولِ المسيحِ آخرَ الزَّمان

(5)

.

وبذا يَتَبيَّن خطأ (محمَّد عبده) -ومَن جَرى في مَهْيَعِه- في ردِّ هذه الأحاديث بكونها آحاد، على كِلَا الاعتبارين في مسألةِ قبول الآحاد في العقائد.

(1)

«المحرر الوجيز» (1/ 444).

(2)

«الكشف والبيان» (1/ 272).

(3)

«بيان تلبيس الجهمية» (4/ 457).

(4)

«لوامع الأنوار البهية» (2/ 94).

(5)

أمَّا ما نقله ابن حزم في «مراتب الإجماع» (ص/173) من خلاف في هذه المسألة بقوله: «اتَّفقوا

أنَّه لا نبيَّ مع محمد صلى الله عليه وسلم ولا بعده أبدًا، إلاّ أنَّهم اختلفوا في عيسى عليه السلام: أَيأتي قبل يوم القيامة أم لا؟ وهو عيسى بن مريم المبعوث إلى بني إسرائيل قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم»: فَوهْمٌ من ابن حزم، خَالفَ فيه أَهل العلم الذين حكَوْا الإجماعَ، وهو لم يسم المخالف، ولذا قال الأُبيّ في «إكمال إكمال المعلم» (1/ 446) متعقّبًا ابنَ حزم:«ما ذَكر ابنُ حزمٍ من الخلاف في نزوله لا يصحُّ» .

وقد نَقَل ابن حزم نفسُه الإجماعَ على نزوله عليه السلام في كتابه الموسوم بـ «الدُّرَّة فيما يجب اعتقاده» (ص/199) حيث قال فيه: «وقد صحَّ النَّصُّ، وإجماعُ القائلين بنزوله ـ وهم أهل الحقِّ ـ أنّه إذا نزل لم يبقَ نصرانيٌّ أَصلًا إلا أسلموا» ؛ فعُلِم بذلك خطؤُه فيما ذكر من الخلاف؛ مُستفاد من «دفع دعوى المعارض العقلي» (ص/481).

ص: 1097

وأمَّا ما اعترض به المُخالف في شُبهته الثَّانية: مِن زعمِه أنَّ القرآن يخلو مِن ذكر هذه العقيدة في رجوعِ عيسى عليه السلام؛ فجواب ذلك:

أنَّ عدم علمِ المخالف بدلائلِ ذلك في القرآن، لا يدلُّ على انتفاءها حقيقةً، فالحقُّ أنَّ في كتاب ربِّنا تعالى مِن الشَّواهد على نزولِ المسيح عليه السلام ما يُذهِب عنه غُمَّة الجهل بذلك

(1)

، وهي كالتَّالي:

قول الله تعالى في سورة النِّساء: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَاّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158) وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً} [النساء: 175 - 179].

فقوله تعالى الآخَرُ الَّذي في سورة آل عمران: {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55]، مع قوله ذاك في آية النِّساء السَّابقة:{بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} : نَصٌّ على إثباتِ رفعِه عليه السلام رفعًا حِسِّيًا.

فإن قيل: لِمَ لا يُحمَل الرَّفعُ هنا على رفعِ المكانةِ والحَظوة، والقرآن قد أتى بمثلِه؟ كما في قول جلَّ وعلا:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]؛ وعلى هذا فدعوى النَّصِيَّة والقطْع على أنَّ المُراد بالرَّفعِ هنا الرَّفع الحسِّيُّ فيها نظر!

فجواب ذلك: أنَّ احتمالَ تأرجُحِ (الرَّفع) في كتابِ الله بين رفع المكانة والمنزلة وبين الرَّفع الحسِّي لا يُنكَر بالنَّظر إلى ذاتِ الوَضعِ؛ فحينئذٍ تُلتَمَس القرائن الَّتي تُبِينُ عن المُراد (بالرَّفع) في الآية.

يقول ابن تيميَّة: «لفظُ التَّوفِّي لا يَقتضي تَوفِّي الرُّوح دون البَدن، ولا توفِّيهما جميعًا؛ إلَاّ بقَرنية مُنفصلةٍ»

(2)

.

(1)

انظر «دفع دعوى المعارض العقلي» (ص/482 - 494).

(2)

«مجموع الفتاوى» (4/ 322 - 323).

ص: 1098

وبالنَّظر إلى مجموعِ هذه القَرائن، نجِد أنَّها تحسِم الاحتمالَ، وتقود إلى القطعِ بالمُراد مِن (الرَّفع)، بأنَّه الرَّفع الحسِّي لا غير.

وجُملة هذه القرائن تنقسم إلى قسمين: القسم الأوَّل: قرائن خارجيَّة؛ والقسم الثَّاني: قرائن داخليَّة (دلالة السِّياق).

فأمَّا القسم الأوَّل: وهي القرائن الخارجيَّة، فتدور حول جملةٍ مِن الدَّلالات:

الدَّلالة الأولى: ما تواتر عن النَّبي صلى الله عليه وسلم تواترًا مَعنويًّا مِن أَنَّ عيسى عليه السلام ينزل في آخر الزَّمان، ولا معنى للنُّزولِ إلَّا كونه كان مُستقرًّا في الَّسماء.

الدَّلالة الثَّانية: دلالة الآثار الواردةِ عن أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومِن ذلك: ما صَحَّ عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: «لمَّا أَراد اللهُ أن يرفع عيسى عليه السلام إلى السَّماء .. » ، وفيه: «ورُفِعَ عِيسى مِن رَوْزنَةٍ

(1)

كانت في البيتِ إلى السَّماءِ .. »

(2)

.

ومِثل هذا الأثر الثَّابت عن ابن عباس رضي الله عنه لا يكون مِن قَبيل الرَّأي المُجرَّد، وما كان كذلك فهو في حكم المَرفوع.

الدَّلالة الثَّالثة: دَلالةُ الإجماع المُتَيَقَّن الَّذي سبق بيانه.

فهذه قرائن مِن خارج النَّص، فلو لم يكن في المسألة لبيان معنى الرَّفع في الآية إلَّا واحدة من تلك الدَّلالات: لكَفَت في نَفي الاحتمال، فكيف إذا تضافرت؟ بل كيف إذا اعتضدت بالقرينة الأخرى؟! وهي:

(1)

الروزنة: الكوة أو الخَرق فِي أعلى السَّقفِ، انظر «المحكم» لابن سيده (9/ 26).

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (4/ 1110) من طريق الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير به، قال ابن كثير عن هذا الإسناد في «البداية والنهاية» (2/ 510):«وهذا إسنادٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ» ، ورواه أيضًا النَّسائي في «سنن الكبرى» (رقم:11703) من طريق أبي كريب عن أبي معاوية به نحوه.

ص: 1099

القسم الثَّاني: دَلالة السِّياق.

فالسِّياق بمفردِه قد ينقُل الدَّلالة مِن الاحتمال الَّذي يكتنفها إلى النَّصيَّة، فهو «مُرشد إِلى تبين المجمَلات، وترجيح المحتملات، وتقرير الواضحات»

(1)

، وإنَّ مِن خُلْفِ القول، وفسادِ الرَّأي: إغفالُ هذه الدَّلالة؛ لتمهيد الطَّريق بعدُ للادِّعاء بأنَّ الآية ليست نَصًّا في إثبات رفع عيسى عليه السلام -كما سبقَ زعمُه مِن شلتوت-

(2)

، وهذا القول مَبْنيٌّ على النَّظر في وَضْع الصِّيغ المُجرَّدة مَقطوعةً عن سياقاتها، وهذا ليس مِن نهج المتحقِّقين بالأصول.

يقول أبو المعالي الجويني (ت 478 هـ):

«اِعتقدَ كثيرٌ من الخائضين في الأُصول عزَّة النُّصوص، حتَّى قالوا: إنَّ النَّصَّ في الكتاب قَولُ الله عز وجل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، وقولُه:{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ} [الفتح: 29]، وما يظهر ظهورهما! ولا يكاد هؤلاء يسمَحون بالاعترافِ بنَصٍّ في كتاب الله تعالى وهو مرتبط بحكم شرعيٍّ، وقضوا بِنُدُورِ النُّصوص في السُّنة، حتَّى عَدُّوا أَمثلةً معدودةً ومحدودةً

وهذا قولُ مَن لم يُحِط بالغَرض من ذلك.

والمقصود من النُّصوص: الاستفادةُ بإِفادة المَعاني على قَطْعٍ، مع انحسَامِ جهاتِ التَّأويلاتِ، وانقطاعِ مَسلكِ الاحتمالات؛ وإنْ كان بعيدًا حُصُولُه بوضع الصِّيغ رَدًّا إلى اللُّغة، فما أكثرَ هذا الغَرَض مع القرائن الحاليَّة والمَقاليَّة! وإذا نحن خُضنا في باب التَّأويلات، وإبانة بطلانِ معظمِ مَسالك المؤوِّلين .. : استبانَ للطَّالب الفَطِنِ، أنَّ جُلَّ ما يحسبه النَّاسُ ظواهرَ مُعرَّضةً للتَّأويلات: هو نصوصٌ»

(3)

.

فسِياق الآيتين دَالٌّ على ثبوت رفعِ عيسى عليه السلام رَفْعًا حِسيًّا؛ لا محيصَ عن ذلك لِمن أَنصفَ، وذلك مِن وجوه:

(1)

انظر «الإمام في بيان أدلة الأحكام» للعز بن عبد السلام (ص/159).

(2)

انظر «نزول عيسى» لمحمود شلتوت (ص/363)، مجلة الرسالة العدد (496)(السنة الحادية عشرة ذو الحجة 1361).

(3)

«البرهان في أصول الفقه» (1/ 151).

ص: 1100

أمَّا الوجه الأوَّل: فإنَّ سِياقَ الآيات هو في بيان بُطلانِ ما افتراه اليهود مِنْ قَتْلِهِ عليه السلام؛ بأنَّ القتلَ إنَّما وَقع على شَبيهِه، فلِذا عَقَّب الرَّبُّ تعالى على قوله:{وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ} بقولِه تعالى: {بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} .

وهذا نَصٌّ في الرَّفْعِ الحِسِّيّ لا مَحالة؛ لأنَّ الإيقاف بـ (بل) هنا الَّتي تفيد الإضرابَ والإبطال، هو لنِفْيِ ما ظنَّ اليهود مِن تسلُّطهم على نبيِّ الله بالقتل، فيكون ما بعد (بل) مُنافيًا لما قبلها، بتكريرِ عدمِ تمكينِ الله لهم مِن التَّسلُّط على نبيِّه؛ وذلك برفعِه رفعًا حِسِّيًا، ولو كان المرادُ رَفعَ المكانةِ، لاختلَّ بذلك النَّظْمُ القرآنيُّ؛ لأمرين:

الأوَّل: أنَّ رفْعَ المكانةِ ليس مُختصًّا بعيسى عليه السلام في هذا المَوقف! فلا وجهَ لتخصيصِه به هنا؛ إلَّا لتضمُّنِه معنىً زائدًا ناسبَ ذلك إضافته إليه.

الثاني: أنَّ القتلَ لا يُنافي رَفعَ المكانةَ، إذ رِفعة المكانة حاصلةٌ حتَّى مع تقديرِ قتلهِ عليه السلام، فلا معنى حينئذٍ لدخول (بل) بينهما، لانتفاء التضادِّ بينهما.

وأمَّا الوجه الثَّاني: فهو أَنَّ وصْلَ {رَّفَعَهُ اللَّهُ} بـ {إِلَيَّ} : يَقضي على احتمالِ كونِ المقصُودِ بـ (الرَّفعِ) هنا رفعَ المكانة، وعِلَّةُ ذلك: أنَّ رَفع المكانة لا مُنْتَهى له؛ بخلاف الرَّفع الحسِّي! وهذا ظاهر في قوله تعالى: {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} ، حيث أُضيفَت (إلى) إلى ضمير المُتكلِّم (الياء).

فإن قيل: المقصود إذن بالرَّفع هنا رفع (روحِه) لا غير!

قيل: أنَّ هذا التَّأويل ليس على السَّنَن المَحمود أيضًا، وبيان ذلك:

أنَّ تعيينَ الرَّفع هنا بأنَّه بالرُّوح لا يُزيل شبهةَ قتْلِ عيسى عليه السلام الَّذي سِيقت لأجلِه الآيات؛ لبقاءِ الشُّبهةِ بأنَّ ارتفاعَ الرُّوح إنَّما وقع بعد القتل! فلا معنى للإتيانِ بـ (بل) النَّافية لما قبلها مِنْ ظَنِّ تسلُّطِهم عليه، هذا مِن جهة.

ومِن جهةٍ أخرى: أنَّ تعيينَ الرَّفعِ (بالرُّوح) زيادةٌ لم يَنطِق بها النَّص، وتَقْديرٌ لم يَدُلَّ عليه المَقَامُ، فالأَصْلُ في كلام المُتَكلِّم أَنَّ ألفاظَه تامَّةٌ، والقول بأنَّ الكلام يفتقر إلى تقدير شيءٍ دعوى لا يُصار إليها إلَّا ببرهان واضح.

ص: 1101

فلَمْ يَبق إلَّا أن يكون الرَّفعُ لشخصِه عليه السلام روحًا وبَدَنًا؛ لا معنى إلَاّ ذلك

(1)

.

وأمَّا مَعنى قوله تعالى: {مُتَوَفِّيكَ} : فقابضٌ روحَك وبدَنَك، وهذا اختيار أئمَّة التَّفسير؛ كالحسن البصري، وزيد بن مسلم، وابن جريج، وابن جرير الطبري

(2)

، وأبي عبد الله القرطبي

(3)

، وابن تيميَّة

(4)

، والشوكاني

(5)

، وغيرهم -رحمهم الله تعالى-.

وفي تقرير هذا المعنى، يقول ابن جرير:«وأَوْلى هذه الأَقوال بالصِّحة عندنا: قولُ مَن قال: معنى ذلك: إنِّي قابضُك مِن الأرض، ورافِعُك إليَّ، لتواتُرِ الأَخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «يَنْزِلُ عيسى ابنُ مريم فيقتل الدَّجَّالَ، ثم يَمْكُث في الأرض مُدّةً -ذَكَرَها، واختلفت الرِّواية في مَبْلَغِها- ثمَّ يموتُ فيصلِّي عليه المسلمون، ويدفنونه» .. »

(6)

.

وقال ابن عبد البرِّ: «الصَّحيح عندي في ذلك قولُ مَن قال: {مُتَوَفِّيكَ}: قابضُك مِن الأرض، لِما صَحَّ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم مِن نزولِه»

(7)

.

وقال القرطبيُّ: «والصَّحيح أنَّ الله تعالى رَفَعَهُ إلى السَّماء مِن غير وفاةٍ ولا نوم، .. وهو الصَّحيح عند ابن عبَّاس

(8)

، وقاله الضَّحاك .. »

(9)

.

واختيارُ هؤلاء الأئمَّةِ لهذا المعنى -أعني: القبضَ- مع دَورانِه في كتاب الله على مَعنيين آخرين؛ هما: (قَبضُ الرُّوح)، و (قَبضُ حِسِّ الإنسان

(1)

انظر «نظرة عابرة» للكوثري (ص/93 ـ 95).

(2)

انظر أقوال هؤلاء الأربعة في «جامع البيان» (5/ 448 - 450).

(3)

انظر «الجامع في أحكام القرآن» (4/ 100).

(4)

انظر «مجموع الفتاوى» (4/ 323).

(5)

انظر «فتح القدير» (1/ 395).

(6)

«جامع البيان» (5/ 450).

(7)

«التمهيد» (15/ 196).

(8)

سيأتي الكلام عن رواية أخرى عن ابن عباس قريبًا فيها تفسيره للوفاة في الآية بالموتِ.

(9)

«الجامع لأحكام القرآن» (4/ 100).

ص: 1102

بالنوم)

(1)

: لم يكُن منهم اعتِباطًا؛ بل لاعتباراتٍ سَبَقَ بيانها، ومِن أَبرزِها: ما قرَّرناه مِن دلالةِ السِّياق.

ولو كان المُراد بقوله تبارك وتعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} مجرَّد الموت، لَمَا كان في إضافةِ (التَّوفِّي) إليه مَعْنى يختصُّ به عن غيرِه مِن الرُّسل! فضلًا عن بقيَّةِ الخلق، فالمؤمنون يَعلمون أنَّ الله يقبض أرواحهَم، ويعرج بها إلى السَّماء، ولو كان قد فارقتْ روحُه جسدَه: لكان بدنُه في الأرض كبَدَنِ سائر النَّاس، فَعُلِمَ أنْ ليس في ذلك خاصيَّة

(2)

.

فاستبانَ بهذا أنَّ إضافةَ التَّوفي إلى عيسى عليه السلام، وعطفَ الرَّفع الموصول بـ (إلى) على قوله:{مُتَوَفِّيكَ} : ليس له معنىً إلَّا قبضَ الرُّوح والبَدن جميعًا، لوجودِ القرائنِ الدَّالةِ على ذلك

(3)

.

(1)

انظر «النكت في القرآن» لأَبي الحسن المجاشعي (ص/179 - 180).

(2)

«مجموع الفتاوى» (4/ 322 - 323).

(3)

أما ما احتجَّ به مَن قال بأنَّ الرَّفع كان للرُّوح دون البَدَن: بما وراه علي بن أبي طلحة في صحيفته عن ابن عباس رضي الله عنه في تَفْسير الوفاة في الآية بقوله: «إنِّي مُمِيتك» :

فإنَّ الأئمَّة وإن ارتضوا صحيفة علي بن أَبي طلحة في التفسير في الجُمْلة، فإنه لا يلزم من ذلك الرضا بآحاد ما رَوى، وهذه الرواية عنه مُعَارَضة لما سبق نقله عن ابن عباس ممَّا صحَّ عنه قال:« .. أن عيسى رُفع من رَوْزنةٍ في البيت» .

فلعل هذا ممَّا جَعَل أَحمد بن حنبل يقول عن علي بن أبي طلحة: «له أشياء منكرات» ، كما في «ميزان الاعتدال» (3/ 134).

ثم إنَّ التسليم بمقتضى رواية علي بن أبي طلحة يَسْتلزم أيضًا مخالفة صريح القرآن؛ ذلك بأَن الله أخبر أنَّ وقوع الموت على العباد يكون مرة واحدة، ثم يحييهم، قال تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ} [40]، فلو كان قد أَماته الله عز وجل لم يكن بالذي يميته ميتةً أُخرى بعد نزوله، فيجمع عليه ميتتين! كما قرره ابن جرير في «تفسيره» (5/ 451).

فإذا حُكم بأنَّ هذه الرواية من مُنكر ما يرويه علي بن أَبي طلحة: انتفى الإشكال.

أمَّا على احتمال صحِّتها أخذًا بعموم ثناء الأئمَّة على هذه الصَّحيفة من حيث الجملة:

فيمكن حينئذٍ توجيه رواية بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسيره: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} بالموتِ:

بأنه ليس في كلامه بيان وقت الإماتة، والآية لا تدل على ذلك؛ لأن (الواو) في قول الله:{إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} لا تقتضي الترتيب؛ فيكون مُرادُ ابن عباس رضي الله عنه والله أعلم-: إنّي مُميتك بعد نزولك من السَّماء في آخر الزمان، كما صحَّت بذلك الأَخبار؛ ويكون هذا الوَجْهُ بناءً على أَن في الآية تقديمًا وتأخيرًا؛ أي: إِذْ قال الله يا عيسى إنِّي رافعك إليَّ .. ومطهِّرك من الذين كفروا، ومتوفيك بعد إنزالي إيَّاك إلى الدنيا.

وقد ذهب إلى هذا الجَمْع ابن عبد البر في «التمهيد» (15/ 196)؛ حيث قال: «والصَّحيح عندي -في ذلك-: قول مَن قال: متوفِّيك: قابضُك من الأَرضِ؛ لمِا صَحَّ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم من نزوله، وإذا حُمِلت رواية علي ابن أبي طلحة عن ابن عبَّاس رضي الله عنه على التَّقديم والتأخير؛ أي: رافعُك، ومُمِيتُك: لم يكن بخلافِ ما ذكرناه» ، والله أعلم.

ص: 1103

ثمَّ من الأدلَّة القرآنية أيضًا على مَسألتِنا:

قول الله تعالى: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً} [النساء: 159].

فهنا الضَّمير في كِلا الموضعين منها يعود على عيسى عليه السلام، ودلالة السِّياق يدُلُّ على هذا الاختيار، لأمرين:

الأوَّل: أنَّ سِياق الآيات قبلها جاء في تقرير بطلان دعوى اليهود في زعمهم قتلَ عيسى عليه السلام، وبيان ضَلَال النَّصارى في تسليمهم لليهود فيما ادَّعَوه: بأنَّ الله نَجَّى نبيَّه، وطَهَّره مِن كيدِ أعدائِه، برفعِه حيًّا إلى السَّماء، وحصول القتلِ على شَبيهِه لا هو، وأنَّه سينزِلُ في آخرِ الزَّمان، فيكسر الصَّليب، ويضع الجزية، ولا يقبل إلَّا الإسلام، وحينئذٍ يُؤمِن به جميع أهل الكتاب، ولا يَتخلَّف عن التَّصديق به أحد منهم.

الثَّاني: أنَّ عَوْد الضَّميرين في {بِهِ} و {مَوْتِهِ} إلى عيسى عليه السلام هو الأَليق بالسِّياق والنَّظم؛ لأنَّ «عَوْد أحدهِما على غيرِ ما يعود عليه الآخَر فيه تَشتيتٌ للضَّمائر، وهذا مِمَّا يُنَزَّه عنه الكتاب الكريم»

(1)

.

يقول أَبو حيَّان الأندلسي (ت 745 هـ): «الَّظاهر أنَّ الضَّميرين في {بِهِ} و {مَوْتِهِ} عائدانِ على عيسى، وهو سِياق الكَلام؛ والمَعْنِيُّ {مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}: الَّذين يكونون في زمانِ نزولِه»

(2)

.

(1)

«نظرة عابرة» للكوثري (ص/100).

(2)

«البحر المحيط» (4/ 129).

ص: 1104

وهذا ظاهرُ اختيارِ أبي هريرة رضي الله عنه؛ حيث ربَطَ بين روايتِه لنزولِه عليه السلام وهذه الآية؛ وكذا اختيارُ ابن عبَّاس رضي الله عنه

(1)

، وابن جرير

(2)

، وابن كثير

(3)

.

وثالث الأدلَّة القرآنيَّة على نزولِ عيسى عليه السلام آخر الزَّمانِ:

قول الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ} [الزخرف: 61]؛ فالضَّمير في {وَإِنَّهُ} عائدٌ على عيسى عليه السلام، فيكون مَقصودُ الآية: إنَّ نزول عيسى عليه السلام إشْعَارٌ بقُربِ السَّاعة، وأَنَّ مجيئَه في آخرِ الزَّمان شَرْطٌ مِن أشراطِها.

وممَّا يؤيِّد عَوْد الضَّمير إلى عيسى عليه السلام في هذه الآية أُمورٌ:

الأمر الأوَّل: أنَّ سياق الآيات قبل هذه الآية في شأنِ عيسى عليه السلام، قال الله تعالى:{وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَاّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ} [الزخرف: 57 - 61].

الأمر الثَّاني: أنَّ قراءة {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ} بفتحِ اللَّام والعَين: تُوَطِّد هذا الاختيار، وهي قراءةُ ابن عبَّاس، وأبي هريرة، وقتادة، ومجاهد، والأعمش

(4)

.

الأمر الثَّالث: أنَّ هذا الاختيار يَشهد له ظاهر القرآن، وبه تتَّسق الضَّمائر، وتنسجم بعضها مع بَعْضٍ؛ ليس في هذا الموطن فقط، بل في جميع المواطن التي ذُكِر فيها عيسى عليه السلام.

الأمر الرَّابع: أنَّ هذا الاختيار تشهدُ له الأحاديث المتقدِّم ذكرها.

الأمر الخامس: أنَّ هذا القول احتفَل به جِلَّة مِن أئمَّة التَّفسير من السَّلفِ والخَلَفِ؛ كابنِ عبَّاسٍ، وأَبي هريرة، ومجاهد، وعكرمة، وأبي العالية، والحسن

(1)

أخرجه ابن جرير في «تفسيره» (7/ 664) من طريق سعيد بن جبير، وصحح إسناده ابن حجر في «فتح الباري» (6/ 492).

(2)

«جامع البيان» (7/ 672).

(3)

«تفسير القرآن العظيم» (2/ 47).

(4)

انظر «المحرر الوجيز» (5/ 61).

ص: 1105

البصري، والضَّحاك

(1)

، والبيضاوي

(2)

، وابن كثير

(3)

، والأَمين الشَّنقيطي

(4)

، ومجمع البحوث بجامعة الأزهر

(5)

.

ومِن الدَّلائل القرآنية الدَّالة على نزولِه عليه السلام، وهو رابِعُها:

قول الله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: 46]، وقوله سبحانه:{إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً} [المائدة: 110].

ووجه الدَّلالة مِن الآيتين: أنَّ تخصيصَ وقوعِ التَّكليم من عيسى عليه السلام بِحالَيْ المَهْدِ والكهولة؛ مع كونِه مُتكلِّمًا فيما بين ذلك: دَلالةٌ ظاهرةٌ على أن لِتيْنِكَ الحالَين مَزيد اختصاصٍ ومَزيَّةٍ، فَارقَا بهما جميعَ كلامِه الحاصل بين تَيْنِكَ الحالين.

توضيح ذلك: أَنَّ الكلام في المَهْدِ خارقٌ للعادة، خارجٌ عن السُّنَن، وهذا بَيِّنٌ؛ فكذلك ينبغي لقوله تعالى:{وَكَهْلاً} ، فهو عَطف على مُتعلَّق الظَّرف قبله، آخِذٌ حكمَه؛ أي: يُكلِّم النَّاس في حال المَهد، ويُكلِّمهم في حال الكهولة، فـ «إذا كان كلامه في حالة الطُّفولة عقبَ الولادة مباشرةً آية؛ فلا بُدَّ أنَّ المعطوف عليه -وهو كلامه في حال الكهولة- كذلك؛ وإلَّا لم يُحْتَجْ إلى التَّنصيصِ عليه؛ لأنَّ الكلام مِن الكَهل أَمرٌ مَألوف مُعتاد، فلا يحسُن الإخبار به؛ لا سيما في مَقام البِشارة»

(6)

.

(1)

انظر أقوالهم في «تفسير القرآن العظيم» (7/ 233).

(2)

انظر «أنوار التنزيل» (5/ 94).

(3)

انظر «تفسير القرآن العظيم» (7/ 236)

(4)

انظر «أضواء البيان» (7/ 280).

(5)

انظر «التفسير الوسيط» (9/ 824).

(6)

«فصل المقال» للشيخ محمد خليل هرَّاس (ص/20).

ص: 1106

وهذا ما نصَّ عليه الحُسين بن الفضل البَجلي (ت 282 هـ)

(1)

بقوله: «في هذه الآية نَصٌّ في أنَّه عليه السلام سينزِلُ إلى الأرض»

(2)

.

وأَمَّا مَن رَدَّ هذه الأَحاديث بزعمِ أنَّها نَتَاج «عُقْدة الانتظار» الَّتي نَبَعَت في أوَّل أمرِها عند اليهود، ثمَّ انتقلت إلى النَّصارى، ثمَّ تَسَرَّبت إلى المسلمين كما ادَّعاه (التُّرابي) ومَن تشرَّب فكرَه:

فخَطلٌ أن تُتَّهم أمَّة الإسلام بهذه البلادة وقد عصَمَها الله أن تجتمع على ضلالٍ؛ وقد تَحقَّق أهل الصَّنعة مِن صِحَّة تلك الأخبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فضلًا عن غفلة صاحب هذه الشُّبهة عن أنَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتَّابعين وتابعيهم كانوا يَبُثُّونها في الأمَّة؛ مع كونِ عصرهم عصرَ انتصاراتٍ وعِزٍّ وتمكين! فأيُّ انحطاطٍ كان يعيشه هؤلاء السَّادات القادة حتَّى يختلِقوا أكذوبةَ الانتظار؟!

وأمَّا وقوع الاتِّفاق بين أهل الإسلام وبين أَهل الكتاب في قضيَّةٍ عقديَّةٍ كهذه، فهذا أمرٌ لا يُستغرَب في الشَّريعة؛ ويقع مثله لبقاء بعض آثار النُّبوَّة في الدِّيانات السَّالفة، فيأتي خاتم الرُّسل صلى الله عليه وسلم بإقراره؛ وأيُّ مَوروث كِتابيٍّ مُرْتهَنٌ صحَّتُه بتصحيحِ دين الإسلامِ، المهيمنِ على الدِّين كلِّه

(3)

.

وأمَّا جملة شبهاتِ (بوهندي) في المعارضة الثَّالثة: من دعواه أنَّ القول بنزولِ عيسى عليه السلام متَّبِعًا لا مُشرِّعًا، يُلْزِم أهل السُّنة الوقوعَ في التَّناقض؛ لأنَّ مَن كان مُتَّبعًا لا يأمر النَّاس أن يؤمنوا به .. إلخ:

فكشف هذه الشُّبهة، يتحصَّل بعلمنا أنَّ مِن أُصول النَّظر في الدَّلائل الشَّرعيَّة النَّظرَ إليها «كالصُّورة الواحدة؛ بحَسَبِ ما ثَبت من كُليَّاتِها وجزئيَّاتها المرتَّبة

(1)

الحسين بن الفضل بن عمير البجلي: مفسِّر معِّمر، كان رأسا في معاني القرآن، أصله من الكوفة، انتقل إلى نيسابور، وأنزله واليها عبد الله بن طاهر في دار اشتراها له (سنة 217)، فأقام فيها يعلم الناس خمسة وستين سنة؛ وكان قبره بها معروفا؛ انظر «الأعلام» للزركلي (2/ 252).

(2)

انظر «مفاتيح الغيب» للفخر الرازي (8/ 225).

(3)

انظر «دفع دعوى المعارض العقلي» (ص/508).

ص: 1107

عليها، وعامِّها المُرتَّب على خاصِّها، ومُطْلَقِها المحمول على مُقيِّدها، ومُجْمَلها المفسَّر بمُبيِّنها، إلى ما سوى ذلك مِن مَنَاحيها؛ فإذا حَصَل للنَّاظر مِن جُمْلتها حُكْمٌ من الأحكام: فذلك هو الَّذي نَطقت به حين اسْتُنْطِقَت»

(1)

.

وبمقتضى هذه الأُصول، فَهِمَ السَّلفُ أَحاديثَ نزولِ عيسى عليه السلام في ضوءِ فهمِهم للأحاديث الدَّالة على خَتمِ النُّبوة، ولم يكُن قولُهم بأنَّ المسيح عليه السلام ينزل تابعًا لشريعة النَّبي صلى الله عليه وسلم مِن عِندياتهم! بل هو حاصلُ النَّظرِ في جُمْلة الأَخبار الواردة في ذلك، وأَخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم لا تَتناقض؛ لأنَّها حقٌّ وصِدق.

ومن ثمَّ؛ نقرِّر هنا عدَّة أمور:

الأمرُ الأوَّل: أنَّ القول بنزولِ عيسى عليه السلام مُتَّبِعًا لا مُشرِّعًا ليس مِن محضِ اختراع أَصحابِ الرِّوايات، بل هو مُقتضى ما دَلَّت عليه النُّصوص، برهان ذلك قولُ النَّبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه:«كيف أنتم إذا نَزَل ابنُ مريم فيكم، وإمامُكم منكم؟»

(2)

.

فرَفْضُ عيسى عليه السلام التَّقدُّم للإمامةِ، وقَبولُه أن يكون مُقتديًا برجلٍ مِن هذه الأمَّة: فيه اجتثاثٌ لإشكالٍ يُمكن أَن يقَع في النَّفسِ مِن كونه نَزل مُبتدئًا شرعًا لا مُتَّبِعًا.

الأَمر الثاني: أَنَّ معنى كونه عليه السلام مُتِّبِعًا، لا ينزع عنه سِمَةَ النُّبوة! فكم مِن نَبيٍّ كان مُتِّبعًا لشرعِ مَن قبله.

فإن قيل: يُشْكِلُ على هذا قول الله تعالى: {وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40]، وقوله صلى الله عليه وسلم:«لا نبيَّ بعدي»

(3)

!

فجواب هذا الإشكال: أنَّ المُراد بهذه الآيةِ والحديث امتناعُ حدوثِ وَصفِ النُّبوة في أحدٍ مِن الخلقِ بعد النَّبي محمَّد صلى الله عليه وسلم، ينسخُ بشريعتِه شريعةَ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم،

(1)

«الاعتصام» للشاطبي (2/ 62).

(2)

تقدم تخريجه (ص/؟).

(3)

جزء من حديث أخرجه البخاري في (ك: الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل، رقم: 3455)، ومسلم في (ك: الإمارة، باب: وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، رقم: 1842).

ص: 1108

لقيامِ القَواطِع عن امتناعِ ذلك؛ وعيسى عليه السلاملم يحدُث له هذا الوَصف، لأنَّه لم يَزَل مُتَّصِفًا به منذ أن تحلَّى به، ولم يُسلَب منه برفعِه إلى السَّماء.

يقول الآلوسيُّ: «هو عليه السلام حين نزولِه باقٍ على نُبوَّتِه السَّابقة لم يُعزَل عنها .. لكنَّه لا يَتعبَّد بها، لنسخِها في حقِّه وحقِّ غيره، وتكليفُه بأحكامِ هذه الشَّريعة أصلًا وفرعًا، فلا يكون إليه عليه السلام وَحيٌ ولا نَصْبُ أحكامٍ، بل يكون خليفةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاكمًا من حكَّام مِلَّتِه»

(1)

.

وعلى هذا؛ فقول (بوهندي) أنَّ «أَصحاب الرِّوايات يَدَّعون أنَّ المسيحَ عندما يجيء في آخر الزَّمان لن يكون نبيًّا» لم يُسَمِّ قائلَه مِن أهل الحديث، وإلَّا فيبقى الشَّكُّ في تَقوُّلِ هذا المدَّعِي واردًا! وما أكثرَ التَّقوُّلَ في طائفتِه!

الأمر الثالث: زَعْمُ (بوهندي) أنَّ الرَّوايات تقول: (مَن لم يؤمن به عليه السلام يُقْتَلْ)؛ نقول له: أين في الرِّوايات الصِّحيحة ما يفيد أنَّ عيسى عليه السلام يقتل النَّاس حتَّى يؤمنوا به؟!

بل قتالُه للكَفَرة مِن أهل الكتاب وغيرِهم لتصيرَ الدَّعوى واحدة، وهي دعوى الإسلام؛ فعيسى عليه السلام إِنَّما يَدعو إلى دينِ الإسلام، لا إلى ذاتِه هو، قد دَلَّ على ذلك حديث أَبي هريرة:« .. فيقاتلُ النَّاسَ على الإسلامِ، فيدقُّ الصَّليب .. » الحديث

(2)

.

فقوله هنا: «على الإسلام» : صَريحٌ في نقضِ دعوى المُعترض، وأنَّ عيسى عليه السلام إنَّما يُقاتل دون نشرِ الإسلامِ مَن تصدَّى له، كما قاتلَ مِن قبلُ أخوه محمَّد صلى الله عليه وسلم دونَه.

وأمَّا جواب الاعتراض الرَّابع؛ أعني دَعوى المُخالف أنَّ عيسى عليه السلام لو كان ينزل في آخر الزَّمان متِّبِعًا لمحمَّد صلى الله عليه وسلم، فعليه أن لا يُغيِّر في شريعتِه شيئًا .. إلخ؛ فيُقال فيه:

(1)

«روح المعاني» (11/ 213).

(2)

أخرجه أبو داود في «السنن» (ك: الملاحم، باب: خروج الدجال، رقم: 4324)، وأحمد في «مسنده» (15/ 153، رقم: 9270)، وصحح إسنادَه ابن حجر في «الفتح» (6/ 486).

ص: 1109

أمَّا وضْعُ الجِزية ودقُّ الصليب ونحو ذلك في زمن وجود عيسى عليه السلام في آخر الزَّمان؛ ليس هو من المسيح عليه السلام على معنى الإنشاءِ والنَّسخِ للشَّريعة المحمديَّة ابتداءً لتشريع آخرَ مِن قِبَلِه -كما تَوَهَّمه المعترض- وإنمَّا المقصود: أنَّ مَشروعية أخذِ الجِزية، وتخييرِ أَهلِ الذِّمةِ بين الإيمان وبين أداءِ الجزية أو القتال: مُقيَّدةٌ بزمَنِ ما قبل نزولِ عيسى عليه السلام، والتَّقييد جاء مِن قِبَل النَّبي صلى الله عليه وسلم كما دَّلت عليه هذه الأحاديث؛ لا مِن قِبَل عيسى عليه السلام

(1)

.

وفي تقرير هذه الحقيقة يقول النَّووي: «ومعنى وضع عيسى الجزية؛ مع أنَّها مَشروعة في هذه الشَّريعة: أنَّ مَشروعيَّتها مُقيَّدة بنزولِ عيسى عليه السلام؛ لِما دَلَّ عليه هذا الخبر، وليس عيسى بناسخٍ لحكمِ الجِزية، بل نبيُّنا صلى الله عليه وسلم، وهو المُبيِّن للنَّسخِ بقولِه هذا»

(2)

.

وبهذا تذوب شُبهاتُ الباطلِ عن أحاديث نزولِ المَسيح، كما سيذوب الدَّجال إذا رأى المسيح عليه السلام! والحمد لله على توفيقِه في أوَّله ومُنتَهاه.

ص: 1110