الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والقيح والدم فيتحاماها الناس لقذرهم إياها ومعنى لا يستتر من بوله أي لا يتوقى منه ومنه دعاء الناس سترك الله من النار أي وقاك منها ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "أكثر عذاب القبر بالبول" أي أكثر عذاب القبر من أجل البول بما شاء الله أن يعذب به من أصناف عذابه يؤيده ما روى عن ابن عباس مرفوعا: "أن عامة عذاب القبر من البول فتنزهوا من البول" وقيل: أن الناس يعذبون في قبورهم بالبول كما يعذب به في الدنيا لأنه من غليظ عذاب الدنيا والله أعلم.
في عذاب القبر
روت عمرة عن عائشة أن يهودية جاءت تسألها، فقالت: أعاذك الله من عذاب القبر فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيعذب الناس في قبورهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عائذا بالله من ذلك" ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة مركبا خسفت الشمس فرجع ضحى فمر بين ظهراني الحجر فقام يصلي فذكرت صلاة الكسوف وكيف صلاها فقالت: ثم انصرف فقال ما شاء الله أن يقول ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم قول اليهودية كان قبل أن يوحى إليه بذلك وأمرنا بالتعوذ من عذاب القبر بعد الوحي إليه بذلك لا يقال: كيف دفع خبر اليهودية وقد قال عليه الصلاة والسلام: "ما حدثكم به أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله فإن كان حقا لم تكذبوهم وإن كان باطلا لم تصدقوهم" لأنه يحتمل أن يكون دفع قولها وردها قبل أن يؤمر بالالتفات إلى ما حدثه به أهل الكتاب ثم أمر بعد ذلك بالوقوف عنده وترك التصديق به والتكذيب له فكان له دفع ما حدثوه به كما للرجل أن يدفع ما لم يعلمه وإن كان في الحقيقة حقا فإن المدعي عليه إذا لم يعلم صحة دعوى المدعي كان في سعة من انكاره إياه ومن حلفه له عليه وإن كان يجوز أن يكون عليه حق فذهبت عنه معرفته فكان صلى الله عليه
وسلم لما سئل عن ما لا علم له به كان في سعة من نفيه وإن كان في الحقيقة حقا ثم أمر أن يقابل قولهم بالتوقف وإن كان الدفع واسعاله مع أنا تأملنا حديث عائشة فوجدنا رواته خالفوا عمرة فيه منهم مسروق عن عائشة أنها قالت أتتني عجوز يهودية فقالت يعذب أهل القبور فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "صدقت يعذب أهل القبور عذابا يسمعه البهائم" وروى عنها أنها دخلت عجوزان من عجائز يهود المدينة فقالتا لي: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم فكذبتهما فخرجتا ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن عجوزين دخلتا علي فزعمتا أن أهل القبور يعذبون في قبورهم؟ فقال: "صدقتا إنهم ليعذبون عذابا تسمعه البهائم كلها" قالت عائشة: فما رأيته بعد ذلك في صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر وروى عن ذكوان عنها، قالت: استطعمت يهودية فقالت: اطعموني أعاذكم الله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر، فقلت: يا رسول الله ما تقول هذه اليهودية؟ قال: "وما قالت؟ " فقلت: إنها قالت: أعاذكم الله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع يديه مدا يستعيذ بالله من فتنة الدجال وعذاب القبر وروى عروة عن عائشة أن يهودية دخلت عليها وعندها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: أشعرت أنكم تفتنون في القبور فارتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "إنما تفتن يهود" قالت عائشة: فلبثنا ليالي ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما شعرت أنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور؟ "، ثم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من عذاب القبر فوافقت رواية عروة رواية عمرة فالصواب أنه تقدم دفعه صلى الله عليه وسلم ثم اثباته إياه بعد ذلك والذي عند مسروق وذكوان هو الأمر الثاني والذي عند عروة وعمرة الأمر الأول والثاني فكان بذلك أولى إذ حفظا من ذلك ما قصر مسروق وذكوان عن حفظه.