الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"ائتدموا بالزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة".
كان أبو حنيفة وأبو يوسف يقولان الادام ما يصطبغ به كالزيت والخل وما أشبههما والشواء ليس بادام وكذا اللحم وقال محمد هذه الأشياء كلها ادامات وكل ما يؤكل به الخبز فهو ادام وروى عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة فيكفئها الجبار بيده كما يكفئ أحد خبزته من السفر 1 نزلا لأهل الجنة" فأتى رجل من اليهود فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: تكون الأرض خبزة واحد كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قال: ألا أخبرك بإدامها؟ قال: بلى، قال:"إدامها بالأم ونون" قالوا: وما هذه، قال:"ثور ونون يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا".
ففيه أن الثور والنون إدام لأهل الجنة يأكلون به ما يأكلون من الخبزة المذكورة وروى عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ كسرة من خبز شعير فوضع عليها تمرة فقال: "هذه إدام هذه فأكلها".
وفي الديثين ما يدل على أن ما لم يصطبغ به الخبز ادام كالذي يصطبغ به من غير فرق وكلام العرب يدل عليه يقال أدم الله بينهما يعني جعل بينهما المحبة والتفاق روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمغيرة بن شعبة لما أخبره أنه خطب امرأة: "هل نظرت إليها؟ " فقال: لا، فقال:"انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" فيكون ما يطيب به الطعام ليؤكل اداما له كما قاله محمد بن الحسن.
1 كذا في الظاهر – السفرة.
في اليمين بغير الله تعالى
روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" ولا يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم: "أفلح
وأبيه إن صدق" لما جاءه أعرابي يسأل عن الإسلام فأخبره بشرائع الإسلام وقال الأعرابي: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه فإنه كان مباحا وانتسخ بالنهي ويؤيده ما روى أن حبرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون، فقال: "سبحان الله"، قال: إنكم تقولون إذا حلفتم: والكعبة قال فأمهل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "إنه قد قال فمن حلف فليحلف برب الكعبة".
ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: "من حلف بغير الله فقد أشرك" يعني جعل ما حلف به محلوفا به كما أن الله تعالى محلوف به وذلك ذنب ولكن لا يريد به الشرك الذي يكون به خارجا عنالإسلام نظير ما روى من قوله صلى الله عليه وسلم: "الطيرة شرك وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل" في أن المراد به أن شيئا تولى الله فعله قيل فيه إن سبب فعله كذا وكذا مما يتطير به فمثل ذلك الشرك المذكور في الحلف بغير الله إلا الشرك الذي يوجب الكفر.
ومنه ما روى عن سعد بن أبي وقاص أنه قال حلفت باللات والعزى وكان العهد حديثا فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إني حلفت باللات والعزى وكان العهد حديثا قال: "قلت: هجرا أتفل عن يسارك ثلاثا وقل لا إله إلا الله وحده واستغفر الله ولا تعد".
فيه ما يدل على أن سعدا لم يخلف الأعلى ما اعتاده لسانه ساهيا عن تحريم الله ذلك عليه بإسلامه وذلك من اللغو وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تعد" معناه والله أعلم أن يتحفظ من نفسه والأخذ بالحزم لئلا يقع في مثله وأمره بالاستغفرا مخافة أن يكون قد قصر في التحفظ.
ومنه ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من حلف بملة سوى ملة الإسلام كاذبا فهو كما قال".
فيه معنى لطيف من الفقه وهو أن من حلف فقال هو يهودي إن كان