الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخفضه فرآهما جلدين فقال: "إن شئتما فعلت ولا حق فيها لغني ولا قوي مكتسب" المعنى في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما لم يعلم حقيقة أمرهما في الغنى والفقر أعلمهما بأنه لا حق فيهما لغني ليعملا بما سمعا وقوله: "ولا القوي مكتسب" المراد به نفي الحق الذي هو في أعلى مراتبه لأن الصدقة قد تجل للفقير القوي كما يقال فلان عالم حقا إذا كان في أعلى مراتبه ولا يقال لمن هو دونه وإن كان عالما ومثله قوله صلى الله عليه وسلم لأهل نجران عند سؤالهم رجلا أمينا يبعث إليهم: "لأبعثن إليكم رجلا أمينا حق أمين" يعني أبا عبيدة بن الجراح وإن كان من دونه من أهل الأمانة أيضا.
في إعطائها لمن لا تحل له
روى عن معن بن يزيد قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبي وجدي وخطب علي وأنكحني وكان أبي أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل فأخذتها فأتيته بها فقال: والله ما إياك أردت بها فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لك ما نويت لأبي ولك يا معن ما أخذت" كان يزيد أخرج دنانير يتصدق بها ووكل الرجل ليصرفها مصارفها فأعطاها الوكيل لابنه إذ لم يعلم نيته في ذلك فجازت لابنه معن لأنه قبضها ممن له ذلك وليزيد ثواب صدقته على غير ابنه بما نواه لقوله عليه السلام: "إنما الأعمال بالنيات" واحتج به محمد فيمن تصدق بزكاته على رجل ظنه أجنبيا وهو ابنه أو أبوه فإنه يجزيه ولا حجة له فيه لأنها زكاة مال أبيه أو ابنه فلا تحل لقابضها وإذا لم تحل له كانت غير جائزة عن المعطى وكذلك لو أعطى إلى من ظنه فقيرا فكان غنيا لأنها حرام على الغني فلا تكون مجزية عن معطيها وهذا قول أبي يوسف وهو الأولى ومذهب أشهب من أصحاب مالك فيه الجواز بهذا الحديث.
في المعادن
روى عن ابن عباس أن رجلا لزم غريما له بعشرة دنانير فقال: والله
ما عندي شيء أقضيكه اليوم فقال: والله لا أفارقك حتى تعطيني أو تأتيني بحميل ليحمل عنك فقال: والله ما عندي قضاء وما أجد أحدا يتحمل عني قال: فجره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن هذا ألزمني واستنظرته شهرا واحدا فأبى حتى أقضيه أو آتيه بحميل فقلت: والله ما عندي حميل ولا أجد قضاء اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل تستنظره إلا شهرا واحدا؟ " قال: لا ،قال:"أنا أتحمل بها عنه"، فحمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فذهب الرجل فأتاه بقدر ما وعده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أين أصبت هذه الذهب" فقال: من معدن، قال:"لا حاجة لنا بها ليس فيها خير" فقضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه أنكر بعض صحة هذا الحديث قال: وهل عند أحد ذهب إلا من المعادن ويحتج بما روى جابر قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيضة من ذهب أصابها في بعض المعادن قال: خذها يا رسول الله والله ما أصبحت أملك غيرها فأعرض عنه ثم أتاه عن شماله فقال مثل ذلك فأعرض عنه ثم أتاه من بين يديه فقال مثل ذلك فقال: "هاتها" مغضبا فأخذها فحذفه بها حذفة لو أصابه بها لشجه أو عقره ثم قال: "يأتي أحدكم بماله كله فيتصدق به ثم يجلس يتكفف الناس إنه لا صدقة إلا عن ظهر غنى" وبما روى ابن عباس في حديث مكاتبه سلمان الفارسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع النخل التي كاتبه عليها أهلها في فقرها وسوى عليها التراب بيده حتى فرغ منها قال: "فلا والذي نفسي بيده ما بقيت منها واحدة" وبقيت دراهم فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في أصحابه إذ أتاه رجل من أصحابه بمثل البيضة من ذهب أصابها من بعض المعادن فتصدق بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما فعل الفارسي المسكين المكاتب ادعوه لي؟ " فدعيت له فجئت فقال: "اذهب فأدها عنك مما عليك من المال" قلت: وأين يقع هذا مما علي يا رسول الله فقال: "إن الله سيؤديها عنك" والجواب عن ذلك أنه يحتمل أن يكون إنما قال ذلك القول قبل