الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اخذ عقالا وإذا أخذ به ثمنا قيل أخذا نقد أو أنشد.
أتانا أبو الخطاب يضرب طبله
…
فرد ولم يأخذ عقالا ولا نقدا
ثم الأولى بهذا الحديث العناق وفي ذلك باب من الفقه يجب الوقوف عليه وذلك أن السوائم إذا كانت لا مسنة فيها فطائفة تقول فيها واحد منها وطائفة تقوله فيها مسنة كما لو كانت مسان كلها وطائفة تقول لا شيء فيها والأقوال كلها عن أبي حنيفة رجع من بعضها إلى بعض رواها عنه أبو يوسف واختار القول الأول وهو الأولى لموافقة قول أبي بكر غليها: "لو منفوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها" فدل أنهم كانوا يؤدون العناق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقة وذلك لا يكون إر فيما لا مسنة فيها وفي ثبوت ذلك ثبوت ما قاله واختاره وقال زفر بقوله الثاني ومحمد بالأخير.
في لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين مفترق
روى أن أب بكر لما استهلف وجه أنس بن مالك إلى البحرين فكتب له هذه فرضية الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التي أمر الله تعالى بها رسوله فمن سئلها من المؤمنين على وجهها فليعطها ومن سئل فوقها فلا يعطه.
في كتابه ذلك لا يجمع بني مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشبة الصدقة وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية وخرجه من طرق.
تنازع أهل العلم في المراد بهذا الحديث تنازعا شديدا.
حكى المزني عن الشافعي أن الشريكين اللذين لم يقسما الماشية خليطان وقد يكونان خليطين بتخالط ماشيتهما من غير شركة لكن لا يكونان خليطين حتى يريحا ويسرحا ويحلبا ويسقيا معا ويكون فحولهما مختلطة فإذا كانا
هكذا صدقا صدقة الواحد بكل حال ولا يكونان خليطين حتى يحول الحول عليهما من يوم اختلطا ويكونان مسلمين وإن تفرقا في شيء مما ذكرنا قبل أن يحول الحول فليسا بخليطين ويصدقان صدقة الاثنين ومعنى قوله لا يفرق إلى آخره لا يفرق بين ثلاثة خلطاء في عشرين ومائة وإنما عليهم شاة لأنها إذا فرقت كانت فيها ثلاث.
ولا يجمع بين مفترق رجل له مائة وشاة ورجل له مائة شاة فإذا زكيتا مفترقين ففيها شاتان وإذا جمعتا ففيها ثلاث شياه فالخشية خشية الساعي أن تقل الصدقة وخشية رب المال أن تكثر الصدقة قال الشافعي ولم أعلم مخالفا فيما إذا كان ثلاثة خلطاء لو كانت لهم مائة وعشرون شاة أخذت منهم واحدة وصدقوا صدقة الواحد فنقصوا المساكين شاتين من مال الخلطاء الثلاثة الذين لو يفرق مالهم كان فيه ثلاث شياه لم يجز إلا أن يقولوا لو كانت أربعون بين ثلاثة كانت عليهم شاة لأنهم صدقوا الخلطاء صدقة الواحد وهكذا القول في الماشية كلها والزروع والحائط وأبو حنيفة وأصحابه يقولون في قوله لا يفرق بين مجتمع هو أن يكون للرجل مائة وعشرون شاة فيكون فيها شاة واحدة فإن فرقها المصدق فجعلها أربعين أربعين كان فيها ثلاث شياه ولا يجمع بين مفترق هو رجلان يكون بينهما أربعون شاة فإن جمعها كان فيها شاة وإن فرقها عشرين عشرين لم يكن فيها شيء.
قلت فلو كانا متفاوضين لم يجمع بين أغنامها قال: نعم لا يجمع بينهما وهو قول سفيان الثوري فالذي ذكر عن أبي حنيفة والثوري دل على أنهما لم يراعيا الاختلاط ولكنهما يراعيان الأملاك فدل هذا على أن ما ذكره الشافعي من أنه لا يعلم مخالفا إذا كان ثلاثة خلطاء إلى آخره قد كان فيه من المخالفين لذلك القول من ذكرناه فاندفع ما احتج به لمذهبه ثم إن الله تعالى ذكر الزكاة مثل ما ذكر الصلاة والصيام والحج فقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} و {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} وكل ما افترض من هذه
الأشياء يبين به كل مكلف عمن سواه من غير اختلاط فكذا الزكاة ودل على أن الحكم للملك قوله تعالى: خذ من أموالهم الآية فإن أحد الا يطهر من مال غيره بل من مال نفسه.
فإن قيل فما معنى قوله عليه السلام: "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان؟ "
قلنا: يكون رجلان لهما مائة وعشرون شاة لأحدهما ثلثاها وللآخر ثلثها فيحضر المصدق فيطالبهما بصدقتهما ولا يكون عليه انتظار قسمتها بينهما فيأخذ منها شاتين فيعلم أنه قد أخذ من حصة صاحب الثمانين شاة وثلث شاة والذي كان عليه شاة واحدة وأخذ من حصة صاحب الأربعين ثلثي شاة والذي كان عليه من الصدقة شاة واحدة فالباقي من حصة صاحب الثمانين ثمان وسبعون شاة وثلثا شاة والباقي من حصة صاحب الأربعين في غنمه تسع وثلاثون شاة وثلث شاة فيرجع صاحب الأربعين بثلث الشاة التي أخذت من غنمه عن الزكاة التي كانت على صاحبه حتى يرجع حصة صاحب الثمانين إلى تسع وسبعين وحصة صاحب الأربعين إلى تسع وثلاثين وهذا أولى من التأويل الذي ذكرناه قبل.
أما مالك فمذهبه في ذلك أن تفسير قول عمر: لا يفرق بين مجتمع، أن الخليطين يكون لكل واحد منهما مائة شاة وشاة فيكون عليهما في ذلك ثلاث شياه فإذا أظلهما المصدق فرقا غنمهما فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة واحدة فنهى عن ذلك قال مالك في الخليطين إذا كان الراعي واحدا والمراح واحدا والدلو واحدا فالرجلان خليطان ولا تجب الصدقة على الخليطين حتى يكون لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة وتفسير ذلك أنه إذا كان لأحد الخليطين أربعون شاة وللآخر أقل من أربعين شاة لم يكن على الذي له أقل من أربعين شاة صدقة وكانت الصدقة على الذي له أربعون وإن كان لكل واحد منهما من الغنم ما تجب فيه الصدقة جميعا فكان لأحدهما ألف شاة أو أكثر أو أقل مما تجب فيه الصدقة وللآخر أربعون شاة أو أكثر فهما خليطان يترادان بينهما بالسوية