الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في عجب الذنب
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب" هذا حديث صحيح رواه أهل الضبط المؤتمنون على الرواية ولا استحالة فيه كما قاله أهل الجهل والعناد بأنه يرده العيان لأن الميت قد يحرق وقد يكشف بعد مدة لحده فلا يوجد منه شيء لكنه لا ينكر في لطيف قدرة الله تعالى حفظ ذلك المقدار الذي أخبر من لا ينطق عن الهوى ببقائه فلا يأكله التراب ولا تحرقه النار وإن لم ندركه بحواسنا وقد وقى الله خليله من نار نمرود وأخبر عن لقمان قوله: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} فإن الله تعالى حافظ ذلك المقدار من الفناء حتى يعيده بشرا سويا ويركب فيه خلقا جديدا وبالله التوفيق.
كتاب الزكاة
في محرم السؤال
…
كتاب الزكاة
فيه ثلاثة عشر حديثا
في محرم السؤال
روى عن سهل بن الحنظلية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سأل الناس عن ظهر غنى فإنما يستكثر من جمر جهنم" قلت: يا رسول الله، وما ظهر غنى؟ قال:"أن يعلم أن عند أهله ما يغديهم وما يعشيهم" وروى عطاء عن رجل من بني أسد أنه قال صلى الله عليه وسلم لرجل يسأله: "من سأل منكم وعنده أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا والأوقية أربعون درهما" وفيما روى عن ابن مسعود أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يسأل عبد مسألة وله ما يغنيه إلا جاءت شينا أو كدوحا أو خدوشا في وجهه يوم القيامة" قلت: يا رسول الله وما غناه؟ قال: "خمسون درهما أو حسابها من الذهب" وروى أنه خطب صلى الله
عليه وسلم فقال: "من استغنى أغناه الله ومن استعفف أعفه الله ومن سأل الناس وله عدل خمس أواق سأل إلحافا".
يحتمل أن أول هذه المقادير المحرمة للسؤال هو المذكور في حديث سهل ثم وثم وثم فالمقدار الذي تناهى تحريم المسألة عند وجوده هو المذكور في الخطبة فصار أولى بالاستعمال وإنما استعملت في هذا للأغلظ فالأغلظ الأخف فالأخف لأن النسخ على وجهين نسخ عقوبة به الأخف بالأثقل قال تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ} ونسخ رحمة بنسخ به الغليظ بالخفيف قال تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً} الآية ومنه قيام الليل ولما لم يكن من المسلمين ذنب يوجب عليهم العقوبة في التغليظ في المسألة بدأنا باستعمال الأغلظ فالأغلظ.
قال القاضي: هذا معنى قوله دون لفظه قلت: نظرت في المطول فوجدت معنى قوله كون هذا من باب نسخ الأغلظ بالأخف لا غير فكان المناسب أن يقول بدأنا باستعمال الأغلظ فالأخف لأن التحريم بمقدار الغداء والعشاء أضيق من التحريم بمقدار الأوقية وهو أضيق من التحريم بمقدار خمسين درهما وهو أضيق من التحريم بخمس أواق فهذا نهاية التخفيف فالترقي من الأغلظ إلى الأخف فالأخف فالأخف وقد صرح الطحاوي بهذا بقوله فإن قال قائل: كيف استعملت في هذا أغلظ المقادير بدء ثم استعملت بعده ما هو أخف منه حتى استعملت كلها كذلك ولم يستعمل الآخر أولا ثم بعد ما هو أغلظ منه حتى يأتي عليها بكلها؟ فكان جوابنا: أن النسخ يكون بمعنيين إلى آخره فهذا صريح في مخالفة القاضي لما قصده الطحاوي فكيف قال هذا معنى لفظه ثم قال القاضي: وفيه نظر لأنه نسخ الخفيف بالثقيل كثير موجود في القرآن وعد الثواب الكثير من غير عقوبة قلت: خفف ثقل ما وجد من هذا النوع في القرآن وعد الثواب الكثير وهو نه قيل في قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} المراد الخيرية أما بالخفة أو بكثرة الثواب فافهمه.