الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعل ذلك غير علي رضي الله عنه فإنه كان يفعله وكذا لا يعلم من التابعين ومن بعدهم من يذهب إلى ذلك غير بعض من ينتحل الحديث ولا شك في حسنه بل فيه إحياء سنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم ويؤيده القياس فإن الصلاة مشتملة على أفعال كل فعل لا يخلو عن قراءة فيه أو ذكر كالتكبير في الدخول فيها ثم القيام وفيه الاستفتاح والقراءة ثم الركوع وفيه التسبيح ثم الرفع منه وفيه التسميع والتحميد ثم السجود وفيه التسبيح ثم الرفع منه وقد روينا فيه سؤال المغفرة مرتين ثم الجلوس وفيه التشهد والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء فكان القياس أن يكون حكم القعدة بين السجدتين كحكم غيرها من أفعال الصلاة ويكون فيها ذكر.
حصل الظن وروى عن أبي حنيفة قال ذكرت الجدود عند النبي صلى الله عليه وسلم فقيل جد فلان في الإبل وقيل في الخيل فسكت فلما قام يصلي ورفع رأسه من الركوع قال اللهم ربنا ولك الحمد ملأ السموات وملأ الأرض وملأ ما شئت لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد وروى عنه انه كان يقول بين السجد تين رب اغفر لي رب اغفر لي فقد يكون يطيل ذلك في بعضها حتى يتجاوز ما جرت عليه عادته حتى يظن أنه قد أوهم والله أعلم.
في الركوع دون الصف
في الركوع دون الصف
…
في الركوع دون الصف
عن أبي بكرة قال: جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع وقد حفزني النفس فركعت دون الصف ثم مشيت إلى الصف فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: "أيكم الذي ركع دون الصف" قال أبو بكرة أنا قال: "زادك الله حرصا ولا تعد" فالنهي محمول على السعي الى الصلاة وقد حفزه النفس وقيل مصروف إلى الركوع دون الصف حتى يأخذ مقامه منه يؤيده ما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أتى أحدكم الصلاة فلا يركع دون الصف حتى يأخذ مكانه من الصف" والمعنيان مما يجوز إرادتهما بالنهي.
لا يقال: قد صح عن زيد بن ثابت أنه دخل المسجد والناس ركوع فكبر وركع ثم دب وهو راكع حتى وصل الصف وروى عنه أنه كان يركع على عتبة المسجد ووجهه إلى القبلة ثم يمشي معترضا على شقه الأيمن ثم يعتد بها أن وصل إلى الصف أو لم يصل ولا يظن بمثله الاقدام على المنهي لأنا نقول المكروه فعل ذلك للواحد لا للجماعة لأن الواحد بذلك كالمصلي وحده في صف وهو فاسد عند بعض وجائز مكروه على الصحيح ويؤيد ما روى عن ابن مسعود ركوعه دون الصف مع غيره قال طارق كنا مع
ابن مسعود جلوسا فبلغه خبر الإقامة فقام وقمنا فدخلنا المسجد والناس في الركوع فكبر وركع ومشى وفعلنا مثل ما فعل فيحتمل أن زيد فعل ما فعل وقد كان معه غيره فكان بذلك جماعة ويجب الحمل على هذا رفعا للخلاف بين فعل زيد وبين ما روى من النهي بقوله لا تعد ولا يعارض قوله أيكم الذي ركع دون الصف ما روى عن أنس قال أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما أقيمت الصلاة قبل أن يكبر فقال: "أقيموا صفوفكم وتراصوا إني لأراكم من وراء ظهري" ولا ما روى عنه أنه جاء رجل بعد قيام الرسول صلى الله عليه وسلم فأسرع المشي فانتهى إلى الصف وقد حفزه النفس فقال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فراغه منها: "من المتكلم؟ " أو من القائل المكلمات فسكت القوم فقال مثلها قال: "من هو فإنه لم يقل بأسا" أو قال إلا خيرا فقال الرجل جئت يا رسول الله فأسرعت المشي فانتهيت إلى الصف وقد حفزني النفس فقلت الذي قلت قال لقد رأيت اثنى عشر ملكا يبتدرونها أيهم يرفعها ثم قال: "إذا جاء أحدكم الصلاة فليمش على هينته فليصل ما أدركه وليقض ما سبقه" وإن كان فيه استعلام من الغير ما كان خلفه لأن الرؤية قد تكون بالعلم كما تكون بالعين قال تعالى: {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} أي علمتموه لأن الموت لا يعاين بالعين وقوله تعالى: حكاية عن شعيب {إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ} أي أعلمكم لأنه كان أعمى فمثله قوله صلى الله عليه وسلم: "إني لأراكم من وراء ظهري أعلم ما أنتم عليه في صلاتكم من خشوعكم فيها بما يلقيه الله تعالى في قلبه من ذلك ويعلمه به" فلا معارضة في شيء من ذلك والحمد لله.
قلت وفيه نظر لأن التعارض لا يندفع حينئذ للزومه بين قوله: "أيكم الذي ركع" وبين قوله: "إني لأعلم من وراء ظهري" إذا استعلام المعلوم محال كاستعلام المرئي أيضا ولا يندفع بما يقال قد لا يعلم إذا لم يعلمه الله تعالى ويكون عاما مخصوصا أي أعلم من وراء ظهري إلا في حال عدم إعلام الله تعالى لي لحكمة أرادها لأن الكلام سيق لتنبيه المخاطبين على لزوم الأدب فلو لم يكن