المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب اللعان فيه سبعة أحاديث روي عن حذيفة أن رسول الله صلى - المعتصر من المختصر من مشكل الآثار - جـ ١

[جمال الدين الملطي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌كتاب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وخصائصه ومعجزاته وسِنِّه ووفاته

- ‌ما جاء في أسماء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ما جاء في خصائصه صلى الله عليه وسلم

- ‌ما جاء في معجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌ما جاء في نبوة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ما جاء في سنه صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب الوضوء

- ‌في فضل الوضوء

- ‌في غسل اليد ابتداء

- ‌في اسباغ الوضوء

- ‌في الوضوء من النوم

- ‌غسل الذكر من المذي

- ‌في المسح على الخفين

- ‌في التيمم

- ‌في العرق

- ‌سور الدواب والسباع

- ‌في الارواث

- ‌في الاستحاضة

- ‌في اتيان الحائض

- ‌في ترك الجمعة

- ‌في وجوب غسل المرأة إذا احتلمت

- ‌كتاب الصلاة

- ‌في تفضيل المساجد

- ‌في فضل المكتوبة في المساجد

- ‌في فضل النافلة في البيت

- ‌في مسجد قباء

- ‌في بناء المسجد

- ‌في مسجد الدار

- ‌في الأذان

- ‌في الأجرة على الأذان

- ‌في الصلاة خير من النوم

- ‌في الصلاة في الرحال

- ‌في أمانة المؤذن

- ‌في التنافس على الأذان

- ‌في حضور الجماعة

- ‌في التنفل قبل المغرب

- ‌في وقت القيام إلى الصلاة

- ‌في وقت تكبير الإمام

- ‌في التوجيه

- ‌في رفع اليدين

- ‌في قراءة الفاتحة

- ‌في مقدار القراءة فيها

- ‌في تطويل الأركان

- ‌في معرفة المقبول من الصلاة

- ‌في السجود

- ‌في إقامة الصلب من الركوع

- ‌فيما يقال في السجود

- ‌فيما يقال في الركوع

- ‌‌‌في الركوع دون الصف

- ‌في الركوع دون الصف

- ‌في جلسة الاستراحة

- ‌فيمن ركع أو سجد قبل إمامه

- ‌في إدراك ركعة منها

- ‌في التشهد

- ‌في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌في النهي عن الاقعاء

- ‌في العقص

- ‌في مس الحصى

- ‌في التنحنح والتسبيح

- ‌في وجوب الجواب على المصلي

- ‌في المرور بين يدي المصلي

- ‌في وقت العشاء

- ‌في تسميتها العتمة

- ‌في الوتر

- ‌في القنوت

- ‌في سنة الفجر

- ‌في صلاة القاعد

- ‌في هيئة القعود

- ‌فيمن نام عن حزبه

- ‌في الأوقات المكروهة

- ‌فيمن نام عن صلاة

- ‌في التنفل بعد صلاة العصر

- ‌في الإشارة في الصلاة

- ‌في إمامة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌في إمامة الجالس

- ‌فيمن هو أحق بالإمامة

- ‌في إمامة الصبي

- ‌في قصر الصلاة

- ‌في اتمام عثمان

- ‌في سبب إتمام عائشة

- ‌في سجدة التلاوة

- ‌في السجدة في المفصل

- ‌في فضل الجمعة

- ‌في الاحتباء يوم الجمعة

- ‌في التنفل بعد الجمعة

- ‌في خطبة العيد

- ‌في تكبير الطريق إلى المصلى

- ‌في اجتماع عيدين

- ‌في صلاة السكران

- ‌في ترك الصلوات

- ‌في الصلاة بغير طهارة

- ‌في ترك الجمعة

- ‌في فوت العصر

- ‌في التخلف عن الجماعة

- ‌في فضيلة الجماعة

- ‌في صون المساجد

- ‌فيمن نام حتى أصبح

- ‌في الإراحة بالصلاة

- ‌في الصلاة الوسطى

- ‌في حمل المصلى صغيرة

- ‌في تشبيك الأصابع

- ‌في انتظار الإمام من يجيء بعد شروعه فيها

- ‌في البداءة بالعشاء قبل العشاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌في توجيه المحتضر القبلة

- ‌في التكفين

- ‌في الصلاة على المنافق

- ‌في الصلاة على المرجومة

- ‌في الصلاة على قاتل نفسه

- ‌في الصلاة على النجاشي

- ‌في الصلاة على القبر

- ‌في الدعاء على الميت

- ‌في ثواب المصلى عليها

- ‌في عدد من يشفع في الميت

- ‌في الصلاة على الشهيد

- ‌في الصلاة على حمزة رضي الله عنه

- ‌في اللحد والشق

- ‌في إلحاد المرأة

- ‌إقبار زينب أم المؤمنين

- ‌في فتنة القبر

- ‌في عذاب القبر

- ‌في سماع عذاب القبر

- ‌في زيارة القبور

- ‌في عذاب الميت

- ‌في ثناء الناس على الميت

- ‌في الاستغفار للمشرك

- ‌في الأطفال

- ‌في إسلام الصغير

- ‌فيمن رضي بإحراق نفسه

- ‌في عجب الذنب

- ‌كتاب الزكاة

- ‌في محرم السؤال

- ‌في محرم الأخذ

- ‌في من يحل له أخذها

- ‌في إعطائها لمن لا تحل له

- ‌في المعادن

- ‌في تحليف المزكى

- ‌في السن المأخوذ في الصدقة

- ‌في ذكر العناق والعقال

- ‌في لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين مفترق

- ‌في صدقة الفطر

- ‌في مقدارها

- ‌في الاكتفاء بنصف صاع من الحنطة

- ‌كتاب الصيام

- ‌في رؤية الهلال

- ‌في شهادة الواحد به

- ‌في السحور

- ‌في بيان وقته

- ‌في صوم الجنب

- ‌في تناول الصائم البرد

- ‌في قيئ الصائم

- ‌في الافطار متعمدا

- ‌في الصيام عن الميت

- ‌في الفدية

- ‌في صيامها بغير إذن زوجها

- ‌في ستة من شوال

- ‌في عاشوراء

- ‌في صيام العشر

- ‌في "الصوم لي

- ‌في أي الصيام أفضل

- ‌في "شهرا عيد لا ينقصان

- ‌في صوم يوم عرفة

- ‌كتاب الاعتكاف

- ‌في اعتكاف المرأة

- ‌في الاعتكاف فيما سوى المساجد الثلاثة

- ‌في الصوم للاعتكاف

- ‌كتاب ليلة القدر

- ‌كتاب الحج

- ‌في رفع الصوت

- ‌في دخول الكعبة

- ‌في ما يرخص للمحرم

- ‌في الثوب المعصفر

- ‌في لبس الخفين

- ‌في صيد المحرم

- ‌في صيد البر

- ‌في العمرة في أشهر الحج

- ‌في الطواف

- ‌في السعي

- ‌في عرفة والمزدلفة

- ‌في الإفاضة من عرفات

- ‌في الإفاضة من جمع

- ‌في من أدرك جمعا

- ‌في الجمار

- ‌في المبيت بمنى

- ‌في الحلق والتقصير

- ‌في نفي الحرج عمن قدم أو أخر

- ‌في المحصر

- ‌في الهداية

- ‌في البدنة عن سبعة

- ‌في الفرق بين البقر والبدنة

- ‌في نهبة لحم الهدايا

- ‌في الحج عن الغير

- ‌في حج الصرورة

- ‌في حج الصغير

- ‌في بعث أبي بكر ثم علي رضي الله عنهما بسورة براءة

- ‌في الحج الأكبر

- ‌في حرم مكة المشرفة

- ‌في حشيش الحرم

- ‌في حرم المدينة

- ‌في لا صرورة في الإسلام

- ‌كتاب الجهاد

- ‌في فضل الجهاد

- ‌في الشهيد

- ‌في الاشتغال بالحرث عن الجهاد

- ‌في الجهاد في الأبوين

- ‌في خير الأصحاب والسرايا والجيوش

- ‌في المسافر بالقرآن إلى العدو

- ‌في القتال في الأشهر الحرم

- ‌في تولية الأمراء

- ‌في تخريب العامر

- ‌في قتل النساء والصغار

- ‌في الفرار من الزحف

- ‌في حمل واحد على جيش

- ‌في قتل الكافر بعد قول لا إله إلا الله

- ‌في الوصية بالقبط

- ‌في فتح مكة وقتل من أمر بقتله

- ‌في قتل على أهل الأهواء

- ‌في الهجرة بعد الفتح

- ‌في قدوم مسيلمة الكذاب

- ‌في تأمين رسل الكفار

- ‌في قبول هدايا أهل الحرب

- ‌في قسم ما أفاء الله عليه

- ‌في الاستعانة بالمشرك

- ‌في إسهام من لم يشهد الحرب

- ‌في ما للعبيد من المغنم

- ‌في الغنائم والأسرى

- ‌في الغلول

- ‌في السلب

- ‌في حكم من خرج إلينا من عبيدهم

- ‌في نقل راس الكافر

- ‌في قتل كعب بن الأشرف

- ‌في كتابه صلى الله عليه وسلم لأهل أيلة ببحرهم

- ‌في عطاء المحررين

- ‌في كسرى وقيصر

- ‌في الجزية

- ‌في الجعائل

- ‌كتاب النذور والأيمان

- ‌ما جاء في الاستثناء باليمين

- ‌في الإدام

- ‌في اليمين بغير الله تعالى

- ‌في النذر

- ‌كتاب الضحايا

- ‌في من تجب عليه الأضحية

- ‌فيما يؤمر به من وجبت عليه

- ‌في ما يجوز تضحيته

- ‌كتاب الذبائح والصيد

- ‌مدخل

- ‌في ما قطع من الحي

- ‌في الذكاة بغير الحديد

- ‌في الذكاة بغير إذن المالك

- ‌في الضفدع

- ‌في لحم الخيل وغيره

- ‌في جلد الميتة

- ‌في أكل ما بات من الصيد

- ‌في الطافي

- ‌في الفارة تقع في السمن

- ‌في العتيرة

- ‌كتاب العقية

- ‌كتاب الأشربة

- ‌في الخمر وتخليلها

- ‌في الأشربة المحرمة

- ‌كتاب النكاح

- ‌في نكاح اليتيمة

- ‌في إنكاح الأولياء

- ‌في نكاح المحرم

- ‌في الصداق والوفاء بالشرط

- ‌في مقدار الصداق

- ‌في المفوضة

- ‌في نكاح الموهوبة

- ‌في إجابة الدعوة

- ‌في ما يوجب ترك حضورها

- ‌في من لا يجوز الجمع بينهم

- ‌في القسم بين الزوجات

- ‌في ما أحل له من النساء

- ‌في العزل

- ‌في إتيان دبر النساء

- ‌في تأديب الزوجة

- ‌في وطء المسبية المشركة

- ‌في نكاح العبد بغير إذن سيده

- ‌في كراهة التزوج على فاطمة

- ‌في الكحل للمتوفي في عنهاز وجها

- ‌كتاب الطلاق

- ‌في طلاق حفصة

- ‌في طلاق الحامل وحيضها

- ‌في قوله: "الحقي بأهلك

- ‌في متعة الطلاق

- ‌في ارتداد الزوجة

- ‌في الطلاق في الإغلاق

- ‌في الحلف بطلاق من يتزوج

- ‌في طلاق العبد

- ‌في مقدار مدة الحمل

- ‌في مقام المتوفى عنها زوجها

- ‌كتاب الرضاع

- ‌مدخل

- ‌في الرضاع المحرم

- ‌في وطء المرضعة

- ‌في الإيلاء

- ‌في الحضانة

- ‌كتاب اللعان

- ‌كتاب البيوع

- ‌مدخل

- ‌في التجار

- ‌في المكيال والميزان

- ‌في اقتضاء النقدين

- ‌في ما يدخل فيه الربا

- ‌في بيع الرطب بالتمر

- ‌في بيع قلادة فيها ذهب

- ‌في الربا مع أهل الحرب

- ‌في الوضيعة على تعجيل الحق

- ‌في النهي عن الثنيا وبيع الغرر والحصا

- ‌في بيع الطعام قبل قبضه

- ‌في البيع والشرط

- ‌في الصفقة تجمع حلالا وحراما

- ‌في الزيادة عند القضاء

- ‌في ما يهدي إلى العمال

- ‌في الزيادة على الثمن وغيره

- ‌في اختلاف المتبايعين

- ‌في خيار المجلس

- ‌في بيع الثمار

- ‌في التجاوز في النقد

- ‌في شراء الشيء بأقل من قيمته

- ‌في ثمن الكلب

- ‌في العهدة

- ‌كتاب الإجارات

الفصل: ‌ ‌كتاب اللعان فيه سبعة أحاديث روي عن حذيفة أن رسول الله صلى

‌كتاب اللعان

فيه سبعة أحاديث

روي عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: "أرأيت لو وجدت مع أم رومان رجلا ما كنت صانعا به؟ " قال: كنت صانعا به شرا، قال:"فأنت يا عمر؟ "، قال: كنت قاتله قال: "فأنت يا سهيل بن بيضاء؟ "، قال: كنت أقول أو قائلا لعن الله إلا بعد ولعن البعدي ولعن أول الثلاثة أخبر بهذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تأولت القرآن يا ابن بيضاء {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} " الآية أما قول أبي بكر فإنه مكشوف المعنى وأما قول عمر: كنت قاتله وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الإنكار عليه والزجر له والمنع منه يدل على إطلاقه إياه له ولم نعلم أحدا من أهل الفتوى قال به فينبغي أن يكون هذا منسوخا إذ لا يتهمون على تركه والعمل بضده إن ثبت جماعهم على خلافه وقد قال محمد بن سيرين في متعة الحج نهى عنها أبو بكر وعمر وعثمان وهم شهدوها وهم نهوا عنها فليس في رأيهم ما يرد ولا في نصيحتهم ما يتهم وإن لم يكن إجماعا وكان من أهل العلم من قال به يجب أخذه ولا يسع القول بغيره وفي قول سهيل موضعان من الفقه.

أحدهما: إباحة لعن العصاة ويكون مخصوصا من عموم نهي الأمة عن اللعن والثاني سكوته عن إظهار ما اطلع عليه من زوجته وترك اللعان معها لئلا يكون قاذفا للمحصنة عند الناس وإن كان في الباطن بخلافها فإن الله تعبد عباده بالظواهر وأجرى الأحكام عليها وتولى السرائر ولأن المقصود من اللعان الفرقة وهو قادر عليها بطلاقه إياها من غير شيء يلحقه فحمده صلى الله عليه وسلم وأعلم بالموضع الذي أخذه منه.

ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" ذهبت طائفة إلى أن الولد المولود على فراش الرجل إذا نفاه

ص: 326

لا ينتفي منه بلعان ولا بما سواه وروى عن الشعبي أنه قال: خالفني إبراهيم وابن معقل وموسى في ولد الملاعنة فقالوا: نلحقه به فقلت: ألحقه به بعد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين ثم دبر بالخامسة إن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فكتبوا فيه إلى المدينة فكتبوا أن يلحق بأمه ولا حجة لمن ذهب إليه بما في هذا الحديث لأنه يحتمل أن يكون المراد به المدعين لأولاد إماء غيرهم كما كانوا يدعونهم في الجاهلية حتى دخل الإسلام عليهم وهم على ذلك كما كان من عتبة في ابن امة زمعة ما كان حتى قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول المذكور في هذا الإثر فأما نفي أولاد الزوجات فليس من ذلك في شيء لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قضى في ذلك بالملاعنة والإلحاق بأمه دون المولود على فراشه روى مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعن بين رجل وامرأته وفرق بينهما وألحق الولد بالمرأة وإن كان مالك انفرد بزيادة هذا الحرف من بين أصحاب نافع فهو إمام حافظ ثبت في روايته يقبل ما زاد كما يقبل ما انفرد به وروى عن واثلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرز المرأة ثلاث مواريث عتيقها ولقيطها والولد الذي لاعنت عليه وفيه توريثها إياه بعود نسبه إليها وانتفائه ممن لاعنته به فوق ما كانت ترث منه لو لم يلاعن به وفيه ما يدل على التوارث بالأرحام إذا لم تكن للميت عصبة وكانت أمه ذات سهم فورثت ما بقي من ميراثه بذلك.

ومنه عن ابن مسعود قال: قام رجل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة فقال: أرأيتم إن وجد رجل مع امرأته رجلا فإن هو قتله قتلتموه وإن هو تكلم جلدتموه وإن سكت سكت على غيظ شديد اللهم احكم فأنزلت آية اللعان قال عبد الله: فابتلى به وكان رجلا من الأنصار جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلاعن امرأته فلما أخذت المرأة لتلعن قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مه" فلما أدبرت قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعلها إن تجئ به أسود جعدا" كان أهل العلم يختلفون في الرجل ينفي حمل امرأته فكان

ص: 327

بعضهم يقول: يلاعن بينه وبينها عليه كما يلاعن بينه وبينها عليه لو كان مولودا قبل ذلك فنفاه وهو قول مالك والشافعي وقال به أبو يوسف مرة وبعضهم يقول لا يلاعن بينهما عليه لأنه يحتمل أن لا يكون حملا ولا فرق بين أن يولد بعده بمدة ستة أشهر أو أقل وهو مذهب أبي حنيفة وقال محمد وهو قول أبي يوسف المشهور عنه إن ولدت لمدة أقل من ستة أشهر يلاعن محتجا بما روى عن ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم لاعن بالحمل وهو حديث أصله حديث ابن مسعود المقدم وليس فيه ذكر الملاعنة بحمل وإنما فيه ذكر الملاعنة فقط ويجوز أن يكون ملاعنة بالقذف لا بل الحمل فإن قيل قوله "لعلها أن تجئ به أسود جعدا" يدل على أن الملاعنة بالحمل قلنا: لو كان اللعان بذلك الولد لما اختلف الحكم فيه جاء أسود أو خلافه إذ كان اللعان قد نفاه وليس بعد الشبه منه يحقق أنه ليس منه ولا قرب الشبه به يحقق أنه منه وفيه نظر إذ لا تأثير للشبه في لحوق النسب ولا في سقوطه كان اللعان بالقذف أو بالحمل

ومنه ما روي عن ابن عباس أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال مالي عهد باهلي مذ عفرنا النخل فوجدت مع امرأتي أظنه حملا زوجها مصفر حمش سبط الشعر والذي رميت به إلى السواد جعد قطط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم بين" ثم لاعن بينهما فجاءت به شبه الذي رميت به لا دليل فيه أيضا على أن اللعان كان بذلك الولد أو بالقذف دونه وكذلك ما روي عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعن بين العجلاني وزوجته وكانت حبلى فقال زوجها: والله ما قربتها منذ عفرنا النخل والعفر أن تسقي بعد أن تترك من السقي بعد الابار شهيرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم بين" فزعموا أن زوج المرأة كان حمش الذراعين والساقين أصهب الشعر وكان الذي رميت به ابن السعماء فجاءت بغلام أسود رجل جعد قطط عبل الذراعين خدل الساقين قال القاسم قال ابن شداد بن الهادي: يا ابن عباس هي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كنت راجما امرأة بغير بينة لرجمتها"

ص: 328

فقال ابن عباس: لا ولكن تلك امرأة كانت قد أعلنت في الإسلام ليس فيه أيضا ذكر الملاعنة بحمل ولا غيره فهو كما قبله من الأحاديث ومنه عن ابن عباس ذكر التلاعن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عاصم بن عدي في ذلك قولا ثم انصرف فاتاه رجل من قومه يشكو إليه أنه وجد مع امرأته رجلا فقال عاصم ما ابتليت بهذا إلا بقولي فذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبره بالذي وجد عليه امرأته وكان ذلك الرجل مصفرا قليل اللحم سبط الشعر وكان الذي ادعى عليه أنه وجده عند أهله آدم كثير اللحم خدلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم بين" فوضعت شبها بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجده عندها فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما فقال رجل لابن عباس في المجلس: هي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو رجمت أحدا بغير بينة لرجمت هذه"؟ فقال ابن عباس: لا تلك امرأة كانت تظهر السوء في الإسلام فيه ملاعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ذينك الزوجين بعد وضع الحمل فانتفى بذلك أن تكون فيه حجة لمن يوجب اللعان بالحمل وكان القول في الحمل إذا نفى أن لا لعان به حتى يوضع لما يعلم أنه كان محمولا به حين نفى ثم يكون اللعان به بعد ذلك كما قال أبو يوسف ومحمد

ومنه ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رجلا من الأنصار من بني زريق قذف امرأته فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد ذلك أربع مرات على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلت آية الملاعنة فقال: "أين السائل إنه قد نزل من الله أمر عظيم؟ "، فأبى الرجل ألا أن يلاعنا وأبت هي إلا أن تدرأ عن نفسها العذاب فتلاعنا فقال رسول الله صلى الله غليه وسلم:"أما هي تجئ به أصفر أحيمش مسبول العظام" فهو للملاعن وأما تجئ به أسود كالجمل الأورق فهو لغيره فجاءت به أسود كالجمل الأورق فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله لعصبة أمه فقال: "لولا الإيمان التي مضت لكان لي فيه كذا وكذا" فهذا الحديث كالذي مضى قبله ليس فيه أنه كان اللعان بالقذف أو بالحمل وفيه جعل المولود

ص: 329

لعصبة أمه وهي قرينة اللعان بالولد فلهذا اختلف فيه عبد الله بن عمر وابن عباس فقال أحدهما كان قبل وضع أمه إياه وقال الآخر كان بعد وضعها إياه وهذا أولى القولين واحتج من أثبت اللعان بنفي الحمل قبل وضعه بقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} فكما تستحق المبانة النفقة لأن يغتذي به ولده في بطنها كذلك تستحق أن تلاعنه إياه قبل وضعها إذ أنفاه وجوابه أن وجوب النفقة للمبانة ليس لاعتذاء الولد بل للاعتداد ولهذا تجب عند بعض وإن لم تكن حاملا وكان ينبغي أن تسقط النفقة إذا كان الحمل موسر أبان ورث مالا من أخ له مات وأمه حامل به آذلا تجب نفقة على والد في ابن له موسر وإنما المراد بقوله: {حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} بيان نهاية الإنفاق لا غير ويدل عليه قوله: {فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} دون فانفقوا على ما هن به حوامل واحتج أيضا بالسنة الثابتة في قضائه صلى الله عليه وسلم في دية شبه العمد بالخلفات التي في بطونها أولادهافلو كان الحمل عير مدرك لما صح القضاء بذلك ولا حجة في ذلك لأن الحكم بناؤه على الظاهر ويحتمل أن لا يكون كذلك لكنه إذا كن حوامل كما ظهر منهن مضي ذلك وإن تبين خلافه يجب ردهن ولامطالبة بحوامل وكذلك بنات آدم لا يمكن تحقيق الأمر فيهن إلا بغلبة الظن وقد يخطئ يؤيده لو حلف إن كانت امراته حاملا فعبده حر وكان الظاهر حملها ثم مات أبو العبد قبل ن تضع لا يحكم له بيمراثه اتفاقا إذ قد لا يكون حمل فلا يعتق فلا يرث وفيما ذكرنا ما ينفي أن تبقى للمحتج حجة فيما ذكر ومخالفه لا يقول بوجوب النفقة للمبانة إلا بسبب العدة مطلقا ولا يقول بوجوب الخلفات في دية شبه العمد فقد ظلمه فيما احتج به عليه من ذلك فلا يلزمه ما ألزمه عليه والصحيح في مسألة نفي الحمل ما روي عن محمد مما وفاقه عليه أبو يوسف وقيل الفرق عند من لا يرى ملاعنة الحامل قبل وضعه ويوجب النفقة قبل وضعه بسبب الحمل أن اللعان إذا مضى لا يقدر على رده والإنفاق يقدر على استرجاعه وروي عن مالك أنه لا يحكم

ص: 330

للمبانة بالنفقة حتى تضع حملها ثم يحكم بنفقة ما مضى وهو على قياس الملاعنة في أنها لا تكون إلا بعد وضعه إلا أنه مخالف لظاهر قوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} الآية.

ومنه ما روي عن سهل الساعدي أن عويمر العجلاني جاء إلى عاصم ابن عدي فقال: أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله أتقتلونه به سل يا عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء عاصم فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة وعابها فقال عويمر: والله لآتين النبي صلى الله عليه وسلم فجاء وقد أنزل الله تعالى خلاف قول عاصم فقال صلى الله عليه وسلم: "قد أنزل الله فيكم قرآنا" فدعاهما فتقدما فتلاعنا ثم قال كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها ففارقها وما أمر بفراقها فجرت سنة في المتلاعنين فقال رسول الله: "إن أمسكتها ففارقها" وما أمر بفراقها فجرت سنة في المتلاعنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انظروها فإن جاءت به أحمر قصيرا مثل وحرة فلا أراه إلا وقد كذب عليها وإن جاءت به أسحم أعين ذا اليتين فلا أحسبه إلا قد صدق" عليها فجاءت به على الأمر المكروه قوله إن جاءت به كذا فكذا وإن جاءت به كذا فكذا يدل على أنه لم يكن منه صلى الله عليه وسلم تحقيق لإثبات نسب بشبهه ولا لنفيه بضده من الشبه وإن ذلك إنما كان على ما يقع في القلوب في مثل هذا المعنى وما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث التي ذكرناها "إن جاءت به كذا فهو لفلان وإن جاءت به كذا فهو لفلان" يعارضه حديث سهل هذا وهو أولى لأن فيه زيادة حفظها سهل وقصروا عنها وفي ذلك ما يدل على أنه لم يكن فيه إثبات نسب ولا نفيه.

ومنه ما روي عن سعيد بن جبير عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعن بين أخوي بني العجلان ثم قال: "الله يعلم أن أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها" فقال: مهرى الذي دفعته إليها فقال صلى الله عليه وسلم: "إن كنت صادقا عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كاذبا عليها فهو أبعد لك منه". قال الشافعي في قوله: "لا سبيل لك عليها" دليل على أنه لا يجوز له أن يتزوجها

ص: 331

أبدا وهي مختلف فيها فقال مثل قوله مالك وأبو يوسف وقال أبو حنيفة ومحمد أنه لا يتزوجها ما كان مقيما على قوله ومتى رجع عنه وأكذب نفسه فحد لذلك جاز له أن يتزوجها ولا حجة في قوله: "لا سبيل لك عليها" لأنه إنما قاله جوابا له في طلبه منها المهر الذي دفعه إليها.

قال الطحاوي: وكان سعيد بن جبير الذي عليه مدار الحديث يقول إذا لاعن الرجل امرأته وفرق بينهما ثم أكذب نفسه ردت إليه امرأته ما كانت في العدة ومذهب الشافعي أن تأويل الراوي هو المعتبر كما استدل في الفرقة بعد البيع على مراد النبي صلى الله عليه وسلم بتأويل ابن عمر بأنه كان يفعله وجعل قول ابن عمر فيما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد إن ذلك في الأموال حجة له في ذلك حتى لا يكون حجة عنده إلا في الأموال خاصة وفيه نظر لأن الشافعي قاله في الصحابة وقد احتج بعض من ذهب إلى أن المتلاعنين لا يجتمعان أبدا بقول الزهري عقيب وسعيد بن جبير تابعي روايته عن سهل حضور ملاعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الزوجين فمضت السنة أنهما إذا تلاعنا فرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا ولا حجة فيه إذ يجوز أنه أراد مادام الملاعن على قذفه ولم يكذب نفسه يدل عليه أنه قد روي عنه أن المتلاعنين لا يتراجعان أبدا إلا أن يذكب نفسه فيجلد الحد ويظهر براءتها فلا جناح عليهما أن يتراجعا وقاله قبله سعيد بن المسيب روى عنه أنه قال: أن الملاعن إذا أكذب نفسه ردت امرأته يريد بتزويج جديد وهو قول إبراهيم أن ضرب بعد ذلك يعني الملاعن فهو خاطب من الخطاب يتزوجها إن شاء وشاءت وما روي عن عمر وابن مسعود أن المتلاعنين لا يجتمعان أبدا محمول على ما إذا كان باقيا على دعواه ولم يرجع وهذا القول أولى لأن العلة الموجبة لللعان الموجب للفرقة ثبوت الزوج على مقاله بدليل أنه لو رجع عنه قبل اللعان فحد لم تكن فرقة فلذلك إذا رجع بعد اللعان زال حكم اللعان الموجب للفرقة بزوال العلة ووسعهما الاجتماع.

ص: 332