الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي صلى الله عليه وسلم: "لكم كذا وكذا" فلم يرضوا فقال: "لكم كذا وكذا" فرضوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني خاطب العشية على الناس ومخبرهم برضاكم"، قال:"أرضيتم؟ " قالوا: لا، قال: فهم بهم المهاجرون فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يكفوا عنهم ثم دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم فزادهم فقال: "أرضيتم؟ " قالوا: نعم قال: "فإني خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم"، قالوا: نعم فخطب الناس فقال: "أرضيتم؟ " قالوا: نعم، فيه معنى لطيف من الفقه يجب أن يوقف عليه ويوقف به على أن الزيادة في هذا المعنى بحلاف الزيادة في المعنيين اللذين ذكرناهما في الحديث الذي قبل هذا وذلك إن الزيادة فيهما زيادة فيما يجوز نقصه واستئناف العقد فيه فجازت الزيادة في ذلك وكان الصلح على أبي جهم مما لا يجوز أن يتناقضه رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين صالحهم عنه لأن رجلا لو شج رجلا شجة أو جنى عليه جناية فصالحه منها على شيء أو صولح منها عنه على شيء ثم أرادعا قدا ذلك الصلح أن يتناقضاه بينهما ليمكن لهما ذلك وما هذا سبيله فالزيادة فيه غير لاحقة بأصله ومختلف فيها فبعضهم قال: أنها باطلة وأنها راجعة إلى الذي زادها وهو أبو حنيفة وأبو يوسف وبعضهم قال: أنها هبة من الذي زادها فإن قبضها جاز وأن منعه منها لم يجبر على تسليمها إليه وهو زفر ومحمد وقول عن مالك ونحن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدفع إلى أولئك القوم ما لا يحل لهم أخذه لان شريعته تحريم الربا وإطعامه فدل ذلك على طيبه وأنه صار هبة منه كما قال من قاله وفعله صلى الله عليه وسلم الحجة على الناس جميعا وقيل يجبر على التسليم عند مالك كما هو مذهبه في الهبة.
في اختلاف المتبايعين
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البيعان إذا اختلفا وليس بينهما شاهد فالقول ما قال البائع أو يترددان" قال الطحاوي: ذكرت هذا لأحمد بن شعيب وقلت: هل عندك فيه شيء يتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم فذكر من رواية عبد الرحمن بن الأشعث عن أبيه عن جده قال: قال عبد الله: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا اختلف المتبايعان وليست بينهما بينة فهو ما يقول رب السلعة أو يتتاركان" وقد ذكرت هذا الباب قبل هذا لأحمد ابن أبي عمران وقلت: له هل عندك فيه شيء يتصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال لي: أما إن أجده منصوصا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ولكن الحجة قد قامت به من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اليمين على المدعى عليه" لأن المتبايعين إذا اختلفا في ثمن المبيع فقد ادعى كل واحد منهما بيعا بثمن غير البيع الذي ادعاه صاحبه بالثمن الذي ادعاه به فكانا بذلك متداعيين فوجب التحالف لينفي كل واحد منهما دعوى صاحبه ويكون المبيع بحاله بيد البائع بغير حجة قامت لأحدهما على صاحبه.
فإن قيل قد اتفقا على أن المبيع ملك المبتاع وإنما الاختلاف في الثمن فوجب أن يكون المبيع له ويلزم المشتري ما أقربه ويحلف على ما ينكره كرجل ادعى على رجل مالا فصدقه في بعضه وأنكر البعض.
قلنا: ليس الأمر كما ذكر لأن الاختلاف في الثمن موجب لاختلاف العقد الاترى إذا ادعى على آخر ألف درهم وخمسمائة فأنكر المدعى عليه فأقام شاهدا بألف وآخر بألف وخمسمائة يقضي بالألف التي اتفق الشاهد أن عليه ولو ادعى البيع بألف وخمسمائة فشهد أحدهما بألف والآخر بألف وخمسمائة لا يقضي بشيء فعقلنا بذلك افتراق الحكم في المسئلتين كما ذكرنا فغنينا بهذا عن طلب الإسناد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدعيين في الثمن المختلفين فيه وهو قول محمد بن الحسن وقد كان أبو حنيفة وأبو يوسف يذهبان إلى ما قال هذا القائل الذي احتججنا عليه وكانا يقولان إذا اختلفا في ثمن المبيع تحالفا وترادا إذا كان قائما وإذا كان فائتا فالقول قول المشتري لأن الذي يوجبه القياس أن يكون القول قول المشترى ولكنه ترك في القائم لمكان الحديث المروي وفي الفائت لم يوجد نص فأجرى على القياس قال ابن أبي عمران ولو لم يكن نص كان القياس يوجب ما قد روى عنه صلى الله عليه وسلم وإذا كان ذلك كذلك