الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقتله غياهم ووجودهم على الصفة التي وصفهم عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من الخصائص التي اختص الخلفاء بها فاختص أبا بكر بقتال أهل الردة وعمر بقتال العجم حتى فتح الله على يديه وأظهر به الدين وعلى بن أبي طالب بقتال الخوارج المقاتلين على تأويل القرآن وعثمان بن عفان بجمع القرآن على حرف واحد فقامت به الحجة وأبان به أن من خالف حرفا منه كان كافرا وأعاذنا به أن نكون كأهل الكتابين قبلنا الذين اختلفوا في كتابهم حتى تهيأ منهم تبديله فرضوا الله على خلفاء رسوله جزاهم الله عنا أفضل ما جازى به أحدا من خلفاء أنبيائه على طاعتهم إياه ونحمد الله على ما عرفنا به من أماكنهم وفضائلهم وخصائصهم ولم يجعل في قلوبنا غلالا لأحد منهم ولا لمن سواهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين أنه أرحم الراحمين.
في الهجرة بعد الفتح
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم الفتح: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا" وفيما روى عن مجاشع بن مسعود أنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح بأخي معبد ليبايعه فقلت: يا رسول الله جئتك بأخي معبد لتبايعه على الهجرة، فقال:"ذهب أهل الهجرة بما فيها" فقلت: على أي شيء تبايعه؟ فقال: "على الإيمان أو على الإسلام والجهاد" زاد في حديث آخر: "فإنه لا هجرة بعد الفتح ويكون من التابعين بإحسان" وروى عن صفوان أنه قال: لما فتحت مكة جاء بابنه فقال: يا رسول الله اجعل لي نصيبا من الهجرة فقال: "لا هجرة اليوم" فدخل على العباس فخرج العباس في قميص ليس عليه رداء فقال: يا رسول الله قد عرفت فلانا والذي كان بيني وبنيه وأنه جاء بابنه فما يمنعه قال: "لا هجرة" فقال العباس: يا رسول الله أقسمت فمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ومسح عليه وأدخل يديه وقال: "أبررت عمي ولا هجرة" وروي عن عائشة أنه قيل لها: يا أم المؤمنين هل من هجرة اليوم قالت: لا ولكن جهاد ونية إنما كانت الهجرة قبل فتح مكة والنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة
يفر الرجل بدينه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ففيها أن الهجرة قد انقطعت بفتح مكة وفي حديث عائشة بيان السبب ودل على ذلك أيضا ما كان من الإطلاق لصفوان بالرجوع إلى مكة لما قدم عليه بالمدينة حين قيل له قبل ذلك لا دين لمن لم يهاجر إذ لو كان الحكم على ما كان عليه لما أباح له الرجوع إلى الدار التي هاجر منها كما لم يطلق ذلك للمهاجرين إليه قبل الفتح حتى جعل لهم إذا قدموها لحجهم إقامة ثلاثة أيام بعد الصدر لا زيادة عليها وكان المهاجرون يشفقون من إدراك الموت إياهم بها ويعظمون ذلك ويخشونه كما في حديث سعد بن أبي وقاص في مرضه عام الفتح بمكة وإشفاقه أن يموت بمكة وقوله اخلف عن هجرتي قال صلى الله عليه وسلم: "إنك لن تخلف بعدي فتعمل عملا تريد به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة ولعلك إن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضربك آخرون اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم" لكن البائس سعد بن خولة يرثى له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مات بمكة فلا دليل أدل على انقطاع الهجرة بعد فتح مكة من الآثار التي ذكرنا.
وروى عن ثلاثة من الصحابة ما يؤكده عن أبي سعيد الخدري قال لما نزلت {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قرأها الرسول صلى الله عليه وسلم حتى ختمها ثم قال: "أنا وأصحابي خير لا هجرة بعد الفتح" قال فحدثت بذلك مروان وكان على المدينة فما صدقني وعنده رافع بن خديج وزيد بن ثابت فقلت أما هذين لو شاءا حدثاك ولكن زيد يخاف أن تعزله عن الصدقة ورافع يخالف أن تعزله عن عرافة قومه قال فنبذ على بدرته فلما رأيا ذلك قالا صدق ولا يخالف هذا ما روى عن جنادة إن رجلا حدثه إن رجالا من الصحابة قالوا: إن الهجرة انقطعت واختلفوا في ذلك قال فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرضت القصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تنقطع الهجرة ما كان الجهاد".
وما روى عن عبد الله بن السعدي قال وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من بني سعد فقلت: يا رسول الله أخبرني عن حاجتي فقال: