المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في بيع قلادة فيها ذهب - المعتصر من المختصر من مشكل الآثار - جـ ١

[جمال الدين الملطي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌كتاب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وخصائصه ومعجزاته وسِنِّه ووفاته

- ‌ما جاء في أسماء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ما جاء في خصائصه صلى الله عليه وسلم

- ‌ما جاء في معجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌ما جاء في نبوة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ما جاء في سنه صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب الوضوء

- ‌في فضل الوضوء

- ‌في غسل اليد ابتداء

- ‌في اسباغ الوضوء

- ‌في الوضوء من النوم

- ‌غسل الذكر من المذي

- ‌في المسح على الخفين

- ‌في التيمم

- ‌في العرق

- ‌سور الدواب والسباع

- ‌في الارواث

- ‌في الاستحاضة

- ‌في اتيان الحائض

- ‌في ترك الجمعة

- ‌في وجوب غسل المرأة إذا احتلمت

- ‌كتاب الصلاة

- ‌في تفضيل المساجد

- ‌في فضل المكتوبة في المساجد

- ‌في فضل النافلة في البيت

- ‌في مسجد قباء

- ‌في بناء المسجد

- ‌في مسجد الدار

- ‌في الأذان

- ‌في الأجرة على الأذان

- ‌في الصلاة خير من النوم

- ‌في الصلاة في الرحال

- ‌في أمانة المؤذن

- ‌في التنافس على الأذان

- ‌في حضور الجماعة

- ‌في التنفل قبل المغرب

- ‌في وقت القيام إلى الصلاة

- ‌في وقت تكبير الإمام

- ‌في التوجيه

- ‌في رفع اليدين

- ‌في قراءة الفاتحة

- ‌في مقدار القراءة فيها

- ‌في تطويل الأركان

- ‌في معرفة المقبول من الصلاة

- ‌في السجود

- ‌في إقامة الصلب من الركوع

- ‌فيما يقال في السجود

- ‌فيما يقال في الركوع

- ‌‌‌في الركوع دون الصف

- ‌في الركوع دون الصف

- ‌في جلسة الاستراحة

- ‌فيمن ركع أو سجد قبل إمامه

- ‌في إدراك ركعة منها

- ‌في التشهد

- ‌في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌في النهي عن الاقعاء

- ‌في العقص

- ‌في مس الحصى

- ‌في التنحنح والتسبيح

- ‌في وجوب الجواب على المصلي

- ‌في المرور بين يدي المصلي

- ‌في وقت العشاء

- ‌في تسميتها العتمة

- ‌في الوتر

- ‌في القنوت

- ‌في سنة الفجر

- ‌في صلاة القاعد

- ‌في هيئة القعود

- ‌فيمن نام عن حزبه

- ‌في الأوقات المكروهة

- ‌فيمن نام عن صلاة

- ‌في التنفل بعد صلاة العصر

- ‌في الإشارة في الصلاة

- ‌في إمامة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌في إمامة الجالس

- ‌فيمن هو أحق بالإمامة

- ‌في إمامة الصبي

- ‌في قصر الصلاة

- ‌في اتمام عثمان

- ‌في سبب إتمام عائشة

- ‌في سجدة التلاوة

- ‌في السجدة في المفصل

- ‌في فضل الجمعة

- ‌في الاحتباء يوم الجمعة

- ‌في التنفل بعد الجمعة

- ‌في خطبة العيد

- ‌في تكبير الطريق إلى المصلى

- ‌في اجتماع عيدين

- ‌في صلاة السكران

- ‌في ترك الصلوات

- ‌في الصلاة بغير طهارة

- ‌في ترك الجمعة

- ‌في فوت العصر

- ‌في التخلف عن الجماعة

- ‌في فضيلة الجماعة

- ‌في صون المساجد

- ‌فيمن نام حتى أصبح

- ‌في الإراحة بالصلاة

- ‌في الصلاة الوسطى

- ‌في حمل المصلى صغيرة

- ‌في تشبيك الأصابع

- ‌في انتظار الإمام من يجيء بعد شروعه فيها

- ‌في البداءة بالعشاء قبل العشاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌في توجيه المحتضر القبلة

- ‌في التكفين

- ‌في الصلاة على المنافق

- ‌في الصلاة على المرجومة

- ‌في الصلاة على قاتل نفسه

- ‌في الصلاة على النجاشي

- ‌في الصلاة على القبر

- ‌في الدعاء على الميت

- ‌في ثواب المصلى عليها

- ‌في عدد من يشفع في الميت

- ‌في الصلاة على الشهيد

- ‌في الصلاة على حمزة رضي الله عنه

- ‌في اللحد والشق

- ‌في إلحاد المرأة

- ‌إقبار زينب أم المؤمنين

- ‌في فتنة القبر

- ‌في عذاب القبر

- ‌في سماع عذاب القبر

- ‌في زيارة القبور

- ‌في عذاب الميت

- ‌في ثناء الناس على الميت

- ‌في الاستغفار للمشرك

- ‌في الأطفال

- ‌في إسلام الصغير

- ‌فيمن رضي بإحراق نفسه

- ‌في عجب الذنب

- ‌كتاب الزكاة

- ‌في محرم السؤال

- ‌في محرم الأخذ

- ‌في من يحل له أخذها

- ‌في إعطائها لمن لا تحل له

- ‌في المعادن

- ‌في تحليف المزكى

- ‌في السن المأخوذ في الصدقة

- ‌في ذكر العناق والعقال

- ‌في لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين مفترق

- ‌في صدقة الفطر

- ‌في مقدارها

- ‌في الاكتفاء بنصف صاع من الحنطة

- ‌كتاب الصيام

- ‌في رؤية الهلال

- ‌في شهادة الواحد به

- ‌في السحور

- ‌في بيان وقته

- ‌في صوم الجنب

- ‌في تناول الصائم البرد

- ‌في قيئ الصائم

- ‌في الافطار متعمدا

- ‌في الصيام عن الميت

- ‌في الفدية

- ‌في صيامها بغير إذن زوجها

- ‌في ستة من شوال

- ‌في عاشوراء

- ‌في صيام العشر

- ‌في "الصوم لي

- ‌في أي الصيام أفضل

- ‌في "شهرا عيد لا ينقصان

- ‌في صوم يوم عرفة

- ‌كتاب الاعتكاف

- ‌في اعتكاف المرأة

- ‌في الاعتكاف فيما سوى المساجد الثلاثة

- ‌في الصوم للاعتكاف

- ‌كتاب ليلة القدر

- ‌كتاب الحج

- ‌في رفع الصوت

- ‌في دخول الكعبة

- ‌في ما يرخص للمحرم

- ‌في الثوب المعصفر

- ‌في لبس الخفين

- ‌في صيد المحرم

- ‌في صيد البر

- ‌في العمرة في أشهر الحج

- ‌في الطواف

- ‌في السعي

- ‌في عرفة والمزدلفة

- ‌في الإفاضة من عرفات

- ‌في الإفاضة من جمع

- ‌في من أدرك جمعا

- ‌في الجمار

- ‌في المبيت بمنى

- ‌في الحلق والتقصير

- ‌في نفي الحرج عمن قدم أو أخر

- ‌في المحصر

- ‌في الهداية

- ‌في البدنة عن سبعة

- ‌في الفرق بين البقر والبدنة

- ‌في نهبة لحم الهدايا

- ‌في الحج عن الغير

- ‌في حج الصرورة

- ‌في حج الصغير

- ‌في بعث أبي بكر ثم علي رضي الله عنهما بسورة براءة

- ‌في الحج الأكبر

- ‌في حرم مكة المشرفة

- ‌في حشيش الحرم

- ‌في حرم المدينة

- ‌في لا صرورة في الإسلام

- ‌كتاب الجهاد

- ‌في فضل الجهاد

- ‌في الشهيد

- ‌في الاشتغال بالحرث عن الجهاد

- ‌في الجهاد في الأبوين

- ‌في خير الأصحاب والسرايا والجيوش

- ‌في المسافر بالقرآن إلى العدو

- ‌في القتال في الأشهر الحرم

- ‌في تولية الأمراء

- ‌في تخريب العامر

- ‌في قتل النساء والصغار

- ‌في الفرار من الزحف

- ‌في حمل واحد على جيش

- ‌في قتل الكافر بعد قول لا إله إلا الله

- ‌في الوصية بالقبط

- ‌في فتح مكة وقتل من أمر بقتله

- ‌في قتل على أهل الأهواء

- ‌في الهجرة بعد الفتح

- ‌في قدوم مسيلمة الكذاب

- ‌في تأمين رسل الكفار

- ‌في قبول هدايا أهل الحرب

- ‌في قسم ما أفاء الله عليه

- ‌في الاستعانة بالمشرك

- ‌في إسهام من لم يشهد الحرب

- ‌في ما للعبيد من المغنم

- ‌في الغنائم والأسرى

- ‌في الغلول

- ‌في السلب

- ‌في حكم من خرج إلينا من عبيدهم

- ‌في نقل راس الكافر

- ‌في قتل كعب بن الأشرف

- ‌في كتابه صلى الله عليه وسلم لأهل أيلة ببحرهم

- ‌في عطاء المحررين

- ‌في كسرى وقيصر

- ‌في الجزية

- ‌في الجعائل

- ‌كتاب النذور والأيمان

- ‌ما جاء في الاستثناء باليمين

- ‌في الإدام

- ‌في اليمين بغير الله تعالى

- ‌في النذر

- ‌كتاب الضحايا

- ‌في من تجب عليه الأضحية

- ‌فيما يؤمر به من وجبت عليه

- ‌في ما يجوز تضحيته

- ‌كتاب الذبائح والصيد

- ‌مدخل

- ‌في ما قطع من الحي

- ‌في الذكاة بغير الحديد

- ‌في الذكاة بغير إذن المالك

- ‌في الضفدع

- ‌في لحم الخيل وغيره

- ‌في جلد الميتة

- ‌في أكل ما بات من الصيد

- ‌في الطافي

- ‌في الفارة تقع في السمن

- ‌في العتيرة

- ‌كتاب العقية

- ‌كتاب الأشربة

- ‌في الخمر وتخليلها

- ‌في الأشربة المحرمة

- ‌كتاب النكاح

- ‌في نكاح اليتيمة

- ‌في إنكاح الأولياء

- ‌في نكاح المحرم

- ‌في الصداق والوفاء بالشرط

- ‌في مقدار الصداق

- ‌في المفوضة

- ‌في نكاح الموهوبة

- ‌في إجابة الدعوة

- ‌في ما يوجب ترك حضورها

- ‌في من لا يجوز الجمع بينهم

- ‌في القسم بين الزوجات

- ‌في ما أحل له من النساء

- ‌في العزل

- ‌في إتيان دبر النساء

- ‌في تأديب الزوجة

- ‌في وطء المسبية المشركة

- ‌في نكاح العبد بغير إذن سيده

- ‌في كراهة التزوج على فاطمة

- ‌في الكحل للمتوفي في عنهاز وجها

- ‌كتاب الطلاق

- ‌في طلاق حفصة

- ‌في طلاق الحامل وحيضها

- ‌في قوله: "الحقي بأهلك

- ‌في متعة الطلاق

- ‌في ارتداد الزوجة

- ‌في الطلاق في الإغلاق

- ‌في الحلف بطلاق من يتزوج

- ‌في طلاق العبد

- ‌في مقدار مدة الحمل

- ‌في مقام المتوفى عنها زوجها

- ‌كتاب الرضاع

- ‌مدخل

- ‌في الرضاع المحرم

- ‌في وطء المرضعة

- ‌في الإيلاء

- ‌في الحضانة

- ‌كتاب اللعان

- ‌كتاب البيوع

- ‌مدخل

- ‌في التجار

- ‌في المكيال والميزان

- ‌في اقتضاء النقدين

- ‌في ما يدخل فيه الربا

- ‌في بيع الرطب بالتمر

- ‌في بيع قلادة فيها ذهب

- ‌في الربا مع أهل الحرب

- ‌في الوضيعة على تعجيل الحق

- ‌في النهي عن الثنيا وبيع الغرر والحصا

- ‌في بيع الطعام قبل قبضه

- ‌في البيع والشرط

- ‌في الصفقة تجمع حلالا وحراما

- ‌في الزيادة عند القضاء

- ‌في ما يهدي إلى العمال

- ‌في الزيادة على الثمن وغيره

- ‌في اختلاف المتبايعين

- ‌في خيار المجلس

- ‌في بيع الثمار

- ‌في التجاوز في النقد

- ‌في شراء الشيء بأقل من قيمته

- ‌في ثمن الكلب

- ‌في العهدة

- ‌كتاب الإجارات

الفصل: ‌في بيع قلادة فيها ذهب

سلمة بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه أسامة عن عبد الله بن يزيد عن أبي عياش الزرقي عن سعد وهذا محال لأن أبا عياش الزرقي من جلة الأصحاب لم يدركه عبد الله بن يزيد وإنما يروى عن أبي سلمة وأمثاله وقد روي أيضا عن عبد الله بن يزيد عن زيد مولى عياش عن سعد بن مالك وزيد مولى عياش هذا لا يعرف وقد روى أيضا عن عبد الله بن يزيد عن زيد أبي عياش عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الرطب بالتمر نسيئة وقد روى أيضا عن مولى لبني مخزوم أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن الرجل يسلف الرجل الرطب بالتمر إلى أجل فقال سعد: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا فبان فساد هذا الحديث في إسناده ومتنه وأنه لا حجة على من خالفه من أبي حنيفة ومن تابعه على خلافه فيه وكان القياس أيضا يوجبه لأن السنة قد أجازت بيع الرطب بالرطب مثلا بمثل ولم ينظر إلى حالة الجفاف فكذلك الرطب بالتمر لا ينظر إلى حالة الجفاف من النقصان عن التمر المبيع به وأجازت السنة بيع التمر بالتمر والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير مثلا بمثل وهذه الأشياء مما تتغير بالجفاف والنقصان أيضا فلم ينظر إلى ذلك وينظر إلى أحوالها التي تكون عليها يوم البيع فمثله الرطب بالتمر مع أن في فساد الأصل الذي تعلق به من ذهب إليه ما يقطع حجتهم به ولكنا وكدناه بما ذكرنا من القياس.

ص: 337

‌في بيع قلادة فيها ذهب

عن فضالة بن عبيد قال اشتريت يوم خيبر قلادة فيها ذهب وخرز بإثنى عشر دينارا ففصلتها فإذا الذهب أكثر من إثنى عشر دينار أفذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لا تباع حتى تفصل" محمل النهي عدم العلم بمقدار الذهب التي فيها قبل التفصيل فلو كان معلوما قبل التفصيل ينبغي أن يجوز وفي الحديث ما يدل عليه وهو أن القلادة كانت من المغانم وهي إنما تقسم بين أهلها على ما يجوز عليه لأعلى ما لا يجوز والحديث مضطرب فيه فروى

ص: 337

عن فضالة قال: أصبت يوم خيبر قلادة فيها ذهب وخرز فأردت أن أبيعها فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: "افصل بعضها من بعض ثم بعها كيف شئت".

وروي عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر بقلادة فيها خرز معلقة بذهب ابتاعها رجل بسبع أو تسع فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: "لا حتى تميز ما بينهما" فقال: إنما أردت الحجارة فقال: "لا حتى تميز ما بينهما" فرده وروى عنه أنه قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بقلادة فيها ذهب وخرز وهي من المغانم تباع فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذهب بالذهب وزنا بوزن" وهذا الحديث ليس مما قبله من الأحاديث في شيء لأن التي قبله في بعضها أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تباع حتى تفصل وفي بعضها أنه رد البيع بعد وقوعه مع ما في جميعها من الدليل على جواز القسمة التي حكمها حكم البيع من غير تفصيل والذي في هذا الحديث تفصيل من غير بيع تقدم فيها وإعلام بأن الذهب وزنا بوزن وقد روي عن حنش أنه قال كنا مع فضالة في غزوة فصارت لي ولأصحابي قلادة فيها ذهب وورق وجوهر فأردت أن أشتريها فقام فضالة فقال: انزع ذهبها فاجعله في الكفة واجعل ذهبا في الكفة ثم لا تأخذن إلا مثلا بمثل فإني سمعت رسو الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخذن إلا مثلا بمثل فذكر عن فضالة ما هو مذكور فيما قبله من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولما وقع فيه اضطراب كان المعنى المقصود منه هو ما اختلف فيه العلماء من بيع الذهب وغيره في صفقة واحدة فقال طائفة منهم إن كان ذلك الذهب الثمن أكثر من الذهب الذي في القلادة صح البيع وكان الذهب بمثله والزائد بمقابلة الخرز والورق وإن كان الذهب الثمن مثل ما في القلادة أو أقل أو لا يدري ما وزنه فالبيع فاسد وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه وطائفة منهم تقول لا يجوز ذلك

ص: 338

البيع أصلا لأن الذهب الثمن يكون مقسوما على الذهب والخرز اللذين في القلادة على قدر قيمتهما فيكون الذهب المبيع في تلك الصفقة مبيعا بما أصابه على قسمة الثمن من الذهب المبتاع به فلا يجوز وممن يقول به الشافعي وجعل أهل هذا القول الذهب والشيء المبيع معه كالعرضين اللذين من غير الذهب إذا بيعا بذهب صفقة واحدة أنه يكون كل واحد منهما مبيعا بما أصابه من القسمة على قيمته وعلى قيمة الشيء المبيع معه وكان الآخرون يذهبون إلى أن القسمة على القيم لا تستعمل في هذا وإنما تستعمل في غير الذهب المبيعة بالذهب وفي غير الفضة المبيعة بالفضة في غير الأشياء الميكلات المبيعات بأجناسها وفي غير الأشياء الموزونات المبيعات بأمثالها فيستعمولن في ذلك الأمثال المستعملة فيها ولا يستعملون في ذلك القيم التي ذكرنا محتجين في ذلك بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مما دلهم على ذلك من تحريم التفاضل في بيع الذهب بالذهب والورق بالورق والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر والملح بالملح وخرج الآثار بذلك بأسانيدها ففي هذه الآثار إباحة رسول الله صلى الله عليه وسلم بيع الذهب بالذهب مثلا بمثل وقد يكون الذهب بتفاضل فيكون دينار أن أحدهما أعلى من الآخر يباعان بدينارين مستويين فظاهر آثار النبي صلى الله عليه وسلم التي ذكرنا تطلق ذلك لأن ذلك لو كان مما يختلف لاختلاف الدينارين ليس ذلك للناس حتى يعلموا أنه أراد بما أطلق غيرهما ولا سبيل لأحد أن يأتي إلى ما أجمله رسول الله صلى اله عليه وسلم بحكم واحد فيستعمل فيه تفريق الأحكام وضرب الأمثل وكذلك التمر فقد أباح بعضه ببعض مثلا بمثل يدا بيد ولم يخالف في ذلك بين تمرين متفاضلين بيعا بتمر مساو وقد وجدنا التمر في نفسه موجودا فيه ولا تمنع منه السنة لتباينه في اسقاط نفسه ولاختلافه في قيمته كان ذلك لا يراعى بقسمة الثمن عليه إذا يع بجنسه وكان البيع فيه جائزا دل ذلك

ص: 339

أنه قد خولف في ذلك بين الأشياء المكيلات وبين الأشياء الموزونات المبيعات بأمثالها فلم تستعمل فيها القيم واستعمل فيها التساوي فيما هي عليه من كيل أو وزن فأجيز مع ذلك وأبطل إذا كان خلاف ذلك وقد روي عن ابن عباس قال: بيع التمر في رؤس النخل إذا كان فيه غيره دراهم أو دنانير لا بأس به ووجه ذلك أنه جعل التمر المبيع في رؤس النخل مبيعا بمثله من التمر الذي بيع به ولو راعى في ذلك استعمال قسمة الثمن على القيم لما جوز هذا البيع وفي تجويزه إياه ما قد دل على أنه لم يستعمل قسمة الثمن على القيم كما يستعملها في بيع العرضين اللذين بخلاف ذلك وإذا كان كذلك فيما ذكرنا كان مثله في المذهبين المتفاضلين المبيعين بذهب مساو لا يراعي فيه قسمة الثمن على القيم ولكن يراعى فيه التساوي في الوزن لا ما سواه.

لا يقال ما ذكر عن ابن عباس مستحيل لأنه يجيز الفاضل بين الفضتين يد أبيد محتجا بما روي عن أسامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الربا في النسيئة" لأنا نقول أن ابن عباس أرأيت الذي تقول الدينار أن بالدينار والد رهمان بالدرهم أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما" فقال ابن عباس: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: نعم قال: أني لم اسمع هذا إنما أخبرنيه أسامة قال أبو سعيد نزع عنه ابن عباس.

فإن قلت: كيف ساغ لابن عباس ترك ما حدثه أسامة وموضعه من الإسلام موضعه إلى ما حدثه غيره مما يجوز أن يكون ما حدثه أسامة ناسخا له؟ قلت: الربا الذي حرمه القرآن وجاء فيه الوعيد عليه هو الربا في النسيئة وهو ما كانوا يبتاعون من الآجال في الأموال بالأموال وكان ذلك ربا النسيئة في الميكلات والموزونات فوقف ابن عباس على أن الذي حدثه أبو سعيد كان في ربا غير ربا النسيئة بل في الربا الفضل فسار إليه وترك ما كان عليه قبل ذلك.

ص: 340