الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في لا صرورة في الإسلام
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا صرورة في الإسلام" قيل معناه نفى ما كان في الجاهلية على ما روى عن ابن عباس قال: كان الرجل في الجاهلية يلطم وجه الرجل ويقول أنه صرورة فاحتمل أن يكون المظلوم هو الصرورة لأنه لم يحج ولم يعتمر ويحتمل أن يكون اللاطم فيعذر لجهله وهذا أولى لأنه روى عن عكرمة أنه قال كان الرجل يلطم وجه الرجل في الجاهلية ويقول أنا صرورة فيقال دعوا الصرورة لجهله وإن رمى بحجره في رجله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صرورة في الإسلام"
وقيل معناه لا يبقى أحد في الإسلام حتى يحج وهذا بعيد لأنه من عجز عن الحج لزمانة أو قلة يكون مذموما ولكن لا يلحق من كانت هذه صفته ذم في ترك الحج وقيل معناه النهي عن تسمية أحد في الإسلام بالصرورة وهو الأظهر لأنه روى عن عبد الله أنه قال: لا يقولن أحدكم أني صرورة فإن المسلم ليس بصرورة ولأن الصرورة في اللغة الصر على الشيء ومنه قوله تعالى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} فمن كان تخلفه عن الحج ليس لا صراره على تركه بل لعجزه أو نحوه مما يسقط به الفرض فليس صاحبه بمصر الإصرار المذموم فلا يكون صرورة وقد كان عطاء بن أبي رباح يقال له الصرورة فلا ينكره وما ذكره من كراهية هذا القول أولى لأنه وصفه بحال مذمومة.
كتاب الجهاد
في فضل الجهاد
…
كتاب الجهاد
فيه تسعة وخمسون حديثا
في فضل الجهاد
روى أن رجلين من بلى وهو حي من قضاعة قتل أحدهما في سبيل الله وآخر الآخر بعده سنة ثم مات قال طلحة: فرأيت في المنام الجنة دخل الآخر فيها قبل الأول فتعجبت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد صام بعده رمضان وصلى بعده ستة آلاف
ركعة وكذا وكذا".
وذكره من طرق بألفاظ مختلفة ومعان متفقة منها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين رجلين من أصحابه فقتل أحدهما وعاش بعده الآخر ما شاء الله ثم مات فجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون له وكان منتهى دعائهم له أن يلحقه الله بأخيه الذي قتل قبله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيهما تقولون أفضل؟ " قالوا: الذي قتل قبل يا رسول الله قال: "أما تجعلون لصلاة هذا ولصيامه بعده وصدقته وعمله فضلا؟ لما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض" أشكل على بعض الناس معنى هذا الحديث وقال كيف يجوز أن يفضل من مات على فراشه من مات شهيدا قد روى "أن من رابط يوما وليلة في سبيل الله كان له أجر صيام شهر وقيامه ومن مات مرابطا جرى له مثل ذلك من الأجر وأجرى عليه الرزق وأمن الفتان وإن كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله فإن عمله لينمو له إلى يوم القيامة ويؤمن من فتنة القبر".
ففيه فضل المرابط الذي مات ومن قتل مرابطا كان فوق من مات مرابطا وليس ذلك لمن مات غير مرابط لأنه ينقطع عمله بموته إلا من ثلاثة أشياء على ما روى في ذلك ولكن المعنى بين لان الرجلين المتواخيين هاجرا إلى الله ورسوله معافا قاما معه مهاجرين باذلين أنفسهما في الجهاد وغيره فاستويا في ذلك وإن كان قد فضله صاحبه بالشهادة فقد بذل هو نفسه لها ولعله قد تمناها وسألها وقد روى مرفوعا: "من سأل الله عز وجل الشهادة صادقا من قلبه بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه" وله من الفضل ما تفرد به من الأعمال الصالحة بعده فلا ينكر تجاوزه إياه في المنزلة واستحقاق سبقه إلى الجنة والله يؤتي فضله من يشاء.
قال القاضي: ولا تضاد بين ما روى من نمو عمل المرابط إلى يوم القيامة وبين ما روى من انقطاع العمل بالموت إلا من ثلاث لأن عمل المرابط بعينه هو الذي ينمو له بمعنى أنه يتوفر ثوابه له وهو عمل سبق موته لا عمل سواه يلحق به لم يتقدم موته وإنما كان منه سببه.