الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن أبي الشعثاء قال: أخبرنا ابن عباس سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفة يقول من لم يجد إزار لبس سراويل ومن لم يجد نعلين لبس خفين قلت: ولم يقل يقطعهما قال: لا وخرجه من طرق عن ابن عباس وجابر بن عبد الله وحدث مالك عن نافع عن ابن عمر أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما نلبس من الثياب إذا حرمنا فقال: "لا تلبسوا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف إلا أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس خفين أسفل من الكعبين" فكان في هذه الآثار لمن لم يجد النعلين من المحرمين من الرجال أن يلبس الخفين بعد أن يقطعهما أسفل من الكعبين لا يقال هذه معان متضادة لاختلاف أوقاتها فإنه كان لباس الخفاف في الاحرام مباحا حالة الاختبار كما في حديث عبد الرحمن ثم نسخ ذلك بما في حديث ابن عباس وجابر بإباحة لبسها عند انعدام النعال من غير قطع ثم نسخ ذلك بما في حديث ابن عمر بالإباحة بعد أن يقطع أسفل من الكعبين وهذا باب من الفقه اختلف فيه أهله بعد الاجماع على نسخ الاباحة مطلقا فقال بعض بالإباحة عند العجز وهو مذهب الشافعي والثوري في قول وقال بعض بالإباحة بشرط القطع من أسفل الكعبين وهو أبو حنيفة وأصحابه ومالك وأصحابه ووجه ذلك في النظر أن الأشياء المحظورات كلبس الثياب وحلق الشعر تدفع الضرورة إليها الإثم في استباحتها ولا تدفع الكفارة فكذلك إذا احتيج إلى لبس الخفين لعدم النعلين يرتفع الإثم دون الكفارة الواجبة عليه في ذلك مع وجود النعلين.
في صيد المحرم
روى عن عبد الرحمن بن أبي عمار أنه سأل جابر بن عبد الله عن الضبع فقال: آكلها؟ قال: نعم - أصيد هي؟ قال: نعم، قلت: وسمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قد أنكر يحيى بن سعيد القطان على عبد الرحمن بن أبي عمار فقال كان يحدث به عن جابر عن عمر ثم صيره عن جابر عن
النبي صلى الله عليه وسلم وقد خالف إبراهيم الصائغ فيما روى عن عطاء عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الضبع فقال: هي من الصيد وجعل فيها إذا أصابها المحرم كبشا مسنا وتؤكل منصور بن زاذان وعبد الكريم بن مالك فرويا عن عطاء عن جابر أنه قال في الضبع إذا أصابها المحرم كبش واثنان أولى بالحفظ من واحد فوجب بما ذكرناه رد الحديث إلى من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس أنه نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير وروى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أكل كل ذي ناب من السباع حرام" وكانت هذه السنة قائمة ظاهرة في أيدي العلماء وكان أئمة الأمصار الذين تدور عليهم الفتوى متمسكين بتحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذي ناب من السباع غير مختلفين فيه فوجب دخول الضبع في ذلك لأنها ذو ناب ولم يجز إخراجها منه.
قال القاضي - وفيه نظر لأن مالكا لا يحرم أكل كل ذي ناب من السباع وإنما ذلك عنده مكروه قال الطحاوي وما روى عن ابن عباس أنه سئل عن أكل لحوم الحمر الأهلية فلم ينه عن ذلك وتلا قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} الآية محمول على أنه ما كان عالما بالتحريم حتى وقف على تحريم الله تعالى على لسان رسوله الله صلى الله عليه وسلم ما حرمه من ذي الناب من السباع وذي المخلب من الطير ثم علم أنه مستثنى مما أمح بهذه الآية ولاحق بما حرم بها وهذا كما قال من دونه هو الزهري أنه لم يسمع بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع حتى دخل الشام أي فسمعه وأخذ به وقد كان معه علم ذلك بالمدينة فسقط عنه فاستثنى كل واحد من العلماء من الآية ما بلغ إليه تحريمه عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان في ذلك محمودا لتمسكه بكتاب الله تعالى ولماا أعلمه به رسول الله صلى الله عليه وسلم مما استثناه من مجمل الكتاب.