الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في السجود
روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير ولكن يضع يديه ثم ركبتيه".
لا يقال أن ما نهى عنه في أوله قد أمر به في آخره إذ بروك البعير أيضا بيديه أولا ثم برجليه لان المنهي المعنى هو الخرور على الركبتين أولا وركبتا ابن آدم في رجليه لا غير بخلاف كل ذي أربع فإن في يديه ركبتين أيضا والمأمور به أن يخر على يديه أولا ثم ركبتيه لئلا يشابه البعير في وضع الركبتين أولا إذ البروك هو الخرور على الركب فبان بحمد الله أن لا احالة كما ظنه بعض ثم فيما روى عن حكيم بن حزام من قوله بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا أخر إلا قائما اختلاف.
فمنهم من قال معناه أن يكون سجوده إلا خرورا من قيام خوفا من الله تعالى فإنه لا ينظر إلى صلاة من لا يقيم صلبه من الركوع.
ومنهم من قال أنه اخبار بأنه بايع على أن لا يموت إلا وهو قائم على إيمانه وإسلامه بالعزم والثبات عليه من قوله: {إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً} .
ومنهم من قال أنه بايعه صلى الله عليه وسلم على الموت ولا يبايع على الموت غير رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يتوهم منه زوال الحالة التي لأجلها عقدت البيعة معه عليها بخلاف غيره.
في إقامة الصلب من الركوع
روى ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الركوع والسجود" يريد به نفي الكمال لا نفي الجواز مع أن فيه تضييع حظ نفسه بتقصيره عن إتيانه بها على أعلى مراتبها وحرمان نفسه عن ثوابها كقوله صلى الله عليه وسلم: "لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له" وهو من باب التغليظ ومثله "لا وضوء لمن لم يسم" وما روى "لا تجزي صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه إذا رفع رأسه من الركوع والسجود" يحتمل أنه لا تجزيه الاجزاء الذي هو أعلى مراتب الاجزاء وهو أولى ما حمل عليه توفيقا بين معاني الروايات وهو مذهب الإمام أبي حنيفة ومحمد فإنهما قالا أساء وتجزيه صلاته وقال أبو يوسف لا تجزيه وعليه إعادتها والقياس قولهما لأن السجود الذي هو أعلى أركانها فيه ذكر ولا قراءة فيه ومن رفع رأسه من السجود يرجع إلى جلوس ليس من صلب صلاته حتى أن من سها عنه لا تبطل صلاته اتفاقا بخلاف الجلوس بعد السجدتين فإنه مختلف في وجوبه فلما كان الجلوس الأول بين السجدتين من السنن لا من صلبها كان مثل ذلك القيام الذي يخرج من الركوع إليه من السنن لا من صلبها إذ الركوع أيضا ركن فيه ذكر وليس فيه قراءة.