الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معهم وأن يكونوا مقتدين بهم لا مخالفين لهم فيه فإن قيل أليس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر بالناس في صلاة ثم تذكر أن عليه غسل فأومى إليهم أن يكونوا مكانهم حتى مضى واغتسل ثم رجع فصلى بهم ففيه دخول القوم في الصلاة قبل دخول إمامهم فيها.
قلنا: قد ذكرنا أنه ما دخل فيها حقيقة بل قام مقام المصلي فلا يصح الاستدلال بذلك وما روى أن معاذا لما صلى العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجع على عادته يؤم قومه فقرأ سورة البقرة فتنحى رجل من خلفه فقيل له أنافقت فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما كان من معاذ ومنه فقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ: "أفتان أنت؟ " مرتين لا دليل فيه على جواز خروج المأموم من صلاة نفسه بغير استئناف تكبير إذ يحتمل أنه صلى بتكبير استأنفه لها وكذا لا دليل فيما يحتج به من حديث يزيد بن رومان في صلاة الخوف بذات الرقاع أنه صلى الله عليه وسلم صلى بكل طائفة ركعة إذ كانت الطائفة الأولى قد خرجت من الائتمام إلى صلاة أنفسهم فأتموها قبله لأنه روى عن جابر قال أقيمت الصلاة هناك فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطائفة ركعتين وتأخروا وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطائفة الأخرى ركعتين فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان وهذا خلاف ما في حديث يزيد بن رومان وإذا تكافأت الروايتان ارتفعتا ولم يكن في واحدة منهما حجة على من خالفه.
في إمامة الجالس
لا يحتج على متابعة الإمام في الجلوس وإن كان للمأموم قدرة على القيام بما روى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شاك فصلى جالسا فصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون" وفي رواية جابر قال بعد الانصراف: "كدتم
أن تفعلوا فعل فارس والروم بعظمائهم ائتموا بأئمتكم فإن صلوا قياما فصلوا قياما وإن صلوا جلوسا فصلوا جلوسا" وخرجه من رواية أنس وأبي هريرة وعبد الله بن عمر بزيادة ألفاظ في بعضها على بعض مع اتفاقها على أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع الإمام في الجلوس لأنه روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان حاله في مرضه الذي توفى فيه خلاف ما في هذه الآثار فكان ناسخا لها وروى أرقم بن شرحبيل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مرض مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة فقال: "ادعوا لي عليا" إلى أن قال: "ليصل بالناس أبو بكر" فتقدم أبو بكر فصلى بالناس ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فخرج يهادي بين رجلين فلما أحسه أبو بكر ذهب يتأخر فأشار إليه أن مكانك فاستتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث انتهى أبو بكر من القراءة وأبو بكر قائم ورسول الله جالس فائتم أبو بكر برسول الله وائتم الناس بأبي بكر فما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة حتى ثقل فخرج يهادي بين رجلين وإن رجلاه1 لتخاطان بالأرض فمات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يوص ففيه أنه صلى الله عليه وسلم صلى بالناس جالسا وأبو بكر قائما والناس كذلك فدل ذلك على نسخ ما كان منه في تلك الآثار.
فإن قيل أن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر صلاته كان مأموما لا إماما قالت عائشة صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفى فيه خلف أبي بكر قاعدا وروى عن أنس مثله قلنا الأصل أن تحمل الآثار على الاتفاق ولا تحمل على التنافي مهما أمكن وكان أبو بكر يصلي بالناس أيام تخلفه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها لمرضه فما في حديث عبيد الله عن عائشة وابن عباس دل على أنه كان النبي صلى الله عليه وسلم هو الإمام وما كان في حديث أنس وعائشة ففي صلاة أخرى صلاها خلف أبي بكر مأموما فعقلنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان صلى بالناس جالسا ومن خلفه قيام وحقق ذلك ما في
1 كذا.