الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحائض تطهر والكافر يسلم يكون به مدركا لوجوبها عليه بخلاف ما دون هذا المقدار وهم أهل الحجاز.
وخالفهم العراقيون وأوجبوا بإدراك تكبيرة الاحرام فما فوقها من وقت الصلاة واستدلوا بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "العبد المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم عمد إلى المسجد لم يرفع رجله اليمنى إلا كتب له بها حسنة ولم يضع رجله اليسرى إلا حط عنه بها خطيئة حتى يبلغ المسجد فليقرب أو ليبعد فإن أدرك الصلاة في الجماعة مع القوم غفر له ما تقدم من ذنبه وإن أدرك منها بعضا وسبق ببعض فقضى ما فاته فأحسن ركوعه وسجوده كان كذلك وإن جاء والقوم قعود كان كذلك".
وممن قاله أبو حنيفة وأبو يوسف غير أن محمدا خالفهما في الجمعة ووافق الحجازيين فيها والمذكور هو وجه النصفة ولا يقال يحتمل أن يكون الحديث الذي احتج به العراقيون منسوخا لأنه إذا لم يعلم التاريخ فالأولى أن يجعل ناسخا للحديث الآخر لأن فيه زيادة فضل وإذا تفضل الله تعالى على عباده بثواب على عمل لم ينقصهم منه إلا بذنب محيط كما قال: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ} ولأنا إذا جعلنا هذا الحديث متأخرا يتأتى العمل بالحديثين وإذا جعلناه سابقا يلزم إهماله والعمل بالدليلين ولو بوجه أولى من الاهمال ثم لو خلينا والقياس لكان الواجب في الحائض وشبهها عدم الوجوب عليهم إلا بإدراك وقت مقدار صلاة كاملة كما يجب عليهم من الصيام إلا ما أدركوا وقته بكماله وهو قول زفر غير أن ما دل على خلافه من الحديث أولى عندنا.
في التشهد
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نقول في الصلاة قبل أن يفرض التشهد السلام على الله السلام على جبرئيل وميكائيل قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "لا تقولوا هكذا فإن الله هو السلام ولكن قولوا: التحيات لله والصلوات الطيبات" إلى آخره لم يقل أحد من رواته فلما فرض التشهد غير ابن عيينة والفرض يحتمل أن يكون المصطلح وهو الذي يكون جاحده كافر قال الله تعالى: بعد ذكره الزكاة {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} الآية وقد يكون بمعنى التقدير كقوله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} أي حددنا فيها الحلال والحرام وقد يكون فرض الاختيار كقول ابن عمر فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر كالوجوب على الاختيار في قوله: "غسل الجمعة واجب على كل محتلم" وقد يكون الفرض بمعنى الاعطاء قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} أي إن الذي أعطاك القرآن لرادك إلى مكة وعلى هذا يكون التشهد عطية من الله تعالى لهذه الأمة فيه شهادتهم له بالتوحيد ولرسوله بالرسالة ليثيبهم عليه بما شاء أن يثيبهم إياه عليه ولأن التشهد في الصلاة ذكر فيها كالاستفتاح وتسبيحات الركوع والسجود وهذه الاذكار وإن تفاضلت في أنفسها ليست بمفروضة فكان التشهد مثلها.
وروى عن ابن مسعود قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد وكفى بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن "التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله" وهو بين ظهرانينا فلما قبض قلنا السلام على النبي.
من قوله: بين ظهرانينا إلى على النبي منكر لا يصح لأنه يوجب أن يكون التشهد بعد موته عليه السلام على خلاف ما كان في حياته وذلك مخالف لما عليه العامة ولما في الآثار المروية الصحيحة وقد كان أبو بكر وعمر يعلمان الناس التشهد في خلافتهما على ما كان في حياته صلى الله عليه وسلم من قولهم السلام عليك أيها النبي وإنما جاء الغلط من مجاهد وأمثاله وقد قال أبو عبيد إن مما أجل الله به رسوله أن يسلم عليه بعد وفاته كما كان يسلم عليه في حياته وهذا من جملة