الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله تعالى في الأنعام: {الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} وأما أبو يوسف ومحمد ذهبا إلى إباحة لحومها ومنعا ما احتج به مالك بأن الله تعالى قال: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} ولم يكن مانعا أن يكون خلقهم لغير الاختلاف أيضا غذ قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} فكذلك قوله: {لِتَرْكَبُوهَا} لا يكون مانعا أن يكون مخلوقا للركوب ولما سواه مما قد أباحه بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومثله في الحديث بينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها التفتت إليه البقرة فقالت إني لم أخلق لهذا إنما خلقت للحرث فقال الناس سبحان الله بقرة تتكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أؤمن بهذا وأبو بكر وعمر". ولم يكن ذلك مانعا من أكل لحومها لما أباح الله تعالى ذلك.
في جلد الميتة
عن عبد الله بن عكيم قال: قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بأرض جهينة وأنا غلام شاب "أن لا تنتفعو من الميتة بإهاب ولا عصب" فيه ما يدل على حضوره لذلك وسماعه إياه من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي غيره من الأحاديث جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحتمل أن يكون لم يحضره ومعناه كتب إلى قومنا وهذا جائز في كلامهم وله نظائر في الحديث وقد حققه ما روى عنه أنه قال حدثني أشياخ بجهينة قالوا: أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره فلم يتم حجة إذ لم يسم الأشياخ حتى يعرف أنهم ممن يجوز الأخذ عنهم أم لا وحديث ابن عباس عن ميمونة في أمره غيابهم بدباغ جلد الشاة التي ماتت لهم وقوله لهم عند ذلك: "إنما حرم أكلها" أولى منه لصحة مجيئه واستقامة طريقه وعدل رواته وروى عنه أن الشاة كانت لسودة وذكر فيه ما يدل أن ذلك القول كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم بعد إنزال الله لهم تحريم الميتة وروى عنه أنه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما إهاب دبغ فقد طهر" وفي ذلك ما يوجب إباحة جلود الميتة إذا دبغت ويحتمل أن النهي عن الانتفاع بالإهاب والعصب قبل الدباغ يؤيده قول ابن عباس إذا دبغ الإهاب فقد طهر أي طهر للانتفاع به.
وعن علي بن أبي طالب أنه أتى ببغلة عليها سرج خز فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخز عن ركوب عليه وعن جلوس عليه وعن جلود النمور وعن جلوس عليها وعن ركوب عليها.
وعن عبد الله بن عمر أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الميثرة وهي جلود السباع وعن معاوية أنه دعا نفرا من الأنصار في الكعبة فقال: أنشدكم بالله ألم تسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صفف النمور فقالوا: اللهم نعم، قال: وأنا أشهد وعن المقدام بن معد يكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الركوب على جلود السباع.
لا خفاء أن عموم قوله صلى الله عليه "أيما إهاب دبغ" يتناول جلود السباع وغيرها لا يصح إخراجها منالعموم إلا بآية مسطورة أو سنة مأثورة أو إجماع معتبر علم إن النهي لم يكن لأنها غير طاهرة بالدباغ ولكن لمعنى سواه وهو ركوب العجم عليها يؤيده النهي عن الركوب على الخز والجلوس عليه دون لباسه لأنه قد لبس الخز من الصحابة والتابعين جماعة وجرى النسا على ذلك إلى يومنا وإذا كان اللبس مباحا والركوب عليه مكروها دل ذلك أنه للتشبه بالعجم لا للنجاسة ومثله نهيه صلى الله عليه وسلم أن يجعل الرجل أسفل ثيابه حريرا مثل الأعاجم أو يجعل على منكبه حريرا كالأعاجم مع إباحته أعلام الحرير في الثياب أكثر من مقدار الحرير في هذين المعنيين ومما يدل عليه ما روى أن عمر بن الخطاب رأى رجلا وعليه قلنسوة بطانتها من جلود الثعالب فألقاها عن رأسه وقال: ما يدريك لعله ليس بذكي وفيه أنه لو علم أنه ذكي لم يكرهه وروى عن جابر بن عبد الله أنه كان لا يرى بجلود السباع بأسا إذا دبغت.