الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لاستحيى امرأة تهب نفسها لرجل بغير مهر لم تقصد بذلك الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم بل عمت به الرجال إذ كان ذلك خرج مخرج النكرة ففيه ما دل على أن الخصوصية إنماكانت في كونها زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم بلا صداق وإن الهبة تكون تزويجا لغير النبي صلى الله عليه وسلم غير أنها تكون لغيره تزويجا بصداق يجب معها وما روى عن ابن عباس لم تكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له ليس فيها ما يعارض ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى بالجونية قال لها: "هبى لي نفسك" فقالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة؟ فأهوى بيده إليها فقالت: أعوذ بالله منك فقال: "قد عذت بمعاذ" ثم خرج فقال: "يا أبا أسيد اكسها رازقيتين وألحقها بأهلها" لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن دخوله على تلك المرأة إلا وهي زوجة له قبل ذلك وعلى ذلك جاء أبو أسيد بها وكان قوله لها بعد ذلك "هبي لي نفسك" على معنى ملكيني نفسك لا على استئناف تزويج يعقده عليها وكيف يظن ذلك وفي شرعه حرمة الخلوة بالأجنبية يؤيده أنه صلى الله عليه وسلم خرج عنها على الطلاق منه لها والفراق منه إياها ولا يكون ذلك إلا عن تقدم تزويجه إياها.
في إجابة الدعوة
روي عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شر الطعام طعام الوليمة يدعى إليه الأغنياء ويترك الفقراء ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله" الأطعمة أصناف ومنها الوليمة ومنها الخرس وهو إطعام عند الولادة ومنها طعام الأعذار وهو ما يطعم عند الختان ومنها طعام الوكيرة من الوكر وهو ما يطعم إذا بنى دارا أو اشتراها ومنها طعام النقيعة عند القدوم من سفره ومنها طعام الهضيمة وهو طعام المأتم ومنها طعام المأدبة وهو طعام الدعوة والدعوة المرادة في الحديث هي الوليمة فقط بذكر ما وصفت به وإنما افترقت الوليمة من غيرها في وجوب الإتيان إليها لقول رسول الله
صلى الله عليه وسلم لابد للعرس من وليمة وقوله لعبد ارحمن أو لم ولو بشة ولقوله الوليمة حق والثاني معروف والثالث سمعة ورئاء ففي أول يوم محمود عليها أهلها وفي الثاني معروف لأنه قد يصل إليها من عسى أن يكون قد وصل إليها في اليوم الثاني ولم يصل إليها في اليوم الأول وفي الثالث رئاء وسمعة فمن دعى إلى الحق يجب عليه الإجابة ومن دعى إلى المعروف فله أن يجيب ومن دعى إلى الرئاء فعليه أن لا يجيب فعلم أن من الأطعمة التي يدعى إليها ما للمدعوا إليه أن لا يأتيه وما روى عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعا أحدكم أخاه لحق فليأته لدعوة عرس أو نحوه" يحتمل أن يكون قوله: "لدعوة عرس ونحوه" ليس من كلامه صلى الله عليه وسلم يؤيده إن مداره على ابن عمر وليس فيه هذه الزيادة وإنما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أجيبوا الدعوة إذا دعيتم لها"
فاحتمل أن تبكون تلك الدعوة المرادة في هذه الآثار هي الوليمة المذكورة فتتفق الآثار كلها ويؤيد ذلك أيضا ما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعى أحدكم إلى الوليمة فليأتها" وحديث جبار مرفوعا: "إذا دعى أحدكم فلجيب فإن شاء أطعم وإن شاء ترك" محتمل أيضا أن يراد به طعام الوليمة لا ما سواه وقد روى أن عثمان بن أبي العاصي دعى إلى ختان فأبى أن يجيب وقال كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نأتي الختان ولا ندعي إليه فدل أن على الطعام الذي كانوا يأتونه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو طعام خاص ولما كان طعام الوليمة مأمورا به كان من دعى إليه مأمورا بإجابته وغيره غير مأمور به فكان من دعى إليه غير مأمور بإتيانه وأما ما روي عبد الرحمن بن زياد المعافري عن أبيه أنه ضمهم وأبا أيوب الأنصاري مرسي في البحر فلما حضر غداؤنا أرسلنا إلى أبي أيوب الأنصاري وإلى أهل مركبه فقال: دعوتموني وأنا صائم فكان من الحق على أن أجيبكم أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم