الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: قيل: الحج الأكبر من أجل قول الناس فلا يدري ما هو ولا عمن حكى ذلك ويحتمل أن يكون من كلام الزهري فإنه كان يخلط كلامه بالحديث ولذلك قال له موسى بن عقبة أفصل كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلامك.
وإذا كان يحتمل ما ذكرنا كان ما رواه ابن العاص من حقيقة المعنى في ذلك أولى منه وهو المعقول إذ قد كان الحج بعد استدارة الزمان رجع إلى شهر بعينه يجري عليه حج الناس فكان ذلك أما ما لهم لأن الأكبر من الحج هو الذي يرجع إليه غيره من الحج الذي يكون بعده إلى يوم القيامة في قدوة أهله بما فيه.
في حرم مكة المشرفة
روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة: "أن هذا البلد حرمه الله يوم خلق الله السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة وأنه لم يحل فيه القتال لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلي خلاه" فقال العباس: يا رسول الله إلا ذخر فإنه لقينهم ولقبورهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إلا الأذخر".
وخرج من طرق كثيرة لا وجه لإنكار مثل هذا من العباس لأن علمه بحاجة أهل مكة إلى الأذخر دعاه إلى طلبه من رسول الله صلى الله عليه وسلم مراجعة ربه في ذلك كما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم التخفيف عن أمته في حديث المعراج مرة بعد أخرى حتى ردها إلى خمس صلوات وكما راجع أمر القراءة على حرف مرة بعد مرة حتى رد إلى سبعة أحرف واكتفى بقوله: "إلا الأذخر" إيجاز لعلمة بفهم النبي صلى الله عليه وسلم مراده من ذلك والإيجاز من محاسن كلام العرب من ذلك قولهم كفى بالسيف شا أي شاهدا وفي التنزيل: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ
أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} ثم قطع بقية الكلام حتى قيل هو لكفروا به وقيل هو لكان هذا القرآن ومثله {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} الآية ومثله في القرآن كثير ثم جوابه صلى الله عليه وسلم على فوره لمجئ الوحي إليه على فوره وإن كنا لا نعقل ولا ينكر مثله من لطيف قدرة الله تعالى إلا زنديق ويحتمل ن يكون جبريل معه حينئذ فألقى ذلك إليه كما قال للذي سأله في حديث أبي قتادة أرأيت إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر أيكفر الله عني خطاياي فقال: "نعم"، فلما ولى قال له:"إلا أن يكون عليك دين كذلك قال لي جبريل" فدل ذلك على حضور جبريل جوابه الأول وإذا كان جبريل مع حسان بن ثابت على ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله أهجهم وجبريل معك فكونه مع الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبته التي يخبر فيها عن الله شوائع دينهم أولى.
قلت كان للطحاوي مندوحة عن التأويل الثاني وإن كان محتملا أيضا بقوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} وبقوله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} .
فإن طريق الوحي ليس بمنحصر في وساطة الملك قد يكون بإلهام خفي وينفث روعي وحضوره صلى الله لعيه وسلم مع الله تعالى على حد معرفته وعلمه بالله لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل فلا يستبعد الوحي إليه في كل لحظة ولمحة أراد الله سبحانه أن يوحى إليه ولا يحتاج إلى معية جبريل معه فإنها محتملة ومعية الله تعالى معه محققة دائما فاندفع بذلك ما اعترض عليه القاضي أبو الوليد وقال لا معنى لقوله يحتمل أن يكون جبريل معه لأن جبريل لا يلقي ذلك إليه إلا بأمر ربه ونزوله عليه من عند ربه في الحين نفسه أيسر عليه من صعوده إليه من عنده ثم رجوعه إليه في ذلك الحين وإن كان ذلك كله سواء في قدرة الله ثم قال وغير هذا التأويل أشبه عندي وهو أن الخلا لفظ عام أريد به الخصوص وكان المراد ما عدا الأذخر المحتاج إليه فلما كان ظاهره العموم قال له العباس: إلا الأذخر فوافق بذلك مراده صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا يختلي خلاها" فقال له إلا