الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في النهي عن الثنيا وبيع الغرر والحصا
وروى أبو الزبير وسعيد بنمينا عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة" قال أحدهما: والمعاومة وقال الآخر: عن السنين ونهى عن الثنيا قال: ورخص في العرايا معنى النهي عن بيع الثنيا يريد الثنيا المجهولة بدليل ما روي عن عطاء عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثنيا حتى يعلم وروي عن أبي هريرة قال نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر وعن بيع الحصاة بيع الحصاة كان من بيوع الجاهلية التي يتعاقدونها فكان أحدهم إذا أراد يملك ثوب صاحبه بعوض ألقى عليه حصاة أو حجرا فاستحقه بذلك عليه ولم يستطع رب الثوب منعه من ذلك فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ورد البيع إلى اختيار المتبايعين عند نزول قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} فرد الأمر إلى رضا أصحابها في بيعها وإمساكها وإن خلافه أكل المال بالباطل.
في بيع الطعام قبل قبضه
روي عن عبد الله بن عمر قال رأيت الناس يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتروا الطعام جزافا أن يبيعوه حتى يؤووه إلى رحالهم ما حولوه إليه من الأماكن رحال للذين حولوه إليها يبين ذلك ما روي عنه أنه قال: كنا نتلقى الركبان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونشتري منهم الطعام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبيعوه حتى تستوفوه وتنقلوه" وما روي عنه أنه قال: كنا نتلقى الركبان فنشتري منهم الطعام جزافا فنهانا رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى نحوله من مكانه وننقله وماروي عنه أنه قال: كانوا يشترون الطعام من الركبان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبعث عليهم من يمنعهم أن يبيعوه حيث اشتروه حتى يبلغوه حيث يبيعون الطعام قد يحتمل أن يكون المواضع التي كانوا يحولونها إليها مواطن لبيع الطعام يبين ذلك ما روي عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث رجالا يمنعون أصحاب الطعام أن يبيعوه حيث يشترونه حتى ينقلوه إلى مكان آخر وما روي عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تشتري حتى يجوزها الذي اشتراها إلى رحله وإن كان ليبعث رجالا فيضربوننا على ذلك.
وروي عن ابن عمر ما ظاهره خلاف هذا وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اشترى طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه" أي حتى يستوفى كيله إن كان مكيلا أو وزنه إن كان موزونا أو عدده إن كان معدودا وهو في ذلك محول له من موضع إلى موضع مثل ما اشترى جزافا أريد فيه تحويله من موضع إلى موضع حتى يحل بيعه بعد ذلك فليس بخلاف لما تقدم وقد روي عن عبد الله بن عمر أنه قال: ابتعت زيتا بالسوق فقام إلي رجل فأربحني حتى رضيت فلما أخذت بيده لأضرب عليها أخذ بذراعي رجل من خلفي وأمسك بيدي فالتفت فإذا زيد بن ثابت فقال: لا تبعه حتى تحوزه إلى بيتك فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن نبتاع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم وثبت بتصحيح هذه الآثار أن لا يباع ما ابتيع مجازفة حتى يحول من المكان الذي ابتيع فيه إلى مكان سواه وهكذا كان الشافعي يذهب إليه في هذا المعنى وفيما ذكرنا من ذلك ما قد دل على أن ما لا يحتمل النقل من مكان إلى مكان كالدور والأرضين يجوز بعيها بعد ابتياعها بغير قبض لها لأنها لا يتهيأ فيها المعنى الذي يتهيأ في غيرها من النقل الذي يقوم مقام الكيل فيما يكال وهكذا كان مذهب أبي حنيفة في الدور والأرضين المبتاعة قبل قبضها من باعتها
ويحتمل أن يكون ابن عمر إما أراد أن يبيع الزيت قبل ان يحوزه بالربح الذي أربح فيه لأنه تأول أن الزيت ليس من الطعام إذ حكمه حكم الائتدام به لا الأكل له وكان مذهبه إجازة بيع ما اشتري قبل قبضه من غير الطعام فلم ير ببيعه لذلك قبل قبضه إياه بأسا حتي حدثه زيد بن ثابت بما حدثه به فعلم أنه كالطعام المأكول المشترى لا كالأشياء المبيعة سوى ذلك فانتهى إلى ما حدثه زيد فيه.
ومنه ما روي عن أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان فيكون لصاحبه الزيادة وعليه النقصان لم نجد في هذا سوى أن من ابتاع طعاما كيلا لم يحل له ذلك البيع حتى يكتاله على بائعه منه وقد كان البائع له منه إذ اشتراه قد اكتاله على من باعه منه قبل بيعه إياه هذا البيع الثاني فيكون البيع لا يحل لهذا المبتاع الثاني فيما ابتاعه من البائع الذي كان قد ابتاعه أيضا كيلا إلا بعد أن يتقدمه الاكتيالان جميعا وذكر ذلك بالصاع الذي يكال به الطعام وخرج الحديث على من باع طعاما كيلا قد ابتاعه كيلا لأنهم كانوا تجارا يشترون ويبيعون فيكون للمبتاع الأول إذا كاله على المبتاع الثاني ما كان بين الكيلين من الزيادة والنقصان وفي ذلك ما يدل على أن ما يجر بين الناس مما يستعملون فيه الكيل قد يقع بينهم فيه الاختلاف فيزيد بعضهم فيه على بعض وينقص منه عما كان غيرهم يتجاوز فيه وإن كان ذلك لا يمنع من استعماله إذ كان رأيا كما يستعمل الآراء في الحوادث من أمور الدين مما لا توقيف فيها ولا يمنع من ذلك وقوع الاختلاف بين أهلها وما قيل تثنية الصاع في قوله حتى يجري فيه الصاعان من باب التأكيد والمراد به النهي عن بيع الطعام المشتري كيلا قبل أن يستوفى بالكيل الذي يدل عليه جرى الصاع فيه مثله في قوله تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} وفي قول الحجاج يا حرسي أضربا عنقه تأويل فاسد لأنه روى مفسرا بصاع البائع وصاع المشتري قوله فيكون لصاحبه ازيادة وعله النقصان لأنه إذا ابتاع الطعام فكاله قبل أن يبيعه كان له زيادة الكيل ونقصانه أن باعه كيلا فاكتاله المبتاع عليه ولو اشترى