الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه وسلم فقلت هذا ناضحك يا رسول الله فقال يا بلال أعطه عشرين دينارا.
وروي عنه أيضا قال: أقبلنا من مكة إلى المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث إلى قوله: "بعنى جملك هذا" قلت: لا بل هو لك قال: "بل بعنيه" قلت: لا بل هو لك يا رسول الله، قال:"بل بعنيه" قلت: فإن لرجل علي وقية من ذهب فهو لك بها قال: "قد أخذته" قال: "فتبلغ عليه إلى المدينة" فلما قدمت المدينة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال: "أعطه أوقية من ذهب وزده" فأعطاني أوقية من ذهب وزادني قيراطا قلت: لا تفارقني زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا قال: فكان في كيس لي فأخذه أهل الشام يوم الحرة ففي هذين الحديثين غير ما في الأحاديث الأول لأن في الأول منها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجابر: "أتبيعني ناضحك هذا إذا قدمنا المدينة".
وفي الثاني مهما ابتاعه منه بلا شرط وإن النبي صلى الله عليه وسلم قال له بعد البيع: "تبلغ عليه إلى المدينة" تفضلا منه عليه وليس رواتهما بدون رواة الحديث الأول في المقدار في العلم ولا في الضبط وإذا تكافأت الروايات في ذلك ارتفعت ولم يكن بعضها أولى من بعض وسقط في هذا الحديث الاحتجاج بجواز البيع بالشرط ووافق ما حكينا عن عمرو ابن مسعود وابن عمرو زينب امرأة ابن مسعود في النهي عن البيع بالشرط فيه ما ليس منه وقد وافق ذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهي عن بيع وسلف وعن شرطين في بيعة فدل ذلك على أن هذه الأشياء التي ليست من البياعات إذا كانت فيها أفسدتها.
في الصفقة تجمع حلالا وحراما
روي عن سليمان بن أبي مسلم الخولاني قال: سألت أبا المنهال عن الصرف فقال: اشتريت أنا وشريك لي شيئا يدا بيد وشيئا بنسيئة فذكرنا ذلك للبراء بن عازب فقال: فعلته أنا وشريكي زيد بن أرقم فذكرنا ذلك لرسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال: "ما كان يدا بيد فخذوه وما كان بنسيئة فردوه".
هذا الحديث يحتج به في مسئلة فقهية مختلف فيها وهي أن الصفقة إذا جمعت ما يجوز وما لا يجوز بيعه هل يجوز من ذلك ما يجوز ويبطل ما لا يجوز أو يبطلان جميعا ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكشف سائليه المذكورين فيه عن ذينك الشيئين اللذين سألاه عنهما فأجاز البيع في أحدهما ولم يجزه في الآخر هل كان شراؤهما في صفقة واحدة أوفى صفقتين مختلفتين فعقلنا بذلك أن الحكم في ذلك سواء وإن الشراء يجوز فيما كان من ذلك يدا بيد ويبطل فيما كان نسيئة ولا يعطى لكل واحد حكم الشيء الآخر المضموم معه في الصفقة إذ لو افترق الحكم في ذلك لسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف وقع البيع حتى يكون جوابه على ما يخبرانه به من ذلك وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه وعبد الرحمن بن القاسم فيما أجاب أسد بن الفرات عن قول مالك خلافا للشافعي فإنه أبطلهما ببطلان أحدهما1 ولما نظرنا فيه رأينا البيع قد يقع على شقص من دار تجب فيه الشفعة للشريك فيها وعلى ما وساه من عرض وعبد ثم الشفعة تجب في الشقص بحصته من الثمن ولا تجب فيما سواه من العرض المضموم إليه ويعود ما سواه بيعا بالحصة مع أنه لا يجوز استئناف البيع عليه بذلك فعقلنا أن كل واحد من العرض والشقص اللذين جمعتهما الصفقة مضمن حكم نفسه لا حكم صاحبه وكذلك رأيناهم في العرضين إذا بيعا صفقة واحدة بثمن واحد فهلكا في يد البائع قبل القبض أن البيع ينتقض في ذلك كصبرتين أحدهما حنطة والأخرى شعير وقع البيع عليهما بكيل مشروط في كل واحدة منهما ولو ضاعت إحداهما في يد بائعها قبل القبض تضيع بحصتها من الثمن وتبقى الأخرى مبيعة بحصتها من الثمن وهذا مما لا يجوز استئناف البيع وحده كذلك عقلنا بذلك أن الصفقة إذا جمعت شيئين مختلفين أن لكل واحد منهما فيها حكمه لو كان مبيعا وحده دون صاحبه فدل هذا على صحة ما ذهب إليه أبو حنيفة وأصحابه.
1 للشافعي قول آخر بالصحة في التصحيح والبطلان في الباطل وهو الراجح في مذهنبه – ح.