الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه وسلم خرج يوم أحد حتى إذا خلف ثنية الوداع إذا هو بكتيبة حسناء فقال: "من هؤلاء؟ " قالوا: بنو قينقاع وهم رهط عبد الله بن سلام وقوم عبد الله ابن سلول فقال: "أسلموا" فأبوا قال: "قل لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين" ومعنى قوله: "وهم قوم عبد الله بن أبي" ليس المراد أن عبد الله منهم لأنه ليس من اليهود لأنه من الرهط الذين يرجع الأنصار إليهم بأنسباهم ولكنه خذل بنفاقه فأما نسبه فيهم فقائم وقيل لهم قومه بمحالفته لا بما سوى ذلك وإن كان فيه تسمية اليهود مشركين ومنعهم من القتال معه لأن بني قينقاع بمحالفتهم عبد الله صاروا كالمرتين عما كانوا عليه إلى ما هو عليه لأن المعالفة هي الموافقة بين المتحالفين فخر جوابه عن حكم أهل الكتاب فصاروا كمن ارتد عن الإسلام إلى اليهودية أو النصرانية لا يكون بذلك يهوديا ولا نصرانيا في أكل ذبائحهم وحل نسائهم فكذا هؤلاء لما حالفوا المنافق صاروا كالمشركين فكان لهم حكمهم فلذلك منعوا وسموا مشركين.
في إسهام من لم يشهد الحرب
روى عن أبي هريرة قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبان بن سعيد على سرية من المدينة قبل نجد فقدم أبان وأصحابه على النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد ما فتحنا وإن حزم خيلهم لليف فقال أبان: أقسم لنا يا رسول الله قال أبو هريرة: لا تقسم لهم شيئا يا نبي الله فقال أبان: أنت بهذا يعني يا وبر نجد قال صلى الله عليه وسلم: "اجلس يا أبان فلم يقسم لهم شيئا".
فيه أن السائل هو أبان وروى أن السائل كان أبا هريرة فإنه روى عنه قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد ما فتحوها فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسهم لي من الغنيمة فقال بعض بني سعيد ابن العاصي: لا تسهم لهم يا رسول الله فقلت: يا رسول الله هذا قاتل ابن قوقل فقال ابن سعيد: واعجبا لوبر تدلى علينا من قدوم ضان ينعى علي قتل رجل مسلم أكرمه الله على يدي ولم يهنى على يديه.
قال سفيان: لا أدري أسهم أو لم يسهم له فالله أعلم من السائل منهما وروى أن أبا هريرة قدم المدينة هو ونفر من قومه وقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر واستخلف على المدينة رجلا من بني غفار يقال له سباع بن عرفطة قال: فأتيناه فزودنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد افتتح خيبر فكلم المسلمين فأشركونا في سهامهم.
ففيه دليل على أن السائل في هذه القصة هو أبو هريرة وأبان بن سعيد وقد اختلف العلماء في هذا المعنى من الفقه فطائفة منهم توجب لمن كانت حاله حال أبي هريرة وأبان الدخول في الغنيمة المغنومة قبل قدومه لأن الإمام لا يأمن من العدو ما دام في بلدهم فحاجته إلى المدد قائمة وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وطائفة منهم لا يشركونهم وهم الشافعي ومالك واختلف في ذلك عمار ابن ياسر وعمر بن الخطاب فلو أمن الإمام عود العدو إليه ثم لحقه المدد فلاحق لهم اتفاقا فيما غنموه قبل قدومهم ومنع رسول الله صلى الله عليه سلم أبان وأبا هريرة من تلك الغنيمة يحتمل أن خيبر قبل قدومهما عليه صارت دار إسلام استغنى عن المدد ويحتمل أن يكون لاختصاص خيبر بأهل الحديبية بقوله: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} يريد أهل الحديبية {فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} يعني خيبر وعن أبي هريرة ما شهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم مغنما إلا قسم لي الأخير فإنها كانت لأهل الحديبية خاصة وفي سؤال أبان أو أبي هريرة وهو فقيه صحابي وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكار ذلك السؤال عليه دليل على أن ما سألاه ما كان محالا إذ لو كان لبينه وما روى أنه أشرك أبا هريرة في تلك الغنيمة فكان بعد مسامحة أهل الحديبية لأبي هريرة وإيثارهم له ذلك بإشارة الرسول صلى اله عليه وسلم كما روى عن أبي موسى أنه قال قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر بثلاث فقسم لنا وما قسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا وكان ذلك بمسامحتهم أيضا وسماحتهم بعد مشاورته صلى الله عليه وسلم معهم على ذلك.