الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن قيل: قد قتل كثير من قريش صبرا بعد الإسلام قلنا: إن المراد هو أنه لا يقتل قرشي بعد ذلك العام صبرا على ما أباحه صلى الله عليه وسلم من قتل الأربعة عامئذ فإنه كان قتلا على حراب الكفر ولم يكن بحمد الله عاد قرشي كافرا محاربا لله ورسوله في دار الكفر إلى يومنا هذا ولا يكون إلى يوم القيامة لأن الله تعالى لا يخلف وعد رسوله يؤيده ما روى عن الحارث ابن البرصاء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم فتح مكة: "لا تغزى مكة بعد هذا اليوم أبدا" قال سفيان: يعنى أنهم لا يكفرون فلا يغزون على الكفر فكذلك معنى لا يقتل قرشي لا يعودون كفارا يغزون حتى يقتلوا على الكفر كما لا تعود مكة دار كفر أبدا تغزي عليه.
في قتل على أهل الأهواء
روى عن علي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لما افتتح مكة وأتاه أناس من قريش فقالوا: يا محمد إنا حلفاؤك وقومك وإنه قد لحق بك أبناؤنا وأرقاؤنا وليس بهم رغبة في الإسلام إنما فروا من العمل فارددهم علينا فشاور أبا بكر في أمرهم فقال: صدقوا يا رسول الله فتغير وجهه، فقال:"يا عمر ما ترى؟ " فقال مثل قول أبي بكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليبعثن الله عليكم 1 رجلا امتحن الله قلبه بالإيمان يضرب رقابكم على الدين" قال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله قال: "لا ولكنه خاصف النعل في المسجد" قال: وكان قد ألقى إلى علي نعله يخصفها وقال على أما أني سمعته يقول: "لا تكذبوا علي فإنه من يكذب علي يلج النار" الفتح المذكور هو فتح الحديبية السابق على فتح مكة وفيه نزلت {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً} والصحابة يخالطون الحزن والكآبة لما حيل بينهم وبين نسكهم ونحروا بالحديبية فقال صلى الله عليه وسلم: "لقد نزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا جميعا" فقرأها فقال: رجل هنيئا مريئا يا نبي الله
1 كذا في الصل وفي سنن الترمذي في هذه القصة "لتنتهن او ليبعثن الله عليكم".
قد بين ما يفعل بك فماذا يفعل بنا فأنزل الله ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات الآية وأضيف الفتح إلى مكة لأنه جعل سببا لفتحها والوعيد الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم للذين جاؤه من قريش فسألوه أن لم ينتهوا لا يكون إلا وهم على الكفر وإلا ومكة دار حرب ثم كفاه الله ذلك منهم وفتح عليه مكة ودخلوا بذلك في الإسلام على ما دخلوا به فيه من طوع ومن كره ومنه ما روي عن أبي سعيد الخدري قال كنا جلوسا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلينا من حجرة عائشة فانقطعت نعله فرمى بها إلى على ثم جلس فقال: "إن منكم لمن يقاتل على تأويل القرآن كما قتلت على تنزيله"، فقال أبو بكر: أنا قال: "لا"، قال عمر: أنا قال: "لا ولكنه خاصف النعل في الحجرة" قال رجاء الزبيدي فأتى رجل عليا في الرحبة فقال" يا أمير المؤمنين هل كان في حديث النعل شيء قال: اللهم إنك لتشهد أنه مما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسره إلي فيه وعد لعلي بن أبي طالب بأنه يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل هو صلى الله عليه وسلم على تنزيله ولابد من إنجازه بخلاف الحديث الأول فإنه وعيد لأهل مكة من أجل سؤالهم والوعيد قد ينجز وقد لا ينجز روى عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه له ومن أوعده على عمل عقابا فهو بالخيار" وسئل أبو عمرو بن العلاء أيجوز أن يعد الله على عمل ثوابا ثم لا ينجزه؟ فقال: لا فقيل وإذا أوعد على عمل عقابا فلا بد أن ينجزه فقال أبو عمرو لسائله: ومن قبل العجمة اتيت أن العرب كانت إذا وعدت فشرفها أن تفي وإذا أوعدت فشرفها أن لا تفي.
ولا يرهب ابن العم والجار صولتي
…
ولا اختشى من خشية المتهدد
وإني وإن أوعدته أو وعدته
…
لأخلف إيعادي وأنجز موعدي
وما في الحديثين من خصف النعل فيجوز أن يكون في يومين وذلك أولى ما حملت عليه لئلا ومما حقق الوعد ما كان من قتال على للخوارج