الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إني لأراكم على عمومه لا يفيد فائدته وأيضا لا وجه الى للعدول إلى المجاز فإن تخصيص التعميم يرد فيه أيضا لو تم جوابا لأن الآراء أيضا تتعلق بإرادة الله تعالى فقد لا يريه لحكمة اقتضته والحق أن الاستفهام في قوله: "أيكم الذي ركع؟ " وفي قوله: "من القائل؟ " ليس على حقيقته بل هو انكار للفعل المستفهم عنه بدليل قوله: "لا تعدو" قوله: "فليمش على هينته" وبدليل سكوت القائل عن الجواب خوفا من محظور غضبه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "فإنه لم يقل بأسا" توطينا لقلوبهم وتثبيتا لجأشهم لعلمه بأنهم خافوه ولهذا بشره بقبول مقوله أيضا فلا تعارض حينئذ لأن رؤيته أو علمه بحالهم متحققة دائما وما استفهم ليعلم بل جرى على جميل عادته المستمرة في عدم خطاب الخاطي بما يكره مواجهة وإن كان يعلمه حقيقة وكان يخاطبهم على العموم لئلا يخجل صاحبه لا لأنه كان غير عالم بحاله والله أعلم.
في جلسة الاستراحة
روى عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث أنه كان يقول لأصحابه ألا أريكم كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن ذلك لفي غير صلاة فقام فأمكن القيام ثم ركع فأمكنه ثم رفع رأسه وانتصب قائما هنيهة ثم سجد ثم رفع رأسه فتمكن في الجلوس ثم انتظر هنيهة ثم سجد قال أبو قلابة ورأيت شيخنا عمرو بن سلمة يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه كان إذا رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الأولى والثالثة التي لا يقعد فيها استوى قاعدا ثم قام وفيما روى عنه أيضا قال أخبرني مالك بن الحويرث أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا. هذه مسألة اختلف فيها فطائفة تأمر المصلي بهذه الجلسة منهم الشافعي ومن سواهم من الكوفيين وفقهاء الحجاز لا يعرفون هذه الجلسة ولا يأمرون بها وروى عن عباس بن سهل وكان في مجلس فيه أبوه وهو صحابي وأبو هرير
وأبو حميد وأبو أسيد الساعدي والأنصار تذاكروا فيه الصلاة فقال أبو حميد أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم اتبعت ذلك من الرسول صلى الله عليه وسلم قالوا: فأرنا فقام فصلى وهم ينظرون فكبر ورفع يديه أول التكبيرة ثم ذكر حديثا طويلا ذكر فيه أنه لما رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الأولى قام ولم يتورك.
فكان في هذا الحديث ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم القعود بعد رفع رأسه من السجدة الآخرة من الركعة الأولى وقد روى هذا الحديث جماعة كثيرة وروى رفاعة بن رافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك قال: بينما رجل كالبدوي دخل في المسجد فصلى فأخف الصلاة ثم انصرف فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "وعليك فارجع فصل فإنك لم تصل" ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا فقال له الرجل: فأرني وعلمني فإنما أنا بشر أصيب وأخطئ، قال:"أجل إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله ثم تشهد ثم كبر فإن كان معك قرآن فاقرأ وإلا فاحمد الله تعالى وكبره وهلله ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع فاعتدل قائما ثم اسجد فاعتدل ساجدا ثم جلس فاطمئن جالسا ثم اسجد فاعتدل ساجدا ثم قم فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك" فكان في هذا الحديث أيضا أمره صلى الله عليه وسلم الرجل بعد فراغه من هذه السجدة بالقيام بلا قعود أمره قبله به.
وحديث مالك يحتمل أن يكون ما ذكر فيه مما رأى النبي صلى الله عليه وسلم كان فعله لعلة كانت به صلى الله عليه وسلم حينئذ لا لأن ذلك من سنة صلاته يدل عليه قلة مقام مالك عنده فإنه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في أناس ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رحيما رفيقا فلما ظن أن قد اشتهينا أهلنا واشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه فقال صلى الله عليه وسلم: "ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا عندهم وعلموهم ومروهم" والنظر أيضا يوجب عدم الجلوس لأن من شأن الصلاة التكبير والتحميد عند كل خفض