المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرع السابع فى أكله ص يوم الفطر قبل خروجه إلى الصلاة - المواهب اللدنية بالمنح المحمدية - جـ ٣

[القسطلاني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث

- ‌المقصد الثامن فى طبه ص لذوى الأمراض والعاهات وتعبيره الرؤيا وإنبائه بالأنباء المغيبات

- ‌الفصل الأول فى طبه صلى الله عليه وسلم لذوى الأمراض والعاهات

- ‌النوع الأول فى طبه ص بالأدوية الإلهية

- ‌رقية الذى يصاب بالعين:

- ‌عقوبة العائن:

- ‌ذكر رقية النبى ص التى كان يرقى بها

- ‌ذكر طبه ص من الفزع والأرق المانع من النوم:

- ‌ذكر طبه ص من حر المصيبة ببرد الرجوع إلى الله تعالى:

- ‌ذكر طبه ص من داء الهم والكرب بدواء التوجه إلى الرب:

- ‌ذكر طبه ص من داء الفقر:

- ‌ذكر طبه ص من داء الحريق:

- ‌ذكر ما كان ص يطب به من داء الصرع:

- ‌ذكر دوائه ص من داء السحر:

- ‌ذكر رقية لكل شكوى:

- ‌رقيته ص من الصداع:

- ‌رقيته ص من وجع الضرس:

- ‌رقية لعسر البول:

- ‌رقية الحمى:

- ‌ذكر ما يقى من كل بلاء:

- ‌ذكر ما يستجلب به المعافاة من سبعين بلاء:

- ‌ذكر دواء داء الطعام:

- ‌ذكر دواء أم الصبيان:

- ‌النوع الثانى طبه ص بالأدوية الطبيعية

- ‌ذكر ما كان ص يعالج به الصداع والشقيقة:

- ‌ذكر طبه ص للرمد:

- ‌ذكر طبه ص من العذرة:

- ‌ذكر طبه ص لداء استطلاق البطن

- ‌ذكر طبه ص فى يبس الطبيعة بما يمشيه ويلينه:

- ‌ذكر طبه ص للمفؤود:

- ‌ذكر طبه ص لذات الجنب:

- ‌ذكر طبه ص لداء الاستسقاء:

- ‌ذكر طبه ص من داء عرق النسا:

- ‌ذكر طبه ص من الأورام والخراجات:

- ‌ذكر طبه ص بقطع العروق والكى:

- ‌ذكر طبه ص من الطاعون:

- ‌ذكر طبه ص من السلعة

- ‌ذكر طبه ص من الحمى:

- ‌ذكر طبه ص من حكة الجسد وما يولد القمل:

- ‌ذكر طبه صلى الله عليه وسلم من السم الذى أصابه بخيبر:

- ‌النوع الثالث فى طبه ص بالأدوية المركبة من الإلهية والطبيعية

- ‌ذكر طبه ص من القرحة والجرح وكل شكوى:

- ‌ذكر طبه- ص من لدغة العقرب:

- ‌ذكر الطب من النملة:

- ‌ذكر طبه ص من البثرة:

- ‌ذكر طبه ص من حرق النار:

- ‌ذكر طبه ص بالحمية:

- ‌ذكر حمية المريض من الماء:

- ‌ذكر أمره ص بالحمية من الماء المشمس خوف البرص:

- ‌ذكر الحمية من طعام البخلاء:

- ‌ذكر الحمية من داء الكسل:

- ‌ذكر الحمية من داء البواسير:

- ‌ذكر حماية الشراب من سم أحد جناحى الذباب بانغماس الثانى:

- ‌ذكره أمره ص بالحمية من الوباء النازل فى الإناء بالليل بتغطيته:

- ‌ذكر حمية الوليد من إرضاع الحمقى:

- ‌الفصل الثانى فى تعبيره ص الرؤيا

- ‌الرؤيا الصالحة جزء من النبوة:

- ‌الفصل الثالث فى إنبائه ص بالأنباء المغيبات

- ‌المقصد التاسع فى لطيفة من عباداته

- ‌النوع الأول فى الطهارة وفيه فصول:

- ‌الفصل الأول: فى ذكر وضوئه ص وسواكه ومقدار ما كان يتوضأ به

- ‌الفصل الثانى فى وضوئه ص مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثا

- ‌الفصل الثالث فى صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الرابع فى مسحه ص على الخفين

- ‌الفصل الخامس فى تيممه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل السادس فى غسله صلى الله عليه وسلم

- ‌النوع الثانى فى ذكر صلاته ص

- ‌[القسم الأول] فى الفرائض وما يتعلق بها وفيه أبواب

- ‌الباب الأول فى الصلوات الخمس وفيه فصول:

- ‌الفصل الأول فى فرضها

- ‌الفصل الثانى فى ذكر تعيين الأوقات التى صلى فيها- صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس

- ‌الفصل الثالث فى ذكر كيفية صلاته ص وفيه فروع:

- ‌الفروع الأول: فى صفة افتتاحه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الثانى: فى ذكر قراءته ص البسملة فى أول الفاتحة

- ‌الفرع الثالث: فى ذكر قراءته ص الفاتحة وقوله آمين بعدها

- ‌الفرع الرابع: فى ذكر قراءته ص بعد الفاتحة فى صلاة الغداة

- ‌الفرع الخامس: فى ذكر قراءته- صلى الله عليه وسلم فى صلاتى الظهر والعصر

- ‌الفرع السادس: فى ذكر قراءته ص فى صلاة المغرب

- ‌الفرع السابع: فى ذكر ما كان ص يقرأ فى صلاة العشاء

- ‌الفرع الثامن: فى ذكر صفة ركوعه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع التاسع: فى مقدار ركوعه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع العاشر: فى ذكر ما كان ص يقوله فى الركوع والرفع منه

- ‌الفرع الحادى عشر: فى ذكر صفة سجوده ص وما يقول فيه

- ‌الفرع الثانى عشر: فى ذكر جلوسه ص للتشهد

- ‌الفرع الثالث عشر: فى ذكر تشهده صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الرابع عشر: فى ذكر تسليمه ص من الصلاة

- ‌الفرع الخامس عشر: فى ذكر قنوته صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الرابع فى سجوده ص للسهو فى الصلاة

- ‌الفصل الخامس فيما كان ص يقوله بعد انصرافه من الصلاة وجلوسه بعدها وسرعة انفتاله بعدها

- ‌الباب الثانى فى ذكر صلاته ص الجمعة

- ‌الباب الثالث فى ذكر تهجده صلوات الله وسلامه عليه

- ‌ذكر سياق صلاته ص بالليل

- ‌الباب الرابع فى صلاته ص الوتر

- ‌الباب الخامس فى ذكر صلاته ص الضحى

- ‌القسم الثانى فى صلاته ص النوافل وأحكامها وفيه بابان:

- ‌الباب الأول فى النوافل المقرونة بالأوقات وفيه فصلان:

- ‌الفصل الأول فى رواتب الصلوات الخمس والجمعة

- ‌الفرع الأول: فى أحاديث جامعة لرواتب مشتركة

- ‌الفرع الثانى: فى ركعتى الفجر

- ‌الفرع الثالث: فى راتبة الظهر

- ‌الفرع الرابع فى سنة العصر

- ‌الفرع الخامس فى راتبة المغرب

- ‌الفرع السادس فى راتبة العشاء

- ‌الفرع السابع فى راتبة الجمعة

- ‌الفصل الثانى فى صلاته ص العيدين

- ‌الفرع الأول فى عدد الركعات

- ‌الفرع الثانى فى عدد التكبير

- ‌الفرع الثالث فى الوقت والمكان

- ‌الفرع الرابع فى الأذان والإقامة

- ‌الفرع الخامس فى قراءته ص فى صلاة العيدين

- ‌الفرع السادس فى خطبته ص وتقديمه صلاة العيدين عليها

- ‌الفرع السابع فى أكله ص يوم الفطر قبل خروجه إلى الصلاة

- ‌الباب الثانى فى النوافل المقرونة بالأسباب

- ‌الفصل الأول فى صلاته ص الكسوف

- ‌الفصل الثانى فى صلاته ص صلاة الاستسقاء

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌القسم الثالث فى ذكر صلاته ص فى السفر

- ‌الفصل الأول فى قصره ص الصلاة فيه وأحكامه

- ‌الفرع الأول فى كم كان ص يقصر الصلاة

- ‌الفرع الثانى فى القصر مع الإقامة

- ‌الفصل الثانى فى الجمع

- ‌الفرع الأول فى جمعه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثالث فى ذكر صلاته ص النوافل فى السفر

- ‌الفصل الرابع فى صلاته ص التطوع فى السفر على الدابة

- ‌القسم الرابع فى ذكر صلاته ص صلاة الخوف

- ‌القسم الخامس فى ذكر صلاته ص على الجنازة

- ‌الفرع الأول فى عدد التكبيرات

- ‌الفرع الثانى فى القراءة والدعاء

- ‌الفرع الثالث فى صلاته ص على القبر

- ‌الفرع الرابع فى صلاته ص على الغائب

- ‌النوع الثالث فى ذكر سيرته ص فى الزكاة

- ‌النوع الرابع فى ذكر صيامه صلى الله عليه وسلم

- ‌القسم الأول فى صيامه ص شهر رمضان

- ‌الفصل الأول فيما كان يخص به رمضان من العبادات وتضاعف جوده ص فيه

- ‌الفصل الثانى فى صيامه ص برؤية الهلال

- ‌الفصل الثالث فى صومه ص بشهادة العدل الواحد

- ‌الفصل الرابع فيما كان يفعله ص وهو صائم

- ‌الفصل الخامس فى وقت إفطاره ص

- ‌الفصل السادس فيما كان ص يفطر عليه

- ‌الفصل السابع فيما كان يقوله ص عند الإفطار

- ‌الفصل الثامن فى وصاله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل التاسع فى سحوره صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل العاشر فى إفطاره ص فى رمضان فى السفر وصومه

- ‌القسم الثانى فى صومه ص غير شهر رمضان وفيه فصول

- ‌الفصل الأول فى سرده ص صوم أيام من الشهر وفطره أياما

- ‌الفصل الثانى فى صومه ص عاشوراء

- ‌الفصل الثالث فى صيامه ص شعبان

- ‌الفصل الرابع فى صومه ص عشر ذى الحجة

- ‌الفصل الخامس فى صومه ص أيام الأسبوع

- ‌الفصل السادس فى صومه ص الأيام البيض

- ‌النوع الخامس فى ذكر اعتكافه ص واجتهاده في العشر الأخير من رمضان وتحريه ليلة القدر

- ‌النوع السادس فى ذكر حجه وعمره صلى الله عليه وسلم

- ‌النوع السابع من عبادته ص فى ذكر نبذة من أدعيته وأذكاره وقراءته

- ‌المقصد العاشر

- ‌الفصل الأول فى إتمامه تعالى نعمته عليه بوفاته ونقلته إلى حظيرة قدسه لديه ص

- ‌الفصل الثانى فى زيارة قبره الشريف ومسجده المنيف

- ‌الفصل الثالث

- ‌خاتمة

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌الفرع السابع فى أكله ص يوم الفطر قبل خروجه إلى الصلاة

وهو أمير المدينة فى أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه، فقلت له: غيرتم والله. الحديث «1» .

ولابن خزيمة: خطب- صلى الله عليه وسلم يوم عيد على رجليه «2» . وهذا يشعر بأنه لم يكن فى المصلى فى زمانه- صلى الله عليه وسلم منبر، ويدل على ذلك قول أبى سعيد:

«فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان» ومقتضاه أن أول من اتخذه مروان.

ووقع فى المدونة للإمام مالك: أن أول من خطب الناس فى المصلى على منبر عثمان بن عفان، كلمهم على منبر من طين بناه كثير بن الصلت، لكنه معضل، وما فى الصحيحين أصح، فقد رواه مسلم من طريق داود بن قيس نحو رواية البخارى. ويحتمل أن يكون عثمان فعل ذلك مرة ثم تركه حتى أعاده مروان ولم يطلع على ذلك أبو سعيد. قاله شيخ الإسلام ابن حجر- رحمه الله تعالى-.

‌الفرع السابع فى أكله ص يوم الفطر قبل خروجه إلى الصلاة

عن أنس: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات «3» . رواه البخارى وقال: مرجأ بن رجاء حدثنى عبيد الله حدثنى أنس عن النبى- صلى الله عليه وسلم: ويأكلهن وترا «4» . ورواه الحاكم من رواية عتبة بن حميد

(1) صحيح: أخرجه البخارى (956) فى الجمعة، باب: الخروج إلى المصلى بغير منبر، من حديث أبى سعيد- رضى الله عنه-.

(2)

صحيح: أخرجه ابن ماجه (1288) فى إقامة الصلاة، باب: ما جاء فى الخطبة فى العيدين. من حديث أبى سعيد- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن ابن ماجه» .

(3)

صحيح: أخرجه البخارى (953) فى الجمعة، باب: الأكل يوم الفطر قبل الخروج. من حديث أنس بن مالك- رضى الله عنه-.

(4)

تقدم فى الذى قبله.

ص: 344

عنه بلفظ: ما خرج يوم فطر حتى يأكل تمرات، ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أقل من ذلك أو أكثر وترا «1» .

قال المهلب: الحكمة فى الأكل قبل الصلاة، أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلى العيد، فكأنه أراد سد هذه الذريعة.

وقال غيره: لما وقع وجوب الفطر عقب وجوب الصوم استحب تعجيل الفطر مبادرة إلى امتثال أمر الله تعالى، ويشعر بذلك اقتصاره على القليل من ذلك، ولو كان لغير الامتثال لأكل قدر الشبع، أشار إلى ذلك ابن أبى جمرة.

وقيل: لأن الشيطان الذى يحبس فى رمضان لا يطلق إلا بعد صلاة العيد فاستحب تعجيل الفطر بدارا إلى السلامة من وسوسته.

والحكمة فى استحباب التمر لما فى الحلو من تقوية البصر الذى يضعفه الصوم، ولأن الحلو مما يوافق الإيمان ويعبر به فى المنام، ويرق القلب، ومن ثم استحب بعض التابعين أن يفطر على الحلو مطلقا كالعسل. رواه ابن أبى شيبة عن معاوية بن قرة وابن سيرين وغيرهما.

وفى الترمذى والحاكم من حديث بريدة قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلى «2» ، ونحوه عند البزار عن جابر بن سمرة. وروى الطبرانى والدار قطنى من حديث ابن عباس قال: من السنة أن لا يخرج يوم الفطر حتى يخرج الصدقة ويطعم شيئا قبل أن يخرج «3» . وفى كل من الأسانيد الثلاثة مقال.

وقد أخذ أكثر الفقهاء بما دلت عليه، قال ابن المنير: وقع أكله- صلى الله عليه وسلم

(1) أخرجه أحمد (3/ 162) بلفظ يأكلهن إفرادا، من حديث أنس- رضى الله عنه-.

(2)

صحيح: أخرجه الترمذى (542) فى الجمعة، باب: ما جاء فى الأكل يوم الفطر قبل الخروج. من حديث بريدة- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .

(3)

أخرجه الدار قطنى (2/ 153) من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما-.

ص: 345

فى كل من العيدين فى الوقت المشروع لإخراج صدقتهما الخاصة بهما، فإخراج صدقة الفطر قبل الغدو إلى المصلى، وإخراج صدقة الأضحية بعد ذبحها، فاجتمعا من جهة، وافترقا من أخرى.

وقال الشافعى فى الأم: بلغنا عن الزهرى قال: ما ركب رسول الله- صلى الله عليه وسلم فى عيد ولا جنازة قط «1» . وفى الترمذى عن على قال: من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيا «2» ، وفى ابن ماجه عن سعد القرظى أنه- صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى العيد ماشيا «3» ، وفيه عن أبى رافع نحوه، وأسانيد الثلاثة ضعاف.

وعن أبى هريرة قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم إذا خرج يوم العيد فى طريق رجع فى غيره «4» . رواه الترمذى.

وقد اختلف فى معنى ذلك على أقوال كثيرة، قال الحافظ ابن حجر:

اجتمع لى منها أكثر من عشرين، وقد لخصتها وبينت الواهى منها.

فمن ذلك: أنه فعل ذلك ليشهد له الطريقان، وقيل: سكانهما من الجن والإنس، وقيل: ليسوى بينهما فى مزية الفضل بمروره وفى التبرك، أو ليشم رائحة المسك من الطريق التى يمر بها لأنه كان معروفا بذلك. وقيل: لأن طريقه إلى المصلى كانت على اليمين، فلو رجع منها لرجع على جهة الشمال فرجع من غيرها. وهذا يحتاج إلى دليل.

وقيل: لإظهار شعائر الإسلام فيهما، وقيل: لإظهار ذكر الله، وقيل:

(1) قاله الشافعى فى «الأم» (1/ 233) ، ونقله عنه الحافظ فى «الفتح» (2/ 451) .

(2)

حسن: أخرجه الترمذى (530) فى الجمعة، باب: ما جاء فى المشى يوم العيد، من حديث على ولفظه من السنة أن تخرج إلى العيد ماشيا

الحديث. والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .

(3)

حسن: أخرجه ابن ماجه (1294) فى إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: ما جاء فى الخروج إلى العيد ماشيا. من حديث سعيد بن عائظ ولقبه القرظ. والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى صحيح ابن ماجه.

(4)

صحيح: أخرجه الترمذى (541) فى الجمعة، باب: ما جاء فى خروج النبى إلى العيد فى طريق ورجوعه فى طريق. من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .

ص: 346

ليغيظ المنافقين أو اليهود، وقيل حذرا من كيد الطائفتين أو إحداهما، وقيل ليعمهم بالسرور به أو التبرك بمروره والانتفاع به فى قضاء حوائجهم فى الاستفتاء أو التعليم والاقتداء، والاسترشاد والسلام عليهم أو غير ذلك، وقيل ليزور أقاربه الأحياء والأموات، وقيل: ليصل رحمه، وقيل ليتفاءل بتغير الحال إلى المغفرة والرضا، وقيل: كان يتصدق فى ذهابه فإذا رجع لم يبق معه شئ فيرجع فى طريق آخر لئلا يرد من يسأله. وهذا ضعيف جدّا مع احتياجه إلى دليل.

وقيل: فعل ذلك لتخفيف الزحام، وهذا رجحه الشيخ أبو حامد، وقيل كان طريقه التى يتوجه منها أبعد من التى يرجع فيها، فأراد تكثير الأجر بتكثير الخطا فى الذهاب، وأما فى الرجوع فيسرع إلى منزله، وهذا اختيار الرافعى. وتعقب بأنه يحتاج إلى دليل وبأن أجر الخطا فى الرجوع أيضا، كما ثبت فى حديث أبى بن كعب عند الترمذى وغيره، وقيل: لأن الملائكة تقف فى الطرقات فأراد أن يشهد له فريقان منهم. وقال ابن أبى جمرة: هو فى معنى قول يعقوب لبنيه: لا تدخلوا من باب واحد، فأشار إلى أنه فعل حذر إصابة العين. انتهى.

وكان- صلى الله عليه وسلم يخرج الأبكار والعواتق وذوات الخدور والحيض فى العيدين، فأما الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن دعوة المسلمين. قالت إحداهن: يا رسول الله إحدانا لم يكن لها جلباب، قال:«فلتعرها أختها من جلابيبها» «1» . رواه البخارى ومسلم والترمذى واللفظ له.

ولا دلالة فيه على وجوب صلاة العيد، لأن من جملة من أمر بذلك من ليس بمكلف، فظهر أن القصد منه إظهار شعائر الإسلام بالمبالغة فى الاجتماع، ولتعم الجميع البركة.

(1) صحيح: أخرجه الترمذى (539) فى الجمعة، باب: ما جاء فى خروج النساء فى العيدين. من حديث أم عطية- رضى الله عنها-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .

ص: 347

وفيه: استحباب خروج النساء إلى شهود العيد، سواء كن شواب أم لا، أو ذوات هيئات أم لا، لكن نص الشافعى فى الأم يقتضى استثناء ذوات الهيئات. قال: وأحب شهود العجائز غير ذوات الهيئات الصلاة. وأما شهودهن الأعياد فأشد استحبابا.

وادعى بعضهم النسخ فيه، وقال الطحاوى: وأمره- صلى الله عليه وسلم بخروج الحيض وذوات الخدور إلى العيد يحتمل أن يكون فى أول الإسلام، والمسلمون قليل، فأريد التكثير بحضورهن إرهابا للعدو. وأما اليوم فلا يحتاج إلى ذلك.

وتعقب: بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، وقد صرح فى حديث أم عطية بعلة الحكم، وهى شهودهن الخير ودعوة المسلمين، ورجاء بركة ذلك اليوم وطهرته، وقد أفتت به أم عطية بعد النبى- صلى الله عليه وسلم بمدة، ولم يثبت عن أحد من الصحابة مخالفتها فى ذلك.

وأما قول عائشة: «لو رأى النبى- صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد» «1» فلا يعارض ذلك لندوره، إن سلمنا أن فيه دلالة على أنها أفتت بخلافه، مع أن الدلالة منه بأن عائشة أفتت بالمنع ليست صريحة.

وفى قول الطحاوى: «إرهابا للعدو» نظر، لأن الاستنصار بالنساء والتكثير بهن فى الحرب دال على الضعف. والأولى: أن يخص ذلك بمن يؤمن عليها وبها الفتنة، فلا يترتب على حضورها محظور، ولا تزاحم الرجال فى الطرق ولا فى المجامع، قاله فى فتح البارى.

وكان- صلى الله عليه وسلم يخرج العنزة يوم الفطر والأضحى يكرزها فيصلى إليها «2» . رواه النسائى وغيره.

(1) أخرجه مالك فى الموطأ (468) فى النداء للصلاة، باب: ما جاء فى خروج النساء إلى المساجد، وأحمد (6/ 91) عن عائشة- رضى الله عنهما-.

(2)

صحيح: أخرجه البخارى (973) فى الجمعة، باب: حمل العنزة أو الحربة بين يدى الإمام يوم العيد، ومسلم (501) فى الصلاة، باب: سترة المصلى. من حديث ابن عمر- رضى الله عنهما-.

ص: 348

وإذا علمت هذا فاعلم أن للمؤمنين فى هذه الدار ثلاثة أعياد، عيد يتكرر كل أسبوع، وعيدان يأتيان فى كل عام مرة من غير تكرار فى السنة.

فأما العيد المتكرر فهو يوم الجمعة، وهو عيد الأسبوع، وهو مترتب على إكمال الصلوات المكتوبات من الله تعالى فشرع لهم فيه عيدا. وأما العيدان اللذان لا يتكرران فى كل عام، وإنما يأتى كل واحد منهما فى العام مرة واحدة.

فأحدهما: عيد الفطر من صوم رمضان، وهو مرتب على إكمال صيام رمضان، وهو الركن الثالث من أركان الإسلام ومبانيه، فإذا أكمل المسلمون صيام شهر رمضان المفروض عليهم استوجبوا من الله المغفرة والعتق من النار، فإن صيامه يوجب مغفرة ما تقدم من الذنب، وآخره عتق من النار يعتق الله فيه من النار من استحقها بذنوبه، فشرع الله تعالى لهم عقب صيامهم عيدا يجتمعون فيه على شكر الله تعالى وذكره وتكبيره على ما هداهم له، وشرع لهم فى ذلك العيد الصلاة والصدقة، وهو يوم الجوائز يستوفى فيه الصائمون أجر صيامهم ويرجعون بالمغفرة.

والعيد الثانى عيد النحر: وهو أكبر العيدين وأفضلهما، وهو مرتب على إكمال الحج وهو الركن الرابع من أركان الإسلام ومبانيه، فإذا أكمل المسلمون حجهم غفر لهم، وإنما يكمل الحج بيوم عرفة، فإن الوقوف بعرفة ركن الحج الأعظم، ويوم عرفة هو يوم العتق من النار، فيعتق الله فيه من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين، فلذلك صار اليوم الذى يليه عيدا لجميع المسلمين فى جميع أمصارهم، من شهد الموسم منهم ومن لم يشهد، لاشتراكهم فى العتق والمغفرة يوم عرفة، وشرع للجميع التقرب إليه تعالى بالنسك بإراقة دماء ضحاياهم، فيكون ذلك اليوم شكرا منهم لهذه النعمة، والصلاة والنحر الذى يجتمع فى عيد النحر أفضل من الصلاة والصدقة فى عيد الفطر، ولهذا أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم أن يجعل شكره لربه على إعطائه الكوثر أن يصلى لربه وينحر.

وقد ضحى- صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر.

ص: 349

رواه البخارى من حديث أنس، قال: ورأيته واضعا قدميه على صفاحهما، يقول:«بسم الله والله أكبر» «1» . وعن عائشة: أنه- صلى الله عليه وسلم أمر بكبش يطأ فى سواد «2» ، ويبرك فى سواد «3» ، فأتى به ليضحى به، قال:«يا عائشة، هلمى المدية» ، ثم قال:«اشحذيها بحجر» ففعلت، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه، قال:«بسم الله اللهم تقبل عن محمد وآل محمد ومن أمة محمد» ثم ضحى به «4» . رواه مسلم.

وعن جابر: ذبح النبى- صلى الله عليه وسلم يوم النحر كبشين أقرنين أملحين موجوءين «5» ، فلما وجههما قال:«إنى وجهت وجهى للذى فطر السماوات والأرض، على ملة إبراهيم حنيفا، وما أنا من المشركين، إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين، اللهم منك ولك عن محمد وأمته، بسم الله والله أكبر» ثم ذبح «6» .

رواه البخارى وأبو داود وابن ماجه والدارمى.

وفى رواية لأحمد والترمذى: ذبح بيده وقال: «بسم الله والله أكبر، اللهم إن هذا عنى وعمن لم يضح من أمتى» «7» . فهذه أعياد المسلمين فى

(1) صحيح: أخرجه الترمذى (1521) فى الأضاحى، باب: العقيقة بشاة، من حديث جابر ابن عبد الله- رضى الله عنهما-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .

(2)

يطأ فى سواد: أى قوائمه سود.

(3)

يبرك فى سواد: أى أن ملاقى محل بروكه على الأرض من بدنه أسود.

(4)

صحيح: أخرجه مسلم (1967) فى الأضاحى، باب: استحباب الضحية وذبحها مباشرة بلا توكيل، وأبو داود (2792) فى الضحايا، باب: ما يستحب من الضحايا. من حديث عائشة- رضى الله عنها-.

(5)

موجوءين: يعنى منزوع الخصيتين.

(6)

ضعيف: أخرجه أبو داود (2795) فى الضحايا، باب: ما يستحب من الضحايا، من حديث جابر بن عبد الله وأصله فى الصحيح من حديث أنس- رضى الله عنه-، والحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى «ضعيف سنن أبى داود» .

(7)

صحيح: أخرجه أحمد (3/ 356) ، والترمذى (1521) فى الأضاحى، باب: العقيقة بشاة، من حديث جابر بن عبد الله- رضى الله عنهما-. والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .

ص: 350