الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لست كهيئتكم» . وفى الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب قال: قال- صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم» «1» قالوا: فجعله مفطرا حكما بدخول وقت الفطر وإن لم يفطر، وذلك يحيل الوصال شرعا. واحتج الجمهور للتحريم: بعموم النهى فى قوله- صلى الله عليه وسلم: «لا تواصلوا» وأجابوا عن قوله «رحمة» بأنه لا يمنع ذلك كونه منهيا عنه للتحريم، وسبب تحريمه الشفقة عليهم لئلا يتكلفوا ما يشق عليهم، وأما الوصال بهم يوما ثم يوما، فاحتمل للمصلحة فى تأكيد زجرهم وبيان الحكمة فى نهيهم والمفسدة المترتبة على الوصال، وهى الملل من العبادة، والتعرض للتقصير فى بعض وظائف الدين، من إتمام الصلاة بخشوعها وأذكارها، وسائر الوظائف المشروعة فى نهاره وليله. وأجابوا أيضا بقوله- صلى الله عليه وسلم:«إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا فقد أفطر الصائم» إذ لم يجعل الليل محلّا لسوى الفطر، فالصوم فيه مخالف لوضعه. وروى الطبرانى فى الأوسط من حديث أبى ذر أن جبريل قال للنبى- صلى الله عليه وسلم:«إن الله قد قبل وصالك، ولا يحل لأحد بعدك» . ولكن إسناده ليس بصحيح ولا حجة فيه.
الفصل التاسع فى سحوره صلى الله عليه وسلم
عن أبى هريرة عن رجل من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: دخلت على النبى- صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر فقال: «إنها بركة أعطاكم الله إياها فلا تدعوه» «2» . رواه النسائى. وعن العرباض بن سارية قال: دعانى رسول الله- صلى الله عليه وسلم إلى السحور فى رمضان قال: «هلم إلى الغداء المبارك» «3» . رواه
(1) تقدم.
(2)
صحيح: أخرجه النسائى (4/ 145) فى الصيام، باب: فضل السحور، من حديث عبد الله بن الحارث عن رجل من أصحاب النبى- صلى الله عليه وسلم. والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن النسائى» .
(3)
صحيح: أخرجه أبو داود (2344) فى الصوم، باب: من سمى السحور الغداء، والنسائى (4/ 146) فى الصيام، باب: تسمية السحور غداء. من حديث خالد بن معدان- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .
أبو داود والنسائى. وعن أنس قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم وذلك عند السحور-: «يا أنس إنى أريد الصيام فأطعمنى شيئا» ، فأتيته بتمر وإناء فيه ماء، وذلك بعد ما أذن بلال، قال:«يا أنس انظر رجلا يأكل معى» فدعوت زيد بن ثابت فجاء فقال: إنى أريد شربة سويق وأنا أريد الصيام، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم:«وأنا أريد الصيام» فتسحر معه، ثم قام فصلى ركعتين ثم خرج إلى الصلاة «1» . رواه النسائى. وعن زر بن حبيش: قلنا لحذيفة: أى ساعة تسحرت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم؟ قال: «هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع» «2» رواه النسائى أيضا. وعن زيد بن ثابت قال: تسحرنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة. قال أنس بن مالك: قلت: كم كان قدر ما بينهما؟ قال:
قدر خمسين آية «3» . رواه البخارى ومسلم والترمذى والنسائى.
والمراد آية متوسطة، لا طويلة ولا قصيرة لا سريعة ولا بطيئة. قال ابن أبى جمرة: كان- صلى الله عليه وسلم ينظر ما هو الأرفق بأمته فيفعله، لأنه لو لم يتسحر لا تبعوه فشق على بعضهم، ولو تسحر فى جوف الليل لشق أيضا على بعضهم ممن يغلب عليه النوم، فقد يفضى إلى ترك الصبح، أو يحتاج إلى المجاهدة بالسهر. وقال القرطبى: فيه دلالة على أن الفراغ من السحور كان قبل طلوع الفجر، فهو معارض لقول حذيفة «هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع» . انتهى. وأجاب فى فتح البارى: بأن لا معارضة، بل يحمل على اختلاف الحال، فليس فى رواية واحد منهما ما يشعر بالمواظبة.
(1) صحيح الإسناد: أخرجه النسائى (4/ 147) فى الصيام، باب: السحور بالسويق والتمر، من حديث أنس بن مالك- رضى الله عنه-، وقال الألبانى: صحيح الإسناد.
(2)
حسن الإسناد: أخرجه النسائى (4/ 142) فى الصيام، باب: تأخير السحور وذكر الاختلاف على زر فيه. من حديث حذيفة بن اليمان- رضى الله عنه-، وقال الألبانى: حسن الإسناد.
(3)
صحيح: أخرجه البخارى (1921) فى الصوم، باب: قدر كم بين السحور وصلاة الفجر، ومسلم (1097) فى الصيام، باب: فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره، من حديث أنس عن زيد بن ثابت- رضى الله عنه-.