الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفى «اللطائف» روى عن الكتانى أخبرنا تمام الرازى حدثنا القاضى يوسف حدثنا محمد بن إسحاق السراج حدثنا يوسف بن موسى حدثنا حجاج بن منهال حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا حبيب المعلم عن عطاء أن عروة قال لعبد الله بن عمر: هل كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم يصوم فى رجب؟ قال:
نعم ويشرفه، قالها ثلاثا «1» ، أخرجه أبو داود وغيره. وعن أبى قلابة قال: إن فى الجنة قصرا لصوام رجب «2» . قال البيهقى: أبو قلابة من كبار التابعين لا يقوله إلا عن بلاغ والله أعلم.
الفصل الرابع فى صومه ص عشر ذى الحجة
والمراد بها الأيام التسعة من أول ذى الحجة. عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبى- صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذى الحجة «3» . رواه أبو داود. وعن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم صائما فى العشر قط «4» . رواه مسلم والترمذى.
وهذا يوهم كراهة صوم العشر، وليس فيها كراهة، بل هى مستحبة استحبابا شديدا لا سيما يوم التاسع منها وهو يوم عرفة، وقد ثبت فى صحيح البخارى أنه- صلى الله عليه وسلم قال:«ما من أيام العمل فيها أفضل منه فى هذه» «5» يعنى العشر الأول من ذى الحجة، واستدل به على فضل صيام عشر ذى الحجة لاندراج الصوم فى العمل.
(1) أخرجه أبو الحسن على بن محمد بن شجاع الربعى فى فضل رجب ورجاله كلهم ثقات، كما فى «كنز العمال» (24601) وهو ليس فى «سنن أبى داود» .
(2)
أخرجه ابن عساكر، كما فى «كنز العمال» (24581) .
(3)
صحيح: أخرجه أبو داود (2437) فى الصوم، باب: فى صوم العشر. من حديث هند بنت أبى أمية بن المغيرة. والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .
(4)
صحيح: أخرجه مسلم (1176) فى الاعتكاف، باب: صوم عشر ذى الحجة، من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
(5)
صحيح: أخرجه البخارى (969) فى الجمعة، باب: فضل العمل فى أيام التشريق.
واستشكل بتحريم الصوم يوم العيد؟ وأجيب: بأنه محمول على الغالب، والله أعلم. ويتأول قولها- يعنى عائشة-:«لم يصم العشر» أنه لم يصمه لعارض من مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائما فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه فى نفس الأمر، ويدل عليه حديث هنيدة بن خالد الذى ذكرته.
قال الحافظ ابن حجر: وقد وقع فى رواية القاسم بن أبى أيوب: «ما من عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجرا من خير يعمله فى عشر الأضحى» «1» . وفى حديث جابر فى صحيحى أبى عوانة وابن حبان «ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذى الحجة» «2» . فقد ثبتت الفضيلة لأيام عشر ذى الحجة على غيرها من أيام السنة، وتظهر فائدة ذلك: فيمن نذر الصيام أو علق عملا من الأعمال بأفضل الأيام، فلو أفرد يوما منها تعين يوم عرفة لأنه على الصحيح أفضل أيام العشر المذكور، فإن أراد أفضل أيام الأسبوع تعين يوم الجمعة، جمعا بين الحديث السابق وبين حديث أبى هريرة مرفوعا:«خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة» «3» . رواه مسلم. أشار إلى ذلك النووى فى شرحه، وقال الداودى: لم يرد- صلى الله عليه وسلم أن هذه الأيام خير من يوم الجمعة لأنه قد يكون فيها يوم الجمعة، يعنى: فيلزم تفضيل الشئ على نفسه، وتعقب: بأن المراد: كل يوم من أيام العشر أفضل من غيره من أيام السنة، سواء كان يوم الجمعة أم لا، ويوم الجمعة فيه أفضل من يوم الجمعة فى غيره لاجتماع الفضيلتين فيه. والذى يظهر أن السبب فى امتياز عشر ذى الحجة إمكان اجتماع أمهات العبادات فيه وهى الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك فى غيرها. وعلى هذا: هل يخص الفضل بالحاج أو يعم المقيم؟ فيه احتمال. انتهى.
(1) صحيح: أخرجه الدارمى (17774) فى الصوم، باب: فى فضل العمل فى العشر، وأصله فى الصحيح. من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما-.
(2)
صحيح: أخرجه ابن حبان فى «صحيحه» (3853) .
(3)
صحيح: أخرجه مسلم (854) فى الجمعة، باب: فضل يوم الجمعة، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.