الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البخارى. وعنده- فى كتاب الهجرة- من طريق معمر عن الزهرى، عن عروة عن عائشة قالت: فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر- صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعا.
فعيّن فى هذه الرواية أن الزيادة فى قوله فى الحديث الذى قبله «وزيد فى صلاة الحضر» وقعت بالمدينة. وقد أخذ بظاهر هذا الحديث الحنفية، وبنوا عليه: أن القصر فى السفر عزيمة لا رخصة.
واحتج مخالفوهم بقوله تعالى: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ «1» ، لأن نفى الجناح لا يدل على العزيمة، والقصر إنما يكون من شئ أطول منه، ويدل على أنه رخصة أيضا قوله- عليه الصلاة والسلام:
«صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» «2» رواه مسلم. وأما خبر:
فرضت الصلاة ركعتين، أى فى السفر فمعناه: لمن أراد الاقتصار عليهما، جمعا بين الأخبار. قاله فى المجموع.
الفصل الثانى فى ذكر تعيين الأوقات التى صلى فيها- صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس
عن جابر: أن جبريل- عليه الصلاة والسلام أتى النبى- صلى الله عليه وسلم يعلمه مواقيت الصلاة، فتقدم جبريل، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم، فصلى الظهر حين زالت الشمس، وأتاه حين كان الظل مثل ظل شخصه، فصنع كما صنع، فتقدم جبريل ورسول الله- صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم، فصلى العصر، ثم أتاه جبريل حين وجبت الشمس، فتقدم جبريل، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم فصلى المغرب، ثم تاه جبريل حين غاب الشفق، فتقدم جبريل ورسول الله- صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم فصلى العشاء، ثم أتاه حين انشق الفجر، فتقدم جبريل ورسول الله- صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم، فصلى الغداة.
(1) سورة النساء: 101.
(2)
صحيح: أخرجه مسلم (685) فى أول صلاة المسافرين، من حديث عمر- رضى الله عنه-.
ثم أتاه فى اليوم الثانى حين كان ظل الرجل مثل شخصه، فصنع كما صنع بالأمس، فصلى الظهر، ثم أتاه حين كان ظل الرجل مثلى شخصه فصنع كما صنع بالأمس فصلى العصر، ثم أتاه حين وجبت الشمس فصنع كما صنع بالأمس فصلى المغرب، ثم أتاه حين غاب الشفق فصنع كما صنع بالأمس فصلى العشاء، ثم أتاه حين امتد الفجر وأصبح والنجوم بادية مشتبكة وصنع كما صنع بالأمس فصلى الغداة. ثم قال: ما بين هاتين الصلاتين وقت «1» . رواه النسائى.
وفى رواية قال: خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر حين زالت الشمس، وكان الفئ قدر الشراك، ثم صلى العصر حين كان الفئ قدر الشراك، وظل الرجل مثله، ثم صلى المغرب حين غابت الشمس، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين الفجر، ثم صلى الغداة- أى الظهر- حين كان الظل طول الرجل، ثم صلى العصر حين كان ظل الرجل مثليه، ثم صلى المغرب حين غابت الشمس، ثم صلى العشاء إلى ثلث الليل أو نصف الليل- شك أحد رواته- ثم صلى الفجر فأسفر.
وعن ابن عباس: قال- صلى الله عليه وسلم: «أمّنى جبريل عند البيت مرتين، فصلى بى الظهر فى الأولى حين كان الفئ مثل الشراك، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شئ مثله، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم» «2» .
(1) صحيح: أخرجه الترمذى (150) فى الصلاة، باب: ما جاء فى مواقيت الصلاة عن النبى- صلى الله عليه وسلم، والنسائى (1/ 251- 252) فى المواقيت، باب: أول وقت العصر، و (1/ 255- 256)، باب: آخر وقت العصر، و (1/ 261) باب: آخر وقت المغرب، و (1/ 263) باب: أول وقت العشاء، وأحمد فى «المسند» (3/ 330 و 351) ، والحديث صححه الألبانى فى «الإرواء» (250) .
(2)
صحيح: أخرجه أبو داود (393) فى الصلاة، باب: فى المواقيت، والترمذى (149) فى الصلاة، باب: ما جاء فى مواقيت الصلاة عن النبى- صلى الله عليه وسلم، وأحمد فى «المسند» (1/ 333) ، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «الإرواء» (249) .
وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شئ مثله كوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شئ مثليه، ثم صلى المغرب كوقت الأولى، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين أسفر، ثم التفت إلى جبريل فقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت فيما بين هذين الوقتين، رواه الترمذى وغيره.
وقوله: «صلى بى الظهر حين كان ظل كل شئ مثله» أى فرغ منها حينئذ، كما شرع فى العصر فى اليوم الأول، وحينئذ فلا اشتراك بينهما فى وقت، ويدل له حديث مسلم «وقت الظهر إذا زالت الشمس ما لم تحضر العصر» .
وقوله فى حديث جابر «فصلى الظهر حين زالت الشمس» يقتضى جواز فعل الظهر إذا زالت الشمس، ولا ينتظر بها وجوبا ولا ندبا مصير الفئ، مثل الشراك، كما اتفقت عليه أئمتنا ودلت عليه الأخبار الصحيحة، وأما حديث ابن عباس فالمراد به أنه حين زالت الشمس كان الفئ حينئذ مثل الشراك، لا أنه أخر إلى أن صار مثل الشراك. ذكره فى المجموع.
وقد بيّن ابن إسحاق فى المغازى أن صلاة جبريل به- صلى الله عليه وسلم كانت صبيحة الليلة التى فرضت الصلاة فيها، وهى ليلة الإسراء. ولفظه: قال نافع ابن جبير وغيره: لما أصبح- صلى الله عليه وسلم من الليلة التى أسرى به لم يرعه إلا جبريل نزل حين زاغت الشمس، ولذلك سميت «الأولى» - أى صلاة الظهر- فأمر فصيح بأصحابه:«الصلاة جامعة» ، فاجتمعوا فصلى به جبريل وصلى النبى- صلى الله عليه وسلم بأصحابه فذكر الحديث.
وفيه رد على من زعم أن بيان الأوقات إنما وقع بعد الهجرة، والحق أن ذلك وقع قبلها ببيان جبريل، وبعدها ببيان النبى- صلى الله عليه وسلم. وإنما دعاهم بقوله:
«الصلاة جامعة» لأن الأذان لم يكن شرع حينئذ. واستدل بهذا الحديث على جواز الائتمام بمن يأتم بغيره. ويجاب عنه بما يجاب عن قصة أبى بكر فى صلاته خلف النبى- صلى الله عليه وسلم وصلاة الناس خلفه، فإنه محمول على أنه كان مبلغا فقط، كما سيأتى تقريره- إن شاء الله تعالى-.
وقد صلى- صلى الله عليه وسلم العصر والشمس فى حجرة عائشة لم يظهر الفئ من حجرتها «1» . رواه البخارى ومسلم. وقال أنس: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم يصلى العصر والشمس مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلى العوالى فيأتيهم والشمس مرتفعة «2» ، وبعض العوالى من المدينة على أربعة أميال. رواه البخارى.
وفى ذلك دليل على تعجيله- صلى الله عليه وسلم بصلاة العصر، لوصف الشمس بالارتفاع بعد أن تمضى مسافة أربعة أميال، والمراد بالشمس ضوؤها وعن سلمة بن الأكوع أنه- صلى الله عليه وسلم كان يصلى المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب «3» . رواه البخارى ومسلم والترمذى. وعن رافع بن خديج: كنا نصلى المغرب معه- صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا، وإنه ليرى مواقع نبله «4» . رواه البخارى ومسلم.
والنبل- بفتح النون-: السهام العربية: أى يبصر مواقع سهامه إذا رمى بها، ومقتضاه المبادرة بالمغرب فى أول وقتها، بحيث إن الفراغ منها يقع والضوء باق.
وكان- صلى الله عليه وسلم إذا كان الحر أبرد بالصلاة، وإذا كان البرد عجل «5» . رواه
(1) صحيح: أخرجه البخارى (545) فى المواقيت، باب: وقت العصر، ومسلم (611) فى المساجد، باب: أوقات الصلوات الخمس.
(2)
صحيح: أخرجه البخارى (548 و 550 و 551) فى المواقيت، باب: وقت العصر، ومسلم (621) فى المساجد، باب: استحباب التبكير بالعصر.
(3)
صحيح: أخرجه البخارى (561) فى المواقيت، باب: وقت المغرب، ومسلم (636) فى المساجد، باب: بيان أن أول وقت المغرب عند غروب الشمس، وأبو داود (417) فى الصلاة، باب: فى وقت المغرب، والترمذى (164) فى الصلاة، باب: ما جاء فى وقت المغرب، وابن ماجه (688) فى الصلاة، باب: وقت صلاة المغرب.
(4)
صحيح: أخرجه البخارى (559) فى المواقيت، باب: وقت المغرب، ومسلم (637) فى المساجد، باب: بيان أن أول وقت المغرب عند غروب الشمس.
(5)
صحيح: أخرجه النسائى (1/ 248) فى المواقيت، باب: تعجيل الظهر فى البرد، وللبخارى نحوه أخرجه برقم (560) من حديث جابر- رضى الله عنه-.
النسائى من حديث أنس. ويؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية «1» .
رواه أبو داود من رواية على بن شيبان. وقال- عليه الصلاة والسلام: «إذا قدّم العشاء فابدؤوا به قبل صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم» «2» ، رواه البخارى ومسلم.
وعند أبى داود: «ولا تؤخروا الصلاة لطعام ولا غيره» «3» .
واعتم- صلى الله عليه وسلم بالعشاء ليلة، حتى ناداه عمر: الصلاة، نام النساء والصبيان، فخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم فقال:«ما ينتظرها من أهل الأرض أحد غيركم» ، قال: ولا تصلى يومئذ إلا بالمدينة، وكانوا يصلون فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول «4» . زاد فى رواية: وذلك قبل أن يفشوا الإسلام.
وفى رواية: فخرج ورأسه تقطر ماء يقول: «لولا أن أشق على أمتى، أو على الناس، لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة» «5» . رواه البخارى ومسلم.
وفى رواية أبى داود من حديث أبى سعيد: فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل، فقال:«خذوا مقاعدكم» ، فأخذنا مقاعدنا، فقال: «إن الناس قد صلوها وأخذوا مضاجعهم، وإنكم لن تزالوا فى صلاة ما انتظرتم الصلاة،
(1) ضعيف: أخرجه أبو داود (408) فى الصلاة، باب: فى وقت صلاة العصر، والحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى ضعيف سنن أبى داود.
(2)
صحيح: أخرجه البخارى (672) فى الأذان، باب: إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، ومسلم (557) فى المساجد، باب: كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذى يريد أكله فى الحال، من حديث أنس- رضى الله عنه-.
(3)
ضعيف: أخرجه أبو داود عن جابر كما فى «ضعيف الجامع» (6182) .
(4)
صحيح: أخرجه البخارى (566) فى المواقيت، باب: فضل العشاء، وأطرافه (569 و 862 و 864) ، ومسلم (638) فى المساجد، باب: وقت العشاء وتأخيرها، من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
(5)
صحيح: أخرجه البخارى (7239) فى التمنى، باب: ما يجوز من اللهو، ومسلم (639) فى المساجد، باب: وقت العشاء وتأخيرها، من حديث ابن عمر- رضى الله عنهما-.