المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثانى فى ذكر تعيين الأوقات التى صلى فيها- صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس - المواهب اللدنية بالمنح المحمدية - جـ ٣

[القسطلاني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث

- ‌المقصد الثامن فى طبه ص لذوى الأمراض والعاهات وتعبيره الرؤيا وإنبائه بالأنباء المغيبات

- ‌الفصل الأول فى طبه صلى الله عليه وسلم لذوى الأمراض والعاهات

- ‌النوع الأول فى طبه ص بالأدوية الإلهية

- ‌رقية الذى يصاب بالعين:

- ‌عقوبة العائن:

- ‌ذكر رقية النبى ص التى كان يرقى بها

- ‌ذكر طبه ص من الفزع والأرق المانع من النوم:

- ‌ذكر طبه ص من حر المصيبة ببرد الرجوع إلى الله تعالى:

- ‌ذكر طبه ص من داء الهم والكرب بدواء التوجه إلى الرب:

- ‌ذكر طبه ص من داء الفقر:

- ‌ذكر طبه ص من داء الحريق:

- ‌ذكر ما كان ص يطب به من داء الصرع:

- ‌ذكر دوائه ص من داء السحر:

- ‌ذكر رقية لكل شكوى:

- ‌رقيته ص من الصداع:

- ‌رقيته ص من وجع الضرس:

- ‌رقية لعسر البول:

- ‌رقية الحمى:

- ‌ذكر ما يقى من كل بلاء:

- ‌ذكر ما يستجلب به المعافاة من سبعين بلاء:

- ‌ذكر دواء داء الطعام:

- ‌ذكر دواء أم الصبيان:

- ‌النوع الثانى طبه ص بالأدوية الطبيعية

- ‌ذكر ما كان ص يعالج به الصداع والشقيقة:

- ‌ذكر طبه ص للرمد:

- ‌ذكر طبه ص من العذرة:

- ‌ذكر طبه ص لداء استطلاق البطن

- ‌ذكر طبه ص فى يبس الطبيعة بما يمشيه ويلينه:

- ‌ذكر طبه ص للمفؤود:

- ‌ذكر طبه ص لذات الجنب:

- ‌ذكر طبه ص لداء الاستسقاء:

- ‌ذكر طبه ص من داء عرق النسا:

- ‌ذكر طبه ص من الأورام والخراجات:

- ‌ذكر طبه ص بقطع العروق والكى:

- ‌ذكر طبه ص من الطاعون:

- ‌ذكر طبه ص من السلعة

- ‌ذكر طبه ص من الحمى:

- ‌ذكر طبه ص من حكة الجسد وما يولد القمل:

- ‌ذكر طبه صلى الله عليه وسلم من السم الذى أصابه بخيبر:

- ‌النوع الثالث فى طبه ص بالأدوية المركبة من الإلهية والطبيعية

- ‌ذكر طبه ص من القرحة والجرح وكل شكوى:

- ‌ذكر طبه- ص من لدغة العقرب:

- ‌ذكر الطب من النملة:

- ‌ذكر طبه ص من البثرة:

- ‌ذكر طبه ص من حرق النار:

- ‌ذكر طبه ص بالحمية:

- ‌ذكر حمية المريض من الماء:

- ‌ذكر أمره ص بالحمية من الماء المشمس خوف البرص:

- ‌ذكر الحمية من طعام البخلاء:

- ‌ذكر الحمية من داء الكسل:

- ‌ذكر الحمية من داء البواسير:

- ‌ذكر حماية الشراب من سم أحد جناحى الذباب بانغماس الثانى:

- ‌ذكره أمره ص بالحمية من الوباء النازل فى الإناء بالليل بتغطيته:

- ‌ذكر حمية الوليد من إرضاع الحمقى:

- ‌الفصل الثانى فى تعبيره ص الرؤيا

- ‌الرؤيا الصالحة جزء من النبوة:

- ‌الفصل الثالث فى إنبائه ص بالأنباء المغيبات

- ‌المقصد التاسع فى لطيفة من عباداته

- ‌النوع الأول فى الطهارة وفيه فصول:

- ‌الفصل الأول: فى ذكر وضوئه ص وسواكه ومقدار ما كان يتوضأ به

- ‌الفصل الثانى فى وضوئه ص مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثا

- ‌الفصل الثالث فى صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الرابع فى مسحه ص على الخفين

- ‌الفصل الخامس فى تيممه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل السادس فى غسله صلى الله عليه وسلم

- ‌النوع الثانى فى ذكر صلاته ص

- ‌[القسم الأول] فى الفرائض وما يتعلق بها وفيه أبواب

- ‌الباب الأول فى الصلوات الخمس وفيه فصول:

- ‌الفصل الأول فى فرضها

- ‌الفصل الثانى فى ذكر تعيين الأوقات التى صلى فيها- صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس

- ‌الفصل الثالث فى ذكر كيفية صلاته ص وفيه فروع:

- ‌الفروع الأول: فى صفة افتتاحه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الثانى: فى ذكر قراءته ص البسملة فى أول الفاتحة

- ‌الفرع الثالث: فى ذكر قراءته ص الفاتحة وقوله آمين بعدها

- ‌الفرع الرابع: فى ذكر قراءته ص بعد الفاتحة فى صلاة الغداة

- ‌الفرع الخامس: فى ذكر قراءته- صلى الله عليه وسلم فى صلاتى الظهر والعصر

- ‌الفرع السادس: فى ذكر قراءته ص فى صلاة المغرب

- ‌الفرع السابع: فى ذكر ما كان ص يقرأ فى صلاة العشاء

- ‌الفرع الثامن: فى ذكر صفة ركوعه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع التاسع: فى مقدار ركوعه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع العاشر: فى ذكر ما كان ص يقوله فى الركوع والرفع منه

- ‌الفرع الحادى عشر: فى ذكر صفة سجوده ص وما يقول فيه

- ‌الفرع الثانى عشر: فى ذكر جلوسه ص للتشهد

- ‌الفرع الثالث عشر: فى ذكر تشهده صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الرابع عشر: فى ذكر تسليمه ص من الصلاة

- ‌الفرع الخامس عشر: فى ذكر قنوته صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الرابع فى سجوده ص للسهو فى الصلاة

- ‌الفصل الخامس فيما كان ص يقوله بعد انصرافه من الصلاة وجلوسه بعدها وسرعة انفتاله بعدها

- ‌الباب الثانى فى ذكر صلاته ص الجمعة

- ‌الباب الثالث فى ذكر تهجده صلوات الله وسلامه عليه

- ‌ذكر سياق صلاته ص بالليل

- ‌الباب الرابع فى صلاته ص الوتر

- ‌الباب الخامس فى ذكر صلاته ص الضحى

- ‌القسم الثانى فى صلاته ص النوافل وأحكامها وفيه بابان:

- ‌الباب الأول فى النوافل المقرونة بالأوقات وفيه فصلان:

- ‌الفصل الأول فى رواتب الصلوات الخمس والجمعة

- ‌الفرع الأول: فى أحاديث جامعة لرواتب مشتركة

- ‌الفرع الثانى: فى ركعتى الفجر

- ‌الفرع الثالث: فى راتبة الظهر

- ‌الفرع الرابع فى سنة العصر

- ‌الفرع الخامس فى راتبة المغرب

- ‌الفرع السادس فى راتبة العشاء

- ‌الفرع السابع فى راتبة الجمعة

- ‌الفصل الثانى فى صلاته ص العيدين

- ‌الفرع الأول فى عدد الركعات

- ‌الفرع الثانى فى عدد التكبير

- ‌الفرع الثالث فى الوقت والمكان

- ‌الفرع الرابع فى الأذان والإقامة

- ‌الفرع الخامس فى قراءته ص فى صلاة العيدين

- ‌الفرع السادس فى خطبته ص وتقديمه صلاة العيدين عليها

- ‌الفرع السابع فى أكله ص يوم الفطر قبل خروجه إلى الصلاة

- ‌الباب الثانى فى النوافل المقرونة بالأسباب

- ‌الفصل الأول فى صلاته ص الكسوف

- ‌الفصل الثانى فى صلاته ص صلاة الاستسقاء

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌القسم الثالث فى ذكر صلاته ص فى السفر

- ‌الفصل الأول فى قصره ص الصلاة فيه وأحكامه

- ‌الفرع الأول فى كم كان ص يقصر الصلاة

- ‌الفرع الثانى فى القصر مع الإقامة

- ‌الفصل الثانى فى الجمع

- ‌الفرع الأول فى جمعه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثالث فى ذكر صلاته ص النوافل فى السفر

- ‌الفصل الرابع فى صلاته ص التطوع فى السفر على الدابة

- ‌القسم الرابع فى ذكر صلاته ص صلاة الخوف

- ‌القسم الخامس فى ذكر صلاته ص على الجنازة

- ‌الفرع الأول فى عدد التكبيرات

- ‌الفرع الثانى فى القراءة والدعاء

- ‌الفرع الثالث فى صلاته ص على القبر

- ‌الفرع الرابع فى صلاته ص على الغائب

- ‌النوع الثالث فى ذكر سيرته ص فى الزكاة

- ‌النوع الرابع فى ذكر صيامه صلى الله عليه وسلم

- ‌القسم الأول فى صيامه ص شهر رمضان

- ‌الفصل الأول فيما كان يخص به رمضان من العبادات وتضاعف جوده ص فيه

- ‌الفصل الثانى فى صيامه ص برؤية الهلال

- ‌الفصل الثالث فى صومه ص بشهادة العدل الواحد

- ‌الفصل الرابع فيما كان يفعله ص وهو صائم

- ‌الفصل الخامس فى وقت إفطاره ص

- ‌الفصل السادس فيما كان ص يفطر عليه

- ‌الفصل السابع فيما كان يقوله ص عند الإفطار

- ‌الفصل الثامن فى وصاله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل التاسع فى سحوره صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل العاشر فى إفطاره ص فى رمضان فى السفر وصومه

- ‌القسم الثانى فى صومه ص غير شهر رمضان وفيه فصول

- ‌الفصل الأول فى سرده ص صوم أيام من الشهر وفطره أياما

- ‌الفصل الثانى فى صومه ص عاشوراء

- ‌الفصل الثالث فى صيامه ص شعبان

- ‌الفصل الرابع فى صومه ص عشر ذى الحجة

- ‌الفصل الخامس فى صومه ص أيام الأسبوع

- ‌الفصل السادس فى صومه ص الأيام البيض

- ‌النوع الخامس فى ذكر اعتكافه ص واجتهاده في العشر الأخير من رمضان وتحريه ليلة القدر

- ‌النوع السادس فى ذكر حجه وعمره صلى الله عليه وسلم

- ‌النوع السابع من عبادته ص فى ذكر نبذة من أدعيته وأذكاره وقراءته

- ‌المقصد العاشر

- ‌الفصل الأول فى إتمامه تعالى نعمته عليه بوفاته ونقلته إلى حظيرة قدسه لديه ص

- ‌الفصل الثانى فى زيارة قبره الشريف ومسجده المنيف

- ‌الفصل الثالث

- ‌خاتمة

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌الفصل الثانى فى ذكر تعيين الأوقات التى صلى فيها- صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس

البخارى. وعنده- فى كتاب الهجرة- من طريق معمر عن الزهرى، عن عروة عن عائشة قالت: فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر- صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعا.

فعيّن فى هذه الرواية أن الزيادة فى قوله فى الحديث الذى قبله «وزيد فى صلاة الحضر» وقعت بالمدينة. وقد أخذ بظاهر هذا الحديث الحنفية، وبنوا عليه: أن القصر فى السفر عزيمة لا رخصة.

واحتج مخالفوهم بقوله تعالى: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ «1» ، لأن نفى الجناح لا يدل على العزيمة، والقصر إنما يكون من شئ أطول منه، ويدل على أنه رخصة أيضا قوله- عليه الصلاة والسلام:

«صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» «2» رواه مسلم. وأما خبر:

فرضت الصلاة ركعتين، أى فى السفر فمعناه: لمن أراد الاقتصار عليهما، جمعا بين الأخبار. قاله فى المجموع.

‌الفصل الثانى فى ذكر تعيين الأوقات التى صلى فيها- صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس

عن جابر: أن جبريل- عليه الصلاة والسلام أتى النبى- صلى الله عليه وسلم يعلمه مواقيت الصلاة، فتقدم جبريل، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم، فصلى الظهر حين زالت الشمس، وأتاه حين كان الظل مثل ظل شخصه، فصنع كما صنع، فتقدم جبريل ورسول الله- صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم، فصلى العصر، ثم أتاه جبريل حين وجبت الشمس، فتقدم جبريل، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم فصلى المغرب، ثم تاه جبريل حين غاب الشفق، فتقدم جبريل ورسول الله- صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم فصلى العشاء، ثم أتاه حين انشق الفجر، فتقدم جبريل ورسول الله- صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم، فصلى الغداة.

(1) سورة النساء: 101.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم (685) فى أول صلاة المسافرين، من حديث عمر- رضى الله عنه-.

ص: 188

ثم أتاه فى اليوم الثانى حين كان ظل الرجل مثل شخصه، فصنع كما صنع بالأمس، فصلى الظهر، ثم أتاه حين كان ظل الرجل مثلى شخصه فصنع كما صنع بالأمس فصلى العصر، ثم أتاه حين وجبت الشمس فصنع كما صنع بالأمس فصلى المغرب، ثم أتاه حين غاب الشفق فصنع كما صنع بالأمس فصلى العشاء، ثم أتاه حين امتد الفجر وأصبح والنجوم بادية مشتبكة وصنع كما صنع بالأمس فصلى الغداة. ثم قال: ما بين هاتين الصلاتين وقت «1» . رواه النسائى.

وفى رواية قال: خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر حين زالت الشمس، وكان الفئ قدر الشراك، ثم صلى العصر حين كان الفئ قدر الشراك، وظل الرجل مثله، ثم صلى المغرب حين غابت الشمس، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين الفجر، ثم صلى الغداة- أى الظهر- حين كان الظل طول الرجل، ثم صلى العصر حين كان ظل الرجل مثليه، ثم صلى المغرب حين غابت الشمس، ثم صلى العشاء إلى ثلث الليل أو نصف الليل- شك أحد رواته- ثم صلى الفجر فأسفر.

وعن ابن عباس: قال- صلى الله عليه وسلم: «أمّنى جبريل عند البيت مرتين، فصلى بى الظهر فى الأولى حين كان الفئ مثل الشراك، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شئ مثله، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم» «2» .

(1) صحيح: أخرجه الترمذى (150) فى الصلاة، باب: ما جاء فى مواقيت الصلاة عن النبى- صلى الله عليه وسلم، والنسائى (1/ 251- 252) فى المواقيت، باب: أول وقت العصر، و (1/ 255- 256)، باب: آخر وقت العصر، و (1/ 261) باب: آخر وقت المغرب، و (1/ 263) باب: أول وقت العشاء، وأحمد فى «المسند» (3/ 330 و 351) ، والحديث صححه الألبانى فى «الإرواء» (250) .

(2)

صحيح: أخرجه أبو داود (393) فى الصلاة، باب: فى المواقيت، والترمذى (149) فى الصلاة، باب: ما جاء فى مواقيت الصلاة عن النبى- صلى الله عليه وسلم، وأحمد فى «المسند» (1/ 333) ، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «الإرواء» (249) .

ص: 189

وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شئ مثله كوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شئ مثليه، ثم صلى المغرب كوقت الأولى، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين أسفر، ثم التفت إلى جبريل فقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت فيما بين هذين الوقتين، رواه الترمذى وغيره.

وقوله: «صلى بى الظهر حين كان ظل كل شئ مثله» أى فرغ منها حينئذ، كما شرع فى العصر فى اليوم الأول، وحينئذ فلا اشتراك بينهما فى وقت، ويدل له حديث مسلم «وقت الظهر إذا زالت الشمس ما لم تحضر العصر» .

وقوله فى حديث جابر «فصلى الظهر حين زالت الشمس» يقتضى جواز فعل الظهر إذا زالت الشمس، ولا ينتظر بها وجوبا ولا ندبا مصير الفئ، مثل الشراك، كما اتفقت عليه أئمتنا ودلت عليه الأخبار الصحيحة، وأما حديث ابن عباس فالمراد به أنه حين زالت الشمس كان الفئ حينئذ مثل الشراك، لا أنه أخر إلى أن صار مثل الشراك. ذكره فى المجموع.

وقد بيّن ابن إسحاق فى المغازى أن صلاة جبريل به- صلى الله عليه وسلم كانت صبيحة الليلة التى فرضت الصلاة فيها، وهى ليلة الإسراء. ولفظه: قال نافع ابن جبير وغيره: لما أصبح- صلى الله عليه وسلم من الليلة التى أسرى به لم يرعه إلا جبريل نزل حين زاغت الشمس، ولذلك سميت «الأولى» - أى صلاة الظهر- فأمر فصيح بأصحابه:«الصلاة جامعة» ، فاجتمعوا فصلى به جبريل وصلى النبى- صلى الله عليه وسلم بأصحابه فذكر الحديث.

وفيه رد على من زعم أن بيان الأوقات إنما وقع بعد الهجرة، والحق أن ذلك وقع قبلها ببيان جبريل، وبعدها ببيان النبى- صلى الله عليه وسلم. وإنما دعاهم بقوله:

«الصلاة جامعة» لأن الأذان لم يكن شرع حينئذ. واستدل بهذا الحديث على جواز الائتمام بمن يأتم بغيره. ويجاب عنه بما يجاب عن قصة أبى بكر فى صلاته خلف النبى- صلى الله عليه وسلم وصلاة الناس خلفه، فإنه محمول على أنه كان مبلغا فقط، كما سيأتى تقريره- إن شاء الله تعالى-.

ص: 190

وقد صلى- صلى الله عليه وسلم العصر والشمس فى حجرة عائشة لم يظهر الفئ من حجرتها «1» . رواه البخارى ومسلم. وقال أنس: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم يصلى العصر والشمس مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلى العوالى فيأتيهم والشمس مرتفعة «2» ، وبعض العوالى من المدينة على أربعة أميال. رواه البخارى.

وفى ذلك دليل على تعجيله- صلى الله عليه وسلم بصلاة العصر، لوصف الشمس بالارتفاع بعد أن تمضى مسافة أربعة أميال، والمراد بالشمس ضوؤها وعن سلمة بن الأكوع أنه- صلى الله عليه وسلم كان يصلى المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب «3» . رواه البخارى ومسلم والترمذى. وعن رافع بن خديج: كنا نصلى المغرب معه- صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا، وإنه ليرى مواقع نبله «4» . رواه البخارى ومسلم.

والنبل- بفتح النون-: السهام العربية: أى يبصر مواقع سهامه إذا رمى بها، ومقتضاه المبادرة بالمغرب فى أول وقتها، بحيث إن الفراغ منها يقع والضوء باق.

وكان- صلى الله عليه وسلم إذا كان الحر أبرد بالصلاة، وإذا كان البرد عجل «5» . رواه

(1) صحيح: أخرجه البخارى (545) فى المواقيت، باب: وقت العصر، ومسلم (611) فى المساجد، باب: أوقات الصلوات الخمس.

(2)

صحيح: أخرجه البخارى (548 و 550 و 551) فى المواقيت، باب: وقت العصر، ومسلم (621) فى المساجد، باب: استحباب التبكير بالعصر.

(3)

صحيح: أخرجه البخارى (561) فى المواقيت، باب: وقت المغرب، ومسلم (636) فى المساجد، باب: بيان أن أول وقت المغرب عند غروب الشمس، وأبو داود (417) فى الصلاة، باب: فى وقت المغرب، والترمذى (164) فى الصلاة، باب: ما جاء فى وقت المغرب، وابن ماجه (688) فى الصلاة، باب: وقت صلاة المغرب.

(4)

صحيح: أخرجه البخارى (559) فى المواقيت، باب: وقت المغرب، ومسلم (637) فى المساجد، باب: بيان أن أول وقت المغرب عند غروب الشمس.

(5)

صحيح: أخرجه النسائى (1/ 248) فى المواقيت، باب: تعجيل الظهر فى البرد، وللبخارى نحوه أخرجه برقم (560) من حديث جابر- رضى الله عنه-.

ص: 191

النسائى من حديث أنس. ويؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية «1» .

رواه أبو داود من رواية على بن شيبان. وقال- عليه الصلاة والسلام: «إذا قدّم العشاء فابدؤوا به قبل صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم» «2» ، رواه البخارى ومسلم.

وعند أبى داود: «ولا تؤخروا الصلاة لطعام ولا غيره» «3» .

واعتم- صلى الله عليه وسلم بالعشاء ليلة، حتى ناداه عمر: الصلاة، نام النساء والصبيان، فخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم فقال:«ما ينتظرها من أهل الأرض أحد غيركم» ، قال: ولا تصلى يومئذ إلا بالمدينة، وكانوا يصلون فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول «4» . زاد فى رواية: وذلك قبل أن يفشوا الإسلام.

وفى رواية: فخرج ورأسه تقطر ماء يقول: «لولا أن أشق على أمتى، أو على الناس، لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة» «5» . رواه البخارى ومسلم.

وفى رواية أبى داود من حديث أبى سعيد: فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل، فقال:«خذوا مقاعدكم» ، فأخذنا مقاعدنا، فقال: «إن الناس قد صلوها وأخذوا مضاجعهم، وإنكم لن تزالوا فى صلاة ما انتظرتم الصلاة،

(1) ضعيف: أخرجه أبو داود (408) فى الصلاة، باب: فى وقت صلاة العصر، والحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى ضعيف سنن أبى داود.

(2)

صحيح: أخرجه البخارى (672) فى الأذان، باب: إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، ومسلم (557) فى المساجد، باب: كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذى يريد أكله فى الحال، من حديث أنس- رضى الله عنه-.

(3)

ضعيف: أخرجه أبو داود عن جابر كما فى «ضعيف الجامع» (6182) .

(4)

صحيح: أخرجه البخارى (566) فى المواقيت، باب: فضل العشاء، وأطرافه (569 و 862 و 864) ، ومسلم (638) فى المساجد، باب: وقت العشاء وتأخيرها، من حديث عائشة- رضى الله عنها-.

(5)

صحيح: أخرجه البخارى (7239) فى التمنى، باب: ما يجوز من اللهو، ومسلم (639) فى المساجد، باب: وقت العشاء وتأخيرها، من حديث ابن عمر- رضى الله عنهما-.

ص: 192