المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رقية الذى يصاب بالعين: - المواهب اللدنية بالمنح المحمدية - جـ ٣

[القسطلاني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث

- ‌المقصد الثامن فى طبه ص لذوى الأمراض والعاهات وتعبيره الرؤيا وإنبائه بالأنباء المغيبات

- ‌الفصل الأول فى طبه صلى الله عليه وسلم لذوى الأمراض والعاهات

- ‌النوع الأول فى طبه ص بالأدوية الإلهية

- ‌رقية الذى يصاب بالعين:

- ‌عقوبة العائن:

- ‌ذكر رقية النبى ص التى كان يرقى بها

- ‌ذكر طبه ص من الفزع والأرق المانع من النوم:

- ‌ذكر طبه ص من حر المصيبة ببرد الرجوع إلى الله تعالى:

- ‌ذكر طبه ص من داء الهم والكرب بدواء التوجه إلى الرب:

- ‌ذكر طبه ص من داء الفقر:

- ‌ذكر طبه ص من داء الحريق:

- ‌ذكر ما كان ص يطب به من داء الصرع:

- ‌ذكر دوائه ص من داء السحر:

- ‌ذكر رقية لكل شكوى:

- ‌رقيته ص من الصداع:

- ‌رقيته ص من وجع الضرس:

- ‌رقية لعسر البول:

- ‌رقية الحمى:

- ‌ذكر ما يقى من كل بلاء:

- ‌ذكر ما يستجلب به المعافاة من سبعين بلاء:

- ‌ذكر دواء داء الطعام:

- ‌ذكر دواء أم الصبيان:

- ‌النوع الثانى طبه ص بالأدوية الطبيعية

- ‌ذكر ما كان ص يعالج به الصداع والشقيقة:

- ‌ذكر طبه ص للرمد:

- ‌ذكر طبه ص من العذرة:

- ‌ذكر طبه ص لداء استطلاق البطن

- ‌ذكر طبه ص فى يبس الطبيعة بما يمشيه ويلينه:

- ‌ذكر طبه ص للمفؤود:

- ‌ذكر طبه ص لذات الجنب:

- ‌ذكر طبه ص لداء الاستسقاء:

- ‌ذكر طبه ص من داء عرق النسا:

- ‌ذكر طبه ص من الأورام والخراجات:

- ‌ذكر طبه ص بقطع العروق والكى:

- ‌ذكر طبه ص من الطاعون:

- ‌ذكر طبه ص من السلعة

- ‌ذكر طبه ص من الحمى:

- ‌ذكر طبه ص من حكة الجسد وما يولد القمل:

- ‌ذكر طبه صلى الله عليه وسلم من السم الذى أصابه بخيبر:

- ‌النوع الثالث فى طبه ص بالأدوية المركبة من الإلهية والطبيعية

- ‌ذكر طبه ص من القرحة والجرح وكل شكوى:

- ‌ذكر طبه- ص من لدغة العقرب:

- ‌ذكر الطب من النملة:

- ‌ذكر طبه ص من البثرة:

- ‌ذكر طبه ص من حرق النار:

- ‌ذكر طبه ص بالحمية:

- ‌ذكر حمية المريض من الماء:

- ‌ذكر أمره ص بالحمية من الماء المشمس خوف البرص:

- ‌ذكر الحمية من طعام البخلاء:

- ‌ذكر الحمية من داء الكسل:

- ‌ذكر الحمية من داء البواسير:

- ‌ذكر حماية الشراب من سم أحد جناحى الذباب بانغماس الثانى:

- ‌ذكره أمره ص بالحمية من الوباء النازل فى الإناء بالليل بتغطيته:

- ‌ذكر حمية الوليد من إرضاع الحمقى:

- ‌الفصل الثانى فى تعبيره ص الرؤيا

- ‌الرؤيا الصالحة جزء من النبوة:

- ‌الفصل الثالث فى إنبائه ص بالأنباء المغيبات

- ‌المقصد التاسع فى لطيفة من عباداته

- ‌النوع الأول فى الطهارة وفيه فصول:

- ‌الفصل الأول: فى ذكر وضوئه ص وسواكه ومقدار ما كان يتوضأ به

- ‌الفصل الثانى فى وضوئه ص مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثا

- ‌الفصل الثالث فى صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الرابع فى مسحه ص على الخفين

- ‌الفصل الخامس فى تيممه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل السادس فى غسله صلى الله عليه وسلم

- ‌النوع الثانى فى ذكر صلاته ص

- ‌[القسم الأول] فى الفرائض وما يتعلق بها وفيه أبواب

- ‌الباب الأول فى الصلوات الخمس وفيه فصول:

- ‌الفصل الأول فى فرضها

- ‌الفصل الثانى فى ذكر تعيين الأوقات التى صلى فيها- صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس

- ‌الفصل الثالث فى ذكر كيفية صلاته ص وفيه فروع:

- ‌الفروع الأول: فى صفة افتتاحه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الثانى: فى ذكر قراءته ص البسملة فى أول الفاتحة

- ‌الفرع الثالث: فى ذكر قراءته ص الفاتحة وقوله آمين بعدها

- ‌الفرع الرابع: فى ذكر قراءته ص بعد الفاتحة فى صلاة الغداة

- ‌الفرع الخامس: فى ذكر قراءته- صلى الله عليه وسلم فى صلاتى الظهر والعصر

- ‌الفرع السادس: فى ذكر قراءته ص فى صلاة المغرب

- ‌الفرع السابع: فى ذكر ما كان ص يقرأ فى صلاة العشاء

- ‌الفرع الثامن: فى ذكر صفة ركوعه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع التاسع: فى مقدار ركوعه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع العاشر: فى ذكر ما كان ص يقوله فى الركوع والرفع منه

- ‌الفرع الحادى عشر: فى ذكر صفة سجوده ص وما يقول فيه

- ‌الفرع الثانى عشر: فى ذكر جلوسه ص للتشهد

- ‌الفرع الثالث عشر: فى ذكر تشهده صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الرابع عشر: فى ذكر تسليمه ص من الصلاة

- ‌الفرع الخامس عشر: فى ذكر قنوته صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الرابع فى سجوده ص للسهو فى الصلاة

- ‌الفصل الخامس فيما كان ص يقوله بعد انصرافه من الصلاة وجلوسه بعدها وسرعة انفتاله بعدها

- ‌الباب الثانى فى ذكر صلاته ص الجمعة

- ‌الباب الثالث فى ذكر تهجده صلوات الله وسلامه عليه

- ‌ذكر سياق صلاته ص بالليل

- ‌الباب الرابع فى صلاته ص الوتر

- ‌الباب الخامس فى ذكر صلاته ص الضحى

- ‌القسم الثانى فى صلاته ص النوافل وأحكامها وفيه بابان:

- ‌الباب الأول فى النوافل المقرونة بالأوقات وفيه فصلان:

- ‌الفصل الأول فى رواتب الصلوات الخمس والجمعة

- ‌الفرع الأول: فى أحاديث جامعة لرواتب مشتركة

- ‌الفرع الثانى: فى ركعتى الفجر

- ‌الفرع الثالث: فى راتبة الظهر

- ‌الفرع الرابع فى سنة العصر

- ‌الفرع الخامس فى راتبة المغرب

- ‌الفرع السادس فى راتبة العشاء

- ‌الفرع السابع فى راتبة الجمعة

- ‌الفصل الثانى فى صلاته ص العيدين

- ‌الفرع الأول فى عدد الركعات

- ‌الفرع الثانى فى عدد التكبير

- ‌الفرع الثالث فى الوقت والمكان

- ‌الفرع الرابع فى الأذان والإقامة

- ‌الفرع الخامس فى قراءته ص فى صلاة العيدين

- ‌الفرع السادس فى خطبته ص وتقديمه صلاة العيدين عليها

- ‌الفرع السابع فى أكله ص يوم الفطر قبل خروجه إلى الصلاة

- ‌الباب الثانى فى النوافل المقرونة بالأسباب

- ‌الفصل الأول فى صلاته ص الكسوف

- ‌الفصل الثانى فى صلاته ص صلاة الاستسقاء

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌القسم الثالث فى ذكر صلاته ص فى السفر

- ‌الفصل الأول فى قصره ص الصلاة فيه وأحكامه

- ‌الفرع الأول فى كم كان ص يقصر الصلاة

- ‌الفرع الثانى فى القصر مع الإقامة

- ‌الفصل الثانى فى الجمع

- ‌الفرع الأول فى جمعه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثالث فى ذكر صلاته ص النوافل فى السفر

- ‌الفصل الرابع فى صلاته ص التطوع فى السفر على الدابة

- ‌القسم الرابع فى ذكر صلاته ص صلاة الخوف

- ‌القسم الخامس فى ذكر صلاته ص على الجنازة

- ‌الفرع الأول فى عدد التكبيرات

- ‌الفرع الثانى فى القراءة والدعاء

- ‌الفرع الثالث فى صلاته ص على القبر

- ‌الفرع الرابع فى صلاته ص على الغائب

- ‌النوع الثالث فى ذكر سيرته ص فى الزكاة

- ‌النوع الرابع فى ذكر صيامه صلى الله عليه وسلم

- ‌القسم الأول فى صيامه ص شهر رمضان

- ‌الفصل الأول فيما كان يخص به رمضان من العبادات وتضاعف جوده ص فيه

- ‌الفصل الثانى فى صيامه ص برؤية الهلال

- ‌الفصل الثالث فى صومه ص بشهادة العدل الواحد

- ‌الفصل الرابع فيما كان يفعله ص وهو صائم

- ‌الفصل الخامس فى وقت إفطاره ص

- ‌الفصل السادس فيما كان ص يفطر عليه

- ‌الفصل السابع فيما كان يقوله ص عند الإفطار

- ‌الفصل الثامن فى وصاله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل التاسع فى سحوره صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل العاشر فى إفطاره ص فى رمضان فى السفر وصومه

- ‌القسم الثانى فى صومه ص غير شهر رمضان وفيه فصول

- ‌الفصل الأول فى سرده ص صوم أيام من الشهر وفطره أياما

- ‌الفصل الثانى فى صومه ص عاشوراء

- ‌الفصل الثالث فى صيامه ص شعبان

- ‌الفصل الرابع فى صومه ص عشر ذى الحجة

- ‌الفصل الخامس فى صومه ص أيام الأسبوع

- ‌الفصل السادس فى صومه ص الأيام البيض

- ‌النوع الخامس فى ذكر اعتكافه ص واجتهاده في العشر الأخير من رمضان وتحريه ليلة القدر

- ‌النوع السادس فى ذكر حجه وعمره صلى الله عليه وسلم

- ‌النوع السابع من عبادته ص فى ذكر نبذة من أدعيته وأذكاره وقراءته

- ‌المقصد العاشر

- ‌الفصل الأول فى إتمامه تعالى نعمته عليه بوفاته ونقلته إلى حظيرة قدسه لديه ص

- ‌الفصل الثانى فى زيارة قبره الشريف ومسجده المنيف

- ‌الفصل الثالث

- ‌خاتمة

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌رقية الذى يصاب بالعين:

وفى الموطأ: أن أبا بكر قال لليهودية التى كانت ترقى عائشة: ارقيها بكتاب الله «1» . قال النووى وقال القاضى عياض: واختلف قول مالك فى رقية اليهودى والنصرانى المسلم، وبالجواز قال الشافعى والله أعلم.

وروى ابن وهب عن مالك كراهية الرقية بالحديدة والملح وعقد الخيط، والذى يكتب خاتم سليمان، وقال: لم يكن ذلك من أمر الناس القديم.

‌رقية الذى يصاب بالعين:

روى مسلم عن ابن عباس قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «العين حق، ولو كان شئ سابق القدر لسبقته العين» «2» . أى الإصابة بالعين شئ ثابت موجود، وهى من جملة ما تحقق كونه. قال المازرى: أخذ الجمهور بظاهر الحديث، وأنكره طوائف من المبتدعة لغير معنى، لأن كل شئ ليس محالا فى نفسه، ولا يؤدى إلى قلب حقيقة، ولا إلى فساد دليل، فهو من مجوزات العقول. فإذا أخبر الشارع بوقوعه لم يكن لإنكاره معنى. وهل من فرق بين إنكارهم هذا وإنكارهم ما يخبر به من أمور الآخرة. وقد استشكل بعض الناس هذه الإصابة فقال: كيف تعمل العين من بعد حتى يحصل الضرر للمعيون؟

وأجيب: بأن طبائع الناس تختلف، فقد يكون ذلك من سم يصل من عين العائن فى الهواء إلى بدن المعيون، وقد نقل عن بعض من كان معيانا أنه قال: إذا رأيت شيئا يعجبنى وجدت حرارة تخرج من عينى. ويقرب ذلك بالمرأة الحائض تضع يدها فى إناء اللبن فيفسد، ولو وضعتها بعد طهرها لم يفسد. ومن ذلك أن الصحيح قد ينظر إلى العين الرمداء فيرمد.

وقال المازرى: زعم بعض الطبائعيين أن العائن تنبعث من عينيه قوة

(1) أخرجه مالك فى «الموطأ» (2/ 943) بسند منقطع بين عمرة بنت عبد الرحمن الراوية للقصة لأنها لم تدرك أبا بكر- رضى الله عنه-، إلا أنها من أحد الثقات فى عائشة، فلعلها سمعته منها.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم (2188) فى السلام، باب: الطب والمرض والرقى.

ص: 26

سمية تتصل بالمعين فيهلك أو يفسد. وهو كإصابة السم من نظر الأفعى، وأشار إلى منع الحصر فى ذلك مع تجويزه. وإن الذى يتمشى على طريقة أهل السنة أن العين إنما تضر عند نظر العائن بعادة أجراها الله تعالى أن يحدث الضرر عند مقابلة شخص آخر، وهل ثم جواهر حقيقة أو لا؟ هو أمر محتمل لا يقطع بإثباته ولا نفيه. ومن قال ممن ينتمى إلى الإسلام من أصحاب الطبائع بالقطع بأن ثم جواهر لطيفة غير مرئية تنبعث من العائن فتتصل بالمعيون، وتتخلل مسام جسمه، فيخلق البارى الهلاك عندها كما يخلق الهلاك عند شرب السم فقد أخطأ بدعوى القطع، ولكنه جائز أن تكون عادة ليست ضرورية ولا طبيعية، انتهى.

وهو كلام سديد. وليس المراد بالتأثير المعنى الذى تذهب إليه الفلاسفة، بل ما أجرى الله به العادة من حصول الضرر للمعيون. وقد أخرج البزار بسنده عن جابر رفعه:«أكثر من يموت بعد قضاء الله وقدره بالنفس» «1» . قال الراوى: يعنى العين. وقد أجرى الله تعالى العادة بوجود كثير من القوى والخواص فى الأجسام والأرواح، كما يحدث لمن ينظر إليه من يحتشمه من الخجل فيرى فى وجهه حمرة شديدة لم تكن قبل ذلك، وكذا الاصفرار عند رؤية من يخافه. وكثير من الناس يسقم بمجرد النظر إليه وتضعف قواه. وكل ذلك بواسطة ما خلق الله تعالى فى الأرواح من التأثيرات لشدة ارتباطها بالعين، وليست هى المؤثرة، وإما التأثير للروح، والأرواح مختلفة فى طبائعها وكيفياتها وخواصها، فمنها ما يؤثر فى البدن بمجرد الرؤية من غير اتصال به لشدة خبث تلك الروح وكيفيتها الخبيثة.

والحاصل: أن التأثير بإرادة الله تعالى وخلقه ليس مقصورا على الاتصال الجسمانى، بل يكون تارة به، وتارة بالمقابلة، وأخرى بمجرد الرؤية، وأخرى بتوجه الروح، كالذى يحدث من الأدعية والرقى والالتجاء إلى الله

(1) ذكره الهيثمى فى «المجمع» (5/ 106) وقال: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح خلا طالب بن حبيب بن عمرو، وهو ثقة.

ص: 27

تعالى، وتارة يقع ذلك بالتوهم والتخيل، فالذى يخرج من عين العائن سهم معنوى، إن صادف البدن- لا وقاية له- أثر فيه، وإلا لم ينفذ السهم بل ربما عاد على صاحبه كالسهم الحسى. انتهى ملخصا من فتح البارى وغيره.

قال ابن القيم: والغرض العلاج النبوى لهذه العلة، فمن التعوذات والرقى: الإكثار من قراءة المعوذتين والفاتحة وآية الكرسى، ومنها التعوذات النبوية نحو: أعوذ بكلمات الله التامة من شر كل شيطان وهامّة، ومن كل عين لامة. ونحو: أعوذ بكلمات الله التامات التى لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ فى الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمان «1» .

وإذا كان يخشى ضرر عينه وإصابتها للمعين فليدفع شرها بقوله: اللهم بارك عليه. كما قال- صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة لما عاين سهل بن حنيف: «ألا برّكت عليه» «2» . ومما يدفع به إصابة العين: قول ما شاء الله لا قوة إلا بالله «3» . ومنها رقية جبريل للنبى- صلى الله عليه وسلم كما رواه مسلم: (بسم الله أرقيك من شر كل شئ يؤذيك، من شر كل ذى نفس أو عين حاسد. الله يشفيك،

(1) قلت: قد ورد هذا الدعاء مرفوعا، من حديث خالد بن الوليد، وقد رواه الطبرانى فى الأوسط وفيه زكريا بن يحيى بن أيوب الضرير المدائنى ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات، قاله الهيثمى فى «المجمع» (10/ 126)، وأورده أيضا فى (10/ 127) من حديث عبد الرحمن بن حنيش- رضى الله عنه- وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والطبرانى بنحوه، ورجال أحد إسنادى أحمد وأبى يعلى وبعض أسانيد الطبرانى رجال الصحيح وكذا رجال الطبرانى، وفى المصدر السابق أيضا عن عبد الله بن مسعود- رضى الله عنه-، وقال: رواه الطبرانى فى الصغير، وفيه من لم أعرفه.

(2)

صحيح: وقد ورد ذلك عند مالك فى «الموطأ» (2/ 938) فى أول كتاب العين بسند رجاله ثقات، وانظر ابن ماجه (3509) فى الطب، باب: العين.

(3)

لعله يشير إلى قول الرجل الصالح فى سورة الكهف: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الآية: 39.

ص: 28

بسم الله أرقيك) «1» . وعنده أيضا من حديث عائشة: كان جبريل يرقى النبى- صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى: بسم الله يبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن شر كل حاسد إذا حسد، ومن شر كل ذى عين «2» . وأخرج مسلم من حديث ابن عباس رفعه:«العين حق، ولو كان شئ سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا» «3» .

وظاهر الأمر الوجوب، وحكى فيه المازرى خلافا وصحح الوجوب، وقال: متى خشى الهلاك وكان اغتسال العائن مما جرت العادة بالشفاء به فإنه يتعين، وقد تقرر أنه يجب بذل الطعام للمضطر، وهذا أولى.

ولم يبين فى حديث ابن عباس صفة الاغتسال. قال الحافظ ابن حجر:

وقد وقعت فى حديث سهل بن حنيف عند أحمد والنسائى وصححه ابن حبان من طريق الزهرى عن أبى أمامة بن سهل «4» : أن أباه حدثه أن النبى- صلى الله عليه وسلم خرج وساروا معه نحو ماء، حتى إذا كانوا بشعب الحرار من الجحفة، اغتسل سهل بن حنيف وكان أبيض حسن الجسم والجلد، فنظر إليه عامر بن ربيعة فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة «5» ، فلبط سهل- أى صرع- وسقط إلى الأرض. فأتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم فقال:«هل تتهمون من أحد؟» قالوا: عامر بن ربيعة، فدعا عامرا، فتغيظ عليه، فقال:«علام يقتل أحدكم أخاه؟ هلا إذا رأيت ما يعجبك برّكت» . ثم قال: اغتسل له، فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره فى قدح، ثم صب ذلك الماء عليه رجل من خلفه على رأسه وظهره، ثم كفأ القدح ففعل ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس «6» .

(1) صحيح: أخرجه مسلم (2186) فى السلام، باب: الطب والمرض والرقى.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم (2185) فيما سبق.

(3)

صحيح: أخرجه مسلم (2188) فيما سبق، وقد تقدم.

(4)

ما بين المعقوفتين مستدرك من «فتح البارى» للحافظ ابن حجر (10/ 250) .

(5)

المخبأة: الفتاة فى خدرها، وهو كناية عن شدة بياضه.

(6)

صحيح: وقد تقدمت القصة، وهى عند ابن ماجه (3509) كما تقدم.

ص: 29

قال المازرى: المراد ب «داخلة إزاره» الطرف المتدلى الذى يلى حقوه الأيمن، قال: وظن بعضهم أنه كناية عن الفرج. انتهى. وزاد القاضى عياض: أن المراد ما يلى جسده من الإزار. وقيل: أراد موضع الإزار من الجسد، وقيل أراد وركه لأنه معقد الإزار. رأيت مما عزى لخط شيخنا الحافظ أبى الخير السخاوى: قال ابن بكير عن مالك: أنه كناية عن الثوب الذى يلى الجسد.

وقال ابن الأثير فى النهاية: كان من عادتهم أن الإنسان إذا أصابته عين من أحد جاء للعائن بقدح فيه ماء فيدخل كفه فيه فيتمضمض ثم يمجه فى القدح ثم يغسل وجهه فيه، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على يده اليمنى، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على يده اليسرى، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على مرفقه الأيمن، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على مرفقه الأيسر، ثم يدخل يده اليسرى فيصب علي قدمه الأيمن، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على قدمه الأيسر، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على ركبته اليمنى ثم يدخل يده اليمنى فيصب على ركبته اليسرى، ثم يغسل داخلة إزاره ولا يوضع القدح بالأرض، ثم يصب ذلك الماء المستعمل على رأس المصاب بالعين من خلفه صبة واحدة فيبرأ بإذن الله تعالى، انتهى.

قال المازرى: وهذا المعنى مما لا يمكن تعليله ومعرفة وجهه من جهة العقل، فلا يرد لكونه لا يعقل معناه. وقال ابن العربى: إن توقف فيه متشرع قلنا له: قل الله ورسوله أعلم، وقد عضدته التجربة وصدقته المعاينة، أو متفلسف؛ فالرد عليه أظهر، لأن عنده أن الأدوية تفعل بقواها، وقد تفعل بمعنى لا يدرك، ويسمون ما هذا سبيله: الخواص. قال ابن القيم: ومن علاج ذلك والاحتراز منه، ستر محاسن من يخاف عليه العين، بما يردها عنه، كما ذكره البغوى فى كتاب شرح السنة: أن عثمان بن عفان رأى صبيّا مليحا، فقال: دسموا نونته لئلا تصيبه العين، ثم قال فى تفسيره، ومعنى دسموا نونته: أى سودوا نونته، والنونة: النقرة التى تكون فى ذقن الصغير «1» .

(1) انظر ذلك فى «شرح السنة» (13/ 116) للإمام البغوى.

ص: 30