الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الرابع فى ذكر صلاته ص صلاة الخوف
عن جابر قال: أقبلنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع، فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبى- صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله- صلى الله عليه وسلم معلق بالشجرة، فاخترطه فقال: تخافنى؟ فقال:
لا، فقال: من يمنعك منى؟ قال: الله، فتهدده أصحاب النبى- صلى الله عليه وسلم، فغمد السيف وعلقه، فأقيمت الصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الآخرى ركعتين، فكان للنبى- صلى الله عليه وسلم أربع ركعات، وللقوم ركعتان «1» . رواه البخارى ومسلم.
ولمسلم: فصففنا صفين خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم، والعدو بيننا وبين القبلة فكبر النبى- صلى الله عليه وسلم وكبرنا جميعا، ثم ركع وركعنا جميعا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا، ثم انحدر بالسجود والصف الذى يليه، وقام الصف المؤخر فى نحر العدو، فلما قضى النبى- صلى الله عليه وسلم السجود وقام الصف الذى يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود وقاموا، ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم، ثم ركع النبى- صلى الله عليه وسلم وركعنا جميعا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا، ثم انحدر بالسجود والصف الذى يليه- الذى كان مؤخرا فى الركعة الأولى- فقام الصف المؤخر فى نحر العدو، فلما قضى النبى- صلى الله عليه وسلم السجود والصف الذى يليه، انحدر الصف المؤخر بالسجود، فسجدوا ثم سلم النبى- صلى الله عليه وسلم وسلمنا جميعا «2» .
(1) صحيح: أخرجه البخارى (4137) فى المغازى، باب: غزوة ذات الرقاع، من حديث جابر بن عبد الله- رضى الله عنهما-.
(2)
صحيح: أخرجه مسلم (840) فى صلاة المسافرين، باب: صلاة الخوف، من حديث جابر بن عبد الله- رضى الله عنهما-.
ولمسلم والبخارى أيضا من حديث يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى معه- صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف: أن طائفة صفت معه، وطائفة وجاه العدو، فصلى بالتى معه ركعة ثم ثبت قائما، وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الآخرى فصلى بهم الركعة التى بقيت من صلاته، ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم «1» .
قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت فى صلاة الخوف. وما ذهب إليه مالك من ترجيح هذه الكيفية وافقه الشافعى وأحمد على ترجيحها لسلامتها من كثرة المخالفة، ولكونها أحوط لأمر الحرب.
وعن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: غزوت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم قبل نجد، فوازينا العدو، فصاففنا لهم، فقام رسول الله- صلى الله عليه وسلم يصلى بنا، فقامت طائفة معه، وأقبلت طائفة على العدو، وركع رسول الله- صلى الله عليه وسلم ومن معه، وسجد سجدتين، ثم انصرفوا مكان الطائفة التى لم تصل، فجاؤا فركع رسول الله- صلى الله عليه وسلم بهم ركعة وسجد سجدتين ثم سلم، فقام كل واحد منهم يركع لنفسه ركعة ويسجد سجدتين «2» . وفى حديث جابر: أنه- صلى الله عليه وسلم كان يصلى بالناس صلاة الظهر فى الخوف ببطن نخل، فصلى بطائفة ركعتين ثم سلم ثم جاءت طائفة أخرى فصلى بهم ركعتين ثم سلم، رواه البغوى فى شرح السنة.
وعنه: أنه- صلى الله عليه وسلم نزل بين ضجنان وعسفان، فقال المشركون: لهؤلاء صلاة هى أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم وأمهاتهم، وهى العصر، فأجمعوا أمركم فتميلوا عليهم ميلة واحدة، وإن جبريل أتى النبى- صلى الله عليه وسلم فأمره أن يقسم أصحابه شطرين، فيصلى بهم، وتقوم طائفة أخرى وراءهم وليأخذوا
(1) صحيح: أخرجه البخارى (4130) فى المغازى، باب: غزوة ذات الرقاع، ومسلم (842) فى صلاة المسافرين، باب: صلاة الخوف. من حديث صالح بن خوّات- رضى الله عنه-.
(2)
صحيح: أخرجه البخارى (942) فى الجمعة، باب: قول الله تعالى وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ
…
الآية، من حديث ابن عمر وليس عن عمر كما ذكر المصنف.
حذرهم وأسلحتهم، فتكون لهم ركعة ولرسول الله- صلى الله عليه وسلم ركعتان «1» . رواه الترمذى والنسائى.
قال ابن حزم: وقد صح فيها- يعنى صلاة الخوف- أربعة عشر وجها.
وبينها فى جزء مفرد. وقال ابن العربى فى «القبس» : جاء فيها روايات كثيرة، أصحها ست عشرة رواية مختلفة، ولم يبينها. وقال النووى نحوه فى شرح مسلم ولم يبينها أيضا. وقد بينها الحافظ زين الدين العراقى فى شرح الترمذى وزاد وجها آخر، فصارت سبعة عشر وجها، لكن يمكن أن تتداخل.
وقال صاحب «الهدى» : أصولها ست صفات، وبلغها بعضهم أكثر، وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة فى قصة جعلوا ذلك وجها من فعله- صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من اختلاف الرواة. انتهى. وهذا هو المعتمد، وإليه أشار الحافظ العراقى بقوله: يمكن تداخلها. وقد حكى ابن القصار المالكى: أن النبى- صلى الله عليه وسلم صلاها عشر مرات، وقال ابن العربى: أربعا وعشرين، وقال الخطابى: صلاها- صلى الله عليه وسلم فى أيام مختلفة بأشكال متباينة، يتحرى فيها ما هو الأحوط للصلاة، والأبلغ للحراسة، فهى على اختلاف صورها متفقة المعنى.
انتهى. وفى كتب الفقه تفاصيل لها كثيرة، وفروع يطول ذكرها. حكاها فى فتح البارى.
(1) صحيح: أخرجه النسائى (3/ 174) فى صلاة الخوف، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن النسائى» .