الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثالث: فى ذكر قراءته ص الفاتحة وقوله آمين بعدها
كان النبى- صلى الله عليه وسلم إذا قرأ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ «1» قال: «آمين» ، ومد بها صوته، وفى رواية: وخفض بها صوته «2» ، رواه الترمذى. وفى رواية أبى داود: ورفع بها صوته، وفى رواية له: جهر بامين. وقال ابن شهاب: وكان- صلى الله عليه وسلم إذا قال: وَلَا الضَّالِّينَ «3» جهر بامين، أخرجه السراج. ولابن حبان من رواية الزبيدى عن ابن شهاب: كان إذا فرغ من قراءة أم القرآن، رفع صوته وقال:«آمين» .
وللحميدى من طريق سعيد المقبرى عن أبى هريرة بنحوه بلفظ: إذا قال:
وَلَا الضَّالِّينَ «4» ولأبى داود، وصححه ابن حبان من حديث وائل بن حجر نحو رواية الزبيدى. وفيه رد على من أومأ إلى النسخ فقال: إنما كان- صلى الله عليه وسلم يجهر بامين فى ابتداء الإسلام ليعلمهم، فإن وائل بن حجر إنما أسلم فى أواخر الأمر.
الفرع الرابع: فى ذكر قراءته ص بعد الفاتحة فى صلاة الغداة
عن أبى برزة: كان- صلى الله عليه وسلم يقرأ فى صلاة الغداة ما بين الستين إلى المائة «5» . رواه النسائى. وعن عمرو بن حريث: أنه سمع النبى- صلى الله عليه وسلم يقرأ
(1) سورة الفاتحة: 7.
(2)
صحيح: أخرجه أبو داود (932) فى الصلاة، باب: التأمين وراء الإمام، والترمذى (248) فى الصلاة، باب: ما جاء فى التأمين، وأحمد فى «المسند» (4/ 316 و 317) ، من حديث وائل بن حجر، - رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .
(3)
سورة الفاتحة: 7.
(4)
سورة الفاتحة: 7.
(5)
قلت: بل هو عند البخارى (771) فى الأذان، باب: القراءة فى الفجر، ومسلم (461) فى الصلاة، باب: القراءة فى الصبح، و (647) فى المساجد، باب: استحباب التبكير بالصبح فى أول وقتها. وقوله (صلاة الغداة) : هى الفجر.
فى الفجر وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ «1» «2» رواه مسلم. وفى رواية النسائى: أنه- صلى الله عليه وسلم قرأ فى الفجر إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ «3» «4» وعن جابر بن سمرة كان- صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الفجر ب ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ «5» ونحوها، وكانت قراءته بعد تخفيفا «6» . رواه مسلم.
وعن عبد الله بن السائب قال: صلى- صلى الله عليه وسلم الصبح بمكة، فاستفتح سورة المؤمنين، حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون، أو ذكر عيسى- شك الراوى، أو اختلف عليه- أخذت النبى- صلى الله عليه وسلم سعلة فركع. الحديث «7» رواه مسلم. قال النووى: فيه جواز قطع القراءة، وجواز القراءة ببعض السورة.
وكرهه مالك. انتهى.
وتعقب: بأن الذى كرهه مالك أن يقتصر على بعض السورة مختارا، والمستدل به ظاهر فى أنه كان للضرورة فلا يرد عليه. وكذا يرد على من استدل به على أنه لا يكره قراءة بعض الآية أخذا من قوله: حتى جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى، لأن كلّا من الموضعين يقع فى وسط آية، نعم الكراهة لا تثبت إلا بدليل.
وأدلة الجواز كثيرة: وفى حديث زيد بن ثابت أنه- صلى الله عليه وسلم قرأ الأعراف فى الركعتين «8» ، وأمّ أبو بكر بالصحابة فى صلاة الصبح بسورة البقرة قرأها
(1) سورة التكوير: 17.
(2)
صحيح: أخرجه مسلم (456) فى الصلاة، باب: القراءة فى الصبح.
(3)
سورة التكوير: 1.
(4)
صحيح: أخرجه النسائى (2/ 257) فى الافتتاح، باب: القراءة فى الصبح ب إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، من حديث عمرو بن حريث- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن النسائى» .
(5)
سورة ق: 1.
(6)
صحيح: أخرجه مسلم (458) فى الصلاة، باب: القراءة فى الصبح.
(7)
صحيح: أخرجه مسلم (455) فى الصلاة، باب: القراءة فى الصبح.
(8)
صحيح: أخرجه البخارى (764) فى الأذان، باب: القراءة فى المغرب، بلفظ:«كان يقرأ بطولى الطوليين» ، وقد حصل الاتفاق على تفسير الطولى بالأعراف.
فى الركعتين. وهذا إجماع منهم. وقرأ فى الصبح إِذا زُلْزِلَتِ «1» فى الركعتين كلتيهما، قال الراوى: فلا أدرى أنسى أم قرأ ذلك عمدا «2» . رواه أبو داود.
وكان- صلى الله عليه وسلم يقرأ فى صبح الجمعة الم (1) تَنْزِيلُ «3» ، وهَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ «4» «5» . رواه البخارى ومسلم وأبو داود والترمذى والنسائى من حديث أبى هريرة. وإنما كان يقرؤهما كاملتين، وقراءة بعضهما خلاف السنة. وإنما كان يقرأ بهما لما اشتملتا عليه من ذكر المبدأ والمعاد، وخلق آدم، ودخول الجنة والنار، وأحوال يوم القيامة، لأن ذلك يقع يوم الجمعة. ذكره ابن دحية فى «العلم المشهور» وقرره تقريرا حسنا، كما أفاده ابن حجر.
قال: وقد ورد فى حديث ابن مسعود التصريح بمداومته- صلى الله عليه وسلم على قراءتهما فى صبح الجمعة «6» . أخرجه الطبرانى، ولفظه «يديم ذلك» وأصله فى ابن ماجه لكن بدون هذه الزيادة، ورجاله ثقات، لكن صوب أبو حاتم إرساله.
(1) سورة الزلزلة: 1.
(2)
حسن: أخرجه أبو داود (816) فى الصلاة، باب: الرجل يعيد سورة واحدة فى الركعتين، من حديث رجل من جهينة سمع النبى- صلى الله عليه وسلم، ولا يضر جهالته لعدالة الصحابة، والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .
(3)
سورة السجد: 1، 2.
(4)
سورة الإنسان: 1.
(5)
صحيح: أخرجه البخارى (891) فى الجمعة، باب: ما يقرأ فى صلاة الفجر يوم الجمعة، ومسلم (880) فى الجمعة، باب: ما يقرأ فى صلاة الجمعة، والنسائى (2/ 159) فى الافتتاح، باب: القراءة فى الصبح يوم الجمعة، وابن ماجه (823) فى إقامة الصلاة، باب: القراءة فى صلاة الفجر يوم الجمعة، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-، وهو ليس عند أبى داود والترمذى كما ذكر المصنف، إلا أنه عندهما ولكن من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما-.
(6)
صحيح: أخرجه ابن ماجه (824) فى إقامة الصلاة، باب: القراءة فى صلاة الفجر يوم الجمعة، بنحوه، بسند رجاله ثقات.
قال: وكأن ابن دقيق العيد لم يقف عليه فقال فى الكلام على حديث الباب: «ليس فى الحديث ما يقتضى فعل ذلك دائما اقتضاء قويّا» ، وهو كما قال بالنسبة لحديث الباب، فإن الصيغة ليست نصّا فى المداومة، لكن الزيادة المذكورة نص فى ذلك، ولهذه الزيادة شاهد من حديث ابن عباس بلفظ:
«كل جمعة» أخرجه الطبرانى فى الكبير.
وأما تعيين السورة للركعة فورد من حديث على- عند الطبرانى- بلفظ:
كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الركعة الأولى من صلاة الصبح يوم الجمعة الم (1) تَنْزِيلُ «1» ، وفى الركعة الثانية هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ «2» .
وقد اختلف تعليل المالكية لكراهة قراءة السجدة فى الصلاة.
فقيل: لكونها تشتمل على زيادة سجود فى الفرض. قال القرطبى:
وهو تعليل فاسد، بشهادة هذا الحديث.
وقيل لخشية التخليط على المصلين، ومن ثم فرق بعضهم بين الجهرية والسرية، لأن الجهرية يؤمن معها التخليط لكن صح من حديث ابن عمر أنه- صلى الله عليه وسلم قرأ سورة فيها سجدة فى صلاة الظهر فسجد بهم فيها «3» . رواه أبو داود والحاكم، فبطلت التفرقة. ومنهم من علل الكراهة بخشية اعتقاد العوام أنها فرض. قال ابن دقيق العيد: أما القول بالكراهية مطلقا فيأباه الحديث، لكن إذا انتهى الحال إلى وقوع هذه المفسدة فينبغى أن تترك أحيانا لتندفع، فإن المستحب قد يترك لدفع المفسدة المتوقعة، وهو يحصل بالترك فى بعض الأوقات. انتهى.
وقال صاحب «المحيط» من الحنفية: يستحب قراءتها فى صبح يوم
(1) سورة السجدة: 1، 2.
(2)
سورة الإنسان: 1.
(3)
لعله يشير إلى الحديث الذى أخرجه أبو داود (1411) في الصلاة، باب: فى الرجل يسمع السجدة وهو راكب وفى غير الصلاة، وابن خزيمة فى «صحيحه» (556) ، والحاكم فى «المستدرك» (798) إلا أنه فيه أن قرأ عام الفتح سجدة، ولم أقف على رواية صلاة الظهر هذه.