الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أبو أمامة بن النقاش: فإن قلت أيما أفضل، عشر ذى الحجة أو العشر الأواخر من رمضان؟ فالجواب: أن أيام عشر ذى الحجة أفضل لاشتمالها على اليوم الذى ما رؤى الشيطان فى يوم غير يوم بدر أدحر ولا أغيظ ولا أحقر منه فيه وهو يوم عرفة، ولكون صيامه يكفر سنتين، ولاشتمالها على أعظم الأيام عند الله حرمة وهو يوم النحر الذى سماه الله تعالى يوم الحج الأكبر، وليالى عشر رمضان الأخير أفضل لاشتمالها على ليلة القدر التى هى خير من ألف شهر. ومن تأمل هذا الجواب وجده كافيا شافيا، أشار إليه الفاضل المفضل فى قوله:«ما من أيام العمل فيهن أحب إلى الله من عشر ذى الحجة» الحديث، فتأمل قوله «ما من أيام» دون أن يقول: ما من عشر ونحوه. ومن أجاب بغير هذا التفضيل لم يدل بحجة صحيحة صريحة قط.
الفصل الخامس فى صومه ص أيام الأسبوع
عن عائشة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام يوم الاثنين والخميس «1» . رواه الترمذى والنسائى، وعن أبى قتادة قال: سئل رسول الله- صلى الله عليه وسلم عن صوم الاثنين فقال: «فيه ولدت وفيه أنزل على» «2» . رواه مسلم.
وعن أبى هريرة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «تعرض الأعمال على الله تعالى يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملى وأنا صائم» «3» . رواه الترمذى.
وعن أسامة بن زيد: قلت: يا رسول الله، إنك تصوم حتى لا تكاد تفطر،
(1) صحيح: أخرجه الترمذى (745) فى الصوم، باب: ما جاء فى صيام يوم الاثنين والخميس من حديث عائشة- رضى الله عنها-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .
(2)
صحيح: أخرجه مسلم (1162) فى الصيام، باب: استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، من حديث أبى قتادة- رضى الله عنه-.
(3)
صحيح: أخرجه مسلم (2565) فى البر والصلة، باب: النهى عن الشحناء والتهاجر. من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.
وتفطر حتى لا تكاد تصوم، إلا يومين إن دخلا فى صيامك وإلا صمتهما، قال:«أى يومين؟» قلت: يوم الاثنين والخميس، قال:«ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، فأحب أن يعرض عملى وأنا صائم» «1» .
رواه النسائى.
وروى على بن أبى طلحة عن ابن عباس فى قوله تعالى: ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ «2» قال: يكتب كل ما يتكلم به من خير وشر، حتى إنه ليكتب قوله: أكلت وشربت وذهبت وجئت ورأيت، حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله، فأقر ما كان فيه مجن خير أو شر، وألقى سائره، وهذا عرض خاص فى هذين اليومين غير العرض العام كل يوم فإن ذلك عرض خاص دائم بكرة وعشيّا. ويدل على ذلك ما فى صحيح مسلم عن أبى موسى الأشعرى قال: قام فينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال: «إن الله تعالى لا ينام ولا ينبغى له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل» «3» الحديث.
وعن أم سلمة كان- صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام: الاثنين والخميس من هذه الجمعة، والاثنين من المقبلة «4» . وفى رواية أول اثنين من الشهر، ثم الخميس ثم الخميس الذى يليه «5» . رواه النسائى. وعن عائشة:
(1) صحيح: أخرجه النسائى (2/ 56) فى الصيام، باب: صوم النبى بأبى هو وأمى. من حديث أسامة بن زيد- رضى الله عنهما-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن النسائى» .
(2)
سورة ق: 18.
(3)
صحيح: أخرجه مسلم (179) فى الإيمان، باب: فى قوله إن الله لا ينام. من حديث أبى موسى- رضى الله عنه-.
(4)
أخرجه النسائى (2/ 49) فى الصيام، باب: صوم النبى بأبى هو وأمى، من حديث أم سلمة- رضى الله عنها-، وقال الألبانى فى «صحيح سنن النسائى» : حسن ولكن الأصح لفظ وخميس.
(5)
ضعيف: أخرجه الترمذى (746) فى الصوم، باب: ما جاء فى صيام يوم الاثنين والخميس من حديث عائشة- رضى الله عنها-، والحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى «ضعيف سنن الترمذى» .
كان يصوم من شهر: السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر: الثلاثاء والأربعاء والخميس «1» . رواه الترمذى: وعن كريب، مولى ابن عباس، قال:
أرسلنى ابن عباس وناس من أصحاب النبى- صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة أسألها: أى الأيام كان النبى- صلى الله عليه وسلم أكثرها صياما؟ قالت: السبت والأحد، ويقول: إنهما عيد المشركين، وأنا أحب أن أخالفهما «2» . رواه أحمد والنسائى، وفيه محمد ابن عمر، ولا يعرف حاله، ويرويه عنه ابنه عبد الله بن محمد بن عمر ولا يعرف حاله أيضا.
وعن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه» «3» . رواه أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجه والدارمى. قال بعضهم: لا تعارض بينه وبين حديث أم سلمة، فإن النهى عن صومه إنما هو عن إفراده، وعلى ذلك ترجم أبو داود، فقال: باب النهى أن يخص يوم السبت بالصوم وحديث صيامه إنما هو مع يوم الأحد. قالوا:
ونظير هذا أنه نهى عن إفراد يوم الجمعة بالصوم إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده.
قال النووى: وأما قول مالك فى الموطأ «لم أسمع أحدا من أهل العلم والفقه ومن يقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة وصيامه حسن، فقد رأيت بعض أهل العلم يصومه، وأراه كان يتحراه» فهذا الذى قاله هو الذى رآه، وقد رأى غيره خلاف ما رأى هو، والسنة مقدمة على ما رآه هو وغيره، وقد ثبت النهى عن صوم يوم الجمعة فتعين القول به، ومالك معذور فإنه لم يبلغه. قال الداودى من أصحاب مالك: لم يبلغ مالكا هذا الحديث ولو بلغه لم يخالفه.
(1) هو فى الذى قبله.
(2)
أخرجه النسائى فى «الكبرى» (2775 و 2776) من حديث أم سلمة- رضى الله عنها-.
(3)
صحيح: أخرجه الترمذى (744) فى الصوم، باب: ما جاء فى صوم يوم السبت، من حديث الصماء بنت بسر- رضى الله عنها-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .