المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرع الرابع عشر: فى ذكر تسليمه ص من الصلاة - المواهب اللدنية بالمنح المحمدية - جـ ٣

[القسطلاني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث

- ‌المقصد الثامن فى طبه ص لذوى الأمراض والعاهات وتعبيره الرؤيا وإنبائه بالأنباء المغيبات

- ‌الفصل الأول فى طبه صلى الله عليه وسلم لذوى الأمراض والعاهات

- ‌النوع الأول فى طبه ص بالأدوية الإلهية

- ‌رقية الذى يصاب بالعين:

- ‌عقوبة العائن:

- ‌ذكر رقية النبى ص التى كان يرقى بها

- ‌ذكر طبه ص من الفزع والأرق المانع من النوم:

- ‌ذكر طبه ص من حر المصيبة ببرد الرجوع إلى الله تعالى:

- ‌ذكر طبه ص من داء الهم والكرب بدواء التوجه إلى الرب:

- ‌ذكر طبه ص من داء الفقر:

- ‌ذكر طبه ص من داء الحريق:

- ‌ذكر ما كان ص يطب به من داء الصرع:

- ‌ذكر دوائه ص من داء السحر:

- ‌ذكر رقية لكل شكوى:

- ‌رقيته ص من الصداع:

- ‌رقيته ص من وجع الضرس:

- ‌رقية لعسر البول:

- ‌رقية الحمى:

- ‌ذكر ما يقى من كل بلاء:

- ‌ذكر ما يستجلب به المعافاة من سبعين بلاء:

- ‌ذكر دواء داء الطعام:

- ‌ذكر دواء أم الصبيان:

- ‌النوع الثانى طبه ص بالأدوية الطبيعية

- ‌ذكر ما كان ص يعالج به الصداع والشقيقة:

- ‌ذكر طبه ص للرمد:

- ‌ذكر طبه ص من العذرة:

- ‌ذكر طبه ص لداء استطلاق البطن

- ‌ذكر طبه ص فى يبس الطبيعة بما يمشيه ويلينه:

- ‌ذكر طبه ص للمفؤود:

- ‌ذكر طبه ص لذات الجنب:

- ‌ذكر طبه ص لداء الاستسقاء:

- ‌ذكر طبه ص من داء عرق النسا:

- ‌ذكر طبه ص من الأورام والخراجات:

- ‌ذكر طبه ص بقطع العروق والكى:

- ‌ذكر طبه ص من الطاعون:

- ‌ذكر طبه ص من السلعة

- ‌ذكر طبه ص من الحمى:

- ‌ذكر طبه ص من حكة الجسد وما يولد القمل:

- ‌ذكر طبه صلى الله عليه وسلم من السم الذى أصابه بخيبر:

- ‌النوع الثالث فى طبه ص بالأدوية المركبة من الإلهية والطبيعية

- ‌ذكر طبه ص من القرحة والجرح وكل شكوى:

- ‌ذكر طبه- ص من لدغة العقرب:

- ‌ذكر الطب من النملة:

- ‌ذكر طبه ص من البثرة:

- ‌ذكر طبه ص من حرق النار:

- ‌ذكر طبه ص بالحمية:

- ‌ذكر حمية المريض من الماء:

- ‌ذكر أمره ص بالحمية من الماء المشمس خوف البرص:

- ‌ذكر الحمية من طعام البخلاء:

- ‌ذكر الحمية من داء الكسل:

- ‌ذكر الحمية من داء البواسير:

- ‌ذكر حماية الشراب من سم أحد جناحى الذباب بانغماس الثانى:

- ‌ذكره أمره ص بالحمية من الوباء النازل فى الإناء بالليل بتغطيته:

- ‌ذكر حمية الوليد من إرضاع الحمقى:

- ‌الفصل الثانى فى تعبيره ص الرؤيا

- ‌الرؤيا الصالحة جزء من النبوة:

- ‌الفصل الثالث فى إنبائه ص بالأنباء المغيبات

- ‌المقصد التاسع فى لطيفة من عباداته

- ‌النوع الأول فى الطهارة وفيه فصول:

- ‌الفصل الأول: فى ذكر وضوئه ص وسواكه ومقدار ما كان يتوضأ به

- ‌الفصل الثانى فى وضوئه ص مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثا

- ‌الفصل الثالث فى صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الرابع فى مسحه ص على الخفين

- ‌الفصل الخامس فى تيممه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل السادس فى غسله صلى الله عليه وسلم

- ‌النوع الثانى فى ذكر صلاته ص

- ‌[القسم الأول] فى الفرائض وما يتعلق بها وفيه أبواب

- ‌الباب الأول فى الصلوات الخمس وفيه فصول:

- ‌الفصل الأول فى فرضها

- ‌الفصل الثانى فى ذكر تعيين الأوقات التى صلى فيها- صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس

- ‌الفصل الثالث فى ذكر كيفية صلاته ص وفيه فروع:

- ‌الفروع الأول: فى صفة افتتاحه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الثانى: فى ذكر قراءته ص البسملة فى أول الفاتحة

- ‌الفرع الثالث: فى ذكر قراءته ص الفاتحة وقوله آمين بعدها

- ‌الفرع الرابع: فى ذكر قراءته ص بعد الفاتحة فى صلاة الغداة

- ‌الفرع الخامس: فى ذكر قراءته- صلى الله عليه وسلم فى صلاتى الظهر والعصر

- ‌الفرع السادس: فى ذكر قراءته ص فى صلاة المغرب

- ‌الفرع السابع: فى ذكر ما كان ص يقرأ فى صلاة العشاء

- ‌الفرع الثامن: فى ذكر صفة ركوعه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع التاسع: فى مقدار ركوعه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع العاشر: فى ذكر ما كان ص يقوله فى الركوع والرفع منه

- ‌الفرع الحادى عشر: فى ذكر صفة سجوده ص وما يقول فيه

- ‌الفرع الثانى عشر: فى ذكر جلوسه ص للتشهد

- ‌الفرع الثالث عشر: فى ذكر تشهده صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الرابع عشر: فى ذكر تسليمه ص من الصلاة

- ‌الفرع الخامس عشر: فى ذكر قنوته صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الرابع فى سجوده ص للسهو فى الصلاة

- ‌الفصل الخامس فيما كان ص يقوله بعد انصرافه من الصلاة وجلوسه بعدها وسرعة انفتاله بعدها

- ‌الباب الثانى فى ذكر صلاته ص الجمعة

- ‌الباب الثالث فى ذكر تهجده صلوات الله وسلامه عليه

- ‌ذكر سياق صلاته ص بالليل

- ‌الباب الرابع فى صلاته ص الوتر

- ‌الباب الخامس فى ذكر صلاته ص الضحى

- ‌القسم الثانى فى صلاته ص النوافل وأحكامها وفيه بابان:

- ‌الباب الأول فى النوافل المقرونة بالأوقات وفيه فصلان:

- ‌الفصل الأول فى رواتب الصلوات الخمس والجمعة

- ‌الفرع الأول: فى أحاديث جامعة لرواتب مشتركة

- ‌الفرع الثانى: فى ركعتى الفجر

- ‌الفرع الثالث: فى راتبة الظهر

- ‌الفرع الرابع فى سنة العصر

- ‌الفرع الخامس فى راتبة المغرب

- ‌الفرع السادس فى راتبة العشاء

- ‌الفرع السابع فى راتبة الجمعة

- ‌الفصل الثانى فى صلاته ص العيدين

- ‌الفرع الأول فى عدد الركعات

- ‌الفرع الثانى فى عدد التكبير

- ‌الفرع الثالث فى الوقت والمكان

- ‌الفرع الرابع فى الأذان والإقامة

- ‌الفرع الخامس فى قراءته ص فى صلاة العيدين

- ‌الفرع السادس فى خطبته ص وتقديمه صلاة العيدين عليها

- ‌الفرع السابع فى أكله ص يوم الفطر قبل خروجه إلى الصلاة

- ‌الباب الثانى فى النوافل المقرونة بالأسباب

- ‌الفصل الأول فى صلاته ص الكسوف

- ‌الفصل الثانى فى صلاته ص صلاة الاستسقاء

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌القسم الثالث فى ذكر صلاته ص فى السفر

- ‌الفصل الأول فى قصره ص الصلاة فيه وأحكامه

- ‌الفرع الأول فى كم كان ص يقصر الصلاة

- ‌الفرع الثانى فى القصر مع الإقامة

- ‌الفصل الثانى فى الجمع

- ‌الفرع الأول فى جمعه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثالث فى ذكر صلاته ص النوافل فى السفر

- ‌الفصل الرابع فى صلاته ص التطوع فى السفر على الدابة

- ‌القسم الرابع فى ذكر صلاته ص صلاة الخوف

- ‌القسم الخامس فى ذكر صلاته ص على الجنازة

- ‌الفرع الأول فى عدد التكبيرات

- ‌الفرع الثانى فى القراءة والدعاء

- ‌الفرع الثالث فى صلاته ص على القبر

- ‌الفرع الرابع فى صلاته ص على الغائب

- ‌النوع الثالث فى ذكر سيرته ص فى الزكاة

- ‌النوع الرابع فى ذكر صيامه صلى الله عليه وسلم

- ‌القسم الأول فى صيامه ص شهر رمضان

- ‌الفصل الأول فيما كان يخص به رمضان من العبادات وتضاعف جوده ص فيه

- ‌الفصل الثانى فى صيامه ص برؤية الهلال

- ‌الفصل الثالث فى صومه ص بشهادة العدل الواحد

- ‌الفصل الرابع فيما كان يفعله ص وهو صائم

- ‌الفصل الخامس فى وقت إفطاره ص

- ‌الفصل السادس فيما كان ص يفطر عليه

- ‌الفصل السابع فيما كان يقوله ص عند الإفطار

- ‌الفصل الثامن فى وصاله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل التاسع فى سحوره صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل العاشر فى إفطاره ص فى رمضان فى السفر وصومه

- ‌القسم الثانى فى صومه ص غير شهر رمضان وفيه فصول

- ‌الفصل الأول فى سرده ص صوم أيام من الشهر وفطره أياما

- ‌الفصل الثانى فى صومه ص عاشوراء

- ‌الفصل الثالث فى صيامه ص شعبان

- ‌الفصل الرابع فى صومه ص عشر ذى الحجة

- ‌الفصل الخامس فى صومه ص أيام الأسبوع

- ‌الفصل السادس فى صومه ص الأيام البيض

- ‌النوع الخامس فى ذكر اعتكافه ص واجتهاده في العشر الأخير من رمضان وتحريه ليلة القدر

- ‌النوع السادس فى ذكر حجه وعمره صلى الله عليه وسلم

- ‌النوع السابع من عبادته ص فى ذكر نبذة من أدعيته وأذكاره وقراءته

- ‌المقصد العاشر

- ‌الفصل الأول فى إتمامه تعالى نعمته عليه بوفاته ونقلته إلى حظيرة قدسه لديه ص

- ‌الفصل الثانى فى زيارة قبره الشريف ومسجده المنيف

- ‌الفصل الثالث

- ‌خاتمة

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌الفرع الرابع عشر: فى ذكر تسليمه ص من الصلاة

الأول: عقب تكبير الإحرام، كما فى حديث أبى هريرة فى الصحيحين:«اللهم باعد بينى وبين خطاياى» «1» الحديث ونحوه.

الثانى: فى الركوع، كما فى حديث عائشة عند الشيخين: كان يكثر أن يقول فى ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لى» «2» .

الثالث: فى الاعتدال من الركوع، كما فى حديث ابن أبى أوفى عند مسلم: أنه كان يقول بعد قوله: «من شئ بعد» «اللهم طهرنى بالثلج والبرد والماء البارد» «3» .

الرابع: فى سجوده، وهو أكثر ما كان يدعو فيه، وأمر به.

الخامس: بين السجدتين: «اللهم اغفر لى» «4»

إلخ.

السادس: فى التشهد.

وكان أيضا يدعو فى القنوت، وفى حال القراءة إذا مر باية رحمة سأل، وإذا مر باية عذاب استعاذ، وتقدم كل ذلك، والله أعلم.

‌الفرع الرابع عشر: فى ذكر تسليمه ص من الصلاة

كان- صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يرى بياض خده «5» . رواه

(1) صحيح: أخرجه البخارى (744) فى الأذان، باب: ما يقول بعد التكبير، ومسلم (598) فى المساجد، باب: ما يقال بعد تكبيرة الإحرام والقراءة.

(2)

صحيح: أخرجه البخارى (794) فى الأذان، باب: الدعاء فى الركوع، ومسلم (484) فى الصلاة، باب: ما يقال فى الركوع والسجود.

(3)

صحيح: أخرجه مسلم (476) فى الصلاة، باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع.

(4)

صحيح: أخرجه أبو داود (874) فى الصلاة، باب: ما يقول الرجل فى ركوعه وسجوده، وقد تقدم فى الصلاة.

(5)

صحيح: أخرجه مسلم (582) فى المساجد، باب: السلام للتحليل من الصلاة عند فراغها، والنسائى (3/ 61) فى السهو، باب: السلام، من حديث عامر بن سعد عن أبيه سعد بن أبى وقاص- رضى الله عنه-، وليس عبد الله بن عامر بن ربيعة كما ذكر المصنف، ولعله تصحيف.

ص: 235

مسلم والنسائى من حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه. وفى حديث ابن مسعود: كان- صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره، السلام عليكم ورحمة الله «1» . رواه الترمذى، وزاد أبو داود: حتى يرى بياض خده، وفى رواية النسائى: حتى يرى بياض خده من هاهنا، وبياض خده من هاهنا.

الحديث.

وهذا كان فعله الراتب. رواه عنه خمسة عشر صحابيّا، وهم: عبد الله ابن مسعود، وسعد بن أبى وقاص، وسهل بن سعد، ووائل بن حجر، وأبو موسى الأشعرى، وحذيفة بن اليمان، وعمار بن ياسر، وعبد الله بن عمر، وجابر بن سمرة، والبراء بن عازب، وأبو مالك الأشعرى، وطلق بن على، وأوس بن أوس، وأبو ثور، وعدى بن عمرو. هذا مذهب الشافعى وأبى حنيفة وأحمد والجمهور.

ومذهب مالك فى طائفة: المشروع تسليمه. ودليل مذهبنا ما تقدم.

وأما ما روى أنه- صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه «2» ، فلم يثبت من وجه صحيح، وأجود ما فى ذلك حديث عائشة أنه- صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة، السلام عليكم، يرفع بها صوته حتى يوقظنا «3» ، وهو حديث معلول، وهو فى السنن، لكنه فى قيام الليل، والذين رووا عنه التسليمتين رووا ما شاهدوا فى الفرض والنفل، وحديث عائشة ليس هو صريحا فى الاقتصار على تسليمة واحدة، بل أخبرت أنه كان يسلم تسليمة واحدة يوقظهم بها، ولم تنف الآخرى بل سكتت عنها، وليس سكوتها عنها مقدما

(1) صحيح: أخرجه أبو داود (996) فى الصلاة، باب: فى السلام، والترمذى (295) فى الصلاة، باب: ما جاء فى التسليم فى الصلاة، والنسائى (3/ 63) فى السهو، باب: كيف السلام على الشمال، وقال الترمذى: حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح، وهو كما قال.

(2)

أخرجه الترمذى (296) فى الصلاة، باب: منه أيضا، من حديث عائشة- رضى الله عنها-، وأشار إلى تضعيفه.

(3)

أخرجه أبو داود (1346 و 1347) فى الصلاة، باب: فى صلاة الليل، بسند فى رجاله كلام.

ص: 236

على رواية من حفظها وضبطها، وهم أكثر عددا وأحاديثهم أصح، والله أعلم.

واختلف فى التسليم: فقال مالك والشافعى وأحمد، وجمهور العلماء:

إنه فرض لا تصح الصلاة إلا به.

وقال أبو حنيفة والثورى والأوزاعى: سنة، لو ترك صحت صلاته، وقال أبو حنيفة: لو فعل منافيا للصلاة من حدث أو غيره فى آخرها صحت صلاته، واحتج بأنه- صلى الله عليه وسلم لم يعلمه الأعرابى حين علمه واجبات الصلاة.

واحتج الجمهور بحديث أبى داود (مفتاح الصلاة الطهور وتحليلها التسليم)«1» .

وكان- صلى الله عليه وسلم إذا قام فى الصلاة طأطأ رأسه. رواه أحمد. وكان لا يجاوز بصره إشارته «2» . وكان قد جعل الله قرة عينه فى الصلاة كما قال:

«وجعلت قرة عينى فى الصلاة» «3» رواه النسائى. ولم يكن يشغله- صلى الله عليه وسلم ما هو فيه عن مراعاة أحوال المأمومين، مع كمال إقباله وقربه من ربه وحضور قلبه بين يديه. وكان يدخل فى الصلاة فيريد إطالتها فيسمع بكاء الصبى فيتجوز فى صلاته مخافة أن يشق على أمه «4» . رواه البخارى وأبو داود والنسائى.

وكان يؤم الناس وهو حامل أمامة بنت أبى العاص بن الربيع على

(1) صحيح: أخرجه أبو داود (61) فى الطهارة، باب: فرض الوضوء، والترمذى (3) فى الطهارة، باب: ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور، وابن ماجه (275) فى الطهارة، باب: مفتاح الصلاة الطهور، من حديث على بن أبى طالب- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «الإرواء» (301) .

(2)

أى: أصبع السبابة الذى يشير به.

(3)

صحيح: أخرجه النسائى (7/ 61) فى عشرة النساء، باب: حب النساء، من حديث أنس- رضى الله عنه-، بسند صحيح.

(4)

صحيح: أخرجه البخارى (707) فى الأذان، باب: من أخف الصلاة عند بكاء الصبى، وأبو داود (789) فى الصلاة، باب: تخفيف الصلاة للأمر يحدث، والنسائى (2/ 95) فى الإمامة، باب: ما على الإمام من التخفيف، من حديث أبى قتادة- رضى الله عنه-، وهو فى الصحيحين من حديث أنس- رضى الله عنه-.

ص: 237

عاتقه «1» . رواه مسلم وغيره. قال النووى: وهذا يدل لمذهب الشافعى- رحمه الله ومن وافقه أنه يجوز حمل الصبى والصبية وغيرهما من الحيوان فى صلاة الفرض والنفل للإمام والمأموم والمنفرد. وحمله أصحاب مالك- رحمه الله على النافلة، ومنعوا جواز ذلك فى الفريضة.

وهذا التأويل فاسد، لأن قوله:«يؤم الناس» صريح أو كالصريح فى أنه كان فى الفرض. وادعى بعض المالكية أنه منسوخ، وبعضهم أنه خاص به- صلى الله عليه وسلم، وبعضهم أنه كان لضرورة، وكلها مردودة ولا دليل عليها ولا ضرورة إليها، بل الحديث صحيح صريح فى جواز ذلك، وليس فيه ما يخالف الشرع، لأن الآدمى طاهر، وما فى جوفه من النجاسة معفو عنها لكونه فى معدته، وثياب الأطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة، ودلائل الشرع متظاهرة على هذا، والأفعال فى الصلاة لا تبطلها إذا قلّت أو تفرقت، وفعله- صلى الله عليه وسلم للجواز، وتنبيها على هذه القواعد التى ذكرتها.

وهذا يرد ما ادعاه أبو سليمان الخطابى: أن هذا الفعل يشبه أن يكون بغير تعمد لحملها فى الصلاة، لكنها كانت تتعلق به- صلى الله عليه وسلم فلم يدفعها، فإذا قام بقيت معه، قال: ولا يتوهم أنه حملها ووضعها مرة بعد أخرى، لأنه عمل كثير، ويشغل القلب، وإذا كان علم الخميصة شغله «2» فكيف لا يشغله هذا؟

هذا كلام الخطابى، وهو باطل، ودعوى مجردة، ومما يرده قوله فى صحيح مسلم:«فإذا قام حملها، وإذا رفع من السجود أعادها» وقوله فى رواية غير مسلم: «خرج حاملا أمامة وصلى» وذكر الحديث. وأما قصة

(1) صحيح: أخرجه مسلم (543) فى المساجد، باب: جواز حمل الصبيان فى الصلاة، وهو فى الصحيحين أيضا بلفظ: كان يصلى وهو حامل أمامة، ورواية «يؤم» عند مسلم كما ذكرنا.

(2)

صحيح: وحديث الخميصة أخرجه البخارى (373) فى الصلاة، باب: إذا صلى فى ثوب له أعلام، ومسلم (556) فى المساجد، باب: كراهة الصلاة فى ثوب له أعلام، من حديث عائشة- رضى الله عنها-.

ص: 238

الخميصة فإنها تشغل القلب بلا فائدة، وحمل أمامة لا نسلم أنه يشغل القلب، وإن شغله فيترتب عليه فوائد، وبيان قواعد مما ذكرناه وغيره، فاحتمل ذلك الشغل لهذه الفوائد بخلاف الخميصة.

والصواب الذى لا يعدل عنه أن الحديث كان للبيان والتنبيه على هذه القواعد، فهو جائز لنا وشرع مستمر إلى يوم القيامة، والله أعلم انتهى.

وكان- صلى الله عليه وسلم يصلى فيجئ الحسن أو الحسين فيركب على ظهره، فيطيل السجدة كراهية أن يلقيه عن ظهره. وكان يرد السلام بالإشارة على من يسلم عليه وهو فى الصلاة. قال جابر: بعثنى رسول الله- صلى الله عليه وسلم لحاجة، فأدركته وهو يصلى فسلمت عليه، فأشار إلى «1» ، رواه مسلم. وقال عبد الله ابن مسعود: لما قدمت من الحبشة أتيت النبى- صلى الله عليه وسلم وهو يصلى، فسلمت عليه، فأومأ برأسه «2» ، رواه البيهقى. وكان يصلى وعائشة معترض بينه وبين القبلة، فإذا سجد غمزها بيده فقبضت رجليها، وإذا قام بسطتهما «3» . رواه البخارى.

وكان- صلى الله عليه وسلم لا يلتفت فى صلاته. وفى البخارى عن عائشة قالت:

سألت رسول الله- صلى الله عليه وسلم عن الالتفات فى الصلاة فقال: «هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد» «4» .

وروى أبو داود من حديث سهل بن الحنظلية: أنه- صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: «من يحرسنا الليلة» ؟ قال أنس بن أبى مرثد الغنوى: أنا يا رسول الله، قال:«اركب» ، فركب فرسا له، فقال:«استقبل هذا الشعب حتى تكون فى أعلاه» ، فلما أصبحنا توّب «5» بالصلاة، فجعل- صلى الله عليه وسلم يصلى وهو

(1) صحيح: أخرجه مسلم (540) فى المساجد، باب: تحريم الكلام فى الصلاة.

(2)

أخرجه البيهقى فى «الكبرى» (2/ 260) مرسلا ومسندا، وقال عن المرسل: هو المحفوظ.

(3)

صحيح: أخرجه البخارى (382: 384) فى الصلاة، باب: الصلاة على الفراش، ومسلم (512) فى الصلاة، باب: الاعتراض بين يدى المصلى، من حديث عائشة- رضى الله عنها-.

(4)

صحيح: أخرجه البخارى (751) فى الأذان، باب: الالتفات فى الصلاة.

(5)

أى: نودى.

ص: 239

يلتفت إلى الشعب، حتى إذا قضى الصلاة قال:«أبشروا قد جاء فارسكم» «1» .

فهذا الالتفات من الاشتغال بالجهاد فى الصلاة، وهو يدخل فى مداخل العبادات، كصلاة الخوف، وقريب منه قول عمر- رضى الله عنه- إنى لأجهز الجيش وأنا فى الصلاة، فهذا جمع بين الصلاة والجهاد، ونظيره التفكير فى معانى القرآن واستخراج كنوز العلم منه.

وكان- صلى الله عليه وسلم يصلى فعرض له الشيطان ليقطع عليه صلاته، فأخذه وخنقه حتى سال لعابه على يديه «2» . وروى مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال: أتيت النبى- صلى الله عليه وسلم وهو يصلى، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل «3» ، يعنى يبكى، وفى رواية: ولصدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء. رواه أحمد.

ولم يكن- صلى الله عليه وسلم يغمض عينيه فى صلاته.

وعن أنس قال: كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها. فقال- صلى الله عليه وسلم:

«أميطى عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض لى فى صلاتى» «4» . رواه البخارى.

ولو كان يغمض عينيه لما عرضت له فى صلاته، وقد اختلف الفقهاء فى كراهيته، والحق أن يقال: إن كان تفتيح العين لا يخل بالخشوع فهو أفضل، وإن كان يحول بينه وبين الخشوع كأن يكون فى قبلته زخرفة أو غيرها

(1) صحيح: أخرجه أبو داود (2501) فى الجهاد، باب: فضل الحرس فى سبيل الله تعالى، والحاكم فى «المستدرك» (2/ 93) وقال: صحيح على شرط الشيخين، وهو كما قال.

(2)

رجاله ثقات: أخرجه أحمد فى «المسند» (3/ 82) ، من حديث أبى سعيد الخدرى بسند رجاله ثقات، وهو فى الصحيحين بنحوه.

(3)

صحيح: أخرجه أبو داود (904) فى الصلاة، باب: البكاء فى الصلاة، والنسائى (3/ 13) فى السهو، باب: البكاء فى الصلاة، وأحمد فى «المسند» (4/ 25) بسند صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن النسائى» .

(4)

صحيح: أخرجه البخارى (374) فى الصلاة، باب: إن صلى فى ثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته؟، من حديث أنس- رضى الله عنه-.

ص: 240

مما يشغل قلبه فلا يكره التغميض قطعا بل ينبغى أن يكون مستحبّا فى هذه الحالة.

وقد كانت صلاته- صلى الله عليه وسلم متوسطة، عارية عن الغلو كالوسوسة فى عقد النية، ورفع الصوت بها، والجهر بالأذكار والدعوات التى شرعت سرّا، وتطويل ما السنة تخفيفه، كالتشهد الأول، إلى غير ذلك مما يفعله كثير ممن ابتلى بداء الوسوسة، عافانا الله منها.

وهى نوع من الجنون، وصاحبها بلا ريب مبتدع مستنبط فى أفعاله وأقواله شيئا لم يفعله النبى- صلى الله عليه وسلم، ولا أحد من أصحابه. وقد قال- صلى الله عليه وسلم:«إن خير الهدى هدى محمد- صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها» «1» وعنه: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار» «2» . ومما نسب لإمام الحرمين: الوسوسة نقص فى العقل، أو جهل بأحكام الشرع. ومن غرائب ما يقع لهؤلاء الموسوسين، أن بعضهم يشتغل بتكرير الطهارة حتى تفوته الجماعة، وربما فاته الوقت، ومنهم من يشتغل بالنية حتى تفوته التكبيرة الأولى، وربما تفوته ركعة أو أكثر، ومنهم من يحلف أن لا يزيد على هذه التكبيرة ثم يكذب.

ثم من العجب أن بعضهم يتوسوس فى حال قيامه حتى يركع الإمام، فإذا خشى فوات الركوع كبر سريعا وأدركه، فمن لم يحصل له النية فى القيام الطويل حال فراغ باله، فكيف حصلت له فى الوقت الضيق مع شغل باله بفوات الركعة.

ومنهم من يكثر التلفظ بالتكبير، حتى يشوش على غيره من المأمومين، ولا ريب أن ذلك مكروه، ومنهم من يزعج أعضاءه، ويحنى جبهته، ويقيم

(1) صحيح: وهو جزء من حديث أخرجه مسلم (867) فى الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة، من حديث جابر- رضى الله عنه-.

(2)

صحيح: أخرجه ابن ماجه (46) فى المقدمة، باب: اجتناب البدع والجدل، من حديث ابن مسعود- رضى الله عنه-، وللحديث شواهد من حديث العرباض بن سارية أخرجه أصحاب السنن.

ص: 241