الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مما غيرت النار «1» . وشرب- صلى الله عليه وسلم لبنا ولم يتمضمض ولم يتوضأ وصلى «2» . رواه أبو داود، وأتى بالسويق فأمر به فثرى فأكل منه، ثم قام إلى المغرب فتمضمض «3» . رواه البخارى ومالك والنسائى. وكان- صلى الله عليه وسلم إذا قام من النوم ربما توضأ، وربما لم يتوضأ، لأن عينه تنام ولا ينام قلبه «4» كما فى البخارى وغيره. وفيه دليل على أن النوم ليس حدثا بل مظنة الحدث، فلو أحدث لعلم بذلك فتكون الخصوصية شعوره بالوقوع بخلاف غيره. قال الخطابى: وإنما منع قلبه النوم ليعى الوحى الذى يأتيه فى منامه.
الفصل الرابع فى مسحه ص على الخفين
اعلم أنه قد صرح جمع من الحفاظ بأن المسح على الخفين متواتر، وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين، منهم العشرة، وقال ابن عبد البر: لا أعلم أنه قد روى عن أحد من فقهاء السلف إنكاره إلا عن مالك، مع أن الروايات الصحيحة عنه مصرحة بإثباته، وقد أشار الشافعى فى الأم إلى إنكار ذلك على المالكية، والمعروف المستقر عندهم الآن قولان: الجواز مطلقا،
(1) صحيح: أخرجه أبو داود (192) فى الطهارة، باب: فى ترك الوضوء مما مست النار، والنسائى (1/ 108) فى الطهارة، باب: ترك الوضوء مما غيرت النار، من حديث جابر- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن النسائى» .
(2)
حسن: أخرجه أبو داود (197) فى الطهارة، باب: الرخصة فى ذلك، والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» وهو فى الصحيحين عن ابن عباس بلفظ:«ثم دعا بماء فتمضمض» .
(3)
صحيح: أخرجه البخارى (209) فى الوضوء، باب: من مضمض من السويق ولم يتوضأ، والنسائى (1/ 108) فى الطهارة، باب: المضمضة من السويق، ومالك فى «الموطأ» (1/ 26) ، من حديث سويد بن النعمان- رضى الله عنه-.
(4)
صحيح: والحديث أخرجه البخارى (3569) فى المناقب، باب: كان النبى- صلى الله عليه وسلم تنام عيناه ولا ينام قلبه، من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
وثانيهما: للمسافر دون المقيم، وهذا الثانى مقتضى ما فى «المدونة» ، وبه جزم ابن الحاجب.
وقال ابن المنذر: اختلف العلماء أيهما أفضل، المسح على الخفين أو نزعهما وغسل الرجلين؟ والذى اختاره: أن المسح أفضل لأجل من طعن فيه من أهل البدع من الخوارج والروافض. وقال النووى: مذهب أصحابنا أن الغسل أفضل لكونه الأصل، لكن بشرط أن لا يترك المسح.
وقد تمسك من اكتفى بالمسح بقوله تعالى: وَأَرْجُلَكُمْ «1» عطفا على وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ «2» . فذهب إلى ظاهرها جماعة من الصحابة والتابعين، وحكى عن ابن عباس فى رواية ضعيفة، والثابت عنه خلافه.
وعن عكرمة والشعبى وقتادة: الواجب الغسل أو المسح. وعن بعض أهل الظاهر: يجب الجمع بينهما. وحجة الجمهور: الأحاديث الصحيحة من فعله- صلى الله عليه وسلم كما سيأتى- إن شاء الله تعالى-، فإنه بيان للمراد، وأجابوا عن الآية بأجوبة.
منها: أنه قرئ وَأَرْجُلَكُمْ»
بالنصب عطفا على أيديكم.
وقيل: إنه معطوف على محل بِرُؤُسِكُمْ «4» ، كقوله تعالى: يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ «5» بالنصب.
وقيل: المسح فى الآية محمول على مشروعية المسح على الخفين، فحملوا قراءة «الجر» على مسح الخفين، وقراءة «النصب» على غسل الرجلين. وجعل البيضاوى «الجر» على الجوار، قال: ونظيره فى القرآن كقوله
(1) سورة المائدة: 6.
(2)
سورة المائدة: 6.
(3)
سورة المائدة: 6.
(4)
سورة المائدة: 6.
(5)
سورة سبأ: 10.
تعالى: عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ «1» وَحُورٌ عِينٌ «2» بالجر فى قراءة حمزة والكسائى. وقولهم «جحر ضب خرب» وللنحاة باب فى ذلك. وفائدته:
التنبيه على أنه ينبغى أن يقتصد فى صب الماء عليهما ويغسلا غسلا يقرب من المسح. انتهى.
وعن المغيرة بن شعبة أنه غزا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، فتبرز رسول الله قبل الغائط فحملت معه إداوة- قبل الفجر- فلما رجع أخذت أهريق على يديه من الإداوة، فغسل يديه ووجهه، وعليه جبة من صوف، ذهب يحسر عن ذراعيه فضاق كم الجبة، فأخرج يده من تحت الجبة؛ وألقى الجبة على منكبيه وغسل ذراعيه، ثم مسح بناصيته وعلى العمامة، ثم أهويت لأنزع خفيه فقال:«دعهما فإنى أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما، ثم ركب وركبت» «3» . الحديث رواه مسلم.
وعند الترمذى من حديث المغيرة أيضا أنه- صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين على ظاهرهما «4» . وعند أبى داود من حديثه أيضا: ومسح- عليه الصلاة والسلام على الجوربين والنعلين «5» . وعنه قال: مسح رسول الله- صلى الله عليه وسلم على الخفين، فقلت: يا رسول الله، نسيت، فقال:«بل أنت نسيت، بهذا أمرنى ربى عز وجل» «6» . رواه أبو داود وأحمد. وعن عمرو بن أمية
(1) سورة هود: 26.
(2)
سورة الواقعة: 22.
(3)
صحيح: أخرجه البخارى (363) فى الصلاة، باب: الصلاة فى الجبة الشامية، ومسلم (274) فى الطهارة، باب: المسح على الخفين.
(4)
صحيح: أخرجه الترمذى (98) فى الطهارة، باب: ما جاء فى المسح على الخفين ظاهرهما، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .
(5)
صحيح: أخرجه أبو داود (159) فى الطهارة، باب: المسح على الجوربين، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .
(6)
ضعيف: أخرجه أبو داود (156) فى الطهارة، باب: المسح على الخفين، وأحمد فى «المستدرك» (4/ 253) من حديث المغيرة بن شعبة- رضى الله عنه-، والحديث ضعفه الألبانى فى «ضعيف سنن أبى داود» .