الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الجاحظ: كونه فى النار ليس تعذيبا له بل ليعذب أهل النار له، ويتولد من العفونة. ومن عجيب أمره أن رجيعه يقع على الثوب الأسود أبيض وبالعكس، وأكثر ما يظهر فى أماكن العفونة، ومبدأ خلقه منها ثم من التوالد، وهو أكثر الطيور سفادا، وربما بقى عامة اليوم على الأنثى. ويحكى أن بعض الخلفاء سأل الشافعى: لأى علة خلق الذباب؟ فقال: مذلة للملوك، وكان ألحت عليه ذبابة. وقال الشافعى: سألنى ولم يكن عندى جواب فاستنبطت ذلك من الهيئة الحاصلة، فرحمة الله عليه ورضوانه.
ذكره أمره ص بالحمية من الوباء النازل فى الإناء بالليل بتغطيته:
عن جابر قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «غطوا الإناء وأوكوا السقاء، فإن فى السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء إلا ينزل فيه من ذلك الوباء» «1» . رواه مسلم فى صحيحه. قيل:
وذلك فى آخر شهور السنة الرومية.
ذكر حمية الوليد من إرضاع الحمقى:
روى أبو داود فى المراسيل بإسناد صحيح عن زياد السهمى قال: نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم أن نسترضع الحمقاء، فإن اللبن يشبه. وعند ابن حبيب:
يعدى، وعند القضاعى بسند حسن من حديث ابن عباس مرفوعا:«الرضاع يغير الطباع» «2» . وعند ابن حبيب أيضا مرفوعا: «أنه نهى عن استرضاع الفاجرة» . وعن عمر بن الخطاب: «أن اللبن ينزع لمن تسترضع» .
وأما الحمية من البرد فاشتهر على الألسنة: «اتقوا البرد فإنه قتل أبا
(1) صحيح: أخرجه مسلم (2014) فى الأشربة، باب: الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب وذكر اسم الله عليها.
(2)
ضعيف: أخرجه القضاعى فى «مسند الشهاب» (1/ 56) ، والحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى «ضعيف الجامع» (3156) .
الدرداء» »
. لكن قال شيخ الحفاظ ابن حجر: لا أعرفه: فإن كان واردا فيحتاج إلى تأويل، فإن أبا الدرداء عاش بعد النبى دهرا. انتهى. وأما ما اشتهر أيضا:«أصل كل داء البردة» «2» ، فقال شيخنا: رواه أبو نعيم والمستغفرى معا فى الطب النبوى والدار قطنى فى العلل، كلهم من طريق تمام ابن نجيح عن الحسن البصرى عن أنس رفعه. وتمام: ضعفه الدار قطنى وغيره، ووثقه ابن معين.
ولأبى نعيم أيضا من حديث ابن المبارك عن السائب بن عبد الله بن على بن زحر عن ابن عباس مرفوعا مثله. ومن حديث عمرو بن الحارث عن دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد رفعه: «أصل كل داء من البردة» «3» . وقد قال الدار قطنى عقب حديث أنس من علله: عباد بن منصور عن الحسن من قوله، وهو أشبه بالصواب. وجعله الزمخشرى فى «الفائق» من كلام ابن مسعود.
قال الدار قطنى فى كتاب التصحيف: قال أهل اللغة «البردة» يعنى بإسكان الراء، والصواب «البردة» يعنى بالفتح، وهى التخمة، لأنها تبرد حرارة الشهوة، أو لأنها ثقيلة على المعدة بطيئة الذهاب. من «برد» إذا ثبت وسكن. وقد أورد أبو نعيم مضموما لهذه الأحاديث، حديث الحارث بن فضيل عن زياد بن ميناء عن أبى هريرة رفعه:«استدفئوا من الحر والبرد» .
وكذا أورد المستغفرى مع ما عنده منها حديث إسحاق بن نجيح عن أبان عن أنس رفعه: «إن الملائكة لترح بفراغ البرد عن أمتى، أصل كل داء البرد» وهما ضعيفان وذلك شاهد لما حكى عن اللغويين فى كون المحدثين رووه بالسكون. انتهى.
(1) ضعيف: وانظر كشف الخفاء (73) للعجلونى، وقد ذكر فيه كلام الحافظ ابن حجر المذكور.
(2)
ضعيف جدّا: ذكره العجلونى فى كشف الخفاء (380) ، وكذا السيوطى فى «الجامع الصغير» (1087)، وقال الألبانى فى «ضعيف الجامع» (893) : ضعيف جدّا.
(3)
ضعيف جدّا: وانظر المصادر السابقة. وكذا «كنز العمال» (28249) .