الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ «1» «2» رواه النسائى. وعن أبى سعيد: كانت صلاة الظهر تقام، فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضى حاجته، ثم يأتى أهله فيتوضأ ويدرك النبى- صلى الله عليه وسلم فى الركعة الأولى «3» . رواه مسلم.
الفرع السادس: فى ذكر قراءته ص فى صلاة المغرب
عن أم الفضل بنت الحارث قالت: سمعته- صلى الله عليه وسلم يقرأ فى المغرب بالمرسلات عرفا «4» رواه البخارى ومسلم ومالك وأبو داود والترمذى والنسائى وصرح عقيل فى روايته عن ابن شهاب: أنها آخر صلاته- صلى الله عليه وسلم ولفظه: ثم ما صلى لنا بعدها حتى قبضه الله تعالى. أورده البخارى فى باب الوفاة.
وعنده فى باب «إنما جعل الإمام ليؤتم به» من حديث عائشة: أن الصلاة التى صلاها النبى- صلى الله عليه وسلم بأصحابه فى مرض موته كانت الظهر.
وجمع بينهما: بأن الصلاة التى حكتها عائشة كانت فى المسجد، والتى حكتها أم الفضل كانت فى بيته، كما رواه النسائى. لكن يعكر عليه رواية ابن إسحاق عن ابن شهاب فى هذا الحديث بلفظ: خرج إلينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم وهو عاصب رأسه فى مرضه فصلى المغرب. الحديث رواه الترمذى. ويمكن حمل قوله: «خرج إلينا» أى من مكانه الذى هو راقد فيه إلى من فى البيت فصلى بهم فتلتئم الروايات.
(1) سورة الغاشية: 1.
(2)
ضعيف الإسناد: أخرجه النسائى (2/ 163) فى الافتتاح، باب: القراءة فى الظهر، والحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى «ضعيف سنن النسائى» .
(3)
صحيح: أخرجه مسلم (454) فى الصلاة، باب: القراءة فى الظهر والعصر.
(4)
صحيح: أخرجه مالك (1/ 78) فى الصلاة، باب: القراءة فى المغرب والعشاء، والبخارى (763) فى الأذان، باب: القراءة فى المغرب، ومسلم (462) فى الصلاة، باب: القراءة فى الصبح، وأبو داود (810) فى الصلاة، باب: قدر القراءة فى المغرب، والترمذى (308) فى الصلاة، باب: ما جاء فى القراءة فى المغرب، والنسائى (2/ 168) فى الافتتاح، باب: القراءة فى المغرب بالمرسلات.
وعن جبير بن مطعم قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقرأ فى المغرب بالطور «1» . رواه البخارى ومسلم. زاد مسلم فى «الجهاد» : وكان جبير بن مطعم جاء فى أسارى بدر. وزاد الإسماعيلى: وهو يومئذ مشرك. وللبخارى فى «المغازى» : وذلك أول ما وقر الإيمان فى قلبى. وللطبرانى: وأخذنى من قراءته الكرب، ولسعيد بن منصور: فكأنما صدع قلبى. وفى قوله: «سمعته- صلى الله عليه وسلم» دليل على الجهر بها، والله أعلم. وعن مروان بن الحكم قال: قال لى زيد بن ثابت: ما لك تقرأ فى المغرب بقصار المفصل؟ وقد سمعت النبى- صلى الله عليه وسلم يقرأ بطولى الطوليين «2» . رواه البخارى. زاد أبو داود: قلت وما طولى الطوليين؟ قال: الأعراف. وفى رواية النسائى من حديث عائشة أنه- صلى الله عليه وسلم صلى المغرب بسورة الأعراف فرقها فى ركعتين «3» . وعن عبد الله بن عتبة: قرأ- صلى الله عليه وسلم فى صلاة المغرب ب «حم» الدخان «4» . رواه النسائى.
وهذه الأحاديث فى القراءة مختلفة المقادير، لأن «الأعراف» من السبع الطوال، و «الطور» من طوال المفصل، و «المرسلات» من أوساطه قال الحافظ ابن حجر: ولم أر حديثا مرفوعا فيه التنصيص على القراءة فيها بشئ من قصار المفصل، إلا حديثا فى ابن ماجه عن ابن عمر نص فيه على الكافرون والإخلاص «5» . ومثله لابن حبان عن جابر بن سمرة. فأما حديث ابن عمر فظاهر إسناده الصحة إلا أنه معلول، قال الدار قطنى: أخطأ بعض رواته فيه،
(1) صحيح: أخرجه البخارى (765) فى الأذان، باب: الجهر فى المغرب، وأطرافه (3050 و 4023 و 4854) ، ومسلم (463) فى الصلاة، باب: القراءة فى الصبح.
(2)
صحيح: وقد تقدم.
(3)
صحيح: أخرجه النسائى (2/ 170) فى الافتتاح، باب: القراءة فى المغرب- «المص» . والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن النسائى» .
(4)
ضعيف: أخرجه النسائى (2/ 169) فى الافتتاح، باب: القراءة فى المغرب ب «حم الدخان» ، والحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى «ضعيف سنن النسائى» .
(5)
شاذ: أخرجه ابن ماجه (833) فى إقامة الصلاة، باب: القراءة فى صلاة المغرب، وقال الشيخ الألبانى فى «ضعيف سنن ابن ماجه» : شاذ والمحفوظ أنه كان يقرأ بهما فى سنة المغرب.
وأما حديث جابر بن سمرة ففيه سعد بن السماك وهو متروك، والمحفوظ أنه قرأ بهما فى الركعتين بعد المغرب.
واعتمد بعض أصحابنا وغيرهم حديث سليمان بن يسار عن أبى هريرة قال: ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله- صلى الله عليه وسلم من فلان، قال سليمان:
فكان يقرأ فى الصبح بطوال المفصل، وفى المغرب بقصار المفصل «1» . رواه النسائى، وصححه ابن خزيمة وغيره.
وهذا يشعر بالمواظبة على ذلك، لكن فى الاستدلال به نظر، نعم حديث رافع أنهم كانوا ينتضلون «2» بعد صلاة المغرب يدل على تخفيف القراءة فيها. وطريق الجمع بين هذه الأحاديث: أنه- صلى الله عليه وسلم كان أحيانا يطيل القراءة فى المغرب، إما لبيان الجواز، وإما لعلمه بعدم المشقة على المأمومين، وليس فى حديث جبير دليل على أن ذلك تكرر منه، وأما حديث زيد بن ثابت ففيه إشعار بذلك لكونه أنكر على مروان المواظبة على القراءة بقصار المفصل، ولو كان مروان يعلم أن النبى- صلى الله عليه وسلم واظب على ذلك لاحتج به على زيد، لكن لم يرد زيد منه- فيما يظهر- المواظبة على القراءة بالطوال، وإنما أراد منه أن يتعاهد ذلك كما رآه من النبى- صلى الله عليه وسلم.
وفى حديث أم الفضل إشعاره بأنه- صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى الصحة بأطول من المرسلات، لكونه كان فى حال شدة مرضه، وهو مظنة التخفيف. وهو يرد على أبى داود ادعاء نسخ التطويل فى المغرب، لأنه روى عقب حديث زيد بن ثابت من طريق عروة أنه كان يقرأ فى المغرب بالقصار قال: وهذا يدل على نسخ حديث زيد ولم يبين وجه الدلالة. وكيف تصح دعوى النسخ وأم
(1) صحيح: أخرجه النسائى (2/ 167) فى الافتتاح، باب: تخفيف القيام والقراءة، باب: القراءة فى المغرب بقصار المفصل، وأحمد فى «المسند» (2/ 532) ، وابن حبان (1837) ، وابن خزيمة (520) فى «صحيحيهما» بسند صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن النسائى» .
(2)
ينتضلون: أى يلعبون بالنضال، وهى السهام، وفى رواية «يتنضلون» ، ورجح الزرقانى فى الشرح الرواية الأولى.