الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع العاشر: فى ذكر ما كان ص يقوله فى الركوع والرفع منه
عن عائشة: كان- صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول فى ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لى، يتأول القرآن «1» . رواه البخارى ومسلم.
ومعنى «يتأول القرآن» : يعمل بما أمر به فى قوله تعالى: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً «2» فكان- صلى الله عليه وسلم يقول هذا الكلام البديع فى الجزالة المستوفى ما أمر به فى الآية. وعنها: كان- صلى الله عليه وسلم يقول فى ركوعه: سبوح قدوس رب الملائكة والروح «3» . رواه البخارى.
وعن حذيفة أنه- صلى الله عليه وسلم كان يقول فى ركوعه: سبحان ربى العظيم، وفى سجوده سبحان ربى الأعلى، وكان- صلى الله عليه وسلم إذا رفع ظهره من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شئ بعد «4» . رواه مسلم. قال النووى: يبدأ- يعنى المصلى- بقوله: «سمع الله لمن حمده» حين الشروع فى الرفع من الركوع، ويمده حتى ينتصب قائما، ثم يشرع فى ذكر الاعتدال وهو: ربنا ولك الحمد إلخ.
قال: وفى هذا الحديث دلالة للشافعى وطائفة: أنه يستحب لكل مصل من إمام ومأموم ومنفرد أن يجمع بين «سمع الله لمن حمده» و «ربنا ولك الحمد» فى حال انتصابه فى الاعتدال. لأنه ثبت أنه- صلى الله عليه وسلم فعلهما جميعا.
وقد قال- صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتمونى أصلى» «5» رواه البخارى. انتهى.
(1) صحيح: أخرجه البخارى (7 8) فى الأذن، باب: التسبيح والدعاء فى السجود، ومسلم (484) فى الصلاة، باب: ما يقال فى الركوع والسجود.
(2)
سورة النصر: 3.
(3)
صحيح: أخرجه مسلم (487) فى الصلاة، باب: ما يقال فى الركوع والسجود، والحديث ليس في البخارى كما قال المصنف، بل عند مسلم.
(4)
صحيح: أخرجه مسلم (772) فى صلاة المسافرين، باب: استحباب تطويل القراءة فى صلاة الليل.
(5)
صحيح: أخرجه البخارى (631) فى الأذان، باب: الأذان للمسافر، من حديث مالك ابن الحويرث- رضى الله عنه-.
وقال ابن القيم: كان- صلى الله عليه وسلم إذا استوى قائما قال: ربنا ولك الحمد، وربما قال: وربنا لك الحمد، وربما قال: اللهم ربنا لك الحمد. صح عنه ذلك كله، وأما الجمع بين «اللهم» و «الواو» فلم يصح. انتهى.
قلت: وقع فى صحيح البخاري من حديث أبى هريرة- فى رواية الأصيلى- مرفوعا: «إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد» «1» فجمع بين «اللهم» و «الواو» وهو يرد على ابن القيم كما ترى.
وقال الشيخ تقى الدين فى شرح العمدة: كأن إثبات «الواو» دال على معنى زائد، لأنه يكون التقدير: ربنا استجب، أو ما قارب ذلك، ولك الحمد، فيكون الكلام مشتملا على معنى الدعاء، ومعنى الخبر، وإذا قيل بإسقاط «الواو» دل على أحد هذين. انتهى.
وقال ابن العراقى: إسقاط «الواو» حكاه عن الشافعى ابن قدامة وقال:
لأن «الواو» للعطف، وليس هنا شئ يعطف عليه. وعن مالك وأحمد فى ذلك خلاف.
وقال النووى: كلاهما جاءت به روايات كثيرة، والمختار أنه على وجه الجواز وأن الأمرين جائزان، ولا ترجيح لأحدهما على الآخر. انتهى.
وعن أبى سعيد الخدرى قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: «اللهم ربنا لك الحمد، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شئ بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد- وكلنا لك عبد- اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» «2» رواه مسلم.
قوله: «ملء السماوات وملء الأرض» : أى حمدا لو كان أجساما لملأ السماوات والأرض.
(1) صحيح: أخرجه البخارى (734) فى الأذان، باب: إيجاب التكبير.
(2)
صحيح: أخرجه مسلم (477) فى الصلاة، باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع.