الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَرْضٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الْعَرْضُ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الثَّانِي - فِي اللُّغَةِ يَأْتِي لِمَعَانٍ مِنْهَا: الإِْظْهَارُ وَالْكَشْفُ، يُقَال: عَرَضْتُ الشَّيْءَ، أَظْهَرْتُهُ، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} (1) قَال الْفَرَّاءُ فِي مَعْنَى الآْيَةِ: أَبْرَزْنَاهَا حَتَّى نَظَرَ إِلَيْهَا الْكُفَّارُ وَمِنْهَا الْمَتَاعُ.
وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
أ -
عَرْضُ الإِْسْلَامِ عَلَى مَنْ لَمْ يُسْلِمْ مِنَ الزَّوْجَيْنِ:
2 -
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ: إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْوَثَنِيَّيْنِ أَوِ الْمَجُوسِيَّيْنِ أَوْ أَسْلَمَ كِتَابِيٌّ تَزَوَّجَ بِوَثَنِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ قَبْل الدُّخُول تَعَجَّلَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا مِنْ حِينِ
(1) سورة الكهف / 100.
(2)
الصحاح، والقاموس المحيط ودستور العلماء 2 / 316، والكليات لأبي البقاء الكفوي 3 / 226.
إِسْلَامِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فَسْخًا لَا طَلَاقًا (1) .
وَقَال مَالِكٌ: إِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةُ عُرِضَ عَلَيْهِ الإِْسْلَامُ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَاّ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْلِمُ تَعَجَّلَتِ الْفُرْقَةُ (2) .
أَمَّا إِذَا كَانَ إِسْلَامُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الدُّخُول فَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ: أَنَّهُ يَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ أَسْلَمَ الآْخَرُ قَبْل انْقِضَائِهَا فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى انْقَضَتِ الْعِدَّةُ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ مُنْذُ اخْتَلَفَ الدِّينَانِ، فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى اسْتِئْنَافِ الْعِدَّةِ، وَهَذَا قَوْل الزُّهْرِيِّ وَاللَّيْثِ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ، وَنَحْوُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَقَال أَحْمَدُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: تَتَعَجَّل الْفُرْقَةُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخَلَاّل وَقَوْل الْحَسَنِ وَطَاوُسٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (3) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَا فِي دَارِ الإِْسْلَامِ عُرِضَ الإِْسْلَامُ عَلَى الآْخَرِ، فَإِنْ أَبَى وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ حِينَئِذٍ وَإِنْ أَسْلَمَ اسْتَمَرَّتِ الزَّوْجِيَّةُ، وَإِنْ كَانَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَقَفَ ذَلِكَ عَلَى انْقِضَاءِ ثَلَاثِ حِيَضٍ أَوْ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ،
(1) المغني 6 / 614 ط الرياض، وروضة الطالبين 7 / 143.
(2)
القوانين الفقهية لابن جزي ص201.
(3)
المغني لابن قدامة 6 / 616.
فَإِنْ لَمْ يُسْلِمِ الآْخَرُ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ (1) .
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ: أَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ بَقِيَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُتَعَرَّضْ لَهُمَا؛ لأَِنَّ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ صَحِيحٌ بَعْدَ إِسْلَامِ الرَّجُل فَلأََنْ يَبْقَى أَوْلَى، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ أَهْل الْكِتَابِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ حَتَّى يَعْرِضَ عَلَيْهَا الإِْسْلَامَ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ وَإِلَاّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ هِيَ الَّتِي أَسْلَمَتْ وَالزَّوْجُ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ أَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْل الْكِتَابِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ حَتَّى يُعْرَضَ عَلَيْهِ الإِْسْلَامُ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَاّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَيَسْتَوِي إِنْ كَانَ دَخَل بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُل بِهَا، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّ دِهْقَانَةَ الْمَلِكِ أَسْلَمَتْ فَأَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنْ يُعْرَضَ الإِْسْلَامُ عَلَى زَوْجِهَا فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَاّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّ دِهْقَانًا أَسْلَمَ فِي عَهْدِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَعَرَضَ الإِْسْلَامَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَأَبَتْ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إِذَا كَانَ الزَّوْجَانِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ، أَمَّا إِذَا اخْتَلَفَتِ الدَّارُ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ خِلَافٌ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (اخْتِلَافُ الدَّارِ ف 5) .
وَإِذَا عُقِدَ نِكَاحُ صَبِيَّيْنِ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ يَعْقِل الإِْسْلَامَ صَحَّ
(1) المبسوط 5 / 45.
إِسْلَامُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ اسْتِحْسَانًا، وَيُعْرَضُ عَلَى الآْخَرِ الإِْسْلَامُ إِنْ كَانَ يَعْقِل، فَإِنْ أَسْلَمَ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُسْلِمَ: فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ وَالْمَرْأَةُ كِتَابِيَّةٌ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَا بَالِغَيْنِ، وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَفِي الْقِيَاسِ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا؛ لأَِنَّ الإِْبَاءَ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ مُوجِبًا لِلْفُرْقَةِ مِمَّنْ يَكُونُ مُخَاطَبًا بِالأَْدَاءِ، وَالَّذِي لَمْ يَبْلُغْ وَإِنْ كَانَ عَاقِلاً فَهُوَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِذَلِكَ، إِلَاّ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا اسْتِحْسَانًا، إِذِ الأَْصْل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ كُل مَنْ صَحَّ مِنْهُ الإِْسْلَامُ إِذَا أَتَى بِهِ صَحَّ مِنْهُ الإِْبَاءُ إِذَا عُرِضَ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ تَقَرُّرِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْفُرْقَةِ: الصَّبِيُّ يَسْتَوِي بِالْبَالِغِ كَمَا لَوْ وَجَدَتْهُ امْرَأَتُهُ مَجْنُونًا (1) هَذَا وَيُنْتَظَرُ عَقْل غَيْرِ مُمَيِّزٍ، وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَا يُنْتَظَرُ لِعَدَمِ نِهَايَتِهِ، بَل يُعْرَضُ الإِْسْلَامُ عَلَى أَبَوَيْهِ فَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ تَبِعَهُ فَيَبْقَى النِّكَاحُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ نَصَّبَ الْقَاضِي عَنْهُ وَصِيًّا فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْفُرْقَةِ (2) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ: إِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا ثَبَتَ نِكَاحُهُمَا إِذَا خَلَا مِنَ الْمَوَانِعِ، فَإِنْ سَبَقَ الزَّوْجُ إِلَى الإِْسْلَامِ أُقِرَّ عَلَى الْكِتَابِيَّةِ، وَيُقَرُّ عَلَى غَيْرِهَا إِذَا أَسْلَمَتْ بِأَثَرِهِ، وَإِنْ
(1) المبسوط للسرخسي 5 / 46 - 47، وابن عابدين 2 / 389.
(2)
ابن عابدين 2 / 389.