الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْحَجُّ جِهَادٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ.
(1)
وَاسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى فَرْضِيَّةِ الْعُمْرَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (2)، أَيِ: افْعَلُوهُمَا تَامَّيْنِ، فَيَكُونُ النَّصُّ أَمْرًا بِهِمَا فَيَدُل عَلَى فَرْضِيَّةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.
وَبِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ هَل عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَال: نَعَمْ، عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَال فِيهِ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ (3)
فَضِيلَةُ الْعُمْرَةِ:
4 -
وَرَدَ فِي فَضْل الْعُمْرَةِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا: مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَاّ
(1) حديث طلحة بن عبيد الله: " الحج جهاد، والعمرة تطوع ". أخرجه ابن ماجه (2 / 995) وضعف إسناده ابن حجر في التلخيص (2 / 227) .
(2)
سورة البقرة / 196.
(3)
حديث عائشة: " هل على النساء جهاد ". أخرجه ابن ماجه (2 / 1968) وقال ابن حجر في التلخيص (2 / 91)" أصله في صحيح البخاري " وهو في صحيح البخاري (فتح الباري 3 / 381) .
الْجَنَّةُ (1) . وَمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ، إِنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ، وَإِنِ اسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ (2)
وُجُوهُ أَدَاءِ الْعُمْرَةِ:
5 -
تَتَأَدَّى الْعُمْرَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَهِيَ:
أ) إِفْرَادُ الْعُمْرَةِ: وَذَلِكَ بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ أَيْ: يَنْوِيَهَا وَيُلَبِّيَ - دُونَ أَنْ يُتْبِعَهَا بِحَجٍّ - فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، أَوْ يَحُجَّ ثُمَّ يَعْتَمِرَ بَعْدَ الْحَجِّ، أَوْ يَأْتِيَ بِأَعْمَال الْعُمْرَةِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهَذِهِ كُلُّهَا إِفْرَادٌ لِلْعُمْرَةِ.
ب) التَّمَتُّعُ: وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَأْتِيَ بِأَعْمَالِهَا وَيَتَحَلَّل، ثُمَّ يَحُجَّ، فَيَكُونَ مُتَمَتِّعًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ هَدْيُ التَّمَتُّعِ بِالشُّرُوطِ الْمُقَرَّرَةِ لِلتَّمَتُّعِ.
(ر: تَمَتُّع ف 7 وَحَجّ ف 37) .
ج) الْقِرَانُ: وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ مَعًا فِي إِحْرَامٍ وَاحِدٍ، فَيَأْتِي بِأَفْعَالِهِمَا مُجْتَمِعَيْنِ، وَتَدْخُل أَفْعَال الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ،
(1) حديث أبي هريرة: " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 597) ومسلم (2 / 983) .
(2)
حديث: " الحجاج والعمار وفد الله. . . ". أخرجه ابن ماجه (2 / 966) وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 127) .
وَيُجْزِئُهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ عِنْدَهُمْ، وَيَظَل مُحْرِمًا حَتَّى يَتَحَلَّل بِأَعْمَال يَوْمِ النَّحْرِ فِي الْحَجِّ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ الْقَارِنَ يَطُوفُ طَوَافَيْنِ وَيَسْعَى سَعْيَيْنِ طَوَافٌ وَسَعْيٌ لِعُمْرَتِهِ، ثُمَّ طَوَافٌ وَسَعْيٌ لِحَجِّهِ، وَلَا يَتَحَلَّل بَعْدَ أَفْعَال الْعُمْرَةِ، بَل يَظَل مُحْرِمًا أَيْضًا حَتَّى يَتَحَلَّل تَحَلُّل الْحَجِّ (ر: قِرَان، وَحَجّ ف 37 ب) .
وَكَيْفَمَا أَدَّى الْعُمْرَةَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ تُجْزِئُ عَنْهُ، وَيَتَأَدَّى فَرْضُهَا عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِفَرْضِيَّتِهَا كَمَا تَتَأَدَّى سُنِّيَّتُهَا عَلَى الْقَوْل بِسُنِّيَّتِهَا (1) .
قَال ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي: وَتُجْزِئُ عُمْرَةُ الْمُتَمَتِّعِ وَعُمْرَةُ الْقَارِنِ، وَالْعُمْرَةُ مِنْ أَدْنَى الْحِل عَنِ الْعُمْرَةِ الْوَاجِبَةِ، وَلَا نَعْلَمُ فِي إِجْزَاءِ عُمْرَةِ التَّمَتُّعِ خِلَافًا، كَذَلِكَ قَال ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ، وَلَا نَعْلَمُ عَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافَهُمْ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ عُمْرَةَ الْقَارِنِ لَا تُجْزِئُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَعَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ الْعُمْرَةَ مِنْ أَدْنَى الْحِل لَا تُجْزِئُ عَنِ الْعُمْرَةِ الْوَاجِبَةِ، وَقَال: إِنَّمَا هِيَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ،
(1) المغني 3 / 225، والمجموع للنووي 7 / 137 - 138 (ط. مطبعة العاصمة) .
وَاحْتَجَّ عَلَى أَنَّ عُمْرَةَ الْقَارِنِ لَا تُجْزِئُ بِأَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها حِينَ حَاضَتْ أَعْمَرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ فَلَوْ كَانَتْ عُمْرَتُهَا فِي قِرَانِهَا أَجْزَأَتْهَا لِمَا أَعْمَرَهَا بَعْدَهَا.
وَاسْتَدَل ابْنُ قُدَامَةَ بِقَوْل الصَّبِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ: إِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ فَأَهْلَلْتُ بِهِمَا، فَقَال عُمَرُ: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ (1) وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهِمَا يَعْتَقِدُ أَدَاءَ مَا كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا وَالْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَتِهِمَا، فَصَوَّبَهُ عُمَرُ، وَقَال: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ وَبِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: قَال لَهَا لَمَّا جَمَعَتْ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ: يُجْزِئُ عَنْكِ طَوَافُكِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ (2)، وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَإِنَّمَا أَعْمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ التَّنْعِيمِ قَصْدًا لِتَطْيِيبِ قَلْبِهَا وَإِجَابَةِ مَسْأَلَتِهَا، لَا؛ لأَِنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنْ لَمْ تَكُنْ أَجْزَأَتْهَا عُمْرَةُ الْقِرَانِ فَقَدْ أَجْزَأَتْهَا الْعُمْرَةُ مِنْ أَدْنَى الْحِل، وَهُوَ أَحَدُ مَا قَصَدْنَا الدَّلَالَةَ عَلَيْهِ،؛ وَلأَِنَّ الْوَاجِبَ عُمْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَدْ أَتَى بِهَا صَحِيحَةً فَتُجْزِئُهُ كَعُمْرَةِ الْمُتَمَتِّعِ؛ وَلأَِنَّ عُمْرَةَ الْقَارِنِ أَحَدُ
(1) حديث الصُّبَي بن معبد: " إني وجدت الحج والعمرة مكتوبين ". أخرجه أبو داود (2 / 394) وصحح إسناده النووي في المجموع (7 / 157) .
(2)
حديث عائشة: يجزئ عنك طوافك. . . ". أخرجه مسلم (2 / 880) .